«داعشيات» مخيم روج يدفعن ثمن «الخدعة»

تحاور مغربية ومصرية وعراقية وأوزبكية... واللوم على الأزواج وإقرار بـ«فقاعة كبيرة»

مخيم روج في ريف المالكية بالحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مخيم روج في ريف المالكية بالحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«داعشيات» مخيم روج يدفعن ثمن «الخدعة»

مخيم روج في ريف المالكية بالحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مخيم روج في ريف المالكية بالحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

لا معنى للوقت هنا. يحل المساء كما النهار. عقارب الساعة، في الواقع، توقَّفت منذ سنوات عند قاطني هذه البقعة النائية في شمال شرقي سوريا. هنا، في «مخيم روج» الخاص بعائلات وأسر مسلحي تنظيم «داعش»، تتشابه القصص... والمأساة.

«الشرق الأوسط» زارت هذا المخيم الواقع بريف بلدة المالكية (ديريك) في محافظة الحسكة وحاورت نسوة من المحتجزات فيه. قالت المغربية شروق المتحدرة من مدينة تطوان إنَّ عمرها 36 عاماً «لكنني لم أقرر مصير حياتي، فأنا عشت حياة أهلي ثم حياة زوجي وأصبحت أرملة وأنا بهذه السن... أعيش اليوم ما كتبه لي القدر». أضافت: «زوجي هو الذي اختار اللحاق بصفوف التنظيم، وبعد مقتله لم يتبق لنا أي صلة به (داعش)».

شروق التي كانت تحلم في بداية شبابها بالالتحاق بقوات الملكية البحرية المغربية لترتدي الزي الرسمي وتعبر المحيطات؛ بات أكبر أحلامها اليوم الخلاص من حياة المخيم والعودة إلى كنف عائلتها.

أما المصرية رضوى فقالت إن عمرها اليوم يبلغ 40 سنة عاشت منها عقداً كاملاً في مناطق سورية عدة وفي مخيمات. قالت: «نحن خُدعنا كحال غالبية الجنسيات التي قدمت إلى مناطق التنظيم. لم تكن هناك حياة منتظمة ومدارس ولا وجود لدولة أو كيان لنرتبط به... (داعش) كان عبارة عن خدعة وفقاعة كبيرة». أكبر أحلامها اليوم «الحرية والتنقل والسفر»، وهي تصف حالها في المخيم بأنها «محتجزة» بتهمة الارتباط بالتنظيم، وتخشى ملاحقتها أينما ذهبت. لا تخفي رضوى أن الخدعة الأكبر كانت من زوجها الذي أقنعها بالسفر إلى تركيا بحجة حصوله على عقد عمل في شركة، وبعد وصولهما إلى الحدود السورية فاجأها برغبته في الدخول إلى سوريا للعيش في ظل مناطق كانت خاضعة لسيطرة «داعش» سابقاً. قالت: «وضعني أمام الأمر الواقع وكنت متوهمة أننا سنعيش في ظل خلافة إسلامية مزعومة، لكن صُدمنا بكل شيء... قصاص وقتل وسواد أعظم في كل مكان».

الأوزبكية تقى (19 عاماً) تقول: «كنت أحلم في بداية طفولتي بأن أصبح طبيبة جراحة مستقبلاً. أما اليوم وبعد خروجي من المخيم فسأعود إلى مقاعد الدراسة. (في انتظار حصول ذلك) قررت اللحاق بالدورة (تصفيف الشعر) وقد غيّرت حالتي».

أما صديقتها العراقية هبة ذات الـ21 ربيعاً المتحدرة من مدينة الموصل فقد أجبرها والدها على الزواج من مقاتل مغربي وهي بعمر 11 عاماً. وبعد زواج قسري لعدة أعوام؛ قُبض على زوجها في العراق وسلّمته بغداد للحكومة المغربية. وهي قرَّرت، كصديقتها الأوزبكية، تعلّم مهنة تصفيف الشعر.


مقالات ذات صلة

العراق: جنود سوريون رفضوا العودة إلى بلادهم

المشرق العربي قوات سورية تعبر الحدود إلى العراق من بوابات معبر القائم يوم 7 ديسمبر الحالي (رويترز)

العراق: جنود سوريون رفضوا العودة إلى بلادهم

قالت مصادر أمنية موثوقة إن عدداً من الجنود السوريين الموجودين داخل الأراضي العراقية رفضوا العودة إلى بلادهم، وقد يعاملون بصفة «لاجئين».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)

«سوريو مصر»... مخاوف متصاعدة بشأن «الإقامات» و«فرص العودة»

فرضت السلطات المصرية، أخيراً، «اشتراطات جديدة»، على دخول السوريين القادمين من دول أخرى إلى أراضيها، تتضمن الحصول على «موافقة أمنية» مسبقة، إلى جانب التأشيرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي أكراد سوريون يحتفون في القامشلي بسقوط نظام بشار الأسد في 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقاءات كردية لاحتواء «الخلافات» وتشكيل وفد مفاوض مع دمشق

تجري القوى السياسية الكردية في شمال شرقي سوريا اتصالات ومشاورات فيما بينها لاحتواء «الخلافات»، وتشكيل وفد موحد لإجراء مفاوضات مع السلطة الجديدة في العاصمة دمشق.

كمال شيخو (دمشق)
العالم العربي أحد عناصر الفصائل السورية المسلحة يقف بجوار كومة من الكبتاغون والمواد المخدرة تشتعل بها النيران في دمشق (أ.ب)

السلطات السورية تعلن إحراق نحو مليون حبة كبتاغون (فيديو)

أحرقت السلطات الجديدة في سوريا كميات كبيرة من المخدّرات، منها نحو مليون من حبوب الكبتاغون، التي كانت تنتج على نطاق واسع خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «الخوذ البيضاء» يحاولون السيطرة على حريق بإحدى السيارات جراء انفجار في حلب (الخوذ البيضاء - إكس)

سوريا: مخلفات الحرب والألغام تحصد حياة 24 شخصاً خلال شهر

لقي ما لا يقل عن 24 شخصاً حتفهم، وأُصيب العشرات، خلال أقل من شهر، جراء انفجار مخلّفات الحرب والألغام في المناطق السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

TT

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

بعد 9 أشهر من الحرب التي شنها قائد «الجيش الوطني الليبي»، المشير خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس، في 4 أبريل (نيسان) 2019، مدعوماً بمقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية، دفعت أنقرة بمرتزقة ينتمون لمجموعات سورية معارضة، أبرزها فصيل «السلطان مراد»، الذي غالبية عناصره من تركمان سوريا، إلى ليبيا. وبعد اقتتال دام 14 شهراً، نجحت القوات التابعة لحكومة فايز السراج، في إجبار قوات «الجيش الوطني» على التراجع خارج الحدود الإدارية لطرابلس.

وفي تحقيق لـ«الشرق الأوسط» تجري أحداثه بين ليبيا وسوريا والسودان وتشاد ومصر، تكشف شهادات موثقة، كيف انخرط مقاتلون من تلك البلدان في حرب ليست حربهم، لأسباب تتراوح بين «آيديولوجية قتالية»، أو «ترغيب مالي»، وكيف انتهى بعضهم محتجزين في قواعد عسكرية بليبيا، وأضحوا الحلقة الأضعف بعدما كان دورهم محورياً في بداية الصراع.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد عناصر «المرتزقة السوريين» في طرابلس تجاوز 7 آلاف سابقاً، لكن فرّ منهم نحو 3 آلاف وتحولوا إلى لاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا.

مرتزقة الحرب الليبية.. وقود المعارك وعبء الانتصارات والهزائم