لماذا يتعرض نظام تحديد المواقع العالمي للهجوم؟

إشارات زائفة هددت آلاف الرحلات الجوية حول العالم

لماذا يتعرض نظام تحديد المواقع العالمي للهجوم؟
TT

لماذا يتعرض نظام تحديد المواقع العالمي للهجوم؟

لماذا يتعرض نظام تحديد المواقع العالمي للهجوم؟

إن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) يدير العالم الحديث؛ لكنه يتعرض لهجومات يومية. ويقول الباحثون إن أكثر من 60 ألف رحلة جوية تجارية تعرضت هذا العام وحده لإشارات نظام تحديد المواقع العالمي الزائفة، الأمر الذي يمكن أن يربك الطيارين.

وكتب سلام جبريكيدان، ك.ك. ريبيكا لاي، وبابلو روبلز، وجيريمي وايت (*) إن شبكة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الأميركية التي كانت ذات يوم المعيار الذهبي، معرضة لخطر أن تصبح أثراً، مع تحديث الأنظمة الصينية والروسية والأوروبية.

ارتباك مناحي الحياة

ومن دون نظام تحديد المواقع العالمي، فإن كثيراً من مناحي الحياة الحديثة سوف ترتبك وتتعثر: تأخر سيارات الإسعاف، وانقطاعات ممتدة للتيار الكهربائي، وتقطُّع إشارات الهاتف الجوال.

ومع ذلك، ليس لدى الولايات المتحدة نظام احتياطي مدني آخر.

إن نظام تحديد المواقع العالمي بسيط وجدير بالثقة، ويعمل دائماً؛ إذ تغطي الأقمار الاصطناعية له العالم بمعلومتين: مكان وجودها في المدار، والوقت.

خدمة الهواتف الجوالة والكومبيوترات

والوقت الذي تستغرقه الإشارة للوصول إلى هاتفك الجوال يتيح للنظام معرفة مدى بعد الهاتف عن القمر الاصطناعي. ومن خلال تسلُّم الإشارات من 4 أقمار اصطناعية في وقت واحد، يمكن لجهازك تحديد موقعك على الأرض. وتساعد ساعات الأقمار الاصطناعية فائقة الدقة هذه أيضاً في مزامنة أنظمة الكومبيوتر، مثل تلك التي تخبر أسواق الأسهم بالتداولات التي وصلت أولاً.

هجمات التشويش

إلا أن هجمات التشويش تطغى على إشارات الأقمار الاصطناعية. ويتم التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي في جميع أنحاء العالم، ولكن بشكل خاص بالقرب من مناطق النزاع. وتتهم دول البلطيق روسيا بالتشويش على مجالها الجوي.

وترسل هجمات الانتحال بيانات مضللة، تجعل أجهزة استقبال نظام تحديد المواقع العالمي تعتقد أنها في مكان آخر. وهذا يمكن أن يجعل الطيارين يعتقدون أنهم في المسار الصحيح أو على ارتفاع آمن، عندما لا يكونون كذلك. وتظهر هذه البيانات الأماكن التي تم فيها انتحال الطائرات في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام.

الشرق الأوسط منطقة ساخنة

لقد أصبح الشرق الأوسط نقطة ساخنة، إذ وجد باحثون من جامعة تكساس أن أحد المصادر الرئيسية للانتحال هي القواعد الجوية الإسرائيلية. ويؤدي الخداع إلى تعطيل الصواريخ المعادية، ولكنه يؤثر على الرحلات الجوية التجارية أيضاً.

وفي حين أن الطائرات لديها أنظمة أمان احتياطية، فإن الغش كاد أن يرسل طائرة رجال أعمال إلى المجال الجوي الذي تسيطر عليه إيران في العام الماضي.

ضربات للأقمار الاصطناعية

والأقمار الاصطناعية معرضة أيضاً للهجمات الصاروخية. وقد يبدو الأمر أشبه بالخيال العلمي؛ لكن الصين والولايات المتحدة تمتلكان تكنولوجيا يمكنها استخدام قمر اصطناعي لسحق أو «اختطاف» قمر آخر. والولايات المتحدة متخلفة في هذه المنافسة الجديدة في الفضاء.

أصبحت الأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) قديمة الطراز؛ حيث يتجاوز كثير منها العمر الافتراضي المصمم لها، وهو من 8 إلى 15 عاماً، وكانت الولايات المتحدة بطيئة في استبدالها.

بدائل أوروبية وصينية حديثة

وقد طورت دول أخرى بدائل أحدث؛ إذ يقوم نظام «غاليليو» الأوروبي بتوثيق إشاراته، ما يضمن أن الإشارات حقيقية. ويمتلك نظام «بيدو» الصيني أكبر عدد من الأقمار الاصطناعية، وقد قامت البلاد ببناء بنية تحتية على الأرض لتوسيع تغطيتها. والأهم من ذلك أن الصين لديها خطة احتياطية، وتبني محطات توقيت تبث إشارات تغطي كامل البلاد، كما تقوم بتمديد 12 ألف ميل من كابلات الألياف الضوئية التي يمكنها توفير الوقت والملاحة من دون أقمار اصطناعية.

لقد تم اقتراح خطة احتياطية للولايات المتحدة قبل عقد من الزمن؛ لكنها لم تنفذ قط.

إن التقنيات الأميركية الجديدة قيد التطوير، ولكن قد يستغرق الأمر سنوات قبل أن يتم اعتمادها على نطاق واسع. وفي سباق مع الزمن نفسه، فإن الولايات المتحدة تخسر.

(*) خدمة «نيويورك تايمز»

حقائق

أكثر من 60 ألف

رحلة جوية تجارية تعرضت هذا العام وحده لإشارات نظام تحديد المواقع العالمي الزائفة


مقالات ذات صلة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

علوم برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

تقنيات «لمنع الحرب العالمية الثالثة»

باتريك تاكر (واشنطن)
تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد مهندس يعمل في إحدى المنشآت التابعة لـ«معادن» (الشركة) play-circle 02:41

رئيس «معادن»: حفر 820 ألف متر من آبار الاستكشاف بالسعودية خلال عامين

تتعاون شركة التعدين العربية السعودية (معادن) مع رواد العالم وتستفيد من أحدث التقنيات لتقديم أكبر برنامج تنقيب في منطقة واحدة على مستوى العالم.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد عرض تقديمي في إحدى الفعاليات التقنية التي أقيمت بالعاصمة السعودية الرياض (واس)

رئيس «سكاي»: الذكاء الاصطناعي يعزز مستقبل الاقتصاد السعودي

تتصدر الشركة السعودية للذكاء الاصطناعي (سكاي) مسيرة بناء منظومة تقنية عالمية المستوى ما يمهد الطريق لتحقيق نمو اقتصادي مدفوع بالذكاء الاصطناعي

آيات نور (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.