اكتشاف وميض كوني هائل يعود إلى 13 مليار سنة

رصد «انفجار غاما» المرتبط بانهيار نجم ضخم قبل نحو 13 مليار سنة (أ.ب)
رصد «انفجار غاما» المرتبط بانهيار نجم ضخم قبل نحو 13 مليار سنة (أ.ب)
TT

اكتشاف وميض كوني هائل يعود إلى 13 مليار سنة

رصد «انفجار غاما» المرتبط بانهيار نجم ضخم قبل نحو 13 مليار سنة (أ.ب)
رصد «انفجار غاما» المرتبط بانهيار نجم ضخم قبل نحو 13 مليار سنة (أ.ب)

رصد القمر الاصطناعي الفرنسي الصيني «سفوم» SVOM في مارس (آذار) الماضي «انفجار غاما» المرتبط بانهيار نجم ضخم قبل نحو 13 مليار سنة، ومن شأن هذا الوميض القوي الآتي من أعماق الكون تزويد الأوساط العلمية بمعلومات عن تاريخه.

ويقول برتران كوردييه، الرئيس العلمي لمشروع «سفوم» في الهيئة الفرنسية للطاقات البديلة والطاقة الذرية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ «هذا الاكتشاف نادر جداً، فهو خامس أبعد انفجار لأشعة غاما يُرصَد على الإطلاق» و«الأكثر دقة من ناحية الضوء الذي جمعناه والقياسات التي أجريناها».

أُطلقت مهمة «سفوم» (المرصد الفضائي متعدد الأطياف للأجسام الفلكية المتغيرة) في يونيو (حزيران) 2024، وتهدف إلى اكتشاف وتحديد مواقع هذه الظواهر الكونية ذات القوة الهائلة.

تحدث انفجارات أشعة غاما عادة بعد انفجار نجوم ضخمة (تزيد كتلتها على كتلة الشمس عشرين مرة) أو اندماج النجوم الكثيفة. يمكن لهذه الانفجارات الإشعاعية ذات السطوع الهائل أن تُطلق طاقة تعادل أكثر من مليار مليار شمس مثل شمسنا.

يوضح كوردييه الذي شارك في دراستين عن هذا الاكتشاف نشرتا الثلاثاء في مجلة «أسترونومي آند أستروفيزيكس»، أنها «الظواهر الكونية التي تنبعث منها الكميات الأكبر من الطاقة».

الجيل الأول من النجوم

تُتيح دراسة انفجارات أشعة غاما التقدّم في مسائل «الفيزياء الأساسية»، مثل محاولة «فهم كيفية إطلاق هذه الكمية من الطاقة، وما الآليات المؤثرة» في ذلك.

ويقول كوردييه: في انفجارات أشعة غاما «تتسارع المادة إلى سرعات تُقارب سرعة الضوء. إنها ظروف فيزيائية لا يُمكننا إعادة إنتاجها على الأرض، ولكن يُمكننا رصدها في المختبرات الكونية».

تُستخدم هذه الإشارات شديدة السطوع أيضا كأنها «مسبارات»، إذ تُضيء كل المادة التي تمرّ بها قبل أن تصل إلى الأرض. ويقول كوردييه: «نحن بحاجة ماسة إلى وميض بهذه الشدة لنتمكن من قياس» الظروف الفيزيائية للكون في عصور بعيدة جداً، مضيفاً أنها «الطريقة الوحيدة للقيام بذلك مباشرةً».

في 14 مارس، عندما تلقوا تنبيهاً عبر جوالاتهم، أدرك العلماء المُناوبون في مهمة «سفوم» بسرعة أنهم يتعاملون مع حدث كبير. ثم أقنعوا طواقم التلسكوبات الأخرى بإعادة توجيه عدساتها إلى منطقة الانبعاث.

بعد انفجار لأشعة غاما استمر بضع عشرات من الثواني، أصدر الجسم المسؤول عنه، لفترة أطول ولكن بكثافة متناقصة، أطوالاً موجية أخرى: أشعة سينية، وبصرية، وأشعة تحت الحمراء، وراديوية. ويتّسم هذا «الانبعاث اللاحق» بأهمية كبيرة لتحديد موقع المصدر بدقة ودراسة طبيعته.

وتوصل العلماء إلى أنّ الإشارة بُعثت «عندما كان الكون في بداياته»، أي قبل 700 مليون سنة تقريباً. ويقول كوردييه إنّ «الفوتونات التي وصلت إلى أجهزتنا قطعت 13 مليار سنة».

وبحسب كوردييه، فإن عصر «الأجيال الأولى من النجوم» التي تشكلت بعد الانفجار العظيم من «مادة بدائية تتكون أساساً من الهيليوم خصوصاً الهيدروجين» أنتجت هذه النجوم العناصر الثقيلة الأولى (الحديد، والكربون، والأكسجين...)، وأدّت دوراً أساسياً في تطور الكون.

ولإحداث هذا الانفجار الهائل، ربما كانت كتلة النجم المنهار «أكبر بمائة مرة من كتلة الشمس»، بحسب عالم الفيزياء الفلكية الذي يأمل أن يتمكّن «سفوم» من رصد «ربما حدث أو حدثين» من هذا القبيل سنوياً.

ويكمن التحدي في ربط كل التفاصيل في سلسلة من عمليات رصد الانبعاثات اللاحقة.

بعد تنبيه 14 مارس، «مرت 17 ساعة قبل أن يغيّر التلسكوب العملاق جداً (VLT) الموجود في تشيلي اتجاهه»، بحسب كوردييه الذي يضيف: «خلال تلك الفترة، انخفضت شدة الرصد. الهدف هو تحسين كفاءتنا. إذا وصلنا مبكراً، فسنحصل على بيانات أفضل».


مقالات ذات صلة

مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

يوميات الشرق ميكيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)

مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

أصبحت مهندسة ألمانية، أول مستخدم لكرسي متحرك يخرج إلى الفضاء، بعد قيامها برحلة قصيرة على متن مركبة تابعة لشركة «بلو أوريجين».

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
يوميات الشرق الكون كما لم يُرَ من قبل (ناسا)

خريطة جديدة من «ناسا» تفتح نافذة ثلاثية البُعد على أسرار الكون

أصدرت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) خريطة جديدة مُبهرة للكون، تقول إنها قد تُساعد العلماء على حلّ بعض أقدم ألغاز الكون المُستعصية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ قمر مكتمل وأمامه صاروخ «ناسا» مخصص لمهمة الإطلاق نحو القمر ضمن برنامج «أرتيميس 1»... في مركز كيندي للفضاء في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا الأميركية (رويترز - أرشيفية)

ترمب يعطي الأولوية للقمر في مشاريع الفضاء

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، عزمه على إعادة الأميركيين إلى القمر في أقرب وقت ممكن، معطياً استكشاف المريخ أولوية أقل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ندبة «عنكبوتية» غامضة (ناسا)

شكل عنكبوتي غامض على قمر المشتري... هذا تفسيره

رصد العلماء ندبة غريبة تشبه العنكبوت على سطح قمر «أوروبا»، أحد أقمار كوكب المشتري...

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم المركبة «مافن» (أ.ب)

«ناسا» تفقد الاتصال بالمركبة «مافن» التي تدور حول المريخ منذ عقد

فقدت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الاتصال بمركبة فضائية كانت تدور حول المريخ منذ أكثر من عقد.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)

تساؤلات حول دور الذكاء الاصطناعي في الإصابة بحالات الذهان

مريضٌ أمام معالجٍ رقمي
مريضٌ أمام معالجٍ رقمي
TT

تساؤلات حول دور الذكاء الاصطناعي في الإصابة بحالات الذهان

مريضٌ أمام معالجٍ رقمي
مريضٌ أمام معالجٍ رقمي

نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2025، تقريراً حذّرت فيه من ارتباطٍ محتمل بين الاستخدام المطوّل لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وظهور حالات ذهانية لدى بعض المستخدمين.

«الذهان» والذكاء الاصطناعي

* تعريف الذهان. في التعريف الطبي، اضطراب نفسي يفقد فيه الإنسان جزئياً صلته بالواقع، فتختلط لديه الأفكار بالهلاوس أو المعتقدات الوهمية.

وقد أعاد التقرير، الذي استند إلى شهادات أطباء نفسيين في الولايات المتحدة، طرح سؤالٍ حساس: هل يمكن للخوارزميات أن تُنتج المرض النفسي، أم أنها تُضخّم هشاشة كانت موجودة أصلاً؟

* ماذا رصد الأطباء سريرياً؟ حسب التقرير، لاحظ أطباء نفسيون خلال الأشهر التسعة الماضية عشرات الحالات لمرضى طوّروا أعراض ذهان بعد محادثات طويلة مع روبوتات دردشة اتسمت بمحتوى وهمي متصاعد ومتراكم.

وأشار الطبيب النفسي كيث ساكاتا من جامعة كاليفورنيا – سان فرانسيسكو، إلى معالجته اثني عشر مريضاً أُدخلوا المستشفى بسبب نوبات من الذهان ارتبطت مباشرة بالاستخدام المكثّف للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى حالات أُديرت في العيادات الخارجية. وقد اتخذت الأوهام في معظمها، طابعاً تعاظمياً واضحاً: ادّعاء اكتشافات علمية كبرى، الإحساس بالتواصل مع «آلة واعية»، أو شعور طاغٍ بالاختيار الإلهي والرسالة الخاصة.

حين يواجه العقل انعكاسه

العلم يدعو للتريث

* أين يقف العلم من هذه الملاحظات؟ يدعو العلم عند هذه النقطة إلى قدرٍ عالٍ من التريّث والحذر. فحتى اليوم، لا يوجد تشخيص طبي رسمي معتمد لما يُسمّى «ذهان الذكاء الاصطناعي»، ولا دراسة سريرية محكّمة تُثبت علاقة سببية مباشرة بين استخدام روبوتات الدردشة وظهور الذهان لدى أشخاص يتمتعون بصحة نفسية مستقرة.

وما هو متوافر حالياً يقتصر على ملاحظات سريرية وتقارير حالات فردية، وهي أدوات إنذار مبكر ذات قيمة، لكنها لا ترقى بعد إلى مستوى الدليل العلمي القاطع.

* الذكاء الاصطناعي... عامل مُسبِّب أم مُضاعِف؟ تشير المراجعات العلمية الحديثة إلى أن هذه الحالات تُفَسَّر، في الغالب، ضمن مفهوم «تعزيز الأوهام» لدى أشخاص يملكون استعداداً نفسياً مسبقاً، وهي ظاهرة معروفة في الطب النفسي منذ عقود، سبق رصدها مع وسائط مختلفة مثل العزلة، أو التديّن المتطرّف، أو رؤية بعض المواد الرقمية. والجديد هنا ليس المرض بحدّ ذاته، بل الأداة القادرة على تغذية الوهم بلا حدود زمنية أو تصحيح بشري مباشر.

مرآة لغوية وليس عقلاً واعياً

* «التملق الخوارزمي». الذكاء الاصطناعي لا يعمل كفاعلٍ واعٍ أو كذاتٍ مفكِّرة، بل كنظام لغوي إحصائي يعكس أنماط اللغة والمعاني التي يُغذّى بها. وهو ما يُعرف علمياً بظاهرة «التملّق الخوارزمي»، حيث تميل النماذج اللغوية إلى مجاراة المستخدم وتأكيد مسارات حديثه بدل مناقضتها أو كبحها نقدياً. في هذا السياق، لا «يخلق» روبوت الدردشة الوهم من العدم، لكنه قد يضخّمه ويمنحه تماسكاً لغوياً يوهم بالمعنى والشرعية، خصوصاً إذا تُرك التفاعل طويلاً بلا ضوابط أخلاقية، أو إشراف طبي، أو آليات تصحيح تعيد ربط الحوار بمرجعية الواقع.

* الوجه الآخر للصورة: ماذا تقول الأبحاث؟ في المقابل، تُظهر الأبحاث العلمية الحديثة أن روبوتات الدردشة حين تُصمَّم ضمن أطر أخلاقية واضحة وتُستخدم تحت إشراف مهني، قد تؤدي دوراً داعماً للصحة النفسية. فقد بيّنت دراسة سريرية نُشرت عام 2024 في مجلة «الصحة النفسية – نيتشر» (Nature Mental Health) أن استخدام نماذج محادثة نفسية مُنضبطة أسهم في تقليل أعراض القلق والاكتئاب الخفيف، وتخفيف الشعور بالوحدة لدى بالغين في بيئات محدودة الوصول إلى الخدمات المتخصصة. وتخلص الدراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي يكون نافعاً حين يُستخدم أداةَ دعم مكمّلة، وليس بديلاً عن التقييم والعلاج النفسي؛ ما يؤكد أن الإشكالية لا تكمن في التقنية ذاتها، بل في طريقة تصميمها وحدود استخدامها.

تحديات حقيقية

* الخطر الحقيقي: الاستخدام بلا بوصلة. يتّضح أن الخطر لا يكمن في الخوارزمية ذاتها، بل في غياب الإطار الأخلاقي والطبي المنظِّم لاستخدامها. فالذكاء الاصطناعي، مهما بلغت قدرته الحسابية، لا ينبغي أن يُقدَّم بوصفه بديلاً عن الطبيب أو المعالج النفسي، بل أداةً مساندة تُستخدم بحكمة، وتحت إشراف مهني واضح، وضمن حدود تضمن سلامة المستخدم وتحفظ جوهر العلاقة العلاجية الإنسانية.

ما يحدث اليوم ليس صراعاً بين الإنسان والآلة، بل اختبار لقدرتنا على استخدام أدوات قوية بعقلٍ أكثر قوة.

* حين تصبح الخوارزمية مرآة صامتة. قال ابن رشد إن العقل لا يُضلّ صاحبه، بل يضلّ حين يُترك بلا ميزان. وفي زمن الذكاء الاصطناعي، تتخذ هذه الحكمة بُعداً جديداً؛ فالخوارزمية لا تُنتج الذهان من تلقاء ذاتها، لكنها قد تُحسن الإصغاء إليه، وتمنحه لغةً متماسكة، إذا تُركت بلا توجيه أو ضوابط.

وبين تحذير الصحافة وطمأنينة العلم، تتكشف حقيقة أكثر اتزاناً: الذكاء الاصطناعي ليس خصم العقل ولا وريثه، بل مرآته الصامتة. وما ينعكس فيها، في النهاية، هو الإنسان ذاته - بهشاشته، ووعيه، ومسؤوليته عن ألا يترك التقنية تقوده حين يفترض أن يقودها.


دراسة تكشف دور الالتهاب المزمن في تمهيد الطريق لتطوّر «اللوكيميا»

«اللوكيميا» هو نوع من السرطان يصيب خلايا الدم حيث يؤدي إلى إنتاج غير طبيعي لكريات الدم البيضاء التي تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى (رويترز - أرشيفية)
«اللوكيميا» هو نوع من السرطان يصيب خلايا الدم حيث يؤدي إلى إنتاج غير طبيعي لكريات الدم البيضاء التي تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى (رويترز - أرشيفية)
TT

دراسة تكشف دور الالتهاب المزمن في تمهيد الطريق لتطوّر «اللوكيميا»

«اللوكيميا» هو نوع من السرطان يصيب خلايا الدم حيث يؤدي إلى إنتاج غير طبيعي لكريات الدم البيضاء التي تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى (رويترز - أرشيفية)
«اللوكيميا» هو نوع من السرطان يصيب خلايا الدم حيث يؤدي إلى إنتاج غير طبيعي لكريات الدم البيضاء التي تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى (رويترز - أرشيفية)

حذّر علماء من أن تغيّرات خفية تصيب العظام، وتحديداً نخاع العظم، قد تشكّل علامة مبكرة على الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا)، في اكتشاف علمي يسلّط الضوء على دور الالتهاب المزمن في المراحل الأولى لتطوّر المرض، ويفتح آفاقاً جديدة للتشخيص المبكر.

وأوضح باحثون أن خلايا مناعية داعمة ذات طابع التهابي، تُعرف بدورها في التصدي لمسببات الأمراض، قد تُلحق أضراراً تراكمية بنخاع العظم على مدى سنوات، بما يسهم في تهيئة بيئة حاضنة لنشوء سرطانات الدم. ففي الوضع الطبيعي، ينتج نخاع العظم ملايين الخلايا الجديدة من الدم والجهاز المناعي ضمن توازن دقيق مع خلايا غير متمايزة، مثل الخلايا الجذعية، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».

غير أن هذا التوازن قد يختلّ بفعل التقدّم في العمر، أو الالتهاب المزمن، أو الطفرات الجينية، ما يرفع مخاطر الإصابة بسرطانات الدم، إضافة إلى أمراض القلب وزيادة احتمالات الوفاة المبكرة. ومع ذلك، لا يزال الدور الدقيق الذي تلعبه بيئة نخاع العظم في نشوء اضطرابات الدم غير مفهوم بالكامل.

وفي دراسة حديثة، حلّل الباحثون عينات من نخاع العظم جُمعت في المركز الوطني لأمراض الأورام بمدينة دريسدن الألمانية، وشملت متبرعين أصحاء وآخرين مصابين بمتلازمة خلل التنسّج النقوي، وهو اضطراب يصيب نخاع العظم ويتحوّل إلى سرطان دم عدواني في نحو ثلث الحالات.

وأظهرت النتائج أن الالتهاب داخل البيئة المجهرية لنخاع العظم، الناجم عن خلايا تُعرف بالخلايا اللحمية الميزنكيمية الالتهابية، يمثّل عاملاً رئيسياً في المراحل المبكرة جداً لتطوّر أمراض الدم.

وقال بورهان غيزغيز، أحد مؤلفي الدراسة المنشورة في مجلة «Nature Communications»، إن «النتائج تُظهر أن بيئة نخاع العظم لا تكتفي بالتأثر بالمرض، بل تشارك بنشاط في تشكيل المراحل الأولى من التحوّل الخبيث».

وأشار الباحثون إلى أن نخاع العظم يبدو في الوقت نفسه ضحية لظاهرة الالتهاب المرتبط بالتقدّم في العمر، ومحركاً لها على مستوى الجسم بأكمله، في حلقة معقّدة من التأثير المتبادل.

ويأمل العلماء أن تسهم هذه النتائج في تعميق فهم ظاهرة «الالتهاب المرتبط بالشيخوخة» (Inflammaging)، وهو التهاب مزمن منخفض الشدة يُعتقد أنه يقف خلف العديد من أمراض التقدّم في العمر، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب.

من جهتها، قالت جوديث تسوغ، المشاركة في إعداد الدراسة، إن «لهذه النتائج انعكاسات مهمة على بعض العلاجات التي تستبدل الخلايا الخبيثة، لكنها تترك بيئة نخاع العظم دون تغيير، مثل زراعة الخلايا الجذعية الدموية».

وأضافت: «نعمل حالياً على دراسة ما إذا كانت بيئة نخاع العظم تحتفظ بـ(ذاكرة) للمرض، الأمر الذي قد يؤثر في كيفية تفاعلها مستقبلاً مع خلايا جذعية جديدة وسليمة».


حصاد 2025... «الحوسبة الكمومية» تتصدر المشهد وقفزات الذكاء الاصطناعي تتسارع

الروبوت الجراحي الجديد يعتمد على نظام مبتكر يُثبّت على رأس المريض (جامعة يوتا)
الروبوت الجراحي الجديد يعتمد على نظام مبتكر يُثبّت على رأس المريض (جامعة يوتا)
TT

حصاد 2025... «الحوسبة الكمومية» تتصدر المشهد وقفزات الذكاء الاصطناعي تتسارع

الروبوت الجراحي الجديد يعتمد على نظام مبتكر يُثبّت على رأس المريض (جامعة يوتا)
الروبوت الجراحي الجديد يعتمد على نظام مبتكر يُثبّت على رأس المريض (جامعة يوتا)

شهد عام 2025 تطورات علمية بارزة، تصدّرها تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، إلى جانب ابتكارات وتقنيات تعد بإمكانية تغيير جذري في حياتنا اليومية، بالإضافة لاكتشافات لافتة في مجالات الفضاء والفلك.

وأعلنت الأمم المتحدة 2025 سنة دولية للعلوم وتكنولوجيا الكم، احتفاءً بالذكرى المئوية الأولى لتطوير مبادئ ميكانيكا الكم، نظراً لما توفره هذه التكنولوجيا من قوة معالجة هائلة للبيانات مقارنة بالحواسيب التقليدية، مع تطبيقات واسعة في الطب والكيمياء وعلوم المواد.

وحظي هذا المجال بتكريم لائق هذا العام، حيث منحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم جائزة نوبل في الفيزياء 2025 لثلاثة علماء كشفوا عن تطبيقات جديدة في فيزياء الكم، بما في ذلك تطوير دوائر كهربائية فائقة التوصيل تمثل قاعدة للحواسيب الكمومية، التي تمتلك القدرة على إجراء حسابات متوازية ومعالجة مجموعات ضخمة من البيانات بسرعة وكفاءة غير مسبوقتين، متجاوزة أقوى الحواسيب التقليدية بملايين المرات.

وتفتح هذه الإنجازات المجال أمام تقنيات مثل التشفير الكمومي وأجهزة الاستشعار الفائقة الدقة، مع توقعات بتحقيق التطبيقات التجارية للحوسبة الكمومية خلال السنوات الخمس المقبلة في مجالات علوم المواد والطب والطاقة، ما يمهد لثورة حقيقية في البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة.

قفزات الذكاء الاصطناعي

واصل الذكاء الاصطناعي نموه المتسارع في 2025، مع قفزات نوعية في نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) التي أصبحت أكثر وعياً بالسياق وقادرة على التفكير المعقد، واندماجها بسلاسة في الصناعات المختلفة بما في ذلك البحث العلمي والروبوتات، ما يسرّع الاكتشافات خصوصاً في الطب.

خلال 2025، أطلقت شركة «أوبن إيه آي» نموذج (GPT-5) الجديد، الذي يجمع بين سرعة الاستجابة والتفكير المنطقي العميق عبر نظام يختار تلقائياً أفضل نموذج لكل مهمة، مع تحسينات في البرمجة، وكتابة النصوص الإبداعية والرسمية، والاستشارات الصحية، إضافة إلى معالجة المدخلات المتعددة الوسائط بدقة عالية.

كما شهد العام تقدماً في دمج نماذج اللغة الكبيرة مع أنظمة الروبوتات، حيث يمكن للنماذج الصغيرة المدربة بالتعلم المعزز التحكم في الروبوتات بكفاءة، فيما أثبت نموذج محاكاة طوره باحثون بجامعة سري البريطانية قدرة الروبوتات الاجتماعية على التدرّب على التفاعل البشري في بيئات افتراضية، ما يمهد لتطوير روبوتات أكثر وعياً وقدرة على التفاعل في التعليم ورعاية المسنين وخدمة العملاء.

«ذكاء اصطناعي» في خدمة الصحة

وشهد العام تقدماً هائلاً في توظيف الذكاء الاصطناعي في الطب، مع ابتكارات وسائط ذكية تسهم في التشخيص المبكر، وتحسين جودة الرعاية الصحية، وإجراء عمليات دقيقة بأمان وفاعلية أكبر، ما يعكس دمج التكنولوجيا المتقدمة مع الطب لتحسين حياة المرضى وتقليل الأخطاء الطبية.

وطور باحثون في جامعة نورث وسترن نظام ذكاء اصطناعي متقدّماً قادراً على اكتشاف الأمراض المهددة للحياة خلال ثوانٍ عبر تحليل صور الأشعة، مع توليد تقارير دقيقة تصل إلى 95 في المائة وتسريع عمل أطباء الأشعة بنسبة تصل إلى 40 في المائة، لكن مع التأكيد على أنه يدعم الأطباء ولا يحلّ محلّهم.

وفي جامعة برلين، صمم فريق نموذجاً ذكياً لتشخيص أكثر من 170 نوعاً من السرطان بدقة تفوق 97 في المائة من خلال تحليل البصمة الوراثية للورم، ما يتيح تشخيصاً سريعاً وغير جراحي مع تفسير آلية اتخاذ القرار لتعزيز ثقة الأطباء.

كما طوّر باحثون في جامعة تكساس للعلوم الصحية تطبيقاً للكشف الفائق السرعة لأمراض شبكية العين المرتبطة بالسكري بدقة تتجاوز 99 في المائة وفي أقل من ثانية، وهذا يتيح فحوصات واسعة النطاق حتى في المناطق النائية.

الميكروروبوت الطبي يتكون من كبسولة كروية صغيرة للغاية مصنوعة من غلاف جيلاتيني قابل للذوبان (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا)

وفي المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ، ابتُكر ميكروروبوت طبي، عبارة عن كبسولة جيلاتينية دقيقة قادرة على التحرك داخل الأوعية الدموية والوصول إلى الجلطات الدماغية وإطلاق الدواء مباشرة في موقع الإصابة بدقة عالية، ما يقلل الجرعات والآثار الجانبية.

أما على صعيد الحوسبة العصبية، فقد ابتكر فريق دولي خلية عصبية اصطناعية تُعرف بـ«العصبون العابر»، قادرة على محاكاة وظائف دماغية متعددة مثل الرؤية والحركة والتخطيط، مع مرونة وإمكانية تعلم عالية، ما يمهد الطريق لتطوير شرائح إلكترونية تحاكي قشرة الدماغ البشري.

وفي مجال الجراحة، طوّر فريق صيني بالتعاون مع جامعتي إمبريال كوليدج لندن وغلاسكو روبوتاً جراحياً دقيقاً يمكنه التنقل داخل الجسم باستخدام نظام رؤية ذاتي بالكامل دون الحاجة لكاميرات أو مستشعرات خارجية.

ويعتمد الروبوت على أذرع مرنة وكاميرا صغيرة تتعقب علامات «AprilTag» مع خوارزمية تحكم تصحّح الحركة لحظياً، ما يوفر دقة واستقراراً يفوقان الأنظمة المجهرية التقليدية، ما يتيح إجراء عمليات دقيقة في المناطق الحساسة بأمان وموثوقية عالية.

البيئة والمناخ

شهد 2025 طفرة في الابتكارات البيئية التي تستهدف الحد من التلوث وتحسين كفاءة الطاقة وتعزيز الاستدامة من خلال مواد صديقة للبيئة، وخلايا شمسية عالية الأداء. وقد عكست هذه الابتكارات توجهاً عالمياً نحو تطوير تقنيات تخدم المناخ وتحد من البصمة البيئية للإنسان.

وتوصل فريق من جامعة طوكيو لمادة بلاستيكية صديقة للبيئة تتحلل في مياه البحر خلال ساعات قليلة، بينما تتحلل القطع الكبرى في التربة خلال نحو 200 ساعة، دون ترك أي ميكروبلاستيك. وتمتاز المادة بقوة البلاستيك التقليدي وإمكانية تلوينها، مع تفككها فور تعرضها للأملاح، ما يجعلها مناسبة لتطبيقات التغليف مع أثر بيئي شبه معدوم.

وفي سياق المواد المستدامة، طوّر باحثون من جامعة كيس ويسترن ريزيرف نوعاً جديداً من البلاستيك الإلكتروني الحيوي، وهو بوليمر مرن وخالٍ من الفلورين وقابل للتحلل، يمكن استخدامه في الأجهزة الطبية القابلة للارتداء، وأدوات الاستشعار، ونظارات الواقع المعزز، مع إمكانية ضبط خصائصه الإلكترونية حسب الحاجة.

كما ابتكر فريق دولي بقيادة جامعة «يونيفرسيتي كوليدج لندن» خلايا شمسية من البيروفسكايت تحقق كفاءة قياسية بلغت 37.6 في المائة تحت الإضاءة الداخلية - ستة أضعاف الخلايا التجارية - مع احتفاظها بـ92 في المائة من أدائها بعد 100 يوم. ويفتح هذا الابتكار الباب أمام تشغيل أجهزة إنترنت الأشياء والحساسات الداخلية دون بطاريات.

هيكل مقوس مصنوع من الخرسانة الجديدة استطاع تحمل وزنه وأحمال إضافية مع تشغيل مصباح معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (LED)

وفي مجال البناء المستدام، طور معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) نوعاً جديداً من الخرسانة المخزّنة للطاقة، عبر دمج الكربون الأسود النانوي والإلكتروليتات لتشكيل شبكة موصلة داخلية عززت القدرة التخزينية عشرة أضعاف. ويمكن لـ5 أمتار مكعبة من هذه الخرسانة تشغيل منزل كامل ليوم واحد، ما يتيح تطوير مبانٍ وطرق ذكية قادرة على تخزين الكهرباء وشحن السيارات.

كما ابتكر المعهد روبوتات طائرة بحجم الحشرات قادرة على التحليق 17 دقيقة بسرعة 35 سم/ثانية، باستخدام أجنحة مرنة ومحركات اصطناعية فائقة الخفة. وتهدف هذه الروبوتات إلى دعم التلقيح الميكانيكي لتعويض تراجع الملقحات الطبيعية وتحسين إنتاجية المحاصيل.

الطلاء الجديد يجعل الملابس القطنية مقاومة للاشتعال (جامعة تكساس إيه آند إم)

وفي مجال حماية الأقمشة، طور فريق من جامعة تكساس إيه آند إم طلاءً مبتكراً للقطن مقاوماً للاشتعال، يعتمد على طلاء البولي إلكتروليت القائم على الماء، ويتيح حماية آمنة وغير سامة مقارنة بالمواد التقليدية، عبر آلية تطبيق سريعة خطوة واحدة، ما يجعله مثالياً للملابس الصناعية والطبية.

الكون والفضاء

الاكتشافات الفلكية والبحوث الفضائية شهدت أيضاً تطورات لافتة، حيث نجح فريق بقيادة جامعة نيفادا الأميركية في تحليل أول عينات التربة والصخور التي جمعتها مركبة «بيرسيفيرانس» من سطح المريخ. وكشفت النتائج عن مؤشرات قوية لوجود مياه في الماضي ومعادن مثل الأوليفين والفوسفات، ما يعزّز فرضية وجود بيئات صالحة للحياة قبل مليارات السنين. وتُخزّن العينات تمهيداً لإعادتها إلى الأرض بين 2035 و2039 لدراسة أدق لتاريخه الجيولوجي والمناخي.

الكوكب المُكتشف تبلغ كتلته ضِعف كتلة الأرض في مدار أوسع من مدار زحل حول نجمه (جامعة ولاية أوهايو)

وتمكن باحثون من المرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي من رسم أول خريطة ثلاثية الأبعاد لغلاف جوي لكوكب خارجي هو الكوكب الحار فائق الحجم (WASP-121b (تايلوس)، موضحين حركة الرياح العاتية ونقل عناصر كالصوديوم والحديد والهيدروجين بين طبقاته، بما يقدّم نموذجاً متطوراً لفهم التوزيع الحراري والكيميائي في أغلفة الكواكب العملاقة.

كما أعلن علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا اكتشاف كوكب صخري بحجم عطارد، شديد القرب من نجمه. الكوكب المسمى (BD 05 4868 Ab) يدور خلال 30.5 ساعة فقط، وتصل حرارته إلى 1600 درجة مئوية، ما يؤدي إلى تبخر المعادن وتكوّن ذيل يمتد 9 ملايين كيلومتر. ويخسر الكوكب كتلة تعادل جبل إيفرست في كل دورة، في مسار تفكك قد ينتهي باختفائه خلال مليون إلى مليونَي عام.

الخطوط الداكنة تظهر على جوانب المنحدرات والتلال على سطح المريخ (جامعة براون)

وفي اكتشاف آخر، رصد فريق دولي بقيادة جامعة ولاية أوهايو كوكباً خارجياً من فئة الأرض الفائقة باسم (OGLE-2016-BLG-0007) بكتلة تبلغ ضعف كتلة الأرض ويدور في مدار واسع يتجاوز مدار زحل، باستخدام تقنية العدسات الدقيقة الجاذبية، ما يكشف عن تنوع الأنظمة الكوكبية واحتمالات وجود عوالم باردة شبيهة بالأرض.

وكشف باحثون من جامعتي براون وبرن عن أن «الخطوط الداكنة» على منحدرات المريخ ليست ناتجة عن تدفق المياه، بل عن انهيارات ترابية جافة مصدرها الرياح والاصطدامات. واعتمد الفريق على تحليل 86 ألف صورة عالية الدقة بخوارزميات تعلم آلي، مكوّناً قاعدة بيانات تضم أكثر من 500 ألف خط، لتأكيد دور العمليات الجافة في تشكيل مظهر السطح المريخي.

كما سجّل تلسكوب «دانيال ك. إينوي» الشمسي أول رصد عالي الدقة لانفجار شمسي ضخم من الفئة (X)، كاشفاً عن حلقات إكليلية بعرض 48 كيلومتراً وهياكل دقيقة لا تتجاوز 21 كيلومتراً، وهو أدق تصوير لهذه الظواهر حتى الآن، ما يساعد في فهم آليات إعادة الاتصال المغناطيسي وتحسين التنبؤ بالطقس الفضائي.

وتمكن فريق من جامعة هاواي من تفسير ظاهرة «الأمطار الشمسية»، موضحين أن تغير نسب عناصر مثل الحديد في الهالة الشمسية يسرّع تبريد البلازما ويقود إلى تكاثفها وسقوطها نحو السطح خلال دقائق، ما يسهم في بناء نماذج أكثر دقة لسلوك الشمس في أثناء الانفجارات.

وفي خطوة واعدة للبحث عن حياة خارج الأرض، أعلن فريق بقيادة جامعتي بنسلفانيا وكاليفورنيا عن اكتشاف كوكب جديد محتمل الصلاحية للحياة باسم (GJ 251 c)، يقع على بُعد 18 سنة ضوئية ويصنف من «الأراضي الفائقة» داخل المنطقة الصالحة للسكن حول نجم قزم أحمر. وجاء الاكتشاف عبر تتبع الاهتزازات الطفيفة في ضوء النجم باستخدام مطيافات عالية الدقة ونماذج تحليلية متقدمة.

كما رصد فريق دولي بقيادة جامعة كمبريدج وجود كوكب غازي عملاق داخل قرص كوكبي أولي حول النجم الشاب (MP Mus)، بحجم يتراوح بين 3 و10 أضعاف المشتري، بالاعتماد على مزيج من ملاحظات مرصد «ألما» وبيانات مرصد «غايا». وكشف الرصد عن فجوات وحلقات في القرص ناتجة عن تأثير الكوكب، وهو الاكتشاف الأول من نوعه لكوكب يُرصد بطريقة غير مباشرة داخل قرص نشوء كوكبي.

ابتكارات جديدة

الابتكارات العلمية والتقنية شهدت طفرة لافتة، فقد نجح فريق دولي بقيادة الباحث المصري محمد ثروت حسن من جامعة أريزونا، وبالتعاون مع «كالتيك» وجامعة ميونيخ، في ابتكار أسرع ترانزستور فوتوني في العالم بتردد 1.6 بيتاهيرتز، يعتمد على بنية «غرافين – سيليكون – غرافين»، ويعمل بنبضات ليزر فائقة السرعة لتغيير حالته خلال 630 أتوثانية. ويعمل الترانزستور في الظروف العادية وينفذ بوابات منطقية رقمية، ما يجعله نواة محتملة لمعالجات ضوئية أسرع بمليون مرة من الحالية، مع تطبيقات واسعة في الذكاء الاصطناعي وتصميم الأدوية والطاقة.

المصريان محمد ثروت حسن قائد الفريق البحثي ومحمد يحيى الباحث الأول للدراسة يحملان أسرع ترانزستور ضوئي (الفريق البحثي)

وطوّر باحثون من جامعة يوتا روبوتاً جراحياً متقدماً لعمليات شبكية العين يتمتع بدقة ميكرومترية تفوق القدرات البشرية، عبر نظام لتثبيت الرأس والعينين و«واجهة لمسية» تحول حركات الجراح إلى حركات دقيقة جداً داخل العين مع تعويض الارتجاف. وأظهرت التجارب قدرته على تنفيذ إجراءات حساسة مثل الحقن تحت الشبكية مع تقليل الأخطاء، ما يمهّد لدمج الروبوتات في الجراحات العينية الدقيقة.

وفي جامعة بنسلفانيا، ابتكر الباحثون جهازاً باسم (BlinkWise) يحول النظارات العادية إلى أداة ذكية تراقب صحة المستخدم عبر تتبع حركات الرمش باستخدام موجات راديوية فائقـة الدقة، من دون كاميرات. ويضم الجهاز شريحة ذكاء اصطناعي منخفضة الطاقة تحفظ الخصوصية، وتتيح مراقبة علامات الإرهاق وجفاف العين والنعاس، ما يجعله مناسباً للوقاية من الحوادث ومتابعة الصحة اليومية.

كما ابتكر فريق من جامعة واشنطن جهازاً قادراً على كشف فيروس إنفلونزا الطيور (H5N1) في الهواء خلال أقل من خمس دقائق، مستفيداً من وحدة لالتقاط الهواء ومستشعر كهربائي – كيميائي يتعرف على بروتينات الفيروس حتى عند تركيزات منخفضة. ويمتاز الجهاز بإمكانية تعديله لكشف مسببات أمراض أخرى وتصميمه المحمول المنخفض التكلفة، ما يجعله خياراً عملياً لمراقبة الأوبئة.

وتمكن باحثون من جامعتي آلتو وفايرويت من تطوير هيدروجيل ذاتي الالتئام يجمع بين الصلابة والمرونة ويستعيد 80 – 90 في المائة من بنيته خلال أربع ساعات، ويكتمل الترميم خلال 24 ساعة، بفضل صفائح نانوية فائقة الرقة. ويوفر الهيدروجيل تطبيقات واسعة تشمل الجلد الاصطناعي للروبوتات، وإصلاح الأنسجة، وعلاج الجروح المزمنة، وتوصيل الأدوية.

كبسولة ذكية لقياس المؤشرات الحيوية مباشرة من داخل الجهاز الهضمي (معهد كاليفورنيا للتقنية)

كما ابتكر فريق من معهد كاليفورنيا للتقنية (كالتيك) كبسولة ذكية يبلغ قطرها 7 مليمترات وطولها 25 مليمتراً فقط، تحمل اسم (PillTrek) لقياس المؤشرات الحيوية مباشرة من داخل الجهاز الهضمي، بما يشمل الحموضة والحرارة والغلوكوز والنواقل العصبية مثل السيروتونين، من دون عمليات جراحية. وتتيح الدقة العالية وإمكانية تخصيص المستشعرات تشخيصاً أفضل للأمراض المزمنة والالتهابية وللمراحل المبكرة لاضطرابات الجهاز الهضمي.

جهاز ليزر مبتكر لتدمير البعوض (المهندس الصيني جيم وونغ)

وقدم المهندس الصيني جيم وونغ جهاز (Photon Matrix) الذي يعمل كـ«قبة ليزرية» للقضاء على البعوض والحشرات بدقة عالية باستخدام الليدار والرؤية الحاسوبية لرسم خرائط ثلاثية الأبعاد آنية، قبل إطلاق نبضة ليزر مركزة نحو الهدف. ويضمن النظام الأمان عبر تعرّف حجم وسرعة الكائنات وإيقاف الليزر تلقائياً، ما يقدّم حلاً فعالاً لمكافحة الحشرات الناقلة للأمراض.

وأخيراً، طوّر باحثون من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين عدسات لاصقة مبتكرة تمنح رؤية في الظلام وحتى مع غلق العينين من دون أي مصدر طاقة، باستخدام جسيمات نانوية تحول الأشعة تحت الحمراء القريبة إلى أطوال موجية مرئية (800 – 1600 نانومتر). وأثبتت التجارب على البشر والفئران قدرة العدسات على التقاط الضوء تحت الأحمر مع خفض التداخل، ما يفتح آفاقاً لعمليات الإنقاذ والطوارئ ونقل المعلومات ومساعدة المصابين بعمى الألوان.