ابتكار لتحويل نفايات الخشب إلى «حبر خشبي» لطباعة ثلاثية الأبعاد

على مدى آلاف السنين، كان الخشب الطبيعي بمثابة مادة أساسية لمجموعة واسعة من الأغراض، بما في ذلك تشييد المباني، وتصنيع الأثاث، وإنشاء الهياكل المعمارية. ومع ذلك، فإن إنشاء الهياكل الخشبية، سواء في البيئات الصناعية أو بوصفه هواية، يمكن أن يؤدي إلى نفايات كبيرة.

تقليدياً، اعتمد تشكيل أشجار الخشب على مجموعة من العمليات التي تُستخدم لتحويله من شكله الطبيعي لمنتجات نهائية، مثل الأثاث، ومنها التقطيع لألواح والتلميع. ومع ذلك، غالباً ما تولد هذه العملية كمية كبيرة من النفايات، مما يؤدي لهدر المواد وزيادة تكاليف الإنتاج.

في ضوء المخاوف المتزايدة المحيطة بالاستدامة والحاجة لإدارة فعالة للنفايات، أصبحت إعادة تدوير نفايات الخشب أمراً ضرورياً. وبينما تقتصر إعادة تدوير نفايات الأخشاب في المقام الأول على استخداماتها التقليدية، مثل الوقود، وحشوات الألواح الحبيبية، هناك حلول علمية يمكن تنفيذها لتعظيم فوائد نفايات الخشب.

طريقة لتحويل نفايات الخشب لحبر خشبي (جامعة رايس)

حبر خشبي

سلّطت دراسة أميركية جديدة، الضوء على طريقة مبتكرة لتحويل نفايات الخشب إلى «حبر خشبي» سائل، لاستخدامه في الطباعة ثلاثية الأبعاد لمجموعة متنوعة من الهياكل، ونشرت النتائج، في العدد الأخير من دورية «ساينس أدفانسيز».

وتمثلت الفكرة في استخدام مكونات أساسية للخشب الطبيعي، هي: اللجنين والسليلوز، لإعداد حبر سائل يمكن استخدامه في عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتم تطوير هذا الحبر السائل ليكون قادراً على الطباعة بدقة عالية لإنشاء هياكل خشبية معقدة.

والطباعة ثلاثية الأبعاد هي تقنية تسمح بإنشاء أجسام ثلاثية الأبعاد بشكل متكامل باستخدام الكومبيوتر والطابعة الخاصة، وتعمل هذه التقنية عن طريق طباعة طبقات من المواد فوق بعضها بعضاً حتى يتم تشكيل الشكل المطلوب. ويُستخدم الحبر في الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنشاء الطبقات التي تُشكل الشكل النهائي، ويمكن أن يكون هذا الحبر من مواد مختلفة، مثل البلاستيك والراتنجات المعدنية.

وتُستخدم هذه التقنية في مجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك الصناعة والطب والهندسة والفنون، حيث يمكن استخدامها لإنشاء نماذج تجريبية، وأدوات، ومنتجات مخصصة بسرعة، وبتكلفة منخفضة مقارنة بالطرق التقليدية للتصنيع.

أصبح إعادة تدوير نفايات الخشب أمراً ضرورياً لتحقيق الاستدامة (رويترز)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، يقول الباحث الرئيسي للدراسة بقسم علوم المواد وهندسة النانو في جامعة رايس الأميركية، الدكتور محمد مقصود: «توفر الدراسة حلاً لتراكم مخلفات الخشب من خلال استخدامها في عمليات الطباعة ثلاثية الأبعاد، مما يسهم في إعادة استخدام وإعادة تدوير المواد الخشبية. بالإضافة إلى ذلك، يقلل هذا النهج من الحاجة إلى استخدام موارد الخشب البكر (قطع الأشجار الكبيرة)، ما يعزز عزل الكربون، ويقلل من البصمة الكربونية».

وأضاف أن القدرة على طباعة الهياكل الخشبية ثلاثية الأبعاد يفتح الباب أمام تنفيذ مشاريع الأثاث والبناء المخصصة، ما يسمح بأبعاد دقيقة وتصميمات فريدة مصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات والتفضيلات الفردية.

وأشار إلى أن نتائج الدراسة تمهد لإنشاء هياكل خشبية معمارية باستخدام مواد منخفضة التكلفة، مثل نفايات الأخشاب، حيث تم تحسين نسبة اللجنين إلى السليلوز، ونسبة الألياف النانوية لتحسين قابلية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

ونوه إلى أن الخشب المطبوع ثلاثي الأبعاد يتميز بخصائص سطحية وهيكلية مماثلة للخشب الطبيعي. وبعد المعالجة، يظهر الخشب المطبوع قوة ضغط وانحناء أعلى من الخشب البلسا الطبيعي، ويمكن أيضاً إعادة تدوير الخشب المطبوع لصنع حبر جديد، مما يبرز المسار المستدام لطباعة الخشب ثلاثي الأبعاد.

وعن الخطوات المقبلة للفريق، أفاد مقصود بأن الفريق سيواصل تحسين تركيبة الحبر لزيادة قابلية الطباعة وتعزيز القوة والخصائص الميكانيكية للخشب المطبوع ثلاثي الأبعاد، بالإضافة إلى تطوير تركيبة الحبر لطباعة الأجزاء الكبيرة وتوسيع نطاق التطبيقات الصناعية، واستكشاف طرق تحسين الهياكل الخشبية المطبوعة لتلبية احتياجات التطبيقات الخاصة، مثل إضافة طبقات العزل المائي.

طاقة حيوية

هناك حلول أخرى للاستفادة من النفايات الخشبية، منها تحويل مخلفات الخشب إلى طاقة حيوية، وهي عملية تهدف إلى استخدام الخشب الزائد والمهمل لإنتاج طاقة قابلة للاستخدام.

وتُعد مخلفات الخشب مصدراً مهماً للطاقة الحيوية، حيث يمكن استخدامها في عدة عمليات لتوليد الطاقة، منها أنه يمكن حرق مخلفات الخشب في محطات توليد الطاقة الحرارية لإنتاج بخار يُستخدم لتشغيل محركات البخار وتوليد الكهرباء، كما يمكن تحويل مخلفات الخشب إلى وقود حيوي، مثل الحطب، أو تحويلها إلى قوالب خشبية أو قوالب لتسهيل استخدامها وقودا للتدفئة أو التوليد الحراري.

يُمكن أيضاً تحويل مخلفات الخشب إلى «بيوغاز» من خلال عمليات الهضم اللاهوائي، حيث يتم تحلل المواد العضوية لإنتاج غاز قابل للاحتراق يُمكن استخدامه مصدراً للطاقة.

و«البيوغاز» هو نوع من الوقود الحيوي يتم إنتاجه بشكل طبيعي من تحلل النفايات العضوية، في بيئة غير هوائية (من دون أكسجين)، داخل مفاعل حيوي؛ ما يؤدي إلى إطلاق مزيج من الغازات، تتضمن الميثان وثاني أكسيد الكربون.

ويُمكن تحويل المواد العضوية في مخلفات الخشب إلى غازات وسوائل وفحم نباتي عند تسخينها في غياب الأكسجين، والتي يمكن استخدام منتجاتها مصادر للطاقة.

مواد البناء

هناك طرق إضافية لإعادة استخدام نفايات الخشب في صناعة مواد البناء، وتحويلها إلى منتجات مفيدة، مثل الألواح الليفية متوسطة الكثافة (MDF)، التي تُصنع من الألياف الخشبية المطحونة والمعالجة بالبخار والضغط، وتستخدم هذه الألواح في صناعة الأثاث والأبواب والجدران.

كما يمكن استخدامها أيضاً لصناعة ألواح الجسيمات المعروفة أيضاً بالألواح الحبيبية، ويتم صنعها من رقائق الخشب المعالجة بالراتنج والضغط، وتُستخدم هذه الألواح في صناعة الأثاث والأرضيات والخزائن.

وهناك أيضاً ألواح الـ(OSB) وهي ألواح مصنّعة من نفايات الخشب، تتألّف من «جدائل» من الخشب يتمّ توثيقها معاً بواسطة غراء صناعي، بحيث يتم ضغط الجدائل معاً، وتستخدم هذه الألواح في مشاريع البناء وأعمال السقف.

وتعمل هذه الألواح أيضاً بوصفها بديلا مستداما للخشب الخام في مشاريع البناء، مما يسهم في حماية البيئة، وتقليل استهلاك الأشجار الحية.

بالإضافة إلى ذلك، يُمكن دمج ألياف الخشب مع الإسمنت لإنشاء مواد بناء خفيفة وقوية، مثل مركبات الخشب والإسمنت، التي تعمل على خفض الاعتماد على الإسمنت التقليدي، وتقليل البصمة البيئية لعمليات البناء.

علماء ألمان يأملون في تصنيع النايلون من النفايات الخشبية

يبحث العالم عن وسيلة لتصنيع النايلون من مورد متجدد بدلا من النفط ولكن ليس من نباتات يمكن استخدامها كغذاء، كما هو الحال مع معظم المواد البلاستيكية الصناعية اليوم. وأصل الفكرة يقوم على جرثومة عثر علماء ألمان عليها مصادفة وهي بكتيريا التربة الشائعة.
ويمكن لسلالة من الجرثومة العجيبة ذات الاسم الغريب "سيدوموناس بوتيدا" - الذي يعني الزائفة الكريهة - (وتحديدا بكتيريا من النوع بي. بوتيدا ك تي 2440) تفتيت مادة اللجنين؛ التي هي أحد مشتقات الخشب الموجودة في البيئة بوفرة لإنتاج طلائع حمض الأديبيك الذي يعد مكونا أساسيا للنايلون ذي الجودة العالية.
وقال كريستوف ويتمان (47 عاما) - وهو أستاذ نظم التكنولوجيا الحيوية في جامعة سارلاند بألمانيا- إن "إنتاج التقنية الحيوية بديل حقيقي لعملية تخليق النايلون من النفط الخام والتي تستهلك الكثير من الطاقة وتزيد من معدل الاحتباس الحراري".
ويعمل ويتمان وزملاؤه منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي على تحسين عملية تخليق النايلون، بحيث يمكن استخدامها في الصناعة في المستقبل. وقد حصلوا بالفعل على براءة اختراع لذلك.
وقد أدى تناقص الموارد والنمو السكاني العالمي إلى وجود زيادة كبيرة في الحاجة للمواد البلاستيكية المصنوعة من مواد خام متجددة. ويعمل علماء التكنولوجيا الحيوية في جميع أنحاء العالم على إيجاد تقنيات جديدة لتحل محل إنتاج البلاستيك من النفط الخام غير المتجدد.
يذكر ان النايلون الأصلي منتج يمتاز بالمتانة مقارنة بالعديد من المواد البلاستيكية المصنعة عن طريق التقنية الحيوية بالفعل كتلك التي تستخدم في التعبئة والتغليف. ولا يستخدم النايلون فقط في تصنيع الجوارب والملابس النسائية المحبوكة، ولكن له أيضا تطبيقات يدوم فيها لعقود من بينها قطع غيار السيارات والمقابس والحبال.
ويرى ويتمان ان حجم الطاقة الصغير إلى حد كبير الذي تتطلبه طريقته في إنتاج النايلون يعتبر ميزة كبيرة مقارنة بعملية البتروكيماويات التقليدية. وأضاف أن ما هو أكثر من ذلك ان حمض الأديبيك الضروري في هذه العملية يمكن إنتاجه من مادة اللجنين، التي هي إحدى مكونات الخشب والتي عادة ما يتم حرقها حاليا كنفايات، وليس من النباتات الغذائية، مثل الذرة
أو بنجر السكر. موضحا ان "هذا أمر مهم بالنظر إلى" الجدل حول مسألة إما الغذاء أو الوقود"، في اشارة الى الجدل الدائر حول تحويل الأراضي الزراعية نحو إنتاج الوقود الحيوي أو إنتاج البلاستيك الحيوي.
غير انه لا يزال هناك عدد من المشاكل تحتاج إلى حل قبل الاستخدام الصناعي لطريقة ويتمان.
وقال ويتمان : "يجب أن يتم إثبات أن منتج التقنية الحيوية من نوعية جيدة ويمكن تصنيعه بطريقة مماثلة تماما للمنتجات البتروكيماوية في المصانع القائمة".
ويعتزم ويتمان وزملاؤه القيام بهذا المشروع على مدى السنوات الثلاث المقبلة - وهو مشروع تدعمه وزارة التعليم والبحوث الاتحادية الألمانية بقيمة 4. 1 مليون يورو ( نحو 9. 1 مليون دولار).