5 حلول علمية لتعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا

أكثر من 20 % من سكان القارة تأثروا بـ«الجوع»

تحقيق الأمن الغذائي في أفريقيا يستلزم ضمان توفير أغذية آمنة (رويترز)
تحقيق الأمن الغذائي في أفريقيا يستلزم ضمان توفير أغذية آمنة (رويترز)
TT

5 حلول علمية لتعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا

تحقيق الأمن الغذائي في أفريقيا يستلزم ضمان توفير أغذية آمنة (رويترز)
تحقيق الأمن الغذائي في أفريقيا يستلزم ضمان توفير أغذية آمنة (رويترز)

رغم الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة في قارة أفريقيا والقوى العاملة الشابة، لا يزال واحدٌ من كل 5 أشخاص في القارة يعاني من الجوع؛ ما يجعلها المنطقة الأعلى في معدل انتشار الأفراد الذين يعانون من نقص التغذية على مستوى العالم.

ويوجد حوالي 64 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة المتوفرة في العالم بأفريقيا، ومع ذلك ارتفع عدد السكان الأفارقة الذين يعانون من نقص التغذية من 15.5 إلى 20.3 في المائة بين عامي 2010 و2021، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد السكان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بحلول عام 2050، ليصل لحوالي 2.1 مليار نسمة، ما سيؤدي إلى زيادة الطلب على الغذاء.

وفي حين تُبذل الجهود لتعزيز الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في أفريقيا، فإن النظم الغذائية الحالية لم تعالج احتياجاتها وأولويات القارة بشكل صحيح، وفق دراسة حديثة.

بلدان أفريقيا تحتاج لتعزيز قدراتها على الصمود والتكيف مع تغير المناخ (رويترز)

خمسة حلول

وفي محاولة لمواجهة هذه التحدي، حددت الدراسة، التي نُشرت في العدد الأخير من دورية «نيتشر إيرث آند إنفايرومنت»، 5 حلول علمية لإحداث ثورة في النظم الغذائية في أفريقيا، ومعالجة الحاجة الملحة لمكافحة الجوع، وتعزيز قدرة بلدان القارة على الصمود، والتكيف مع تغير المناخ.

وذكر الباحثون أن الحلول تركز على تطوير النظم الغذائية على الأطراف الحضرية، وإصلاح سياسات وممارسات الزراعة الحضرية، وإصلاح سياسات استخدام الأراضي، والاستثمار في التكنولوجيا والبحث والابتكار، وتعزيز القدرة على التكيف الشامل مع المناخ.

يقول الباحث الرئيسي للدراسة من «الأكاديمية الأفريقية للعلوم» في كينيا، الدكتور عبيد أوجيجا لـ«الشرق الأوسط»: «من خلال تنفيذ هذه الحلول تتمتع أفريقيا بالقدرة على أن تصبح قارة آمنة غذائياً، وتتحول من كونها مستورداً رئيسياً للأغذية إلى مصدر صاف للأغذية، ما يساهم في الأمن الغذائي العالمي». وأضاف أن تحقيق الأمن الغذائي في أفريقيا يستلزم «ضمان توفير أغذية آمنة ومغذية لجميع الأفراد، مما يمكنهم من العيش، ما يسمح لهم بأن يعيشوا حياة نشطة وصحية».

وأشار إلى أن هذه الحلول تهدف لتعزيز مرونة نظم الغذاء في أفريقيا وتحسين الأمن الغذائي، مع التركيز على توفير فرص متساوية وشاملة للجميع، بما في ذلك تعزيز دور المرأة والمجتمعات الأصلية والمزارعين الصغار.

يوجد حوالي 64 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة المتوفرة في العالم بأفريقيا (رويترز)

الزراعة الحضرية

* نظم الزراعة الحضرية وشبه الحضرية: اقترحت الدراسة تعزيز نظم الزراعة الحضرية وشبه الحضرية التي تجري على الأرض والأماكن داخل المدن والمناطق المحيطة بها. ويجري ذلك عبر استخدام جميع المساحات الحضرية المتاحة لإنتاج الغذاء، بما في ذلك الجدران العمودية، وأسطح المنازل، والحدائق المجتمعية، والأراضي الشاغرة.

ورأى الباحثون أن زراعة الخضروات والفواكه في بيئات خاضعة للرقابة، مثل الحاويات أو في الزراعة المائية عن طريق تغذيتها بالأملاح المغذية الذائبة في الماء، تمثل أيضاً فرصةً لإنتاج الغذاء المستدام، يأتي ذلك بالإضافة لاستخدام تقنيات الزراعة الذكية مناخياً، عبر استخدام المحاصيل المقاومة للجفاف والري بالتنقيط، وهذا يمكن أن يسهم بشكل كبير في توفير المنتجات الطازجة في المناطق الحضرية.

* الزراعة الحرجية الحضرية: تعدُّ الزراعة الحرجية الحضرية نظاماً زراعياً يجمع بين زراعة الأشجار مع المحاصيل الزراعية أو الماشية في المناطق الحضرية أو قربها، وهذا النهج يهدف إلى تحقيق الاستدامة البيئية وتحسين جودة الهواء، بالإضافة لتوفير الغذاء المحلي.

ووفق الدراسة، يمكن أن تشمل الممارسات في الزراعة الحرجية الحضرية زراعة الأشجار في الحدائق والمنتزهات وعلى جوانب الطرق. وتشير الدراسة إلى أهمية برامج التدريب وورش العمل حول تقنيات الزراعة الحرجية لتزويد المزارعين الحضريين بالمعرفة والمهارات اللازمة للحفاظ على نظم الأشجار والمحاصيل بشكل مستدام.

إصلاح الأراضي وتوظيف التكنولوجيا

* إصلاح الأراضي: ينبه الباحثون إلى خطورة التوسع الحضري وتأثيره على الأراضي الزراعية في أفريقيا، حيث تفقد كميات كبيرة من الأراضي الزراعية بسبب ذلك كما حدث مع دلتا النيل في مصر التي فقدت 74600 هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة بسبب التوسع الحضري بين عامي 1992 و2015.

ويقترح الباحثون تنفيذ سياسات قوية لاستخدام الأراضي، مثل تقسيمها وتخصيصها لأغراض محددة، للحفاظ على هذه الأراضي وتلبية الاحتياجات الغذائية، بالإضافة لضرورة تعزيز التنمية الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية والتحكم في التوسع الحضري، وتخصيص المساحات الخضراء والأراضي الزراعية، كما يسهم تركيز التوسع الحضري في المناطق الصحراوية في حماية الأراضي الزراعية.

* الاستثمار في التكنولوجيا: رابع حلول الدراسة ضرورة زيادة الاستثمار في التكنولوجيا والبحث والابتكار في قطاع الزراعة في أفريقيا، حيث تنفق القارة حوالي 4.3 في المائة من إجمالي إنفاقها العام على الزراعة، وهو ما يقل عن هدف الـ10 في المائة المحدد في إعلان مالابو بشأن تسريع النمو الزراعي والتحول من أجل الرخاء المشترك وتحسين سبل العيش.

وحث الباحثون على ضرورة استخدام التقنيات الرقمية لتوصيل المعلومات الزراعية وتحسين الوصول إلى الموارد ورأس المال، مؤكدين أهمية البحث والابتكار في تحويل النظام الغذائي وتعزيز التبادلات العلمية المحلية والدولية لنقل التكنولوجيا والمعرفة.

* الحد من عدم المساواة: خامس الحلول، هو ضرورة التصدي لعدم المساواة الاجتماعية وتعزيز القدرة على التكيف بين الفئات المهمشة، خصوصاً النساء والمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، لضمان الوصول العادل إلى الموارد والفرص، ما يعزز مرونة النظام الغذائي في سياق تغير المناخ. وحث الباحثون على تقليل التفاوت في الأدوار بين الجنسين في المجتمعات، خصوصاً فيما يتعلق بملكية الأراضي، والحصول على الائتمان، والخدمات المالية، والأسواق، والعمل الزراعي.


مقالات ذات صلة

المُشرفة على غذاء نجوم هوليوود تكشف لـ«الشرق الأوسط» عن أسرار سلفستر ستالون الصحّية

يوميات الشرق ترتكز في عملها على عناصر النوم والرياضة وطبيعة المهنة (أنجي قصابية)

المُشرفة على غذاء نجوم هوليوود تكشف لـ«الشرق الأوسط» عن أسرار سلفستر ستالون الصحّية

تنصح أنجي قصابية بالإكثار من شرب المياه وتناوُل الأطعمة المحتوية على الزيوت الطبيعية، مثل الأفوكادو والطحينة. أما النوم، فلا يجب الاستهتار به...

فيفيان حداد (بيروت)
الاقتصاد أطفال من قطاع غزة بانتظار المساعدات الغذائية (أ.ف.ب)

محاولة أممية لمواجهة الجوع في المنطقة العربية بـ«إعلان القاهرة»

حذّر تقرير أممي من أن المنطقة العربية ما زالت بعيدة كل البُعد عن المسار المطلوب لتحقيق أهداف الأمن الغذائي والتغذية المحددة ضمن أهداف التنمية المستدامة 2030.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد جانب من اجتماع مجلس المديرين التنفيذيين (البنك الإسلامي للتنمية)

البنك الإسلامي للتنمية يقدم تمويلات بـ575.63 مليون دولار للدول الأعضاء

وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الإسلامي للتنمية، برئاسة الدكتور محمد الجاسر، على تمويل بقيمة 575.63 مليون دولار لتعزيز التعليم والطاقة والترابط الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد فتاة تتفاعل مع تجمع الفلسطينيين لتلقي الطعام الذي تعده جمعية خيرية وسط أزمة الجوع (رويترز)

القضاء على الجوع هدف مؤجل إلى 2050 بسبب الحروب والصراعات والتغير المناخي

سيطرت السياسة على نقاشات قمة توفير الغذاء ومحاربة الجوع في أسبوع الغذاء العالمي الذي أقيم في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

هبة القدسي (أبوظبي)
المشرق العربي أفراد من القوات المسلحة الأردنية يسقطون مساعدات جوية على غزة 9 أبريل 2024 (رويترز)

طائرات عسكرية أردنية تسقط مساعدات على شمال قطاع غزة

قال مصدر رسمي إن طائرات عسكرية أردنية أسقطت، الثلاثاء، مساعدات على شمال غزة لأول مرة في خمسة أشهر للمساعدة في تخفيف وطأة الوضع الإنساني المتردي في القطاع.

«الشرق الأوسط» (عمّان)

الثقب الأسود الهائل في مجرّة درب التبانة ليس مدمّراً بقدر ما كان يُعتقد

مجرّة درب التبانة (د.ب.أ)
مجرّة درب التبانة (د.ب.أ)
TT

الثقب الأسود الهائل في مجرّة درب التبانة ليس مدمّراً بقدر ما كان يُعتقد

مجرّة درب التبانة (د.ب.أ)
مجرّة درب التبانة (د.ب.أ)

اكتشف فريق من الباحثين أقرب نجم ثنائي يُرصد على الإطلاق حول الثقب الأسود الهائل الموجود في مركز المجرّة التي ينتمي إليها كوكب الأرض؛ ما يشير إلى أن هذا الثقب ليس مدمّراً بقدر ما كان يُعتقد. وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأنظمة النجوم الثنائية المؤلفة من نجمين يدور أحدهما حول الآخر شائعة جداً في الكون وتشكل 50 في المائة من النجوم في مجرّة درب التبانة.

لكن في مركز مجرّة درب التبانة، حيث يقع الثقب الأسود الهائل «ساجيتاريوس إيه»، لا يتجاوز عدد هذه النجوم الثنائية عدد «أصابع اليد الواحدة»؛ إذ رُصدَت حتى الآن في هذا الموقع خمسة أنظمة مزدوجة فحسب، وفق ما شرحت عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة كولونيا الألمانية إيما بوردييه التي شاركت في إعداد الدراسة المنشورة الثلاثاء في مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز».

وأضافت الباحثة أن هذه المنطقة تُعَدّ «واحدة من أكثر المناطق تطرفاً» في درب التبّانة؛ إذ إن «تأثير الجاذبية الضخم للثقب الأسود الهائل يؤدي إلى مدارات نجمية شديدة الانحراف وعالية السرعة، بالإضافة إلى قوى مدّ وجزر من شأنها تعطيل الأنظمة الثنائية المحتمل وجودها وتدميرها».

ويُظهر اكتشاف النجم الثنائي أن الثقوب السوداء بهذا الحجم «ليست مدمرة بقدر» ما كان يُعتقَد، وفق ما نقله بيان للمرصد الجنوبي الأوروبي عن المُعدّ الرئيسي للدراسة فلوريان بيسكر (جامعة كولونيا).

ويقع هذا النظام المزدوج المسمى «دي 9» في مجموعة كثيفة من النجوم والأجسام الأخرى التي تدور حول «ساجيتاريوس ايه» وتسمى «الكتلة إس». وخلال أقرب مرور له، كان على بعد 0.12 سنة ضوئية فقط من الثقب الأسود.

وبالمقارنة، فإن «بروكسيما سنتوري»، أقرب نجم إلى الشمس، تفوق بأربعين مرة المسافة الفاصلة بين النجم «دي 9» و«ساجيتاريوس إيه».

وأشار المعدّ المشارك للدراسة الباحث في جامعة ماساريك (جمهورية التشيك) وجامعة كولونيا ميشال زاجاتشيك إلى أن نظام «دي 9» يُظهر «علامات واضحة على وجود الغاز والغبار بالقرب من النجوم (...)؛ ما يشير إلى أنه من الممكن أن يكون نظاماً نجمياً صغيراً جداً تشكّلَ بالقرب من الثقب الأسود الهائل».

ورجّح فرق الباحثين أن يكون عمر «دي 9» 2.7 مليون سنة فحسب، وأن تؤدي قوة جاذبية الثقب الأسود إلى اندماجه في نجم واحد خلال مليون سنة فقط.

والحداثة النسبية لعمر النجم تجعله فريداً من نوعه إلى حد ما، في حين أن الأنظمة المزدوجة الخمسة الأخرى المكتشفة حتى الآن هي نجوم ضخمة، بل ضخمة جداً، وأكثر تطوراً.

ويعتقد العلماء أن الظروف القاسية بالقرب من الثقب الأسود تمنع النجوم الجديدة من التشكل، وأن النجوم الموجودة هناك تشكلت في مناطق أكثر ملاءمة قبل أن تهاجر خلال حياتها إلى مركز المجرّة.

إلا أن اكتشاف نجم ثنائي حديث العمر «يُظهر مجدداً أن كل شيء ممكن حول ثقب أسود هائل»، بحسب بوردييه.