الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية
TT

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

لطالما التزمت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الصمت بشأن كوكبة أقمار التجسس الأميركية التي تراقب منذ عام 2014 السفن الفضائية الأجنبية الدائرة في مدارات متزامنة مع الأرض. لكن هذا لم يمنع الأقمار الاصطناعية الصينية من التهرب منها، كما كتب مايك غروس*.

وكان المسؤولون الأميركيون رفعوا السرية عن برنامج «رصد الموضع الفضائي المتزامن مع الأرض» Geosynchronous Space Situational Awareness Program قبل عقد من الزمان، إلا أنهم نادراً ما ناقشوا أقمار «GSSAP» الأميركية الستة العاملة، ولا بياناتها المخصصة للحد من الاصطدامات.

الآن، يستكشف بحثٌ جديدٌ من «معهد دراسات الفضاء الجوي الصيني»، التابع لسلاح الجو الأميركي، ما يعرفه الصينيون عن البرنامج، وما يفعلونه حيال ذلك.

مناورات اقتراب لرصد الأقمار الأجنبية

وقالت كريستين بيرك، الباحثة الرئيسية في المعهد في مجال الفضاء والفضاء المضاد، في البحث الجديد إن «مهمة (جي إس إس إيه بي)، والعناصر المدارية في موقعها الحالي ليست سرية؛ لكن الحكومة الأميركية والخبراء الغربيين لا يتحدثون عنها كثيراً... وبالتالي، فإن الصينيين وغيرهم يملأون الفراغ».

وقال قادة الفضاء العسكريون الأميركيون إن أقمار «جي إس إس إيه بي» تقوم بمناورات الالتقاء والقرب؛ للسماح بإلقاء نظرة عن قرب على المركبات الفضائية في مدارات متزامنة مع الأرض، على ارتفاع نحو 36 ألف كيلومتر فوق سطح الأرض. ووصفوا المهمة بأنها نوع مشابه لعملية «مراقبة الحيّ السكني».

الصينيون يكتشفون عمليات الترصد

وفي ورقة بحثية في السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي بعنوان «الصين تستطيع تعقب جي إس إس إيه بي»، قالت بيرك إنه في حين قد لا يرغب المسؤولون الأميركيون في مناقشة «جي إس إس إيه بي»، فإن علماء الفلك الصينيين يقومون بتحليل البيانات بعناية حول المكان الذي تُحلّق فيه، ويجمعون ملفاً عن أنماط أقمار «جي إس إس إيه بي». وهذا يعني أنهم يعرفون أين يبحثون وماذا يتوقعون من القمر الاصطناعي (الأميركي).

مراوغة فضائية صينية

كما يعني هذا، كما كتبت، أن الصين تعمل على الأرجح على طرق «لاكتشاف (القمر الاصطناعي الصيني) وإصدار الأوامر له بالمناورة بشكل مستقل عندما تلاحظ أجهزة استشعاره أي شيء مشابه لأساليب (جي إس إس إيه التاريخية)». أي بعبارة أخرى، الاندفاع بعيداً قبل أن تلقي أقمار الولايات المتحدة نظرة فاحصة عليه.

ومن جهته قال بريندان مولفاني، مدير معهد دراسات الفضاء الصيني: «لقد رأينا أقماراً اصطناعية صينية تناور وتثبت بوضوح شديد أنها تعرف ما هو (جي إس إس إيه بي)، وماذا يفعل، وتُغيّر مساراتها المدارية، إما لوضعها في وضع يسمح بمراقبتها (أي الأقمار الاصطناعية الأميركية)، أو لجعل من الصعب علينا مراقبة (القمر الاصطناعي الصيني)».

تدريبات لخوض حرب مدارية

وأضافت: «إن الصين تعمل هناك على تطوير التقنيات والتكتيكات والإجراءات اللازمة لخوض حرب مدارية. إنهم يتدربون». كل هذا يخلق لعبة القط والفأر. وتشير بيرك في الورقة البحثية إلى حالة وقعت في فبراير (شباط) 2022 عندما توقّع قمران اصطناعيان صينيان اقتراب القمر الاصطناعي الثالث الأميركي من كوكبة «جي إس إس إيه». ونتيجة لذلك، أعاد أحد الأقمار الاصطناعية الصينية تموضعه. ومن المحتمل أنه التقط صورة للقمر الاصطناعي الأميركي في ظروف إضاءة أكثر ملاءمة.

قائمة الرصد الأميركية لدى الصينيين

بالإضافة إلى ذلك، كتبت بيرك أنه باستخدام البيانات من «الشبكة البصرية العلمية الدولية (International Scientific Optical Network)»، حددت المنظمات البحثية المرتبطة بالأكاديمية الصينية للعلوم، والأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء، الأقمار الاصطناعية التي كان برنامج «جي إس إس إيه بي» يستكشفها. وتضمنت القائمة اقتراباً في عام 2017 للقمر الاصطناعي الروسي «لوتش (Luch)»، الذي أُصيب الخبراء التجاريون والحكوميون بالإحباط باقترابه الوثيق.

كما تقدم بيرك، التي تتحدث وتقرأ لغة الماندرين، مزيداً من التفاصيل حول تحركات برنامج «جي إس إس إيه بي» في الورقة البحثية. وعلى سبيل المثال، أوضحت أن تقريراً عسكرياً صينياً في عام 2021 أظهر أنه قبل عام تحرك القمر الاصطناعي «GSSAP-2» على بعد 8.71 كيلومتر من قمر اصطناعي آخر.

وكانت دراسة أجراها «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، وجدت أن المسافة المتوسطة بين الأقمار الاصطناعية في مدار متزامن مع الأرض هي 207 كيلومترات. وقال مولفاني: «لا يوجد سبب كبير للاقتراب إلى هذا الحد، بخلاف إظهار أن قمراً ما يقول لآخر: (بمقدوري الاقتراب إلى هذا الحد، وإنك لن تفعل أي شيء حيال ذلك)».

* مجلة «ديفينس وان» - خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

ألوان الشفق القطبي الساحرة تُضيء سماء بريطانيا

يوميات الشرق لوحة مبهرة (رويترز)

ألوان الشفق القطبي الساحرة تُضيء سماء بريطانيا

أنارت أضواء ساحرة السماء بألوان وردية ساطعة، ليلة الخميس، فالتُقطت صور لتلك الظاهرة الطبيعية الباهرة، التي تُعرف باسم «أورورا» (الشفق القطبي)، في أنحاء إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع رئيس المجلس الأعلى للفضاء يشهد توقيع اتفاقية بين وكالة الإمارات للفضاء وشركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة (وام)

الإمارات تعتزم إرسال مستكشف إلى حزام الكويكبات

أعلن في الإمارات عن توقيع اتفاقية بين وكالة الإمارات للفضاء وشركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة، لتوفير خدمات الإطلاق باستخدام الصاروخ الحامل «إتش 3» عام 2028.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
تكنولوجيا المسبار «هيرا» ينطلق لدرس كويكب حرفت «ناسا» مساره

المسبار «هيرا» ينطلق لدرس كويكب حرفت «ناسا» مساره

انطلق المسبار «هيرا» لدراسة الكويكب «ديمورفوس» الذي صدمته مركبة فضائية تابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) قبل عامين لحرفه عن مساره خلال اختبار غير مسبوق.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
علوم «القزم الأبيض»... أول كوكب صخري يجري رصده وهو يدور حول نجم يشرف على نهايته (رويترز)

هلاك محقق للبشرية... كوكب صخري يرسم صورة للمستقبل البعيد للحياة على الأرض

يقدم أول كوكب صخري يجري رصده وهو يدور حول نجم يشرف على نهايته، ويسمى قزماً أبيض، لمحة عما قد يكون عليه كوكب الأرض بعد مليارات السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

أعلن فريق من العلماء الصينيين عن تحليل ودراسة عينات قمرية جُمعت بواسطة مهمة «تشانغ إيه - 6»، وهي أول عينات تُحلَّل من الجانب البعيد للقمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فيروسات تنفسية تختبئ في الخلايا المناعية للرئتين

فيروسات تنفسية تختبئ في الخلايا المناعية للرئتين
TT

فيروسات تنفسية تختبئ في الخلايا المناعية للرئتين

فيروسات تنفسية تختبئ في الخلايا المناعية للرئتين

تشير دراسة، أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة واشنطن، إلى أن الفيروسات التنفسية، مثل «الفيروس المخلوي التنفسي»، قد تختبئ في الخلايا المناعية بالرئتين لمدة طويلة بعد زوال الأعراض الأولية للعدوى.

بقايا الفيروسات تخلق بيئة التهابية

تأتي أهمية هذا الاكتشاف من أنه يشير إلى أن الفيروسات المستمرة في الخلايا المناعية يمكن أن تخلق بيئة التهابية مزمنة، مما يعزز تطور أمراض الرئة، مثل الربو، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، وهو مرض مزمن يتسم بانسداد الشعب الهوائية، وقلة تدفق الهواء بشكل مزمن، وقصور في وظائف الرئة لا رجعة فيه.

وتشير النتائج، التي نشرت بمجلة «Nature Microbiology» في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، إلى نهج جديد محتمل للوقاية من الربو و«مرض الانسداد الرئوي المزمن chronic obstructive pulmonary disease (COPD)»، وأمراض الرئة المزمنة الأخرى، عبر القضاء على الفيروسات التنفسية المستمرة التي تغذي هذه الحالات.

رصد البقايا قبل إخراج الأطفال من المستشفى

وقالت المؤلفة الرئيسية، كارولينا لوبيز، أستاذة علم الأحياء الدقيقة الجزيئية في كلية الطب بجامعة واشنطن: «في الوقت الحالي يرسَل الأطفال الذين أُدخلوا إلى المستشفى بسبب عدوى تنفسية بـ(الفيروس المخلوي التنفسي respiratory syncytial virus - RSV) إلى منازلهم بمجرد اختفاء أعراضهم. ولتقليل خطر إصابة هؤلاء الأطفال بالربو، فربما نتمكن في المستقبل من التحقق مما إذا كان الفيروس قد اختفى بالفعل من الرئة، والقضاء على جميع الفيروسات المتبقية، قبل إرسالهم إلى المنزل».

ويتعايش نحو 27 مليون شخص في الولايات المتحدة مع حالات الربو، فكثير من العوامل يؤثر على احتمالية إصابة الشخص بمرض الجهاز التنفسي المزمن، بما في ذلك العيش في حي ذي جودة هواء رديئة، والتعرض لدخان السجائر، والدخول إلى المستشفى بسبب الالتهاب الرئوي الفيروسي، أو التهاب الشعب الهوائية في أثناء الصغر.

الفيروسات المختبئة تسبب الربو لاحقاً

وقد اشتبه بعض الباحثين في أن الصلة بين عدوى الرئة الخطرة وتشخيص الربو اللاحق كانت بسبب الفيروس نفسه المتبقي في الرئتين، الذي يسبب تلفاً مستمراً. ولكن لم يُثبَت وجود صلة مباشرة بين الوجود المستمر للفيروس وأمراض الرئة المزمنة من قبل.

وقد طورت لوبيز والمؤلف الآخر للدراسة، إيتالو أراوغو كاسترو، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في مختبرها، نظاماً فريداً من نوعه يتضمن فيروس فأر طبيعياً يُعرف باسم «فيروس سينداي (Sendai virus)». ويرتبط «سينداي» بـ«فيروس نظير الإنفلونزا البشري (human parainfluenza virus)»، وهو فيروس تنفسي شائع مثل «الفيروس المخلوي التنفسي» يرتبط بالربو لدى الأطفال.

ويتصرف «سينداي» في الفئران بالطريقة نفسها التي يتصرف بها «فيروس نظير الإنفلونزا البشري» في البشر، مما يجعله نموذجاً ممتازاً لأنواع العدوى التي يمكن أن تؤدي إلى أمراض الرئة المزمنة.

الأهمية الطبية للاكتشاف

لطالما عرف الأطباء أن الأطفال الذين يصابون بعدوى شديدة بفيروسات الجهاز التنفسي يكونون أكثر عرضة للإصابة بالربو لاحقاً. ومع ذلك، لم يكن السبب وراء هذا الرابط واضحاً، لكن هذه الدراسة تقدم حلاً لهذا اللغز عبر إظهار أن الفيروسات المستمرة في الخلايا المناعية تساهم في إحداث التهاب مزمن يؤدي إلى تلف في الرئتين يمكن أن يتطور إلى أمراض رئة مزمنة.

الاختباء داخل الخلايا المناعية

تستمر الفيروسات التنفسية في الاختباء داخل الخلايا المناعية، وليس في الخلايا الظهارية (التي تبطن الجهاز التنفسي) كما كان يُعتقد سابقاً. وهذه الخلايا المناعية المصابة تصبح أكثر التهابية، مما يؤدي إلى إحداث التهاب مزمن في الرئتين.

ومع مرور الوقت، يؤدي هذا الالتهاب إلى تغييرات في أنسجة الرئة، مثل التهاب الأوعية الدموية والحويصلات الهوائية، وظهور أنسجة مناعية زائدة؛ مما يتسبب في تلف طويل الأمد، على الرغم من أن الشخص قد يبدو ظاهرياً متعافياً.

تطبيقات علاجية ووقائية

تشير الدراسة الجديدة إلى أنه إذا تمكن الأطباء من استهداف هذه الخلايا المناعية المصابة والقضاء عليها، فقد يكون من الممكن منع أو تقليل تطور أمراض الرئة المزمنة مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.

كما تفتح هذه النتائج الباب أمام نهج جديد في الوقاية من الربو لدى الأطفال المعرضين للخطر بعد الإصابة بعدوى فيروسية تنفسية شديدة؛ إذ يمكن أن تشمل الاستراتيجيات المستقبلية فحص المرضى، خصوصاً الأطفال، بعد زوال الأعراض للتأكد من القضاء على الفيروس تماماً قبل خروجهم من المستشفى.

وقد يغير اكتشاف أن الفيروسات يمكن أن تستمر في الخلايا المناعية وتؤدي إلى التهاب مزمن، الطريقة التي يجري التعامل بها مع المرضى الذين يعانون من عدوى تنفسية شديدة؛ مما يعزز الجهود لتقليل المخاطر طويلة الأمد المتعلقة بأمراض الرئة.

وأضافت لوبيز: «قد يصاب كل طفل تقريباً بهذه الفيروسات قبل سن الثالثة، وربما يصاب 5 في المائة بمرض خطر بما يكفي لدرجة أنه قد يصاب بعدوى مستمرة، لكننا في المقام الأول لن نتمكن من منع إصابة الأطفال، ولكن إذا فهمنا كيف تستمر هذه الفيروسات والتأثيرات التي يخلفها استمرارها على الرئتين، فقد نتمكن من تقليل حدوث مشكلات خطرة طويلة الأمد».