فرانسينا آرمنغول... رئيسة البرلمان الإسباني المؤمنة بـ«الوحدة الوطنية المستندة إلى التنوع»

يسارية انتقلت من الحلبة الإقليمية إلى قلب الساحة الوطنية

فرانسينا آرمنغول... رئيسة البرلمان الإسباني المؤمنة
بـ«الوحدة الوطنية المستندة 
إلى التنوع»
TT

فرانسينا آرمنغول... رئيسة البرلمان الإسباني المؤمنة بـ«الوحدة الوطنية المستندة إلى التنوع»

فرانسينا آرمنغول... رئيسة البرلمان الإسباني المؤمنة
بـ«الوحدة الوطنية المستندة 
إلى التنوع»

في خريف عام 2020، عندما كانت إسبانيا تتعرّض لأقسى موجات جائحة «كوفيد - 19»، ويخضع سكانها لتدابير حجر صارمة تقيّد التنقّل وتمنع التجوّل وارتياد الأماكن العامة ومراتع اللهو في ساعات الليل، شوهدت فرانسينا آرمنغول في ساعة متأخرة من الليل برفقة المسؤول الإعلامي في الحكومة داخل أحد مقاهي جزيرة مايروقة... الذي أقفلته السلطات الأمنية بعد ذلك بأيام إثر الشكاوى التي رفعها سكان المباني المجاورة لكثرة الضجيج الذي كان يتسبب به رواده. آرمنغول، رئيسة الحكومة الإقليمية في جزر الباليار وعضو اللجنة التنفيذية الفيدرالية للحزب الاشتراكي الإسباني، لم تكترث في حينه لسيل الانتقادات التي تعرضت لها من المعارضة التي طالبتها بالاستقالة لانتهاك تدابير الوقاية التي كانت هي وضعتها مع اشتداد الجائحة. بل التفّت حولها جميع القيادات الاشتراكية في تظاهرة نادرة من التضامن مع السياسية التي كانت قد بدأت تُعرف بأنها «النجم الصاعد» في المشهد الاشتراكي الإسباني.

إبان فترة واقعة الملهى، كانت الأنظار قد بدأت حقاً تتجه إلى فرانسينا آرمنغول، تلك الصيدلانية التي دخلت معترك السياسة بوصفها عضوة في مجلس بلدية قريتها الذي كان يرأسه أبوها. إلا أن أحداً لم يكن يتوقع أنها ستصبح بعد ذلك بثلاث سنوات ثاني امرأة ترأس البرلمان الوطني الإسباني، والأولى من الحزب الذي لم يحصل على الغالبية في الانتخابات العامة.

النشأة والمسيرة

فرانسينا آرمنغول من مواليد عام 1971 في بلدة آينكا، من أعمال جزيرة مايورقة كبرى جزر أرخبيل الباليار السياحي في غرب البحر المتوسط. ولقد تخرّجت في كلية العلوم والبحوث الصيدلانية بجامعة برشلونة، حيث تابعت لاحقاً دراسة الحقوق قبل أن تباشر العمل في صيدلية العائلة حتى أواخر تسعينات القرن الماضي.

في عام 1999، أصبحت آرمنغول عضواً في المجلس البلدي المحلي، وفي نهاية العام التالي صارت مستشارة (عضو مجلس) في مجلس الجزيرة، حيث كانت الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي حتى عام 2004. وخلال هذه الفترة فازت في الانتخابات الإقليمية بعضوية برلمان جزر الباليار، وجددت ولايتها ثلاث مرات متعاقبة، بينما كان نجمها يواصل الصعود داخل الحزب الذي تولّت منصب الناطق باسمه في البرلمان الإقليمي، وأظهرت قدرة بارزة في التشريع، وفتح قنوات الحوار مع القوى السياسية المنافسة.

وفي عام 2007، انتخبت آرمنغول رئيسة للمجلس الاستشاري في الجزيرة بفضل الاتفاق الذي توصلت إليه مع القوى والأحزاب الإقليمية، بعدما كانت قد فازت بمنصب الأمين العام للاتحاد الاشتراكي في مايورقة. ثم في عام 2012 صارت الأمينة العامة الإقليمية للحزب الاشتراكي وعضوة في اللجنة التنفيذية الفيدرالية. ثم، في منتصف العام التالي، فازت السياسية الطموحة بأكثرية ساحقة في انتخابات الحزب الداخلية لاختيار مرشحه لرئاسة الحكومة الإقليمية في انتخابات عام 2015، وعيّنها الأمين العام للحزب ورئيس الوزراء الحالي بيدرو سانشيز مستشارته للشؤون الإقليمية، وذلك قبل أشهر من اندلاع الأزمة الانفصالية الكتالونية... التي ما زالت تداعياتها تتفاعل إلى اليوم بقوة في المشهد السياسي الإسباني.

رئيسة الحكومة الإقليمية

بعد الانتخابات الإقليمية في عام 2015، ونتيجةً تحالف واسع مع الأحزاب التقدمية لعبت هي الدور الأساسي في التوصل إليه، أصبحت آرمنغول أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة الإقليمية في جزر الباليار، حيث يوجد المقرّ الصيفي للعائلة المالكة الإسبانية. وفي خطاب توليها مهامها، أعلنت إلغاء السياسة اللغوية التي كانت الحكومة اليمينية السابقة قد فرضتها ضد إرادة غالبية المواطنين والهيئات التعليمية، وتعهّدت بتطبيق نظام تمويلي جديد للجزر، وفرض ضريبة سياحية يعود ريعها لتطوير القطاع الذي يشكّل عماد اقتصاد الأرخبيل.

وكذلك، أعلنت عن حزمة واسعة من التدابير الاجتماعية، مثل إعادة الخدمات الصحية التي كانت الحكومة اليمينية قد أوقفتها، وخطة لمكافحة الفقر، وإنشاء جهاز لمكافحة الفساد تحت إشراف البرلمان، ومكتب للشفافية والمشاركة المباشرة من المواطنين في إدارة شؤون الجزر.

ساهمت كل هذه الخطوات في زيادة شعبية آرمنغول على المستوى الإقليمي، وترسيخ التحالف الذي كان يدعمها، لكن صعودها البارز على المستوى الوطني جاء بفضل الموقف الذي اتخذته من الأزمة التي نشأت بسبب الصراع الداخلي في الحزب الاشتراكي، وأدت إلى تنحّي بيدرو سانشيز عن منصب الأمين العام في سبتمبر (أيلول) عام 2016؛ إذ ذاك راهنت آرمنغول على تشكيل «حكومة وطنية ائتلافية»، على غرار تلك التي كانت تترأسها في جزر الباليار، وكانت أشدّ المعارضين داخل الحزب الاشتراكي العمالي لبقاء زعيم الحزب الشعبي اليميني ماريانو راخوي رئيساً للحكومة الإسبانية، وأكثر المتحمسين للانفتاح على القوى اليسارية والإقليمية - بما فيها الانفصالية - من أجل إسقاط حكومة راخوي المحافظة، وإيصال سانشيز إلى سدة الرئاسة.

نجاحها... وطنياً

في عام 2019، عادت فرانسينا آرمنغول وجددت ولايتها رئيسةً للحكومة الإقليمية بعد فوزها في الانتخابات الإقليمية بجزر الباليار، إلا أن إدارتها لجائحة «كوفيد - 19» كانت متعثّرة في معظم مراحلها؛ إذ تخللتها سلسلة من القرارات الخاطئة التي اعترفت هي، لاحقاً، بأنها تسببت في ارتفاع عدد الإصابات والضحايا، الأمر الذي كان له دور أساسي في هزيمتها إبان الانتخابات الإقليمية التالية عام 2023، وأيضاً خسارة حزبها الغالبية في برلمان الجزر.

ولكن بعد فوزها بمقعد في البرلمان الوطني الإسباني خلال الانتخابات العامة الأخيرة منتصف الصيف الماضي، التي فاز فيها الحزب الشعبي اليميني المحافظ، قرر الحزب الاشتراكي ترشيحها لرئاسة البرلمان. وجاء القرار بناءً على عجز الحزب اليميني الفائز عن جمع غالبية الأصوات اللازمة لانتخاب مرشحه، وأيضاً بناءً على استعداد القوى اليسارية والقومية لدعم آرمنغول من أجل توليها المنصب بوصفها أول رئيسة للبرلمان من حزب لم يحصل على الغالبية في الانتخابات العامة.

ومع أن مسيرة آرمنغول السياسية اقتصرت عملياً على الحيّز الإقليمي حتى إعلان ترشيحها لرئاسة البرلمان الوطني، فإن العديد من القرارات والمبادرات التي اتخذتها خلال رئاستها الحكومة الإقليمية في جزر الباليار أثارت جدلاً واسعاً على الصعيدين السياسي والإعلامي تجاوز الإطار الإقليمي. وفي الوقت عينه، كان يترسّخ موقعها بوصفها القيادية الاشتراكية الوحيدة التي تحظى بتأييد جميع القوى القومية والانفصالية الممثلة في البرلمان الوطني، بما فيها حزب «جونتس» الكتالوني الانفصالي المحافظ.

وواقع الأمر أنه فضلاً عن الرغبة المشتركة في إقصاء اليمين - المناهض بشدة للمطالب القومية والانفصالية - عن رئاسة البرلمان، تعود أسباب التقارب القومي والانفصالي مع ترشيح آرمنغول أيضاً إلى أن الحزب الاشتراكي في جزر الباليار، الذي تتزّعمه لديه جذور قومية عميقة حافظت هي عليها منذ وصولها إلى منصب الأمين العام الإقليمي. كذلك، جدير بالذكر أن آرمنغول عندما كانت تتابع تحصيلها الجامعي في جامعة برشلونة، انخرطت في أحد التيارات الطلابية الكتالونية (القطالونية) التي كان تنادي بـ«الاستقلال». إلا أنها عادت وابتعدت عنه لاحقاً، وانضمّت إلى الجناح اليساري في الحزب الاشتراكي العمالي، وهو جناح يدعو إلى إنشاء نظام فيدرالي في إسبانيا، كـ«منزلة بين المنزلتين»: المركزية والانفصالية.

من ناحية أخرى، كانت القوى والأحزاب اليمينية قد وجّهت اتهامات متكرّرة ضد آرمنغول بأنها «انفصالية»، و«تدعم الحركة الاستقلالية» في إقليم كتالونيا. لكنها كانت تصرّ دائماً على رفض تلك الاتهامات بشكل قاطع، وإن كانت قد تحالفت إبّان ولايتها الأولى رئيسةً للحكومة الإقليمية في الباليار مع اثنتين من القوى الانفصالية. ثم إنها كانت ترد على اتهامات اليمين بالتأكيد على أنها كانت تحرص دائماً على رفض الطروحات الانفصالية إبان الأزمة الاستقلالية التي أدت إلى المواجهة الصدامية بين الحكومة المركزية والحكومة الكتالونية في خريف عام 2017، وأدت إلى اعتقال عدد كبير من القيادات الانفصالية بتهمة العصيان والتمرّد، وفرار بعضهم إلى الخارج، من بينهم رئيس الحكومة آنذاك كارلي بوتشيمون.

لم تتردد آرمنغول إطلاقاً في الإفصاح عن ميولها الجمهورية

لكنها حافظت دائماً على علاقات ممتازة مع العائلة المالكة

سياسية واقعية ونشيطة وواضحة المواقف

مقابل ما سبق، لم تتردد آرمنغول إطلاقاً في الإفصاح عن ميولها الجمهورية، لكنها حافظت دائماً على علاقات ممتازة مع العائلة المالكة التي تتخذ من جزيرة مايورقة مقرّاً لإقامتها الصيفية. ولقد تبدّت هذه العلاقة بوضوح خلال الاحتفال بافتتاح الولاية الاشتراعية الأخيرة أواخر الشهر الماضي، التي ترأسها العاهل الإسباني فيليبي السادس، برفقة قرينته الملكة ليتيزيا وولية العهد ابنته الأميرة ليونور، بل تضمّن خطاب آرمنغول عدة إشارات إلى الدور المحوَري الذي يلعبه العاهل الإسباني في هذه المرحلة الحساسة من التاريخ السياسي للبلاد الذي يشهد انقسامات حادة وتوتراً في العلاقات بين مكوّنات الشعب لم يعرفها الإسبان منذ عودة النظام الديمقراطي مطالع ثمانينات القرن الفائت.

في الحقيقة، يذكر متابعون جيدو الاطلاع أنه لم يكن وارداً في حسابات آرمنغول النزول إلى الحلبة السياسية المركزية؛ لكونها كانت دائماً بعيدة عن دوائر القرار الفيدرالية في الحزب الاشتراكي. غير أن فشلها في تجديد ولايتها رئيسةً لحكومة جزر الباليار للمرة الثالثة على التوالي خلال الانتخابات الإقليمية في الربيع الماضي، دفعها إلى الترشح للانتخابات العامة أواخر يوليو (تموز) الفائت، حين فازت للمرة الأولى بمقعد في البرلمان الوطني الذي أصبحت اليوم رئيسة له.

وتالياً، يجمع الذين يعرفون آرمنغول عن كثب على أنها تملك قدرة خارقة على العمل، وتتميّز بقناعاتها السياسية الراسخة التي تدافع عنها بشدة، وبخاصة، مواقفها المناهضة للسياسة الإقليمية التي ينهجها الحزب الشعبي المحافظ، وانتقاداتها القاسية لحزب «فوكس» اليميني المتطرف.

مقابل ذلك، من المآخذ عليها أنها لا تتقبّل النقد بسهولة، بل غالباً ما تجنح نحو اتخاذ مواقف مشددة صعب العودة عنها أو تعديلها لاحقاً. وكان الخطاب الذي ألقته أخيراً خلال افتتاح الدورة الاشتراعية الجديدة قد تضمّن غمزات عدة من قناة الأحزاب اليمينية التي توافق نوابها على مقاطعة رئيسة البرلمان الجديدة غير مرة، والامتناع عن التصفيق لها عند نهاية الخطاب، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الديمقراطية الإسبانية. وفي هذا الشأن، وصف زعيم الحزب الشعبي المحافظ ألبرتو فيخو خطابها بأنه «الأسوأ بين ما سمعه إلى اليوم من رؤساء البرلمان في إسبانيا».

وما يستحق الإشارة هنا، أن تحالف الأحزاب اليسارية والتقدمية مع الأحزاب القومية والانفصالية، الذي أمّن الفوز لفرانسينا آرمنغول برئاسة البرلمان على حساب مرشحة الحزب الشعبي - الذي كان فاز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات العامة -هو الذي منع فيخو من الحصول على ثقة البرلمان لتشكيل الحكومة الجديدة التي عاد بيدرو سانشيز ليتولّى رئاستها مرة أخرى.

ثم أنه كان بين أوائل القرارات التي اتخذتها آرمنغول بعد توليها رئاسة البرلمان، قرار باستخدام اللغات الإقليمية (الكتالونية والباسكية والجليقية - الغاليسية) في النقاش العام والمداولات، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البرلمان الإسباني. وكان سبق لها إبان توليها رئاسة الحكومة الإقليمية في جزر الباليار أن فرضت معرفة اللغة الكتالونية (القطالونية) - التي هي اللغة المحكية في الجزر - على الأطباء وأعضاء طواقم التمريض في المؤسسات الصحية الرسمية. أيضاً سبق لآرمنغول أن صرّحت عند الإعلان عن قرارها استخدام اللغات القومية في مداولات البرلمان بقولها: «إن إسبانيا تتقدّم عند الاعتراف بتنوّعها وتباينها، وثروتها الحقيقية تكمن في هذه التعددية الفريدة». لم تتردد آرمنغول إطلاقاً في الإفصاح عن ميولها الجمهورية

لكنها حافظت دائماً على علاقات ممتازة مع العائلة المالكة


مقالات ذات صلة

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

حصاد الأسبوع كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

هل نجح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة في تجنيب الديمقراطيين هزيمة... كانت تتجمع نُذُرها حتى من قبل «مناظرته الكارثية» مع منافسه الجمهوري

حصاد الأسبوع ديفيد لامي

ديفيد لامي... وجه الدبلوماسية البريطانية الجديد يواجه قضايا عالمية شائكة

انتهت 14 سنة من حكم حزب المحافظين باتجاه بريطانيا يساراً مع تحقيق حزب العمال تحت زعامة السير كير ستارمر فوزاً ساحقاً منحه غالبية ضخمة بلغت 172 مقعداً. وفي حين توقف المحللون طويلاً عند حقيقة أن هذا الفوز الساحق لم يأت نتيجة زيادة كبرى في نسبة التأييد عما حصل عليه العمال في الانتخابات السابقة قبل 4 سنوات، بل بسبب انهيار الأحزاب والقوى المنافسة للحزب في عموم المناطق البريطانية التي كان يسعى إلى كسبها. وحقاً أدى تحدّي حزب الإصلاح الانعزالي اليميني المناوئ للهجرة وللتكامل الأوروبي إلى قضمه نسبة عالية وقاتلة من أصوات المحافظين ما أدى إلى انهيارهم في معاقلهم التقليدية. كذلك انهار الحزب القومي الأسكوتلندي في أسكوتلندا، وكانت الحصيلة إعادة العمال هيمنتهم عليها. ومن جهة ثانية، بينما كانت القضايا الداخلية - والاقتصادية بالذات - في اهتمامات الناخبين، فإن أنظار المتابعين الدوليين اتجهت إلى معالم السياسة الخارجية للحكومة العمالية الجديدة، أما الوجه الجديد الذي سيقود الدبلوماسية البريطانية للسنوات القليلة المقبلة فهو وزير الخارجية الجديد ديفيد لامي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع جيريمي كوربن (رويترز)

سنوات المحافظين الـ14 الأخيرة غيّرت الكثير في بريطانيا

> شهدت السنوات الـ14 الأخيرة تغيّرات مهمة على مشهد الساحة السياسية البريطانية أثّرت في كيميائها داخلياً وبدلت الكثير من الأولويات والمقاربات لمعظم القضايا .

حصاد الأسبوع الرئيس قيس سعيّد ... يعد العدة لاختبار انتخابي مهم. (رويترز)

تونس... على أبواب انتخاباتها الرئاسية الجديدة

تعيش تونس هذه المدة أجواء ما قبل الانتخابات الرئاسية الثالثة منذ إطاحة حكم الرئيس زين العابدين بن علي في يناير (كانون الثاني) 2011. إذ أعلنت السلطات و«الهيئة العليا للانتخابات» عن انطلاق العملية الانتخابية رسمياً يوم 14 يوليو (تموز) الحالي. ومن المقرر الكشف عن القائمة النهائية للمرشحين المقبولين في آخر الأسبوع الأول من أغسطس (آب) المقبل، في حين تنطلق الحملات الانتخابية الرسمية خلال سبتمبر (أيلول) تأهباً ليوم الاقتراع العام وهو 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. بيد أن هذه الانتخابات تنظم في «مناخ استثنائي جداً» وفق معظم المراقبين، وسط استفحال مظاهر أزمة اقتصادية اجتماعية سياسية أثرت في خطب غالبية المرشحين والسياسيين وأولوياتهم. وبالتالي، تكثر التساؤلات حول مدى انعكاس الملفات الاقتصادية الاجتماعية «الحارقة» على العملية الانتخابية الجديدة وعلى المشهد السياسي... وهل سيستفيد من هذه الملفات ممثلو المعارضة والنقابات أم الرئيس قيس سعيّد، الذي أعلن رسمياً ترشحه لدورة ثانية، وعاد إلى اتهام «المتآمرين على الأمن القومي للبلاد» بتأزيم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وقطع الكهرباء والماء ومواد الاستهلاك عن المواطنين لأسباب سياسية وانتخابية أو «خدمة لأجندات أجنبية».

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع من لقاء أوربان - بوتين في موسكو (رويترز)

روسيا وأوكرانيا في صميم هموم البرلمان الأوروبي الأكثر يمينية

مطلع الشهر الماضي ذهب الأوروبيون إلى صناديق الاقتراع لتجديد عضوية البرلمان الأوروبي، فيما أجمعت الآراء على وصفها بأنها أهمّ انتخابات في تاريخ الاتحاد،

شوقي الريّس (بروكسل)

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
TT

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)

هل نجح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة في تجنيب الديمقراطيين هزيمة... كانت تتجمع نُذُرها حتى من قبل «مناظرته الكارثية» مع منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب بكثير؟ الإجابة عن هذا السؤال، لا يختصرها الإجماع السريع الذي توافقت عليه تيارات الحزب لدعم كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية. ذلك أن الصعوبات التي يواجهها الديمقراطيون، والأزمات التي لم يتمكنوا بعد من ابتكار الحلول لها، أكبر من أن يحتويها استعاضتهم عن مرشح مسنّ ضعيف وغير ملهم، بمرشحة شابة ملوّنة. ولكن مع ذلك، يبدو أن الديمقراطيين مقتنعون الآن بأنه باتت لديهم الفرصة لإعادة تصوير السباق على أنه تكرار لهزيمة مرشح «مهووس بالغرور والانتقام»، في حين يعيد خصومهم الجمهوريون تشكيل سياسات حزبهم، وفق أجندة قد تغير وجهه ووجهة أميركا، التي عدّها البعض، «دعوة للعودة إلى الوراء».

في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ثمة انزياح الجمهوريين إلى سياسات انعزالية خارجياً وحمائية اقتصادية داخلياً، معطوفة على سياسات اجتماعية يمينية متشددة، قد يكون من الصعب إقناع بعض الشارع بخطورتها. وفي المقابل، ما لم يقدم الديمقراطيون حلولاً للمشاكل التي أبعدت ولا تزال تبعد، شريحة واسعة من أبناء الطبقة العاملة إلى التصويت مرتين لمصلحة دونالد ترمب، فإنهم سيفقدون السيطرة على حملتهم.

الأمر لا يقتصر على أفراد الطبقة العاملة البيضاء الذين غادروا الحزب الديمقراطي بأعداد كبيرة خلال العقود الأخيرة، إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن ترمب يُعد لاجتذاب الناخبين السود واللاتينيين من الطبقة العاملة بنسب تاريخية محتملة. ومع اعتناق ترمب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس، جي دي فانس، لسنوات، سياسات «شعبوية» فإنهما سعيا أيضاً إلى استخدام حتى بعض الانتقادات «التقدمية» للسوق الحرة، ولو كانا سيخدمان الأثرياء في نهاية المطاف.

ترمب يهاجم هاريس خلال مهرجان انتخابي في ولاية نورث كارولينا (آب)

ولاغتنام هذه الفرصة، قد يفكر الديمقراطيون في قراءة كيف تمكّن حزبهم من التعافي من الأزمات الخطيرة في ماضيهم. ومعلوم أنه في حين كانت الانتخابات الماضية تدور حول السياسات، وليس التدهور الذهني للمرشحين والتشكيك بقدرتهم على الفوز، كما كان الحال مع بايدن في هذه الانتخابات، فإنهم لم ينجحوا إلا عندما قدّموا أجندة اقتصادية، تروّج لرأسمالية أكثر أخلاقية وأقل ضراوة وقسوة.

توحد حول «أجندة تقدمية»يقول مايكل كوزين، أستاذ التاريخ في جامعة جورجتاون، إنه منذ القرن التاسع عشر، لم ينجح الديمقراطيون في قلب هزائمهم، إلّا بعد توحيد صفوفهم خلف أجندة، قدمت مساراً مختلفاً لمعالجة الأزمات، من «الكساد الكبير» إلى التصدي للعنصرية، وكسر الخطاب الشعبوي - الذي هدف إلى كسب تأييد المزارعين وعمال المناجم - ومن ثم طرحوا حلولاً بشأن العمل والضمانات الاجتماعية والصحية والمال.

في العشرينات من القرن الماضي، دارت أزمة الديمقراطيين حول قضايا الثقافة والعِرق بدلاً من تحديد من فاز ومن خسر فيما كان آنذاك اقتصاداً مزدهراً. ولقد تطلب الأمر أسوأ كساد في تاريخ البلاد، لإعطاء الديمقراطيين الفرصة لوضع هذه الاختلافات وراء ظهورهم. وعام 1932، تحت قيادة فرانكلين روزفلت، فازوا بغالبية كبيرة في الكونغرس وأنشأوا أكبر توسع في السلطات المحلية للحكومة الفيدرالية في تاريخ الولايات المتحدة.

وبعدها، في عام 1968، بدا أن انسحاب ليندون جونسون من السباق أشبه بانسحاب جو بايدن هذا العام... إذ كان الرجلان يخطّطان للترشح لإعادة الانتخاب، لكن المعارضة الشرسة داخل حزبهما أثنتهما عن ذلك. واليوم، كما حصل سابقاً، أخذ نائب الرئيس مكانه على رأس القائمة. غير أن معارضة عودة جونسون كانت بسبب أكثر أهمية بكثير من القلق بشأن أداء الرئيس في مناظرة، أو على قدراته الجسدية والمعرفية التي قسا عليها الزمن. كان الخلاف يومذاك حول «حرب فيتنام» يقسم الديمقراطيين، والأميركيين عموماً، وهو ما أدى إلى خسارتهم أمام الجمهوريين وفوز المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون.

اصطفاف التيار التقدمياليوم، باستثناء الحرب في غزة، وانتقاد التيار التقدمي لإسرائيل، فإن الديمقراطيين متّحدون بشكل ملحوظ حول القضايا التي ركّز عليها بايدن في حملته الانتخابية. وبدا أن تمسك هذا التيار به والاصطفاف اليوم وراء نائبته كامالا هاريس، دليل على إجماع على أن «خطر» إدارة ترمب أخرى قد طغى على استيائه منهما. وفي غياب أي استثناءات تقريباً، يتفق ممثلوهم مع أعضاء الحزب في مجلسي الشيوخ والنواب، على تشجيع العمال على تشكيل النقابات ويريدون القيام باستثمارات جادة في مجال الطاقة المتجددة، ويؤيدون بالإجماع زيادة الضرائب على الأغنياء وتسليح أوكرانيا.

بيد أن تغير موقف «التيار التقدمي» بشأن هاريس - التي لطالما تعرضت للانتقادات منه - يعكس إلى حد كبير الديناميكيات السياسية المتغيرة داخل الحزب الديمقراطي نفسه. وحقاً، منذ التراجع المطّرد لدور اليساري المخضرم بيرني ساندرز وتحوّله إلى شيء من الماضي، وكون النجوم التقدميين مثل النائبة ألكساندريا أوكازيو كورتيز، ما زالوا أصغر من أن يتمكنوا من الترشح للرئاسة، لا يوجد بديل واضح عند هذا التيار. وأيضاً، مع تهميش أولويات «التقدميين» التشريعية السابقة كالتعليم الجامعي المجاني والرعاية الصحية الشاملة، واستمرار تعثر القضايا الحالية كالحرب في غزة من دون نهاية واضحة، تقلصت فرص «تيارهم» في لعب دور أكبر داخل الحزب.

ولكن إذا أعطى انسحاب بايدن الديمقراطيين فرصة لإحياء حظوظهم فيما بدا لفترة وكأنه سباق خاسر، فإنه قد لا يفعل ذلك الكثير لمعالجة الأزمة الأعمق التي واجهوها منذ أعاد ترمب تشكيل الحزب الجمهوري.

الديمقراطيون تجنّبوا الانقسامفإجماع الديمقراطيين على الدفع بكامالا هاريس خياراً لا بد منه، قد يكون جنبهم على الأقل خطر الانقسام. ورغم كونها خطيبة مفوهة، على خلفيتها بوصفها مدعية عامة وسيناتوراً سابقاً عن كاليفورنيا - كبرى الولايات الأميركية وأهمها - يظل العديد من الأميركيين ينظرون إليها على أنها «ليبرالية» و«تقدمية» تهتم بشدة بالحقوق الإنجابية والتنوع العرقي. وهم أيضاً يأخذون عليها أنها لم تظهر، حتى الآن على الأقل، قدرتها على التواصل بالقوة نفسها مع ناخبي الطبقة العاملة الذين يعتقدون أن لا الحزب الديمقراطي ولا الحكومة أظهرا الاهتمام نفسه بمشاكلهم الاقتصادية... وخوفهم من أن حياة أطفالهم قد تتعرض للخطر.

واستناداً إلى استطلاعات رأي تشير منذ عدة سنوات إلى أن أغلب الناس يعتقدون أن الولايات المتحدة «تسير على المسار الخطأ»، استخدم جي دي فانس، نائب ترمب، هذه المخاوف التي عرضها في كتابه «مرثية هيلبيلي» لتصعيد الخطاب الشعبوي، الذي عدّه البعض دعوة إلى إعادة عقارب الزمن عبر إحياء الصناعات المنقرضة، بدلاً من الاستثمار في المستقبل.

صعود المظالممع هذا، إذا اكتفت هاريس بالترويج والدفاع عن إنجازاتها وبايدن فقط، فقد تفشل في معالجة هذه المخاوف، وربما تسمح لترمب بالفوز مرة أخرى. الاعتراف باللامساواة بين الجنسين وقبول «الهويات» الجنسية، ونقد الاستعمار والعنصرية وكراهية الأجانب، وصعود حركة حماية البيئة، كلها مظالم وتحديات لشرائح واسعة تعتقد أنها تتعرّض للخطر وتدعو الساسة للعودة إلى الأنماط القديمة دفاعاً عنها. كما أن اضطرابات أخرى لعبت أيضاً دوراً في صعود هذه المظالم، من تغير المناخ والتحديات الاقتصادية التي فرضها، واستمرار التفاوت في الدخل، وموجات المهاجرين إلى أوروبا والولايات المتحدة، والانهيار الاقتصادي عام 2008، وجائحة «كوفيد-19» التي ألحقت أضراراً بالغة بالاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

ومع تصاعد الشكوى من الهجرة والمهاجرين والتغير الديموغرافي والعولمة في كل مكان، يهدّد خطاب «الشعبوية» الجديد الديمقراطيات الليبرالية القديمة. وبدا أن احتضان الناخبين الأميركيين لترمب، يشبه تحول الناخبين الفرنسيين نحو حزب «التجمّع الوطني» اليميني المناهض للمهاجرين بزعامة مارين لوبان، الذي يدّعي أنه يمثل «فرنسا الحقيقية»، ومعه صعود العديد من أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، وفق الكاتب الأميركي إدواردو بوتر.

فشل ديمقراطي

مع ذلك، فشل الديمقراطيون منذ عهد باراك أوباما في تقديم برنامج سياسي متماسك حول الوجهة التي يريدون أخذ أميركا إليها، والتكلم عن أولئك الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم، وهذا، بصرف النظر عن دفاعهم عن مصالح الطبقة الوسطى والتسامح مع الاختلافات الثقافية والتحرك نحو اقتصاد أكثر خضرة.

ومع أن ترشيح كامالا هاريس قد يعطيهم الفرصة للبدء في تغيير تلك الصورة، يظل الخطر كامناً في أنهم قد يعتقدون أن الأزمة الأخيرة التي مروا بها، أمكن حلها بتغيير المرشحين من دون معالجة حالة السخط التي تعصف بالبلاد. وهذا ما بدا من خطابهم الذي عاد للتشديد على أن المهمة الرئيسية هي منع عودة ترمب. فقد التحمت الأصوات الديمقراطية في خطاب شبه موحّد لتصوير الانتخابات على «أنها بين مجرم مُدان لا يهتم إلا بنفسه ويحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بما يخص حقوقنا وبلدنا، ومدعية عامة سابقة ذكية ونائبة رئيس ناجحة تجسد إيمانناً بأن أفضل أيام أميركا لا تزال أمامنا»، على ما كتبته الثلاثاء، هيلاري كلينتون في مقالة رأي في «نيويورك تايمز».

ربما لا حاجة إلى التذكير بأن خسارة كلينتون نفسها للسباق الرئاسي أمام ترمب عام 2016، كان بسبب إحجام ناخبي ولايات ما يعرف بـ«حزام الصدأ» - حيث قاعدة العمال البيض - عن تأييدها، بعدما خسر مرشحهم بيرني ساندرز الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، الذي كان ينظر إليه على أنه مرشح واعد للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، ومنحهم أصواتهم لترمب الذي نجح في مخاطبة هواجسهم.

فرصة هاريس

اليوم، في ضوء انتزاع هاريس - إلى حد بعيد - بطاقة الترشيح قبل انعقاد مؤتمر الحزب في 19 أغسطس (آب) المقبل، ما يوفر عليها خوض انتخابات تمهيدية جديدة والفوز فيها، فإنها تحظى بفرصة لإعادة تقديم نفسها. وخلال الأيام الأخيرة، تعززت حملتها بفضل زيادة الحماسة والدعم وجمع التبرعات الذي حقق أرقاماً قياسية خلال 48 ساعة، وكل ذلك كان مفقوداً في حملة بايدن وسط مخاوف بشأن عمره وصحته.

لكن الحزب ما زال منقسماً حيال الرد على هجمات الجمهوريين، إذ يشعر البعض بالقلق من أن الغرق في مناقشات حول العنصرية والتمييز الجنسي، يمكن أن يستهلك حملة هاريس لدى انشغالها بمخاطبة جمهور الناخبين الأوسع. ولذا تصاعدت الأصوات الديمقراطية الداعية إلى جسر الهوة إزاء الهجرة والجريمة والتضخم، التي يركز الجمهوريون عليها، بينما يتساءل آخرون، عمّا إذا كان الكلام الصارم عن الإجهاض والضرائب والعنصرية، وغير ذلك من بنود جدول الأعمال التي يسعى الديمقراطيون بشدة إلى إعادتها إلى قمة الأولويات العامة، هو الطريقة الأفضل لخوض السباق ضد ترمب. الديمقراطيون متّحدون اليوم حول القضايا التي ركّز عليها بايدن

لطّف الجمهوريون خطابهم المتشدد... بينما يبحث الديمقراطيون عن نائب لهاريس

> لا يخفى، لدى تفحّص المشهد الانتخابي الأميركي، أن الجمهوريين سعوا للاستفادة من مكاسب استطلاعات الرأي مع الأميركيين الذين كانوا مترددين في السابق تجاه دونالد ترمب، وخاصة الناخبين غير البيض. إذ أعادوا تنظيم مؤتمرهم الوطني للتأكيد على «الوحدة»، بعد محاولة الاغتيال التي تعرّض لها ترمب، وتقديمه كرجل دولة وليس محارباً للثقافة والعرق. وتضمن المؤتمر كلمات دحضت الاتهامات بالعنصرية ضد ترمب، إلى جانب عدد من المتكلمين الذين أكدوا على خلفياتهم المهاجرة وعلى أن الجمهوريين مهتمون فقط بأمن الحدود. وبينما يقلّب الديمقراطيون الأسماء لاختيار نائب الرئيس على بطاقة الاقتراع مع كمالا هاريس، برز عدد من الأسماء على رأسهم جوش شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا المتأرجحة. وحظي شابيرو، وهو يهودي أبيض،

ترمب يهاجم هاريس خلال مهرجان انتخابي في ولاية نورث كارولينا (آب)

بالاهتمام كونه حقق فوزاً كبيراً في انتخابات عام 2022، متغلباً على سيناتور يميني متشدد أنكر فوز بايدن في انتخابات عام 2020، ويلقى دعماً كبيراً من الرئيس السابق باراك أوباما. أيضاً، برز السيناتور مارك كيلي (من ولاية أريزونا المتأرجحة أيضاً) الذي عُدّ منافساً محتملاً في مواجهة نائب ترمب، السيناتور جي دي فانس (من ولاية أوهايو). ويقف الرجلان على النقيض في العديد من قضايا السياسة الخارجية، وخصوصاً فيما يتعلق بمسألة مساعدة أوكرانيا. وبدا كيلي مرشحاً مثالياً ضد فانس؛ للموازنة بين الحفاظ على الولايات المتأرجحة، والحفاظ على سياستهم الخارجية. واتهمه بأنه «سيتخلى» عن أوكرانيا لصالح روسيا. وأردف كيلي قائلاً، إنه «أمام ما قد يفعله ترمب وفانس للتخلي عن حليف، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى عالم أكثر خطورة بكثير». ورغم رفضه تأكيد أن يكون من بين المرشحين، قائلاً إن الأمر يتعلق بهاريس، «المدعية العامة التي تتمتع بكل هذه الخبرة، وترمب الرجل المدان بـ34 جناية ولديه خيار بشأن المستقبل، قد يعيدنا إلى الماضي حين كنا أقل أماناً».