«سوريو مصر»... مخاوف متصاعدة بشأن «الإقامات» و«فرص العودة»

طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)
طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)
TT

«سوريو مصر»... مخاوف متصاعدة بشأن «الإقامات» و«فرص العودة»

طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)
طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)

يعيش المدرس السوري، محمد خير، مشاعر مختلطة بين الفرحة بإمكانية عودته إلى بلاده التي تركها قبل 12 عاماً، وجاء إلى مصر، والخوف من ألا يُسمح له بزيارة القاهرة مستقبلاً، لا سيما مع «وقف السلطات المصرية منح الموافقات الأمنية لدخول السوريين، وتشديدها إجراءات منح الإقامات».

وفرضت السلطات المصرية، أخيراً، «اشتراطات جديدة»، على دخول السوريين القادمين من دول أخرى إلى أراضيها، تتضمن الحصول على «موافقة أمنية» مسبقة، إلى جانب تأشيرة الدخول. جاء ذلك تزامناً مع إصدار قانون جديد ينظم لجوء الأجانب إلى البلاد.

يعمل خير (29 عاماً) مدرساً في إحدى المدارس الخاصة، وجاء إلى مصر عام 2012 بصحبة والديه وإخوته، وحصل على صفة لاجئ من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «متشوق للعودة إلى سوريا، ويعمل الآن على تسوية وضعه القانوني في مصر حتى يتمكن من ذلك».

لكنّ خير، الذي استكمل دراسته في جامعة القاهرة، يخشى ألا يُسمح له بالعودة لزيارة أصدقائه في مصر، بقوله: «الموافقات الأمنية متوقفة، وحتى لو أُعيد إصدارها فتكلفتها مرتفعة جداً».

يترقب خير إغلاق ملفه في «مفوضية اللاجئين»، وتوفير وسائل سفر بين القاهرة ودمشق، وفي الوقت نفسه ينتظر أن تُقْدم السلطات المصرية على تغيير إجراءات دخول السوريين إليها بعد استقرار الأوضاع، فهو في الأحوال كلها «قرر العودة إلى بلاده» بعد سقوط نظام بشار الأسد فيها.

وخير واحد من 153 ألف لاجئ سوري مقيمين في مصر، وفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التي تشير إلى أن عدد السوريين المسجلين مع المفوضية في مصر «ارتفع بشكل كبير من 12800 في نهاية 2012 إلى أكثر من 153000 شخص في نهاية عام 2023». وتقدِّر المنظمة الدولية للهجرة عدد السوريين في مصر بنحو مليون ونصف سوري.

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

ويسعى كثير من السوريين في مصر لتسوية أوضاعهم القانونية والعودة لبلادهم، حسب الدكتورة رانيا مروان، وهي سورية تعيش بين القاهرة ودمشق وتعمل في مكتب استشارات قانونية في القاهرة، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها «تلقت خلال الأيام الأخيرة التي تلت سقوط بشار الأسد كثيراً من الطلبات لإغلاق ملف اللجوء في المفوضية، وتسوية الأوضاع القانونية تمهيداً للعودة إلى سوريا».

وأضافت أن «إحدى المشكلات متعلقة بمخالفات الإقامات، فكثير من السوريين انتهت إقامتهم، أو لديهم مخالفات في الإقامة تحتاج إلى تسوية»، مشيرةً إلى أن «طلبات العودة لا تتضمن بالطبع المستثمرين السوريين في مصر، وإن كان عدد قليل منهم بدأ يفكر في إنشاء فرع أساسي للاستثمارات في دمشق».

كانت السلطات المصرية قد أوقفت في يوليو (تموز) الماضي تجديد التأشيرات السياحية للسوريين، في إطار خطوات «تقنين أوضاع الأجانب على أرضهم، واشتراط حصولهم على إقامات». ونقلت «رويترز» عن مصادر أمنية قولها، الثلاثاء، إنه «تم تعليق تجديد الإقامات الحالية، التي يحملها كثير من السوريين على أسس سياحية أو تعليمية أو تجارية، في انتظار فحص أمني»، مشيرةً إلى أنه «لم يتم اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان السوريون مؤهلين للحصول على حق اللجوء بموجب قانون اللجوء الجديد أم لا».

يتزامن ذلك مع مطالبات بعودة السوريين إلى بلادهم، ودعا الإعلامي المصري أحمد موسى، في برنامجه، مساء الثلاثاء، السوريين إلى العودة إلى بلادهم لـ«تعميرها وتنميتها».

ويترقب الصحافي السوري المقيم في القاهرة، عبد الرحمن ربوع، عودة سفارة بلاده للعمل لإصدار الوثائق اللازمة لعودته إلى دمشق، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «السفر يتطلب إجراءات تتعلق باستخراج الوثائق الرسمية، وإغلاق الملف في (مفوضية اللاجئين)، والأهم توفير وسائل سفر بأسعار مناسبة».

ربوع، جاء إلى مصر عام 2012، وتزوج من مصرية، وهو «بينما يتوق للعودة إلى بلاده يرغب في الحفاظ على علاقاته في القاهرة، ويتخوف من ألا يُسمح له بزيارة مصر مستقبلاً».

ورغبةً في تسهيل إجراءات العودة إلى سوريا، أشار ربوع إلى «تواصله وعدد من النشطاء السوريين في مصر مع سفارة بلاده ومع السلطات المصرية، من أجل تسهيل إجراءات السفر وتوفير رحلات بحرية ورحلات طيران بأسعار مخفضة». وأضاف: «في كل الأحوال فإن عودة السوريين إلى بلادهم سوف تستغرق سنوات عدة لا سيما أن عددهم كبير».

ربوع لفت إلى صعوبات أخرى تحيط بعودة السوريين إلى بلادهم تتعلق «بتكلفة الإقامة في سوريا، في ظل هدم مئات المنازل والمدن»، وفي الوقت نفسه فإن «السوريين في مصر لديهم مشكلات متعلقة بتشديد إجراءات تجديد الإقامات لا سيما بالنسبة للطلبة، مما يجعل العودة إلى بلادهم خياراً وحيداً».

وتتوقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عودة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال الأشهر الستة المقبلة، من بين ستة ملايين لاجئ سوري موجودين في دول عدة.


مقالات ذات صلة

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ملصقات ممزقة لحسن نصر الله وقاسم سليماني على جدار السفارة الإيرانية في سوريا (رويترز) play-circle 02:17

طهران: إعادة فتح سفارتنا تعتمد على «سلوك» حكام سوريا

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، إن طهران «ستتخذ قرارها بشأن إعادة فتح سفارتها لدى دمشق بناء على سلوك وأداء حكام سوريا».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران : )
المشرق العربي أكراد سوريون يحتفون في القامشلي بسقوط نظام بشار الأسد في 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقاءات كردية لاحتواء «الخلافات» وتشكيل وفد مفاوض مع دمشق

تجري القوى السياسية الكردية في شمال شرقي سوريا اتصالات ومشاورات فيما بينها لاحتواء «الخلافات»، وتشكيل وفد موحد لإجراء مفاوضات مع السلطة الجديدة في العاصمة دمشق.

كمال شيخو (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «الخوذ البيضاء» يحاولون السيطرة على حريق بإحدى السيارات جراء انفجار في حلب (الخوذ البيضاء - إكس) play-circle 01:46

سوريا: مخلفات الحرب والألغام تحصد حياة 24 شخصاً خلال شهر

لقي ما لا يقل عن 24 شخصاً حتفهم، وأُصيب العشرات، خلال أقل من شهر، جراء انفجار مخلّفات الحرب والألغام في المناطق السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مظاهرة لمسيحيين سوريين في حي باب توما بدمشق أمس احتجاجاً على حرق شجرة لأعياد الميلاد من قبل ملثمين ببلدة السقيلبية بمحافظة حماة (إ.ب.أ)

الفصائل السورية توافق على الاندماج في وزارة الدفاع

أعلنت السلطات السورية، أمس (الثلاثاء)، التوصل إلى اتفاق لحل الفصائل المسلحة واندماجها تحت مظلة وزارة الدفاع عقب اجتماع قادتها مع قائد الإدارة الجديدة، أحمد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة) «الشرق الأوسط» (دمشق)

إسرائيل و«حماس» تتبادلان اتهامات «عرقلة صفقة غزة»

جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)
جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)
TT

إسرائيل و«حماس» تتبادلان اتهامات «عرقلة صفقة غزة»

جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)
جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)

بدَّدت إسرائيل وحركة «حماس»، أمس الأربعاء، أجواء التفاؤل بقرب عقد صفقة في قطاع غزة، تشمل هدنة مؤقتة وتبادلاً للأسرى، وتراشقتا بالاتهامات حول مسؤولية عرقلة الاتفاق.

وقالت «حماس» في بيان «إن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدّي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة، غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجَّل التوصل إلى الاتفاق الذي كان متاحاً».

وعلى الفور، ردَّ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ببيان مضاد، قال فيه إن «حماس تكذب مرة أخرى وتنسحب من التفاهمات التي تم التوصل إليها، وتواصل خلق الصعوبات أمام المفاوضات، ومع ذلك، ستواصل إسرائيل جهودها بلا كلل لإعادة جميع المختطفين».

ويُفترض أن يجتمع المجلس الأمني المصغر «الكابينت»، اليوم (الخميس)، من أجل مناقشة التفاصيل. وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «وصلنا إلى نقطة يجب أن نتخذ فيها قرارات، سواء بالإيجاب أو السلب».

وكان لافتاً أمس، تركيز كل وسائل الإعلام الإسرائيلية، المكتوبة والمرئية والمسموعة، على أن محمد السنوار، الذي يُعتقد أنه يدير «كتائب القسام» في غزة، وشقيق زعيم «حماس» الذي قتلته إسرائيل، يحيى السنوار، «هو الذي يعرقل الصفقة، لأنه يرفض تسليم قائمة بأسماء الرهائن». وقالت مصادر لـ«هيئة البث» الرسمية إن «حماس» تتجاهل ضغوط الوسطاء، وإن زعيمها في القطاع، محمد «يعرض مواقف أكثر تشدداً من شقيقه يحيى».