5 فوائد غير متوقعة… للتسويف

تدفع إلى جمع المعلومات والإلحاح في تنفيذ المطلوب

5 فوائد غير متوقعة… للتسويف
TT

5 فوائد غير متوقعة… للتسويف

5 فوائد غير متوقعة… للتسويف

عادةً ما نعتبر التسويف أمراً يجب تجنبه أو تصحيحه. ولكن له في الواقع فوائد حقيقية... من منحنا وقتاً للتفكير وجمع معلومات جديدة، إلى خلق حالة من الإلحاح لتنفيذ العمل المطلوب. لهذا يأتي التسويف ببعض المزايا المذهلة.، كما كتبت الدكتورة تريسي بروير(*).

ومن الحكمة أن نفكر في كيفية تقديم أفضل ما لدينا. إذ ومع كثرة المهام وضيق الوقت، تعدّ مسالة إعادة النظر في كفاءتنا أمراً ذكياً، فعاداتنا الراسخة قد لا تكون أفضل الاستراتيجيات لنجاحنا.

لهذا فإن إعادة التفكير في «التسويف» من أكثر الطرق غير المتوقعة لإعادة ضبط عادات العمل لدينا، بل وأكثرها فعالية.

إعادة التفكير في أسباب التسويف

إذا كنت تؤجل العمل، فأنت في وضع جيد، فالجميع يؤجلون تقريباً العمل أحياناً، ونسبة عالية في كثير من الأحيان. ووفقاً لبحث أجرته الجمعية الأميركية لعلم النفس، فإن 20 في المائة من الناس يعانون من التسويف المزمن.

يمكن أن يحدث التسويف لأسباب عديدة. قد لا نمتلك المهارات اللازمة للتعامل مع مسؤولية ما، أو قد نتجنب مهمة نتوقع أن تكون مزعجة. قد نشعر بعدم اليقين أو القلق بشأن كيفية إنجاز مهمة ما، أو قد نشعر بالإحباط لأنها مهمة علينا التعامل معها. وفي الأساس، فإننا نستخدم التسويف أحياناً لتنظيم مزاجنا أو مشاعرنا.

سمات وراثية وبيئية

بالإضافة إلى ذلك، يُعد التسويف وراثياً جزئياً. استند هذا الاكتشاف إلى دراسات أجريت على توأمين ونُشرت في مجلة «علم النفس» Psychological Science. ولكن كما هو الحال مع العديد من السمات الوراثية، هناك أيضاً عامل بيئي. قد تكون مستعداً للتسويف بسبب جيناتك، ولكن لديك أيضاً خيار كبير وتحكم في سلوكك.

من أهم عناصر التسويف هو مدى التزامك بالمواعيد النهائية. إذا كنت تؤجل مهامك ولكنك في النهاية تُنجزها في الوقت المحدد، فقد تُلاحظ بعض الآثار الإيجابية للتسويف. لكن إذا كنت تؤجل العمل وتفوت عليك في النهاية مواعيد استحقاق مهمة، فأنت على الأرجح تُقوّض نجاحك.

التسويف البنّاء

التسويف البنّاء ليس بالضرورة تناقضاً لفظياً. إليك كيفية إيجاد النقطة المثالية لجني ثماره.

إذا كنت لا تزال قادراً على إنجاز الأمور ولكنك تعمل عليها بالسرعة التي تناسبك، فأنت في وضع يسمح لك بجني فوائد رائعة من التسويف.

إليك أفضل المزايا:

1. التسويف يمنحك وقتاً للتفكير. إذا انغمست في مشروع ما على الفور، فقد لا تكون قد أخذت الوقت الكافي للتفكير في المشكلة، أو استكشاف الحل، أو تحديد كيفية تقديم عملك.

من المفيد أن تأخذ الوقت الذي تحتاجه لدراسة الأمر من جميع الزوايا، والنظر في وجهات نظرك الخاصة، والتفكير بعمق في المشكلة حتى تتمكن من التعامل معها بشكل مناسب. لذا، اصقل أفكارك واصقل تفكيرك، ثم انغمس فيه.

2. التسويف يمنحك وقتاً لتصفية ذهنك. من فوائد التسويف الأخرى تصفية ذهنك للأمور المهمة التي تحتاج إلى إنجازها. إذا كنت تؤجل العمل وتذهب لتصفح الإنترنت أو مشاهدة مسلسلك المفضل بإفراط، فلن تحصل على الفائدة. ولكن إذا كنت تُنجز مهام صغيرة ولكنها مهمة، يمكنك الاستفادة من هذا النهج.

الإلحاح في إنجاز المهمة

3. التسويف يخلق شعوراً بالإلحاح. من أكثر المعتقدات شيوعاً حول التسويف أنه بتأجيل مشروع ما، نخلق شعوراً صحياً بالإلحاح، مما يساعدنا بدوره على الأداء بشكل أفضل. وقد يكون هذا صحيحاً.

طُوّرت مصفوفة أيزنهاور Eisenhower Matrix بناءً على منطلقات منهجية للرئيس الأميركي الأسبق دوايت أيزنهاور في تحديد الأولويات. تُحدّد المصفوفة، في جوهرها، المهام المهمة، أو العاجلة، أو كليهما، أو لا شيء منهما. ووفقاً لبحث نُشر في المجلة الأميركية للتعليم الصيدلاني American Journal of Pharmaceutical Education، فإننا نتميز بقدرتنا على اتخاذ الإجراءات وتركيز كامل انتباهنا على المهام العاجلة والهامة.

تقبّل التسويف لتحويل المهام من كونها مهمة فقط، إلى مهام مهمة وعاجلة في آنٍ واحد، وبالتالي يترسخ لديك شعور بالضغط الإيجابي لاتخاذ القرارات وتنفيذها وإنجازها.

4. التسويف يُتيح لك الحصول على مُدخلات إضافية. من فوائد التسويف أيضاً فرصة الحصول على معلومات ومُدخلات إضافية. بتخصيص المزيد من الوقت، يُمكنك طلب الأفكار والخبرات من الآخرين. كما يُمكنك إجراء المزيد من البحث بنفسك لضمان حصولك على جميع المعلومات اللازمة قبل الشروع في تنفيذ مشروعك.

على سبيل المثال، قد تحتاج إلى اقتراح أساليب مُناسبة لفريقك لإنجاز المهام بنجاح أكبر. وبتخصيص المزيد من الوقت، يُمكنك قراءة بعض المقالات حول إدارة الوقت أو التعرّف على أفضل الممارسات لإدارة المشروعات. يُمكنك أيضاً مقابلة قائد يُعرف عنه أن فريقه حقق أهدافاً طموحة بانتظام، وسؤاله عمّا يفعله لضمان نجاحه. كل هذا يُمكن أن يُساعدك في تقديم مجموعة أفضل من الاقتراحات لفريقك.

خصص وقتاً للبحث والتعلّم وتوسيع نطاق تفكيرك للمساهمة في جودة نتيجتك النهائية.

5. التسويف يُتيح لك مساحة للإلهام. إذا كان عليك إنجاز مشروع ما ولم تجد الحماس الكافي له، فمن المُفيد أحياناً أن تُغيّر رأيك وتبحث عن الإلهام من أماكن أخرى.

على سبيل المثال، أن تعمل على تأجيل بعض الأمور والذهاب في نزهة أو قضاء بعض الوقت في الطبيعة لأن ذلك يُحسّن طاقتك ويُلهمك أفكاراً جديدة.

وقد وجدت دراسة نُشرت في مجلة علم النفس التجريبي Journal of Experimental Psychology أن التنزه في الهواء الطلق يُساعد الناس على ابتكار ليس فقط عدداً أكبر من الأفكار، بل أيضاً أفكاراً غير متوقعة.

خصص وقتاً للإلهام بأي طريقة تُناسبك. اخرج، استمع إلى الموسيقى، اقضِ وقتاً مع طفل، أو اقضِ وقتاً في شيء آخر تستمتع به، لتُلهمك بالمهمة الكبيرة التي يجب عليك إنجازها.

التسويف الجيد

للتسويف فوائد إيجابية، ولكن هناك أيضاً بعض المحاذير التي يجب الانتباه إليها.

* أولاً، لا يزال عليك إنجاز المهمة، فالتسويف بعد الموعد النهائي أو عدم تحقيق النتائج ليس له فوائد إيجابية. لذا، ماطل قليلاً، ولكن لا تدع الأمر يخرج عن السيطرة.

* ستستفيد أكثر عندما تتقبل أساليبك وأسلوبك الخاص. إذا بالغت في إصدار الأحكام على نفسك، فقد تُضعف فاعليتك، لأن السلبية والضغط الذي تفرضه قد يدفعك إلى تأجيل العمل أكثر. ولكن إذا استطعت تقدير نقاط قوتك في الوقت نفسه الذي تسعى فيه دائماً إلى التحسين، فستجني أعظم الثمار.

* فكّر بواقعية. وجدت دراسة نُشرت في مجلة «علم النفس» أن احتمال إنجاز الناس للأمور بسرعة، يقلّ عندما يفكرون بشكل مُجرّد أو عام فيما يجب عليهم فعله. ولكن عندما يستطيعون التفكير في مهامهم بشكل واقعي وتكون لديهم جوانب محددة بشأن ما يجب عليهم إنجازه، فإنهم يكونون أكثر نجاحاً في تحقيق النتائج.

* من المهم أن تكون متفائلاً قدر الإمكان. ومن المُثير للاهتمام أنه عندما يكون الناس أكثر تفاؤلاً بالمستقبل، يقلّ احتمال تسويفهم ويزداد احتمال إنجازهم للأمور، وفقاً لبحث نُشر في مجلة «التقارير العلمية» Scientific Reports.

* متخصصة في علم الاجتماع، مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

20%

من الناس يعانون من التسويف المزمن


مقالات ذات صلة

8 علامات تشير إلى أن وظيفتك تضر بصحتك العقلية

يوميات الشرق الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)

8 علامات تشير إلى أن وظيفتك تضر بصحتك العقلية

يُعبر كثير من الموظفين عن عدم رضاهم عن ظروف العمل في معظم الأحيان، فهناك دائمًا جوانب في المكتب تُشعرك بالإرهاق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الآثار طويلة المدى للتوتر تُسهم في زيادة القلق واجترار الأفكار واضطرابات النوم (بيكسلز)

«اليوم الخفي»... طريقة تساعدك على إعادة شحن طاقتك وسط الزحام

من الشائع جداً أن تشعر كأنك تُستهلك من اتجاهات مختلفة بفعل الرسائل النصية، ورسائل البريد الإلكتروني، وقوائم المهام، خاصةً خلال موسم الأعياد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عندما تختار الأطعمة التي تؤثر إيجابياً على مزاجك فأنت بذلك تغذي التواصل القوي بين الأمعاء والدماغ (بكسلز)

أنت ما تأكله… كيف تحسن مزاجك من خلال الطعام؟

ربما سمعت المقولة الشهيرة: «أنت ما تأكله».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الـ«إل-ثيانين» يساعد على زيادة مستويات «غابا» و«الدوبامين» في الدماغ (بكسلز)

يخفض القلق ويحسّن النوم والتركيز ويعزز المناعة... تعرف على سحر الـ«إل ثيانين»

يُعد الـ«إل-ثيانين» من أكثر المكملات الطبيعية شيوعاً لدعم الاسترخاء وتحسين النوم وتقليل القلق من دون التسبب في النعاس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق كلب يرتدي أغطية للأرجل للحماية من المطر في نيويورك (أ.ف.ب)

دراسة: امتلاك كلب يعزز الصحة النفسية للمراهقين

كشفت الأبحاث أن وجود كلب في المنزل قد يُعزز الصحة النفسية للمراهقين، ويضيف العلماء أن هذا قد يُعزى جزئياً إلى مشاركة الميكروبات.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.