هل يصبح يومنا أقصر بسبب دوران لُب الأرض؟

كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)
كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)
TT
20

هل يصبح يومنا أقصر بسبب دوران لُب الأرض؟

كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)
كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)

داخل كوكب الأرض كرة من الحديد، تدور بشكل مستقل عن دوران كوكبنا حول نفسه، هذه الكرة لطالما شغلت الباحثين منذ اكتشفتها عالمة الزلازل الدنماركية إنجي لمان، واحتلت أسئلة مثل: ما سرعة دورانها؟ وفي أي اتجاه تدور؟ مركز النقاشات العلمية لعقود.

وظهرت أدلة في الآونة الأخيرة تشير إلى أن دوران قلب كوكب الأرض (لُب الأرض) يتغير بشكل كبير، وما زال العلماء منقسمين حول ماذا يحدث بالضبط، وما يترتب عليه.

إحدى المشكلات هي أن لُب الأرض الداخلي لا يمكن رؤيته أو ملاحظته بشكل مباشر، ويحصل علماء الزلازل على معلوماتهم عنه بملاحظة الموجات الزلزالية في منطقة معينة.

وسمحت الاختلافات بين الموجات الزلزالية من الشدة نفسها، التي تمر في لُب الأرض بأوقات مختلفة، بحساب التغيرات على لُب الأرض ودورانه.

وتقول الدكتورة لورين وازيك، المتخصّصة في الفيزياء بجامعة جيمس كوك بأستراليا: «في السبعينات والثمانينات تم التعامل مع اختلاف دوران لُب الأرض كظاهرة، لكن لم يتم نشر الأدلة حول اختلاف دورانه إلا في التسعينات».

وتضيف، كما نقل موقع «سي إن إن»: «الدراسات التي ظهرت بعد ذلك اختلفت حول معدل دوران لُب الأرض واتجاهه»، حتى إن البعض اقترح أن لُب الأرض أصلاً لا يدور.

وذكر أحد النماذج، الذي نُشر عام 2023، أن لُب الأرض كان في الماضي يدور أسرع من الأرض نفسها، ثم تباطأت حركته. ولفترة من الزمن ظن العلماء أن لُب الأرض يعادل في حركته سرعة دوران الأرض، ثم تباطأت سرعته، حتى أصبح يدور في اتجاه عكس الطبقة السائلة التي تحيط به.

ويدعم البحث، الذي نُشر في 12 يونيو (حزيران) في مجلة «نيتشر»، هذا النموذج، ويؤكد أن لُب الأرض يبطّئ من سرعته.

ويقول عالم الزلازل الأميركي من جامعة جنوب كاليفورنيا جون فيدال: «الاكتشافات الجديدة تؤكد التغير في سرعة دوران لُب الأرض، الذي يتبع دوراتٍ، كل منها 70 عاماً، وأعتقد أن هذا الاكتشاف يُنهي الجدل حول حركة لُب الأرض، والنموذج الذي يتبعه خلال العقود الأخيرة».

ومع ذلك، لم يقتنع الجميع بأن النقاش انتهى، فما زالت هناك أسئلة حول تأثير سرعة دوران لُب الأرض على الكوكب، وكذلك حول تأثيره على مغناطيسية الأرض.

الجذب المغناطيسي

يقع لُب الأرض على عُمق أكثر من 5 آلاف كيلومتر، ويتكون من معادن صلبة، تحيط بها طبقة خارجية، تسمى اللُّب الخارجي، من معادن سائلة.

يتكون اللب الداخلي، في معظمه، من الحديد والنيكل، وتقترب درجة حرارته من حرارة سطح الشمس، أي نحو 5400 درجة مئوية.

ويوضح فيدال أن الحقل المغناطيسي للأرض يؤثر على كرة الحديد الضخمة في قلب الأرض، ما يجعلها تدور، وفي الوقت نفسه تسحبها الجاذبية الأرضية وتدفُّق المعادن السائلة في طبقة اللب الخارجية، وعلى مدار عقود من الجذب والدفع تحدث تغيرات في سرعة دوران لُب الأرض.

تدفق المعادن السائلة في اللب الخارجي للأرض يولّد تيارات كهربية، تغذّي الحقل المغناطيسي للأرض، وهو ما يمثل حماية للكوكب من الإشعاع الشمسي المميت.

ومع ذلك يبقى تأثير اللب الداخلي على الحقل المغناطيسي للأرض غير معروف، ورأى بعض العلماء، في عام 2023، أن بُطء حركة اللب الداخلي قد يؤثر عليه، وكذلك قد يتسبّب في قِصَر طول اليوم.

ولكي يعرف العلماء ماذا يحدث في باطن الأرض، عادةً يتتبّعون نوعين من الموجات؛ الأولى: الموجة الأولية (بي ويف)، والثانية: موجة القص أو الموجة الثانوية (إس ويف). الموجات الأولية (بي ويف) تنتقل خلال كل أنواع المواد، بينما تنتقل الموجات الثانوية (إس ويف) خلال المواد الصلبة أو السوائل الكثيفة.

لاحظ علماء الزلازل في 1880 أن «إس ويف» التي تُصدرها الزلازل لا تمر عبر الأرض، فخلصوا إلى أن لُب الأرض عبارة عن سائل، لكن بعض موجات (بي ويف)، التي مرّت عبر لُب الأرض، خرجت من أماكن غير متوقَّعة تطلق عليها لمان اسم «مناطق الظل»، وتتسبّب في خلق شذوذ لا يمكن تفسيره.

وكانت لمان أول من اقترح أن «بي ويف» ربما تتفاعل مع لُب داخلي صلب داخل اللب الخارجي السائل، وذلك اعتماداً على البيانات التي تم جمعها من الزلزال الكبير في نيوزيلندا عام 1929.

وبتتبّع الموجات الزلزالية التي مرّت عبر اللب الداخلي منذ عام 1964، توصّل مُعِدّو الدراسة في عام 2023 إلى أن دوران اللب الداخلي يتبع دورات مدتها 70 عاماً، ففي السبعينات كان اللب الداخلي يدور أسرع من الكوكب، ثم أصبح أبطأ بحلول عام 2008، ثم من 2018 حتى 2023 بدأ في التحرك ببطء في الاتجاه المعاكس.

ولإعداد الدراسة، درس فيدال وزملاؤه الموجات الزلزالية، التي صدرت عن الزلازل في الأماكن نفسها خلال أوقات مختلفة، ووجدوا 121 مثالاً حدثوا في جزيرة ساندوتش، التي تقع بالمحيط الأطلنطي، بين عامي 1991 و2023، كما درسوا الموجات التي مرّت عبر لُب الأرض نتيجة التجارب النووية السوفياتية بين عامَي 1971 و1974.

ووفقاً للباحثين فإن لُب الأرض الداخلي على وشك أن يبدأ بالإسراع في الدوران مرة أخرى، ويشير فيدال إلى أن علماء الزلازل اكتشفوا أنه خلال دورة السبعين عاماً يبطّئ لُب الأرض الداخلي سرعته ويزيدها بمعدلات مختلفة، وهو ما يتطلب تفسيراً.

ويضيف: «أحد الاحتمالات أن لُب الأرض الداخلي ليس صلباً مثلما نعتقد، وأنه يتشكّل مع الدوران، ما قد يؤثر على شكله وسرعة دورانه».

طول اليوم على الأرض

ويلفت فيدال النظر إلى أن التغيرات في دوران لُب الأرض غير محسوسة للناس على سطح الكوكب، وتابع: «عندما يدور اللب ببطء تزيد طبقة الغلاف الموري (التي تعلو اللب الخارجي) من سرعتها، ما يجعل الأرض تدور أسرع، وينقص طول اليوم عدة آلاف من الثواني»، ويقول: «ما تأثير ذلك على حياة الأفراد على سطح الأرض؟ لا أعتقد أن له تأثيراً كبيراً».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تدعو إلى دعم ميانمار بعد الزلزال المدمر

آسيا مستشفى مؤقت يستقبل المصابين في نايبيداو خلال 4 أبريل (أ.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى دعم ميانمار بعد الزلزال المدمر

دعت الأمم المتحدة العالم، السبت، إلى التضامن مع ميانمار التي ضربها زلزال تسبّب في مقتل 3354 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا عامل إنقاذ يمرّ أمام معدات بناء ثقيلة تُستخدم لإزالة الأنقاض في موقع مبنى منهار في ماندالاي (أ.ف.ب) play-circle

ارتفاع حصيلة زلزال ميانمار إلى 3354 قتيلاً ونحو 5 آلاف مصاب

ارتفع عدد القتلى جراء زلزال ميانمار المدمر إلى 3354 بالإضافة إلى 4850 مصاباً و220 مفقوداً.

«الشرق الأوسط» (بانكوك )
يوميات الشرق تبعد الهزة الأرضية 55 كم عن شرق مدينة الجبيل (واس)

رصد هزة أرضية شرق السعودية... ولا تأثيرات

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، الجمعة، رصد هزة أرضية في الخليج العربي قرب مدينة الجبيل (شرق المملكة) دون أي تأثيرات.

«الشرق الأوسط» (الجبيل)
آسيا سيدة في مخيم للنازحين ببلدة أمارابورا بعد الزلزال 3 أبريل (رويترز)

بانكوك تستضيف قمة للاستجابة لزلزال ميانمار

لا يزال النطاق الفعلي لهول الكارثة غير معروف في ميانمار، في ظلّ الصعوبات في تلقّي المعلومات وتردّي البنى التحتية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا جانب من الدمار جراء الزلزال الذي ضرب ميانمار (أ.ب) play-circle

ميانمار: الجيش يعلن هدنة مؤقتة... وحصيلة الزلزال تناهز 3000 قتيل

أعلن المجلس العسكري في ميانمار، اليوم الأربعاء، وقفا مؤقتا لإطلاق النار في مواجهة المجموعات المسلحة المناهضة لإمساكه بالسلطة.

«الشرق الأوسط» (ماندالاي )

استكشاف القمر.. كنز بيانات حديثة في متناول العلماء

التقطت  "بلو غوست" ا صورة ذاتية لنفسها مع وجود كوكب الأرض في الخلفية
التقطت "بلو غوست" ا صورة ذاتية لنفسها مع وجود كوكب الأرض في الخلفية
TT
20

استكشاف القمر.. كنز بيانات حديثة في متناول العلماء

التقطت  "بلو غوست" ا صورة ذاتية لنفسها مع وجود كوكب الأرض في الخلفية
التقطت "بلو غوست" ا صورة ذاتية لنفسها مع وجود كوكب الأرض في الخلفية

أسفر نجاح سفينة شركة «فايرفلاي إيروسبيس» في الهبوط على سطح القمر عن كنز من البيانات التي سوف يبحث فيها العلماء لسنوات.

رهانات «ناسا»: خيبة ونجاح

لقد راهنت وكالة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا» قبل بضع سنوات على أن الشركات التجارية قادرة على إجراء التجارب العلمية على سطح القمر بميزانية أقل مما تستطيعها الوكالة نفسها. وكان ذلك رهاناً خاسراً في العام الماضي. فقد أخطأت أول سفينة فضائية ممولة من ناسا الهبوط على القمر كليةً. وهبطت السفينة الثانية، لكنها سقطت.

ولكن في شهر مارس (آذار) الماضي، نجحت سفينة هبوط آلية تسمى «بلو غوست» Blue Ghost ، من إنتاج شركة «فايرفلاي إيروسبيس» في سيدار بارك، بولاية تكساس، من البداية إلى النهاية.

في 16 مارس (آذار)، كان المزاج العام في مقر عمليات مهمة «فايرفلاي» خارج مدينة أوستن عبارة عن مزيج من السعادة والكآبة. لم يكن هناك ما يدعو للقلق، ولم يكن هناك ما يمكن فعله، باستثناء احتمال مشاهدة السفينة الفضائية للشركة وهي تموت.

وعلى بعد ربع مليون ميل، كانت الشمس قد غربت بالفعل على «ماري كريسيوم»، وهو سهل الحمم البركانية القمرية، حيث جمعت سفينة «بلو غوست» الملاحظات العلمية على مدى أسبوعين.

وبالنسبة للسفينة الفضائية التي تعمل بالطاقة الشمسية، كانت الساعات المتبقية معدودة وقليلة.

وقال راي ألينسوورث، مدير برنامج المركبات الفضائية في شركة «فايرفلاي» بعد ظهر ذلك اليوم: «أعتقد أن المزاج العام رائق». وأضاف: «أعتقد أن الناس متحمسون ويشعرون بنوع من الارتياح لرؤية مدى نجاح المهمة ويقضون بعض الوقت في الاستمتاع بالساعات القليلة الأخيرة مع سفينة الهبوط».

وفرة من البيانات الجديدة

وبعد سنوات من الجهود والاستثمار لم يحصل العلماء على الكثير من وضع حمولاتهم العلمية في المهمات القمرية التجارية الأخرى، إذ انتهى بهم الأمر بالقليل أو لا شيء. أما أولئك الذين كلفتهم ناسا بمهمة «بلو غوست»، فقد خرجوا بوفرة من البيانات الجديدة للعمل عليها. وأقر روبرت غريم، العالم في معهد ساوث ويست للأبحاث في بولدر، بولاية كولورادو، الذي أشرف على إحدى حمولات الأجهزة العلمية، بحسن حظه.

كانت إحدى تجارب ناسا قد جمعت البيانات في الوقت الذي هبطت فيه سفينة «بلو غوست». فقد التقطت أربع كاميرات مناظر من زوايا مختلفة لعادم محركات الدفع في السفينة الفضائية في أثناء قذفها للغبار القمري وحفرها فوهة صغيرة.

وقال بول دانيهي، أحد العلماء الذين يعملون في المشروع المعروف باسم «الكاميرات المجسمة لدراسات سطح القمر» (SCALPSS)، إن «هذا يمنحنا القدرة باستخدام هذه الكاميرات على قياس الأشكال الثلاثية الأبعاد».

مخاطر الغبار القمري

ويريد المهندسون فهم هذه الديناميكيات لمنع الكوارث المحتملة عندما تهبط مركبات فضائية أكبر وأثقل، مثل سفينة الفضاء «ستارشيب» التابعة لشركة «سبيس إكس» برواد الفضاء على سطح القمر. وإذا أقامت ناسا موقعاً أمامياً على القمر، فمن شأن المركبات الفضائية العودة إلى ذلك الموقع أكثر من مرة. ويمكن أن تؤدي الصخور المتطايرة لأعلى إلى تعطيل محرك السفينة الفضائية الهابطة أو إلحاق الضرر بالهياكل القريبة.

وفي نظرة مبكرة إلى الصور، كانت إحدى المفاجآت هي أن عمود العادم من محركات الدفع بدأ في قذف الغبار القمري عندما كانت سفينة «بلو غوست» لا تزال على ارتفاع نحو 50 قدماً فوق سطح القمر، أي بارتفاع أعلى مما كان متوقعاً. ومن المقرر أن يقوم نظام الكاميرا هذا نفسه، الذي سيوضع في سفينة للهبوط أكبر بكثير، وهي «بلو مون مارك 1» بتسجيل سحابة الغبار، وهي السفينة التي تخطط شركة «بلو أوريجين»، شركة الصواريخ التابعة لجيف بيزوس، لإرسالها إلى القمر في وقت لاحق من العام الحالي.

لا ترغب ناسا في فهم الغبار القمري أو الحطام الصخري المتراكم على سطح القمر فحسب، وإنما أيضاً كيفية التخلص منه. يمكن أن تكون هذه الجسيمات حادة وكاشطة مثل شظايا الزجاج، ما يشكل خطراً على الآلات وعلى رواد الفضاء. وقد وظفت تجربة أجريت على سفينة «بلو غوست» تُسمى «درع الغبار الكهروديناميكي» / مجالات كهربائية بهدف تنظيف الغبار من الأسطح.

اظهر جهاز "لونار بلانيت فاك" تقنية مبسطة لجمع الصخور والغبار
اظهر جهاز "لونار بلانيت فاك" تقنية مبسطة لجمع الصخور والغبار

تجربتان على باطن القمر

وقد جمعت تجربتان معلومات من شأنها أن تلقي الضوء على باطن القمر. وكانت حمولة الدكتور غريم هي المسبار القمري المغناطيسي، الذي كان أول مسبار من نوعه يتم نشره على سطح عالم آخر.

ولنشر المسبار، قامت قاذفات مزودة بنابض بقذف أربعة مسابر بحجم علب الحساء في أربعة اتجاهات مختلفة. تعمل المسابر - الموصولة بكابلات إلى سفينة الهبوط - مثل أجهزة قياس فرق الجهد الكهربائي (الفولتميتر) كبيرة الحجم. أما المكون الثاني، المرفوع فوق سارية يبلغ ارتفاعها ثمانية أقدام، فكان يقوم بقياس المجالات المغناطيسية.

وتكشف هذه القراءات مجتمعة عن الاختلافات التي تحدث بشكل طبيعي في المجالات الكهربائية والمغناطيسية، ما يخبرنا عن مدى سهولة تدفق التيارات الكهربائية في أعماق الأرض، وهذا يخبرنا بشيء ما عما يوجد في الأسفل. فعلى سبيل المثال، تكون خاصية التوصيل أقل ما تكون في الصخور الأكثر برودة.

كما نشرت سفينة «بلو غوست» مثقاباً هوائياً، باستخدام رشقات من غاز النتروجين لحفر التراب. واستخدمت إبرة في طرف الجهاز في قياس درجة الحرارة ومدى سهولة تدفق الحرارة عبر المادة. وبسبب وجود صخور في الطريق، نزل المثقاب لعمق نحو ثلاث أقدام فقط، وليس عشر أقدام كما كان مأمولاً.

وقال كريس زاكني، نائب رئيس قسم أنظمة الاستكشاف في شركة «هانيبي روبوتيكس» التي صنعت المثقاب: «يمكنك أن ترى في مقاطع الفيديو الصخور المتطايرة والشرر».

وأضاف الدكتور زاكني أن عمق ثلاث أقدام كان كافياً لإجراء القياسات العلمية. يمكن أن تقدم البيانات المستقاة من المثقاب وجهاز سبر العمق المغناطيسي تلميحات حول كيفية تشكل القمر والعوالم الصخرية الأخرى، أو لماذا يبدو الجانب القريب من القمر مختلفاً للغاية عن الجانب البعيد.

يقول الدكتور غريم: «إنه في الحقيقة سؤال أساسي حول جيولوجيا القمر الذي نحاول الإجابة عنه».

كما قامت شركة «هانيبي»، وهي جزء من شركة «بلو أوريجين»، ببناء جهاز ثانٍ يُسمى «بلانيت فاك» لإظهار تقنية مبسطة لجمع العينات. ويستخدم هذا الجهاز غازاً مضغوطاً لتحريك الحطام الصخري في إعصار صغير وتوجيهه إلى حاوية.

وسوف تُستخدم هذه التقنية في مهمة فضائية روبوتية يابانية تُعرف باسم «استكشاف أقمار المريخ»، التي سوف تجلب عينات من «فوبوس»، وهو أحد أقمار المريخ.

وقال الدكتور زاكني: «حقيقة نجاح هذه التقنية على سطح القمر يمنحنا الثقة بأنها ينبغي أن تنجح على قمر فوبوس أيضاً».

لم تركز تجربة براين والش على سفينة «بلو غوست» على دراسة القمر، بل على دراسة الأرض. وقال الدكتور والش، وهو أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة بوسطن: «إنها نقطة مراقبة ممتازة حقاً».

يهتم الدكتور والش بالفقاعة المغناطيسية للأرض التي تُحرف مسار جسيمات الرياح الشمسية. وقد سجّل تلسكوبه الأشعة السينية المنبعثة عندما تصطدم الجسيمات العالية السرعة من الشمس بالذرات في الغلاف الجوي العلوي للأرض. ويشابه الحد الفاصل بين المجال المغناطيسي للأرض والرياح الشمسية، مصارعي سومو يتدافعان ضد بعضهما. ومن المفترض أن يساعد النظر من بعيد العلماء على معرفة ما إذا كان هذا الحد يتغير ببطء أو بوثبات مفاجئة.

وهذا أمر مهم لأنه يؤثر على مدى قدرة المجال المغناطيسي للأرض على حمايتنا من القذفات العرضية الهائلة من الجسيمات المشحونة التي تقصف الكوكب في أثناء العواصف الشمسية.

يقول الدكتور والش: «نحن نحاول فهم كيف تُفتح تلك البوابة وكيف تتسرب الطاقة من خلالها».

وقد تركت سفينة «بلو غوست» بالفعل انطباعاً دائماً لا يُنسى. وقالت ماريا بانكس إنها عندما كانت تغادر مركز عمليات المهمة كل ليلة، كانت تنظر إلى القمر المعلق في السماء. وأضافت: «إنه الأمر الذي كان يوقفني بالأساس في كل يوم. لا أعتقد أنني سوف أرى القمر كما كان من قبل مرة أخرى، لأن مسبار فايرفلاي وأجهزتنا هناك سوف تكون هناك لبقية حياتي».