باحثون أميركيون يحذّرون من توظيف نظم الذكاء الاصطناعي المدنية في المجالات العسكرية

دراسة جديدة تدق ناقوس الخطر بسبب سوء استخدام البيانات الشخصية للأفراد

باحثون أميركيون يحذّرون من توظيف نظم الذكاء الاصطناعي المدنية في المجالات العسكرية
TT

باحثون أميركيون يحذّرون من توظيف نظم الذكاء الاصطناعي المدنية في المجالات العسكرية

باحثون أميركيون يحذّرون من توظيف نظم الذكاء الاصطناعي المدنية في المجالات العسكرية

يرغب عدد متزايد من شركات الذكاء الاصطناعي بوادي السيليكون في ممارسة الأعمال التجارية مع الجيش، مدعين أن الوقت والجهد اللذين بذلوهما في تدريب الشبكات العصبية الكبيرة على كميات هائلة من البيانات، يمكن أن يوفّرا للجيش قدرات جديدة.

ثنائية الاستخدام تهدّد حياة الأبرياء

إلا أن دراسة صدرت الثلاثاء من مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي البارزين تزعم أن أدوات الذكاء الاصطناعي ثنائية الاستخدام من شأنها أن تزيد من احتمالات أن يصبح المدنيون الأبرياء أهدافاً بسبب البيانات السيئة – كما أن هذه الأدوات يمكن أن يستغلها الخصوم بسهولة: كما كتب باتريك تاكر(*).

وفي الدراسة التي نشرها معهد «إيه آي ناو» AI Now، يشير مؤلفوها :هايدي خلف وسارة مايرز ويست وميريديث ويتاكر، إلى الاهتمام المتزايد بنماذج الذكاء الاصطناعي التجارية - التي تسمى أحياناً نماذج الأساس - للأغراض العسكرية، وخصوصاً للاستخبارات والمراقبة ورصد الأهداف والاستطلاع.

مخاطر لا يمكن تقديرها

ويقول الباحثون إنه في حين تهيمن المخاوف بشأن إمكانات الذكاء الاصطناعي في الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية على المحادثة، فإن نماذج الأساس التجارية الكبيرة تشكّل بالفعل مخاطر «لا يمكن تقديرها» على المدنيين.

إن بعض الشركات التي تقترح نظم الذكاء الاصطناعي القائم على نموذج الأساس للجيش «تقترح نماذج تجارية تم تدريبها مسبقاً على مجموعة من البيانات التجارية... إنها ليست نماذج تجارية حصرية للجيش تم تدريبها بشكل بحت على البيانات العسكرية»، كما قالت خلف لمجلة «ديفنس وان».

تكمن المشكلة في كيفية تدريب نماذج الأساس هذه: على كميات كبيرة من البيانات المتاحة للجمهور، وغالباً ما تتضمن البيانات الشخصية التي شقت طريقها إلى الويب عبر وسطاء البيانات أو مواقع الويب والخدمات العادية.

أما ويتاكر، التي تشغل حالياً منصب رئيس مؤسسة Signal Foundation، فقالت إن «البيانات هي القضية الأساسية هنا. إنها تسبب قدراً هائلاً من المخاوف والثغرات الأمنية، ولا يتم وضعها في الحسبان عندما نتحدث عن أشياء مثل إمكانية التتبع على نطاق واسع».

أنماط واستقراءات غير مضبوطة

لا تستخدم هذه الشبكات العصبية المنطق كما يفعل الإنسان. وقد أظهرت أبحاث أخرى أنها تقوم بشكل أساسي بمطابقة الأنماط على نطاق واسع، وإيجاد مجموعات من الكلمات لإنشاء استقراءات سليمة إحصائياً لما قد يأتي بعد ذلك، أو أخذ نقاط البيانات لملايين الأفراد ورسم روابط الارتباط بين تلك النقاط (على عكس الروابط السببية).

وتعمل نماذج الأساس بشكل جيد في السيناريوهات، حيث تكون تكلفة النتائج الإيجابية الكاذبة false positives، منخفضة، مثل محاولة التوصل إلى نقاط مثيرة للاهتمام لورقة بحثية أو قائمة بالأشخاص لتسويق منتج لهم.

لكن، وعند تطبيقها على السياقات العسكرية - على وجه التحديد مهمة مراقبة السكان بحثاً عن أهداف محتملة - يمكن أن تكون تكلفة النتائج الإيجابية الكاذبة، حياة بريئة.

جيش إسرائيل والذكاء الاصطناعي

بعض الجيوش، مثل جيش إسرائيل، يستخدم بالفعل من خلال برامجه Where's Daddy وLavender، نماذج الأساس التي تستخلص الأنماط لتجميع قوائم الأهداف. ويقول واضعو الدراسة إن هذا يساهم في تطبيع هذه الأدوات للاستهداف في الحرب. ووجد تقرير من المصدر الإعلامي +972 ومقرّه إسرائيل أن معدل الخطأ في Lavender وحده كان قريباً من 10 في المائة.

في حديثها عن استخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي في عملياتها في غزة (وخارجها)، قالت خلف: «نحن نرى... بيانات تُسحب من تطبيق (واتساب)، بيانات وصفية، أليس كذلك؟ نحن نرى بيانات تُسحب من (صور غوغل) ومصادر أخرى، بالطبع، والتي لا نعرف عنها شيئاً ولم نعطها حقاً. لذا؛ فإن البيانات غير دقيقة و(النماذج) تحاول نوعاً ما العثور على أنماط قد لا تكون موجودة، مثل أن تكون في مجموعة (واتساب) مع... عضو في (حماس)... وهذا لا ينبغي أن يؤهلك لعقوبة (الإعدام). لكن في هذه الحالة، هذا ما نلاحظه (يحدث)».

مراقبة مجموعات سكانية

وقالت ويتاكر إن هذه الأدوات الإسرائيلية تعمل على أساس «مراقبة مجموعة سكانية معينة، أليس كذلك؟ أحد الأسباب التي تجعل أوكرانيا غير قادرة على تنفيذ أنظمة بخصائص (لافندر) و(أين دادي) هو أنها لا تمتلك بيانات مراقبة دقيقة للغاية على مستوى السكان، أي على سبيل المثال، كل سكان روسيا. لذا؛ يتجسد هنا دور المعلومات الشخصية في إعلام الأنظمة التي تستخدم نماذج البيانات هذه».

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

وهذه المشكلة هي أحد الأسباب التي تجعل وزارة الدفاع تؤكد على «إمكانية تتبع البيانات» في مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

وكما ذكرت مجلة «ديفينس ون» سابقاً، فإن قائمة مبادئ الذكاء الاصطناعي لوزارة الدفاع أكثر تفصيلاً وتحديداً من المبادئ التوجيهية الأخلاقية المماثلة للذكاء الاصطناعي من شركات وادي السليكون. لكنها أيضاً إطار تطوعي، وقد أعطت وزارة الدفاع نفسها حلولاً بديلة.

يزعم مؤلفو الدراسة أن الإطار الأخلاقي الذي تبناه المرء بنفسه لا يحمي المدنيين من نماذج الذكاء الاصطناعي التجارية التي يتم تدريبها على البيانات الشخصية، خصوصاً عندما تبدو الحكومة على استعداد لمنح استثناءات لأدوات الذكاء الاصطناعي التجارية.

وقالت ويست: «لقد رأينا هذا الميل، كما تعلمون، حتى مثل تقديم برنامج RAMP السريع التابع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي من أجل تعزيز التبني السريع لحالات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وإنشاء هذه الاستثناءات، وهذا هو السبب في أن هذه الأطر الطوعية والمبادئ من الدرجة الأعلى غير كافية، وخصوصاً عندما نتعامل مع استخدامات تشكل مخاطر حياة أو موت، وحيث تكون العواقب على المدنيين كبيرة جداً».

حتى كبير مسؤولي المعلومات في البحرية الأميركية، جين راثبون، كان قد قال إن نماذج الأساس التجارية «غير موصى بها لحالات الاستخدام التشغيلية» لنظم الذكاء الاصطناعي.

التلاعب بالبيانات والهجمات المسمومة

كما يزعم واضعو الدراسة أن اعتماد هذه النماذج من قِبل وزارة الدفاع من شأنه أيضاً أن يُدخل نقاط ضعف في العمليات، حيث يمكن التلاعب بالبيانات المتاحة للجمهور أو التلاعب بها من قبل الخصوم.

«إن الاستخدام الشامل وغير المقيد لمجموعات البيانات على نطاق الويب لتدريب نماذج الأساس التجارية أدى إلى استغلال واستخدام الكثير من السبل التي تسمح للجهات الفاعلة المعادية بتنفيذ هجمات التسميم (التي تضمن ظهور نماذج خبيثة في مجموعات البيانات على نطاق الويب)»، كما يشير البحث.

وهذا يوسع من تداعيات نتائج البحث إلى ما هو أبعد من مسألة الأدوات التي قد تتبناها وزارة الدفاع أو لا تتبناها. في عصر أصبحت فيه مثل هذه الأدوات شائعة بشكل متزايد، أصبحت البيانات الشخصية للمدنيين الأميركيين نقطة ضعف استراتيجية وطنية.

وقال المؤلفون إن الأوامر التنفيذية للبيت الأبيض في عهد بايدن بشأن جمع البيانات الوصفية بالجملة والذكاء الاصطناعي الآمن لا تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك لإبعاد بيانات الأميركيين عن أيدي الخصوم المسلحين بنماذج مماثلة.

ومع ذلك، قالت ويتاكر إن توسيع نطاق قوانين الخصوصية الأميركية لتغطية البيانات الشخصية بشكل أكثر فاعلية «قد يكون مفيداً للغاية في الحد من الوصول المعادي إلى نوع البيانات الشخصية التي، أولاً، تُستخدم لتدريب (نماذج اللغة الكبيرة) وثانياً، يمكن استخراجها من خلال أنواع الهجمات، التي لا توجد لها علاجات حالية».

* مجلة «ديفنس وان» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

الهيئة العامة للعقار تطلق «مركز بروبتك السعودية» لتعزيز التحول الرقمي

الاقتصاد جانب من «القمة العالمية للبروبتك» في الرياض (الهيئة العامة للعقار)

الهيئة العامة للعقار تطلق «مركز بروبتك السعودية» لتعزيز التحول الرقمي

يُتوقع أن يكون «مركز بروبتك السعودية» الذي أطلقته الهيئة العامة للعقار، قناة أساسية للابتكار في التقنيات العقارية ومحركاً رئيسياً يدفع عجلة الابتكار.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم يتحدث خلال مشاركته على هامش أعمال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن (وزارة الاقتصاد)

وزير الاقتصاد السعودي: «رؤية 2030» تقود تحولاً جذرياً يعيد تعريف منهجيات الصحة والتعليم

قال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم إن «رؤية 2030» تقود تحولاً جذرياً يعيد تعريف المنهجيات المتعلقة بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص شارك في القمة مئات الخبراء والباحثين في مجال الأمن السيبراني من حول العالم (الشرق الأوسط)

خاص قمة «محللي الأمن» في إندونيسيا تناقش أخطر التهديدات السيبرانية في الشرق الأوسط

هجمات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء مواقع وهمية لزيادة المصداقية وأخرى تستغل ثغرات في رقائق الأجهزة الإلكترونية.

نسيم رمضان (بالي (إندونيسيا))
تكنولوجيا السيدة اتهمت روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار (رويترز)

سيدة تتهم روبوت دردشة بدفع ابنها إلى الانتحار

اتهمت سيدة أميركية روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار بعد أن أصبح «مهووساً به».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

أول قمر اصطناعي في العالم بنظام ذكاء اصطناعي «ممتد»

أول قمر اصطناعي في العالم بنظام ذكاء اصطناعي «ممتد»
TT

أول قمر اصطناعي في العالم بنظام ذكاء اصطناعي «ممتد»

أول قمر اصطناعي في العالم بنظام ذكاء اصطناعي «ممتد»

في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، أطلقت جامعة هونغ كونغ الصينية قمراً اصطناعياً لرصد الأرض مزوداً بنظم ذكاء اصطناعي ممتد على نطاق واسع، يُدعى «قمر هونغ كونغ للابتكار العلمي والتكنولوجي للشباب (香港青年科創號) «Hong Kong Youth Science and Technology Innovation Satellite» ، كما كتب ساني تشيونغ(*)، بدعم من شركة «إيه دي إيه سبَيْس» ADA Space، المرتبطة بالحكومة المركزية الصينية واستراتيجيتها للاندماج العسكري المدني.

قمر اصطناعي متطور

يظهر هذا القمر الاصطناعي المتطور - الذي وصفته جامعة هونغ كونغ بأنه «أول قمر اصطناعي علمي بنموذج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في العالم» - الدور المتزايد لطموحات الصين الفضائية ويسلّط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لهونغ كونغ في التطوير التكنولوجي.

مراقبة بيئية وربما عسكرية

ويُزعم أن القمر الاصطناعي يركز على مراقبة البيانات البيئية والجغرافية، خصوصاً في هونغ كونغ ومنطقة خليج هونغ كونغ الكبرى. ومع ذلك، تشير قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة أيضاً إلى إمكاناتها للتطبيقات ذات الاستخدام المزدوج، حيث إنها توفر أدوات للاستطلاع العسكري، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات المدنية.

يمثل هذا الإطلاق خطوة حاسمة في استراتيجية الصين الأوسع لدمج الذكاء الاصطناعي مع تكنولوجيا الفضاء. وبينما يراقب العالم نفوذ الصين المتزايد في الفضاء، فإن تطوير مثل هذه الأقمار الاصطناعية ونشرها يستلزمان المراقبة الدقيقة لفهم نطاقها الكامل من القدرات والنوايا.

علامة فارقة في تطوير الفضاء

ما الذي يجعل هذا القمر الاصطناعي فريداً؟ يمثل قمر هونغ كونغ للشباب للابتكار العلمي والتكنولوجي تعاوناً مهماً بين الأوساط الأكاديمية والصناعة الصينية. إذ إنه أول قمر اصطناعي يتم تصميمه وتطويره ونشره مباشرة من قِبل جامعة هونغ كونغ؛ مما يُظهر خبرة الجامعة في تقنيات الفضاء المتقدمة.

يعتمد المشروع على قدرات وبنية تحتية لمعهد علوم الفضاء والأرض التابع للجامعة الذي تأسس في عام 2005. ويعمل هذا المعهد بصفته قاعدة هونغ كونغ لمركز الاستشعار عن بعد الوطني الصيني، والذي نشأ عن المختبر المشترك لعلوم المعلومات الجغرافية، وهو في حد ذاته تعاون بين الأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة هونغ كونغ.

تصميم متميز

* الأول من نوعه. يعدّ قمر هونغ كونغ للابتكار العلمي والتكنولوجي للشباب أول قمر اصطناعي علمي في العالم يعتمد على قدرات الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق، ويتميز بالكثير من التطورات التكنولوجية التي تعِد بإحداث ثورة في مراقبة الأرض.

* كاميرا استشعار دقيقة. تتمثل إحدى ميزاته الرئيسية في كاميرا الاستشعار عن بعد البصرية عالية الدقة التي تبلغ مساحتها أقل من متر؛ ما يتيح للقمر الاصطناعي التقاط صور عالية الدقة في نطاق متر واحد من الدقة. تضمن هذه القدرة المراقبة التفصيلية للأرض والميزات البيئية، وهو أمر بالغ الأهمية لمراقبة المناطق الحضرية والنظم البيئية والموارد الطبيعية.

* معالجة البيانات فوراً بشكل مستقل. بالإضافة إلى ذلك، تم تجهيز القمر الاصطناعي لمعالجة البيانات الذكية في المدار. على عكس النماذج التقليدية التي تعتمد على التحليل الأرضي، يشتمل هذا القمر الاصطناعي على نماذج ذكاء اصطناعي واسعة النطاق ويمكنه معالجة البيانات في الوقت الفعلي؛ مما يتيح الحصول على رؤى أسرع وأكثر دقة. وهذا مفيد بشكل خاص أثناء الكوارث الطبيعية أو التغيرات البيئية المفاجئة، حيث يمكن للمعلومات في الوقت المناسب أن تساعد بشكل كبير في جهود الاستجابة.

يمثل نشر نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة مباشرة على القمر الاصطناعي قفزة تكنولوجية؛ ما يسمح له بتفسير البيانات بشكل مستقل، واكتشاف الأنماط، وتوليد الرؤى دون نقل البيانات الخام إلى الأرض.

قمر اصطناعي يتجاوز النموذج التقليدي

من خلال تضمين الذكاء الاصطناعي، سيتجاوز القمر الاصطناعي وظيفة القمر الاصطناعي الفردي التقليدية ويصبح جزءاً من نظام بيئي أكبر. تقود «إيه دي إيه سبَيْس» تطوير شبكة مكونة من 180 قمراً اصطناعياً لتعزيز قدرات الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية العالمية ومعالجة البيانات.

وسيعزز هذا المشروع، قدرة الشركة على تقديم خدمات «الذكاء الاصطناعي الفضائي» المتقدمة، ووضع مدينة هونغ كونغ مركزاً عالمياً لاتصالات الأقمار الاصطناعية.

شبكة اتصالات إنترنت الأشياء

ومن خلال بناء شبكة سلسة للاتصال بإنترنت الأشياء عبر الأقمار الاصطناعية، تهدف الشركة إلى تقديم خدمات نقل بيانات فعالة وموثوقة وتحليل البيانات الضخمة، مع تطبيقات تتراوح بين إنترنت الأشياء الاصطناعي وإدارة الطوارئ.

إن نشر هذا القمر الاصطناعي لمراقبة الأرض باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي واسع النطاق يفتح مجموعة واسعة من الاحتمالات عبر مختلف القطاعات؛ ما يعزز الإنتاجية ويمكّن من إيجاد حلول مبتكرة. إن قدرات معالجة البايانات في الوقت الفعلي تشكل عامل تغيير كبيراً في الاستجابة للكوارث، حيث توفر معلومات فورية أثناء الأحداث مثل الفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات؛ ما يسمح بتعبئة الموارد بشكل أسرع.

بالنسبة إلى مخططي المدن، فإن الوصول إلى البيانات عالية الدقة في الوقت الفعلي من شأنه أن يسهل التخطيط الأفضل للبنية التحتية وإدارة المرور والمراقبة البيئية؛ مما يدعم تطوير المدن الذكية. بالإضافة إلى ذلك، ستفيد بيانات القمر الاصطناعي النمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.

شركة في طليعة الذكاء الاصطناعي

إن نجاح مشروع القمر الاصطناعي الرائد هذا هو شهادة على خبرة شركة 國星宇航 (Guoxing Yuhang)، المعروفة دولياً باسم «إيه دي إيه سبَيْس» ADA Space التي تأسست عام 2018. ومنذ إنشائها، كانت الشركة في طليعة الذكاء الاصطناعي الفضائي. وقد أكسبتها إنجازاتها الاعتراف بها بصفتها مؤسسةً «عملاقة صغيرة» على المستوى الوطني، حيث اشتهرت بتخصصها وإبداعها ودورها في تطوير قطاع تكنولوجيا الفضاء في الصين.

وكانت مشاركة الشركة في تطوير مركبة استكشاف القمر الصينية أكدت بشكل أكبر براعتها التقنية. وفي عام 2023، دخلت الشركة في شراكة مع المركز الوطني لبحوث تطوير أمن المعلومات الصناعية لإنشاء مختبر استشعار إنترنت الأشياء في الفضاء؛ ما يعزز سلامة وموثوقية شبكات الأقمار الاصطناعية.

وشاركت مع مركز أبحاث تكنولوجيا صناعة الأقمار الاصطناعية التابع لجامعة العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية في الصين لتصميم عدد من الأقمار الاصطناعية المتطورة مثل قمر TFSTAR الذي أصبح أول قمر اصطناعي تجاري في العالم بهندسة «ثنائية النواة»، ويضم منصة ذكاء اصطناعي من الجيل الثاني. وقد تردد أنه يتمتع بقوة معالجة صور لا مثيل لها، تتجاوز قوة الأقمار الاصطناعية المماثلة بأكثر من 1000 مرة؛ ما يسلط الضوء على براعة الشركة في دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية في تكنولوجيا الفضاء المدمجة.

مشاركة في معرض دفاعي بالسعودية

وحديثاً في عام 2024، قدمت ADA Space ابتكاراتها في معرض دفاعي كبير بالمملكة العربية السعودية لعرض قمرها الاصطناعي للذكاء الاصطناعي إلى جانب تقنية التوأم الرقمي ثلاثي الأبعاد المتقدمة للأقمار الاصطناعية. كما عرضت أول قمر اصطناعي في العالم بتقنية «بلوكتشين» مرئي في المدار «نيو سبيس 16» في المعرض.

الاستخدام المزدوج: التطبيقات المدنية والعسكرية

يسلط دمج الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الأقمار الاصطناعية الضوء أيضاً على إمكانات الاستخدام المزدوج لمثل هذه الأنظمة. في حين تم بناء قمر هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا والابتكار للشباب لتطبيقات مدنية وعلمية، فإن قدراته يمكن أن تمتد بسهولة إلى الاستخدامات المتعلقة بالدفاع. تاريخياً، استخدمت الصين تقنيات الأقمار الاصطناعية التجارية لأغراض مزدوجة، وعدَّلتها للمراقبة العسكرية والاستطلاع والتخطيط الاستراتيجي.

في عام 2022، طور الباحثون العسكريون الصينيون نظام ذكاء اصطناعي يحوّل الأقمار الاصطناعية التجارية منخفضة التكلفة منصات مراقبة قوية، قادرة على تتبع الأشياء الصغيرة مثل السيارة بدقة ملحوظة. وحققت هذه التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي معدل دقة بنسبة 95 في المائة في تحديد الأهداف المتحركة، متجاوزة الأنظمة السابقة بكثير.

تُظهر مثل هذه التطورات إمكانات الأقمار الاصطناعية المتكاملة مع الذكاء الاصطناعي لدعم العمليات الاستخباراتية والعسكرية، حتى لو تم إنشاؤها في البداية لأغراض بيئية وتجارية.

ويجسّد قمر الذكاء الاصطناعي الجديد التابع لجامعة هونغ كونغ اعتبارات الاستخدام المزدوج المماثلة، حيث يسمح تصميمه المرن بمجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك الأمن والدفاع.

* «ذا دبلومات» - خدمات «تريبيون ميديا»