فيلم جديد رائع باستخدام برنامج «سورا»

الذكاء الاصطناعي يحافظ على التراث

فيلم جديد رائع باستخدام برنامج «سورا»
TT

فيلم جديد رائع باستخدام برنامج «سورا»

فيلم جديد رائع باستخدام برنامج «سورا»

بين الضجيج والرعب اللذين يحيطان بالذكاء الاصطناعي، يعمل مانويل سينسيلي وويل سيلفيز على دفع الإمكانات الأخلاقية والتقنية والفنية الواعدة لهذه التكنولوجيا إلى الأمام

فيلم «بروتوبيكا»

كتبت دوري تونستال (*) تقول: في فيلم قصير جديد مدته دقيقة و34 ثانية بعنوان «بروتوبيكا» Protopica، يستخدم سينسيلي وسيلفيز برنامج «سورا» Sora من شركة «أوبن إيه آي» OpenAI لإظهار كيف يمكن للذكاء الاصطناعي دعم التراث الثقافي بدلاً من تسريع عمليات الاستيلاء الثقافي، أي سرقة الثقافات وتسويقها من قِبل الآخرين.

(البروتوبيكا – الفضاء الذي يمكن فيه للأفراد التعمق في إمكانات المستقبلي واستكشاف الماضي المنسيّ - المحرر).

التراث والثقافة

وكانت الشركة دعت سينسيلي وسيلفيز ليكونا من الفنانين الثمانية الذين، وفقاً لموقع «أوبن إيه آي» الإلكتروني، «سيطورون النموذج ليكون أكثر إفادة للمحترفين المبدعين». واستخدم سينسيلي، وهو محامٍ في شركة Unity Technologies، وسيلفيز، وهو مصمم متعدد التخصصات لتكنولوجيا الوسائط الجديدة من خلال شركته Rendrd، معرفتهما المبكرة بـ«سورا» للحفاظ على لغة وثقافة جزر غوادلوب، وهي مقاطعة فرنسية في جنوب البحر الكاريبي.

قصة الفيلم «الذكي»

تبدأ قصة Protopica بصورة لامرأة عجوز ذات بشرة بنية داكنة دافئة مرتدية غطاء رأس أرجوانياً وأقراطاً ذهبية وثوباً أزرق. وهي مستلقية على سرير من ملاءات بيضاء في غرفة نوم صفراء بها نافذة تطل على حديقة.

المشهد جميل، لكنه لا يزال يحتفظ بتأثير الوادي الغريب الذي يُرى في مقاطع الفيديو الأخرى التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، شخصيات هاري بوتر كآسيويين في مراسلات وسائل التواصل الاجتماعي.

يبدأ التعليق الصوتي بلغة تبدو في البداية وكأنها فرنسية، لكنها في الواقع لغة كريولية غوادلوبية. وترشد فراشة أرجوانية المشاهد خارج الغرفة إلى مشاهد مختلفة من الخارج المظلم الشبيه بالأحلام مع شخصيات بيضاء متوهجة تتحول حيوانات وبشراً راقصين.

تهرب هذه المشاهد من الوادي الغريب وتُظهِر للمشاهد تصويراً سينمائياً لم يسبق له مثيل في الذكاء الاصطناعي. وينتهي الفيلم بصورة طفل ببشرة بنية داكنة دافئة يرتدي قبعة أرجوانية وثوباً أزرق.

تجربة معايشة مشتركة

تنبع شراكة سينسلي وسيلفيز من تجربة معاشة مشتركة للتشرد الثقافي وتأثيره على اللغات «في الوطن».

من التراث الفنزويلي والترينيدادي، عانى سيلفيز الشوق إلى الوطن والثقافة، منذ نشأته في الكويت إلى العمل الآن في كندا. بينما يقول سينسلي، الذي ولد ونشأ في جزر غوادلوب، لكنه يعيش الآن في كندا: «نحن حقاً على حافة التكنولوجيا، ونستمتع بها، ونحاول أيضاً تعريفها بطريقة تمثل الأشخاص الذين نمثلهم. نستخدمها بطرق مختلفة؛ لذا فإن صوتنا يستحق أن يُسمع أيضاً».

بعد رحلة أي صانع أفلام، بدأ سينسلي وسيلفيز عملية صنع «بروتوبيكا» بالبحث، وتحديداً حول الثقافات الأفريقية الكاريبية، مستفيدَين من تجاربهما الحية كشخصين من أصل أفريقي كاريبي، عزّزا هذه المعرفة التجريبية بالبحث في الأرشيف والمرجع البصري.

وقبل إشراك «سورا»، نظرَا إلى مشاريعهما السابقة التي ركزت على التمثيلات والمشاهد الأفريقية الكاريبية في برنامج DALL-E 2 للصور وفي Chat GPT للقصص / النصوص. واتفقا على الصور الافتتاحية والختامية للشيخ والطفل والتي ستتدفق منها قصة إعادة الميلاد وغرض الروح.

وأصبح بحثهما مراجع بصرية للمساعدة في توجيه القصة بالنصوص إلى سطور بهدف توليد الصور. لقد اهتمّا بشكل خاص باستخدام الذكاء الاصطناعي للتركيز على القضاء على المهام المتكررة. يقول سيلفيز: «لم نرغب في إشراك الذكاء الاصطناعي حتى اللحظات المناسبة لعملية الإبداع لدينا، فالأدوات مذهلة، ولكن من المهم أيضاً مراقبة مقدار المهمات التي يمكن توكيلها للبرنامج في عمليتنا الإبداعية».

انتصار اللغة والثقافة

تضمنت تلك اللحظات المناسبة إنتاج تكرارات متعددة للنص. على سبيل المثال، كان التعليق الصوتي الأصلي باللغة الإنجليزية، لكن سينسلي أنشأ GPT مخصصاً تم تدريبه بلغة الكريول الغوادلوبية، وهي لغة يتحدث بها أكثر من 430 ألف شخص وتتكون من مزيج من اللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والبانتو والأميركية الهندية.

لقد استخدم النص النهائي لتوفير التعليق الصوتي باللغة الكريول الغوادلوبية. كان هناك استخدام آخر وهو «سورا» لتوليد الاختلافات في الصور من مطالبات النص الخاصة بهم. كان مطلوباً تنظيم ماهر لاختيار اللقطات الـ26 النهائية من بين أكثر من 800 لقطة.

كانت اللحظة الأخيرة هي استخدام «سورا» لإنشاء انتقالات صعبة من مقطع إلى آخر، وهو ما كان ليستغرق من الفنانين شهوراً للقيام به.

الذكاء الاصطناعي للحفاظ على التراث الثقافي

يقول سيلفيز: «إن حلمنا مع (بروتوبيكا) هو العمل مع الوفود أو البلدان التي تريد معرفة الطريقة التي يمكن لشعوبها من خلالها الاستفادة من هذه التكنولوجيا حتى تتمكن ثقافتها ولغاتها من الاستمرار».

يعدّ كلا الفنانين من مواطني العالم الرقمي مع أقارب مقربين يوفرون الوصول إلى التقنيات المتقدمة منذ الطفولة. يتذكر سيلفيز الجلوس مع والده، وهو فنان غوادلوبي، بينما كان يجمع بين الفن الجديد والفن التقليدي في أوائل التسعينات. ويتحدث عن تعليمه التكنولوجي الذي تلقاه من ابن عمه، وهو مبرمج في فنزويلا؛ إذ يفهم كلاهما القضايا والمخاوف المتعلقة بالتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي.

الحفاظ على إنسانية المجتمعات

عمل سيلفيز المهني حتى الآن في شركة Unity Technologies، عند تقاطع التكنولوجيا والأخلاق والثقافة، بدءاً من عام 2013 مصمماً تقنياً، وتطور مصمماً رئيسياً في IBM وباحث Haptics في Immersion في كندا. يقول سيلفيز، «إن نهجنا لا يحل المشكلة، لكنه يقترح طريقة للتنقل فيها بحيث يشعر الناس أنهم ما زالوا قادرين على الحفاظ على إنسانيتهم ​​والانتماء إلى هذا المستقبل الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع».

يقدمان فيلم «بروتوبيكا» باعتباره اقتراحاً ملموساً. منذ إطلاقه في 16 يوليو (تموز) 2024، حصد فيديو «بروتوبيكا» أكثر من 500000 مشاهدة عبر منصات متعددة.

أنشأ سينسلي وسيلفيز مجموعة باتريون مجانية على موقع «بروتوبيكا» على الويب تدعو المخرجين وصناع الأفلام والكتاب والباحثين والمعلمين وأمناء المكتبات وغيرهم من خبراء الحفاظ على الثقافة لتوسيع الشبكة والحفاظ على استمرار المحادثات.

ومجتمع «بروتوبيكا» هو الأكثر أهمية بالنسبة لهما. يقول سينسلي: «نحن نحاول فقط التلميح إلى الرسالة حول الشعور بالمجتمع وكيف يمكن للجميع حقاً استخدام هذه الأداة (سورا) بشكل مسؤول لإلهام الناس ومساعدتهم».

(*) مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميدا»

حقائق

500 ألف

مشاهدة حصدها فيديو «بروتوبيكا» عبر منصات متعددة

نهجنا يقترح طريقة للتنقل فيها بحيث يشعر الناس أنهم ما زالوا قادرين على الحفاظ على إنسانيتهم ​​والانتماء إلى المستقبل

ويل سيلفيز

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

الاقتصاد خلال اليوم الختامي لمؤتمر «ليب 25» (الشرق الأوسط)

«ليب 25» يختتم فعالياته باستثمارات نحو 25 مليار دولار

اختتم مؤتمر «ليب التقني 2025» فعالياته، يوم الأربعاء، باستثمارات بنحو 25 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا «الأبحاث العميقة» أحدث ميزة في «تشات جي بي تي»

«الأبحاث العميقة» أحدث ميزة في «تشات جي بي تي»

أداة تلخص الإجابات في كلّ متماسك

هاري ماكراكن (واشنطن)
علوم حملات عالمية لـ«محو أمية» الذكاء الاصطناعي

حملات عالمية لـ«محو أمية» الذكاء الاصطناعي

نجاحها يتطلب رؤية الجانب السحري للأدوات الذكية.

«الشرق الأوسط»
علوم الذكاء الاصطناعي: الابتكار الخارق يتطلب ضوابط  آمنة

الذكاء الاصطناعي: الابتكار الخارق يتطلب ضوابط آمنة

هناك احتمال كبير لأن يمحو البشرية في غضون 30 عاماً فقط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل سيهزم محامو الذكاء الاصطناعي كبريات شركات النفط أمام القضاء؟

هل سيهزم محامو الذكاء الاصطناعي كبريات شركات النفط أمام القضاء؟
TT

هل سيهزم محامو الذكاء الاصطناعي كبريات شركات النفط أمام القضاء؟

هل سيهزم محامو الذكاء الاصطناعي كبريات شركات النفط أمام القضاء؟

لم تكن شركات الوقود الأحفوري لتعترف طواعية بدورها في أزمة المناخ. ولكن بحلول 2020، لجأت بعض المجموعات الناشطة إلى طريقتين لفرض القضية. الأولى، تضمنت الوسائل غير القانونية مثل التخريب وتدمير البنية التحتية لشركات النفط، بينما ركزت الأخرى على الأساليب القانونية والتقاضي لإجبار الحكومات على الامتثال لأهداف الانبعاثات وإجبار الشركات على دفع تعويضات عن الأضرار السابقة، كما كتب روان هوبر (*).

جيوش من المحامين الاصطناعيين أمام محامين من البشر

كانت المشكلة في البداية أن شركات النفط الكبرى نشرت جيوشاً من المحامين لتحدي كل جانب من جوانب القضية المرفوعة ضدها. لم يتمكن معظم المدعين ببساطة من تحمل تكاليف الاستمرار، أو أنهم تورطوا في التقاضي لسنوات.

وجاء الحل عندما تم استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء القضايا وملاحقتها. ربما كان لشركات النفط الكبرى تمثيل بشري واسع النطاق، لكن محامي الذكاء الاصطناعي كانوا أكثر عدداً وأسرع، وجمعوا الأدلة بشكل أكثر شمولاً ولم يناموا أبداً. ويمكن نشر هؤلاء المحامين الاصطناعيين نيابة عن الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف المحامي، ورفع قضايا تستند إلى جوانب جديدة وغامضة من القانون.

الذكاء الاصطناعي في مجال القانون

بدأ استخدام أداة الذكاء الاصطناعي في القانون بجدية في عام 2023، مع إطلاق الذكاء الاصطناعي القائم على «تشات جي بي تي» المسمى «هارفي» Harvey الذي نما استخدامه من قبل المحامين البشريين بسرعة وساعد في التقاضي من خلال اقتراحات بناء على سوابق واستراتيجيات قانونية.

قضايا المناخ

انقسمت قضايا المناخ إلى ثلاث فئات.

* أولاً: تحدي التضليل، إذ وجد تحقيق أجرته لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي في عام 2021 أن شركات النفط الكبرى انخرطت في حملات «غسل أخضر» ومعلومات مضللة واسعة النطاق، لكن محاسبة الشركات كانت صعبة.

*ثانياً: اتخاذ إجراءات ضد الحكومات لفشلها في حماية مواطنيها. كانت إحدى القضايا الرئيسية التي أسست سابقة في هذا الصدد عندما نجحت مجموعة أورغيندا Urgenda البيئية في رفع دعوى قضائية ضد الحكومة الهولندية في عام 2015 لإجبارها على اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ.

* ثالثاً: المسؤولية عن تكلفة الأضرار المناخية. وقد حدث تطور حيوي مع تطور دراسات المناخ. لم يكن من الممكن في السابق رسم خط يربط الانبعاثات من الشركات الفردية بالتأثيرات المالية للاحتباس الحراري العالمي، مثل الفيضانات. وعندما أصبح من الممكن في منتصف عشرينات القرن الحادي والعشرين تحديد التأثير المالي والإنساني لتغير المناخ، أصبح التقاضي ممكناً.

تكلفة الأضرار المناخية

على سبيل المثال، أظهر العمل الذي قام به فريق علاقة الطقس العالمي التابع لفريدريك أوتو أن الفيضانات في باكستان في عام 2022 التي قتلت ما لا يقل عن 1500 شخص وتسببت في أضرار تزيد على 30 مليار دولار أصبحت أسوأ بنسبة 50 إلى 75 في المائة بسبب أزمة المناخ.

وقد فازت دعاوى الذكاء الاصطناعي بتأكيد أهمية هذه القضايا من خلال إظهار أن الشركات لم تستعد لتأثيرات تغير المناخ.

محامو الذكاء الاصطناعي

تم نشر محامي الذكاء الاصطناعي على جميع الخيوط الثلاثة. وقامت نظم الذكاء الاصطناعي بمسح القوانين المحلية في جميع أنحاء العالم لتحديد سبل التقاضي. وكان أحد مصادر الإلهام قضية بدأت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في بيرو.

ولذا فكر محامون بشريون في ألمانيا في استخدام «قانون الجوار الألماني»، الذي يسمح بتحدي السلوك المزعج من قبل الجيران في المحكمة. ولأن تغير المناخ يؤثر على الجميع في جميع أنحاء العالم، فإن الأزمة تجعلنا جميعاً جيراناً. وزعم المحامون أن انبعاثات الكربون تندرج تحت قانون الجوار.

تم رفع دعوى قضائية ضد شركة الطاقة الألمانية العملاقة RWE، التي حددها تقرير صادر من مؤسسة «خدمات التخفيف من حدة المناخ» بأنها مسؤولة عن 0.47 في المائة من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي التاريخية، وطالب المتقاضون بنسبة 0.47 في المائة من تكلفة السد ونظام الصرف المبني لحماية المزارع والقرى من ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الأنديز في البيرو.

انطلاقة المحاماة الذكية الاصطناعية

وقد ساعد المحامون غير البشريين في القضايا التي تعثرت في المحاكم. في الولايات المتحدة في بداية عشرينات القرن الحادي والعشرين، تم رفع عشرات الدعاوى القضائية ضد صناعة الوقود الأحفوري.

وبحلول عام 2028، سيصبح محامو الذكاء الاصطناعي قادرين على محاربة مثل هذه التحديات على الفور، وبفضل التدريب على أحدث العلوم والوصول إلى ملايين الوثائق من شركات النفط الكبرى، يمكنهم التغلب على مقاومة الشركات المدججة بالمحامين البشريين.

نجحت دعاوى الذكاء الاصطناعي في منع بناء خطوط الأنابيب والبنية الأساسية الجديدة وفازت بالقضايا من خلال إظهار أن الشركات لم تستعد لتأثيرات تغير المناخ.

بدايات العدالة المناخية

وجدت شركات الطاقة العملاقة نفسها تواجه دعاوى قضائية متعددة في عشرات البلدان. كانت أقسامها القانونية مثقلة. وكما وافقت شركات التبغ الكبرى في النهاية على دفع مليارات الدولارات باعتبارها تعويضات، بحلول ثلاثينات القرن الحادي والعشرين، أُجبرت شركات النفط الكبرى على البدء في الدفع.

ساعدت موجة التقاضي في تسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة، وأجبرت صناعة الوقود الأحفوري على دفع مليارات الدولارات لصناديق تمويل المناخ للبلدان ذات الدخل المنخفض. وبدا أن العدالة المناخية - إعادة توزيع ثروة النفط على البلدان الأكثر تضرراً بتغير المناخ - قد تحققت.

* مجلة «نيو ساينتست»: خدمات «تريبيون ميديا».