هل يصبح يومنا أقصر بسبب دوران لُب الأرض؟

كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)
كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)
TT

هل يصبح يومنا أقصر بسبب دوران لُب الأرض؟

كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)
كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)

داخل كوكب الأرض كرة من الحديد، تدور بشكل مستقل عن دوران كوكبنا حول نفسه، هذه الكرة لطالما شغلت الباحثين منذ اكتشفتها عالمة الزلازل الدنماركية إنجي لمان، واحتلت أسئلة مثل: ما سرعة دورانها؟ وفي أي اتجاه تدور؟ مركز النقاشات العلمية لعقود.

وظهرت أدلة في الآونة الأخيرة تشير إلى أن دوران قلب كوكب الأرض (لُب الأرض) يتغير بشكل كبير، وما زال العلماء منقسمين حول ماذا يحدث بالضبط، وما يترتب عليه.

إحدى المشكلات هي أن لُب الأرض الداخلي لا يمكن رؤيته أو ملاحظته بشكل مباشر، ويحصل علماء الزلازل على معلوماتهم عنه بملاحظة الموجات الزلزالية في منطقة معينة.

وسمحت الاختلافات بين الموجات الزلزالية من الشدة نفسها، التي تمر في لُب الأرض بأوقات مختلفة، بحساب التغيرات على لُب الأرض ودورانه.

وتقول الدكتورة لورين وازيك، المتخصّصة في الفيزياء بجامعة جيمس كوك بأستراليا: «في السبعينات والثمانينات تم التعامل مع اختلاف دوران لُب الأرض كظاهرة، لكن لم يتم نشر الأدلة حول اختلاف دورانه إلا في التسعينات».

وتضيف، كما نقل موقع «سي إن إن»: «الدراسات التي ظهرت بعد ذلك اختلفت حول معدل دوران لُب الأرض واتجاهه»، حتى إن البعض اقترح أن لُب الأرض أصلاً لا يدور.

وذكر أحد النماذج، الذي نُشر عام 2023، أن لُب الأرض كان في الماضي يدور أسرع من الأرض نفسها، ثم تباطأت حركته. ولفترة من الزمن ظن العلماء أن لُب الأرض يعادل في حركته سرعة دوران الأرض، ثم تباطأت سرعته، حتى أصبح يدور في اتجاه عكس الطبقة السائلة التي تحيط به.

ويدعم البحث، الذي نُشر في 12 يونيو (حزيران) في مجلة «نيتشر»، هذا النموذج، ويؤكد أن لُب الأرض يبطّئ من سرعته.

ويقول عالم الزلازل الأميركي من جامعة جنوب كاليفورنيا جون فيدال: «الاكتشافات الجديدة تؤكد التغير في سرعة دوران لُب الأرض، الذي يتبع دوراتٍ، كل منها 70 عاماً، وأعتقد أن هذا الاكتشاف يُنهي الجدل حول حركة لُب الأرض، والنموذج الذي يتبعه خلال العقود الأخيرة».

ومع ذلك، لم يقتنع الجميع بأن النقاش انتهى، فما زالت هناك أسئلة حول تأثير سرعة دوران لُب الأرض على الكوكب، وكذلك حول تأثيره على مغناطيسية الأرض.

الجذب المغناطيسي

يقع لُب الأرض على عُمق أكثر من 5 آلاف كيلومتر، ويتكون من معادن صلبة، تحيط بها طبقة خارجية، تسمى اللُّب الخارجي، من معادن سائلة.

يتكون اللب الداخلي، في معظمه، من الحديد والنيكل، وتقترب درجة حرارته من حرارة سطح الشمس، أي نحو 5400 درجة مئوية.

ويوضح فيدال أن الحقل المغناطيسي للأرض يؤثر على كرة الحديد الضخمة في قلب الأرض، ما يجعلها تدور، وفي الوقت نفسه تسحبها الجاذبية الأرضية وتدفُّق المعادن السائلة في طبقة اللب الخارجية، وعلى مدار عقود من الجذب والدفع تحدث تغيرات في سرعة دوران لُب الأرض.

تدفق المعادن السائلة في اللب الخارجي للأرض يولّد تيارات كهربية، تغذّي الحقل المغناطيسي للأرض، وهو ما يمثل حماية للكوكب من الإشعاع الشمسي المميت.

ومع ذلك يبقى تأثير اللب الداخلي على الحقل المغناطيسي للأرض غير معروف، ورأى بعض العلماء، في عام 2023، أن بُطء حركة اللب الداخلي قد يؤثر عليه، وكذلك قد يتسبّب في قِصَر طول اليوم.

ولكي يعرف العلماء ماذا يحدث في باطن الأرض، عادةً يتتبّعون نوعين من الموجات؛ الأولى: الموجة الأولية (بي ويف)، والثانية: موجة القص أو الموجة الثانوية (إس ويف). الموجات الأولية (بي ويف) تنتقل خلال كل أنواع المواد، بينما تنتقل الموجات الثانوية (إس ويف) خلال المواد الصلبة أو السوائل الكثيفة.

لاحظ علماء الزلازل في 1880 أن «إس ويف» التي تُصدرها الزلازل لا تمر عبر الأرض، فخلصوا إلى أن لُب الأرض عبارة عن سائل، لكن بعض موجات (بي ويف)، التي مرّت عبر لُب الأرض، خرجت من أماكن غير متوقَّعة تطلق عليها لمان اسم «مناطق الظل»، وتتسبّب في خلق شذوذ لا يمكن تفسيره.

وكانت لمان أول من اقترح أن «بي ويف» ربما تتفاعل مع لُب داخلي صلب داخل اللب الخارجي السائل، وذلك اعتماداً على البيانات التي تم جمعها من الزلزال الكبير في نيوزيلندا عام 1929.

وبتتبّع الموجات الزلزالية التي مرّت عبر اللب الداخلي منذ عام 1964، توصّل مُعِدّو الدراسة في عام 2023 إلى أن دوران اللب الداخلي يتبع دورات مدتها 70 عاماً، ففي السبعينات كان اللب الداخلي يدور أسرع من الكوكب، ثم أصبح أبطأ بحلول عام 2008، ثم من 2018 حتى 2023 بدأ في التحرك ببطء في الاتجاه المعاكس.

ولإعداد الدراسة، درس فيدال وزملاؤه الموجات الزلزالية، التي صدرت عن الزلازل في الأماكن نفسها خلال أوقات مختلفة، ووجدوا 121 مثالاً حدثوا في جزيرة ساندوتش، التي تقع بالمحيط الأطلنطي، بين عامي 1991 و2023، كما درسوا الموجات التي مرّت عبر لُب الأرض نتيجة التجارب النووية السوفياتية بين عامَي 1971 و1974.

ووفقاً للباحثين فإن لُب الأرض الداخلي على وشك أن يبدأ بالإسراع في الدوران مرة أخرى، ويشير فيدال إلى أن علماء الزلازل اكتشفوا أنه خلال دورة السبعين عاماً يبطّئ لُب الأرض الداخلي سرعته ويزيدها بمعدلات مختلفة، وهو ما يتطلب تفسيراً.

ويضيف: «أحد الاحتمالات أن لُب الأرض الداخلي ليس صلباً مثلما نعتقد، وأنه يتشكّل مع الدوران، ما قد يؤثر على شكله وسرعة دورانه».

طول اليوم على الأرض

ويلفت فيدال النظر إلى أن التغيرات في دوران لُب الأرض غير محسوسة للناس على سطح الكوكب، وتابع: «عندما يدور اللب ببطء تزيد طبقة الغلاف الموري (التي تعلو اللب الخارجي) من سرعتها، ما يجعل الأرض تدور أسرع، وينقص طول اليوم عدة آلاف من الثواني»، ويقول: «ما تأثير ذلك على حياة الأفراد على سطح الأرض؟ لا أعتقد أن له تأثيراً كبيراً».


مقالات ذات صلة

الشمس تلعب دوراً في وقوع الزلازل وتساعد على التنبؤ بها

علوم الحرارة المنبعثة من الشمس قد تلعب دوراً في حدوث الزلازل (أرشيفية-رويترز)

الشمس تلعب دوراً في وقوع الزلازل وتساعد على التنبؤ بها

كشفت دراسة جديدة أن الحرارة المنبعثة من الشمس قد تلعب دوراً في إحداث الزلازل على الأرض، وهو الاكتشاف الذي يمكن استخدامه لتحسين التنبؤات بالزلازل.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أوروبا مشهد من مدينة نابولي الإيطالية (أرشيفية - رويترز)

سلسلة من الزلازل تهز نابولي الإيطالية بالقرب من بركان هائل

تعرضت مدينة نابولي الإيطالية لسلسلة من الزلازل كان أشدها بدرجة 3.9 درجة على مقياس ريختر.

«الشرق الأوسط» (نابولي)
آسيا صورة عامة للعاصمة نيودلهي (أرشيفية-رويترز)

زلزال بقوة 4 درجات يضرب نيودلهي

ضرب زلزال بقوة 4 درجات صباح الاثنين نيودلهي وحُدد مركزه على مشارف العاصمة الهندية الضخمة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أفريقيا العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (أرشيفية - د.ب.أ)

زلزال بقوة 6 درجات يهز إثيوبيا

ذكرت مراكز متخصصة في رصد الزلازل أن زلزالاً بلغت شدته ست درجات هز وسط إثيوبيا أمس (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
أوروبا رجال الإطفاء يسيرون في قرية فيرا التي تم إخلاؤها تقريبًا في سانتوريني باليونان (إ.ب.أ)

بسبب استمرار الزلازل في سانتوريني... إعلان حالة الطوارئ بجزيرة يونانية ثانية

أعلنت السلطات حالة الطوارئ في جزيرة يونانية ثانية، اليوم (الأربعاء)، فيما تواصل سلسلة من الزلازل هز المنطقة الواقعة جنوب شرقي البلاد في بحر إيجة.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

التغير المناخي: 40 % من سكان العالم سيعيشون خارج «المكانة المناخية البشرية»

التغير المناخي: 40 % من سكان العالم سيعيشون خارج «المكانة المناخية البشرية»
TT

التغير المناخي: 40 % من سكان العالم سيعيشون خارج «المكانة المناخية البشرية»

التغير المناخي: 40 % من سكان العالم سيعيشون خارج «المكانة المناخية البشرية»

يزداد الإجماع الجديد داخل المجتمع العلمي بشأن تغير المناخ: ربما يكون هدف الحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، كما هو منصوص عليه في اتفاقية باريس، بعيد المنال.

بداية عصر «الاحتباس الحراري»

لقد شهدنا بالفعل أول عام تقويمي كامل يتجاوز هذه العتبة، حيث كان متوسط ​​درجة الحرارة العالمية في العام الماضي أعلى بمقدار 1.6 درجة مئوية من متوسط ​​عصر ما قبل الصناعة. وبينما لا يكفي عام واحد على هذا المستوى للتأكيد دون أدنى شك على أن هدف اتفاقية باريس قد انتهى، وقد توصلت الكثير من الأبحاث العلمية الحديثة إلى الاستنتاج المزعج نفسه بأن عصراً جديداً من الاحتباس الحراري قد بدأ بالفعل.

إلى أي مدى ستصبح الأمور ساخنة خلال حياتنا؟ إن الإجابة على هذا السؤال سوف تتحدد إلى حد كبير من خلال مدى السرعة التي نستطيع بها أن نتخلص من الوقود الأحفوري، ومع استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي - ووصولها إلى مستويات قياسية جديدة - فإن هذا يظل غير مؤكد.

تكهنات علمية

ولكن الباحثين قادرون على التكهن. فهم يقولون الآن إننا على المسار الصحيح نحو ارتفاع درجة حرارة الأرض بنحو 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. وهذا يعني أن العالم سوف يكون في المتوسط ​​أكثر دفئاً في عام 2100 مقارنة بما كان عليه في مطلع القرن العشرين وأكثر دفئاً مما هو عليه اليوم.

قد لا يبدو هذا كثيراً، ولكن ارتفاع درجة الحرارة بنحو 2.7 درجة مئوية سوف يؤثر على كل جانب تقريباً من جوانب الحياة البشرية، بطرق كبيرة وصغيرة.

مستقبل أكثر خطورة

فكيف ستكون الحياة في هذا العالم الأكثر دفئاً؟ إن الإجابة عن هذا السؤال بأي قدر من اليقين أمر صعب؛ لأن الكثير يعتمد على كيفية استجابة الكثير من الأنظمة المعقدة والمترابطة على الأرض. ولكن علماء المناخ يتفقون على أن المستقبل الأكثر دفئاً هو مستقبل أكثر خطورة.

«أحب أن أفكر في تشبيهات جيدة»، كما يقول لوك جاكسون، الأستاذ المساعد في الجغرافيا الطبيعية بجامعة درهام في المملكة المتحدة. «لذا؛ إذا تخيلت أن تسجيل هدف يمثل حدثاً متطرفاً، فكلما كان الهدف أكبر، زادت احتمالية تسجيلك له. نحن نوسع أعمدة المرمى».

توقعات علمية محتملة

لكن إذا أردنا أن نحاول أن نكون أكثر تحديداً، فهناك توقعات مدعومة بالعلم. هذه بعض التغييرات الأكثر احتمالاً، وتأثيراتها المحتملة.

* صيف لا نهاية له في نصف الكرة الشمالي. سيشغل الصيف جزءاً أكبر من العام بحلول عام 2100، ويمتد من نحو 95 يوماً إلى 140 يوماً. ستظهر درجات الحرارة الشبيهة بالصيف في وقت أبكر بكثير؛ ما يختصر فصل الربيع، ويستمر حتى الخريف.

سيصبح الشتاء أكثر دفئاً أيضاً، على الرغم من وجود بعض الجدل حول ما إذا كانت العواصف الشتوية الشديدة ستصبح أكثر شيوعاً مع تغير المناخ. وفي الكثير من الأماكن، ستكون المواسم الأكثر دفئاً لا تُطاق، مع موجات حر خانقة تستمر لأسابيع متتالية.

* مدن أميركية شديدة الحرارة. وبفضل تأثير ظاهرة «جزر الحرارة الحضرية» urban heat island effect، سوف تكون المدن شديدة الحرارة بشكل خاص. على سبيل المثال، قد تشهد سان أنطونيو ست موجات حر سنوياً، مع بقاء درجات الحرارة حول 35 درجة مئوية، وأحياناً لمدة تصل إلى شهر في المرة الواحدة. وإلى الشمال، سوف تشهد مدينة نيويورك ثماني موجات حر سنوياً، بعضها يستمر لمدة أسبوعين. وفي سياق ذلك، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان متوسط ما تشهده نيويورك أقل من موجة حر واحدة سنوياً.

*مكيفات هواء غير بيئية أكثر. وسوف يكون تكييف الهواء منقذاً حقيقياً للحياة، وسوف يزداد عدد الأشخاص الذين يستخدمون تكييف الهواء بشكل كبير. (ومن المفارقات أن كل هذه المكيفات الجديدة من المرجح أن تساهم في زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي). ومع ذلك، ستستمر الوفيات المرتبطة بالحرارة في الارتفاع إلى 20 ألف حالة وفاة سنوياً في الولايات المتحدة، وهذا تقدير متحفظ.

40 % من السكان خارج «المكانة المناخية البشرية»

مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية، ستنمو حصة سكان العالم الذين يعيشون في مناطق خارج «المكانة المناخية البشرية»»human climate niche» (نطاق درجة الحرارة التي يمكن للحياة البشرية أن تزدهر فيها) من 9 في المائة إلى 40 في المائة.

* حرارة غير مسبوقة. وسوف تتأثر البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط ​​بشكل غير متناسب. ففي الهند، الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، سوف يشعر نحو 600 مليون شخص بحرارة غير مسبوقة خارج هذه منطقة المكانة المناخية البشرية. ومن بين البلدان الأخرى المتضررة بشدة نيجيريا، وإندونيسيا، والفلبين، وباكستان، والسودان والنيجر.

*القطب الشمالي سيخلو من الجليد صيفاً. ومن المتوقع أن يكون القطب الشمالي «خالياً من الجليد عملياً» خلال فصل الصيف. وسوف يؤدي هذا إلى تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري بشكل أكبر، كما يهدد منازل وسبل عيش وثقافات ملايين البشر في مناطق القطب الشمالي، ناهيك عن الحياة البرية والنظم البيئية.

الحرائق والأمراض

*حرائق الغابات. . بحلول عام 2100، قد يزيد عدد الحرائق الشديدة بنسبة 50 في المائة على مستوى العالم. وسوف تكون الغابات الشمالية في كندا وألاسكا وروسيا معرَّضة للخطر بشكل خاص. وسوف تصبح أحداث مثل حرائق الغابات الكندية في عام 2023، والتي أحرقت أكثر من 37 مليون فدان وأرسلت أعمدة من الدخان تتصاعد عبر الولايات المتحدة، أكثر شيوعاً. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن نصبح أفضل في التنبؤ بحرائق الغابات وتتبعها، ومن باب الضرورة المحضة، ستحتوي المزيد من المدن على ملاجئ للهواء النظيف مع أنظمة ترشيح حيث يمكن حماية الناس من دخان حرائق الغابات.

*امراض الدفء. من المرجح أن ترتفع الأمراض التي ينقلها البعوض مثل حمى الضنك وزيكا وحمى غرب النيل والحمى الصفراء، حيث يعني المزيد من الدفء المزيد من الأيام التي يمكن للفيروسات خلالها الانتشار. وبينما تستمر «فترة ذروة انتقال» فيروس غرب النيل حالياً نحو ثلاثة أشهر سنوياً في ميامي، فإن من المرجح أن تزداد إلى نحو خمسة أشهر.

*ملاريا الجنوب نحو الشمال. في معظم أنحاء الجنوب العالمي، ستصبح درجات الحرارة شديدة الحرارة بحيث لا تنتشر الملاريا، ولكن الظروف لهذا المرض ستصبح أكثر ملاءمة في أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا الوسطى. وفقاً لمعهد الموارد العالمية، «مع ظهور تقارير عرضية عن الملاريا المكتسبة محلياً في أوروبا والولايات المتحدة، هناك قلق متزايد من أن الملاريا قد تتسلل إلى أماكن لم تشهدها في الذاكرة الحية».

المدن الغارقة

في سيناريو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية ستستمر الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية في الذوبان، وستسخن مياه البحر وتتمدد. وبحسب اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن مستويات سطح البحر في هذا السيناريو قد ترتفع بنحو قدمين في المتوسط ​​في مختلف أنحاء العالم بحلول عام 2100. ويقول بيدرو كونسيساو، مدير مكتب تقرير التنمية البشرية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: «إن هذا من شأنه أن يعرض عقوداً من التقدم في التنمية البشرية في المناطق الساحلية المكتظة بالسكان والتي تعد موطناً لواحد من كل سبعة أشخاص في العالم للخطر».

* سواحل مهددة. وسوف يكون التأثير أكثر تطرفاً في المناطق التي تعاني بالفعل ارتفاع مستويات سطح البحر عن المتوسط، مثل الساحل الشرقي للولايات المتحدة واليابان والساحل الغربي لأميركا الجنوبية. على سبيل المثال، قد تشهد مدينة نيويورك ارتفاع مستويات المياه بأكثر من 3 أقدام بحلول نهاية القرن. وسوف تصبح الفيضانات الناجمة عن المد العالي مصدر إزعاج منتظماً في الكثير من الأماكن، حيث تتسرب المياه إلى شوارع المدينة وواجهات المحال التجارية كل يوم لبضع ساعات قبل أن تتراجع، مما يجعل من الصعب بشكل متزايد العيش أو ممارسة الأعمال بالقرب من الواجهة البحرية. كما ستصبح الفيضانات الناجمة عن العواصف الشديدة مثل الأعاصير أكثر تواتراً. ويقول جاكسون: «بشكل تقريبي، سوف تشهد الغالبية العظمى من السواحل العالمية حدثاً يحدث كل مائة عام في الوقت الحاضر كل عام. ويصبح الحدث المتطرف اليوم حدثاً طبيعياً في الغد».

الدول - الجزر. بالنسبة للكثير من الدول الجزرية المنخفضة، فإن التحدي المتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف المدارية الأكثر شدة سيكون وجودياً. وتتوقع الأمم المتحدة أن تشهد جزر الباهاما وجزر فيرجن البريطانية وجزر كايمان وجيرنزي وجزر المالديف وجزر مارشال وهولندا وسانت مارتن وسيشيل وجزر توركس وكايكوس وتوفالو غمراً دائماً بنسبة 5 في المائة على الأقل من أراضيها بحلول نهاية القرن. يعيش معظم سكان هذه المناطق على بعد أميال قليلة من الشاطئ؛ مما يعرضهم لخطر جسيم.

* غرق مدن الساحل الكبرى. في الوقت نفسه الذي ترتفع فيه مستويات سطح البحر، ستغرق المدن الساحلية الكبرى الواقعة على دلتا الأنهار - مثل نيو أورليانز وهيوستن وشنغهاي - مع ضخ المزيد من المياه من الأرض لأشياء مثل الشرب والري؛ ما يتسبب في ضغط الرواسب. ويؤكد جاكسون: «إن هذا يشكل مصدر قلق كبير لمدننا الكبرى على مستوى العالم؛ لأن هذه الأماكن هي من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض. وفي الكثير من المواقع، لا توجد حماية ساحلية كافية للتعامل مع هذه المشكلة، والمدة التي قد تستغرقها بناء دفاعات ساحلية من أجل استيعاب هذه المشكلة، بصراحة، غير قابلة للتحقيق».

وتشهد إندونيسيا هذا بالفعل، وقد خططت لنقل عاصمتها جاكرتا بالكامل بدلاً من محاولة إبقاء المياه تحت السيطرة. وقد تتبعها في نهاية المطاف مجموعات سكانية أخرى. بعد كل شيء، «التراجع هو شكل من أشكال التكيف»، كما يقول جاكسون. ووفقاً للجنة الدولية للتغيرات المناخية، فإن مستويات سطح البحر ستستمر في الارتفاع لقرون، وستظل مرتفعة لآلاف السنين.

نقص الغذاء

* إنتاج غذائي مهدد. ستؤدي الفيضانات والإجهاد الحراري وأنماط الطقس المتغيرة إلى جعل زراعة المحاصيل وتربية الماشية أكثر صعوبة. ويشير أحد التقديرات إلى أن ما يصل إلى 30 في المائة من إنتاج الغذاء في العالم قد يكون معرضاً للخطر بحلول عام 2100 إذا ارتفعت درجات الحرارة بمقدار 3.5 درجة مئوية. ولكن عند 2.7 مئوية، قد تكون النسبة أقل قليلاً، ولكنها لا تزال مدمرة لملايين البشر.

* فشل المحاصيل والجوع.

ووفقاً للبنك الدولي، فإن «نحو 80 في المائة من سكان العالم الأكثر عرضة للخطر من فشل المحاصيل والجوع بسبب تغير المناخ يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا».

وسوف يلاحق خطر سوء التغذية هذه السكان. ويقول كاي كورنهوبر، وهو عالم أبحاث يدرس مخاطر المناخ المستقبلية في المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية، وأستاذ مساعد في كلية كولومبيا للمناخ، إن مشاكل الغذاء في مناطق أخرى، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، ستكون مزعجة في البداية وتنمو بمرور الوقت. ويضيف: «يبدأ الأمر بهذه الإزعاجات الصغيرة، مثل عدم توفر الخضروات المفضلة لديك لمدة أسبوع أو نحو ذلك بسبب حدوث فيضان ضخم أو موجة حر أو حرائق غابات في إسبانيا، على سبيل المثال. هذه الأشياء تحدث بالفعل، أليس كذلك؟».

وبالتدريج، قد يصبح انخفاض إنتاج المحاصيل الأساسية مثل الذرة والأرز والقمح هو القاعدة. ويتوقع أحد التحليلات أنه بحلول عام 2030، قد تشهد ولاية أيوا انخفاض إنتاج الذرة بنسبة 25 في المائة بسبب تغير المناخ، وقد ينخفض ​​إنتاج فول الصويا في مينيسوتا بنسبة تصل إلى 19 في المائة، وقد ينخفض ​​إنتاج القمح في كانساس بنسبة 9 في المائة. ومن دون التكيف، ستستمر هذه الأرقام في الارتفاع حتى عام 2100، مما يهدد سبل عيش المزارعين، فضلاً عن سلاسل إمدادات الغذاء والتغذية في الولايات المتحدة.

يقول جيرالد نيلسون، الأستاذ الفخري في كلية الزراعة والعلوم الاستهلاكية والبيئية بجامعة إلينوي في أوربانا شامبين: «ليست المحاصيل والثروة الحيوانية هي المتضررة فقط. سيعاني العمال الزراعيون الذين يزرعون ويزرعون ويحصدون الكثير من الطعام الذي نحتاج إليه أيضاً بسبب التعرض للحرارة؛ مما يقلل من قدرتهم على القيام بالعمل في الحقل».

إن تدهور التربة وفقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم الإيكولوجية بسبب تغير المناخ من شأنه أن يجعل النباتات أكثر عرضة للإصابة بالأمراض ويزيد من تفاقم خطر فشل المحاصيل. كما سترتفع أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم. والواقع أن هذا يحدث بالفعل: ففي عام 2023، كان الطقس المتطرف هو المحرك الرئيسي لتقلب أسعار المواد الغذائية. ويقول الباحثون إنه بين الآن وعام 2035، قد ترتفع أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة تصل إلى 3 في المائة كل عام بسبب تغير المناخ.

الهجرات الجماعية وزيادة الصراع

من الصعب معرفة كيف ستبدو أنماط الهجرة البشرية في السنوات المقبلة، ولكن الكثير من الناس لن يكون لديهم خيار سوى الانتقال من المناطق الريفية أو عبر الحدود للبحث عن عمل وطعام وموئل بشري قابل للحياة. ومن المرجح أن تؤدي هذه الهجرات الجماعية إلى إثارة الصراع والارتباك. وسترتفع محاولات دخول الولايات المتحدة عبر الحدود الجنوبية مع مواجهة السكان في «الممر الجاف» في أميركا الوسطى لانعدام الأمن الغذائي. وحتى فكرة مكان حدود الدولة قد تصبح موضع تساؤل.

«إن حدود بلدك محددة، على الأقل على طول سواحلها، من خلال موقع المد العالي»، كما يوضح جاكسون. «إذا تحرك خط الساحل الخاص بك إلى الداخل (بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر) فإن منطقتك الاقتصادية سوف تتحرك أيضاً».

إن كل هذا قاتم للغاية، كما أعلم. وهو لا يزال في بدايته. ولكن الخبر السار الدائم هو أننا لا نزال قادرين على تغيير المستقبل. والواقع أننا فعلنا ذلك بالفعل. فقبل عشر سنوات فقط، كان العلماء يتوقعون ارتفاع درجة حرارة العالم بمقدار 3.6 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. ومنذ ذلك الحين، يبدو أن السياسات الحكومية الجديدة، والارتفاع السريع للطاقة المتجددة، قد أحدثا تأثيراً كبيراً. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به.

ويقول كورنهوبر: «لن ينتهي العالم مثل لعبة كمبيوتر بحلول نهاية القرن، بل سيستمر ذلك بعد ذلك، وستستمر درجات الحرارة والطقس المتطرف في التدهور إلى أن نتمكن من التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

حقائق

نحو 80 %

من سكان العالم الأكثر عرضة للخطر بسبب فشل المحاصيل والجوع نتيجة تغير المناخ يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا