جراحون ينجحون للمرة الأولى في التحكم من الأرض بروبوت جراحي في الفضاء

اختصاصيون يعملون على ضبط الذراع الآلية على حامل في غرفة اختبار التوافق الكهرومغناطيسي (EMC) والتداخل الكهرمغناطيسي (EMI) في مختبرات لينكولن (أ.ف.ب)
اختصاصيون يعملون على ضبط الذراع الآلية على حامل في غرفة اختبار التوافق الكهرومغناطيسي (EMC) والتداخل الكهرمغناطيسي (EMI) في مختبرات لينكولن (أ.ف.ب)
TT

جراحون ينجحون للمرة الأولى في التحكم من الأرض بروبوت جراحي في الفضاء

اختصاصيون يعملون على ضبط الذراع الآلية على حامل في غرفة اختبار التوافق الكهرومغناطيسي (EMC) والتداخل الكهرمغناطيسي (EMI) في مختبرات لينكولن (أ.ف.ب)
اختصاصيون يعملون على ضبط الذراع الآلية على حامل في غرفة اختبار التوافق الكهرومغناطيسي (EMC) والتداخل الكهرمغناطيسي (EMI) في مختبرات لينكولن (أ.ف.ب)

نجح جراحون، نهاية الأسبوع الماضي، في التحكم عن بُعد في روبوت جراحي صغير موجود في محطة الفضاء الدولية، وفي محاكاة تقنيات أساسية مستخدَمة في أثناء العمليات من الأرض.

وتمثل هذه السابقة خطوةً جديدةً لتطوير الجراحة في الفضاء، التي قد تصبح ضرورية لعلاج حالات الطوارئ الطبية في أثناء الرحلات المأهولة التي تستمر سنوات، على سبيل المثال إلى المريخ.

ويمكن أن تساعد هذه التطورات أيضاً في تطوير الجراحة عن بُعد على الأرض، ما يفيد المناطق النائية التي تفتقر إلى الجراحين.

ويحمل الروبوت، الذي طوّرته شركة «فيرتشوال إنسيجن (Virtual Incision)»، وجامعة نبراسكا، اسم «سبايس ميرا (spaceMIRA)». وقد انطلق إلى محطة الفضاء الدولية في نهاية يناير (كانون الثاني)، عبر شحنة حملها صاروخ مصنوع من شركة «سبايس إكس». وكان موضوعاً داخل صندوق بحجم ميكروويف، ما يُسهّل نقله.

وجرى تشغيله وفحصه قبل أسبوع من جانب رائدة الفضاء لورال أوهارا، الموجودة حالياً في هذا المختبر المداري. ثم أُجريت التجربة، السبت الماضي، من المقر الرئيسي لشركة «Virtual Incision» في لينكولن بولاية نبراسكا. واستمرت نحو ساعتين وشارك فيها 6 جراحين. وتمكّن الجراحون من التحكم عن بُعد في الروبوت المزود بكاميرا وذراعين.

وقالت شركة «فيرتشوال إنسيجن»: «لقد اختبرت التجربة تقنيات جراحية قياسية مثل الإمساك بالأنسجة وتحريكها وقطعها». وجرت محاكاة الأنسجة البيولوجية بواسطة شريط مطاطي.

وفي مقطع فيديو نشرته الشركة، يمكن رؤية ذراع مزودة بكماشة لإمساك الشريط المطاطي لمده، والذراع الأخرى مزودة بمقص لقصه، وذلك لتقليد تقنية تشريح.

وتكمن صعوبة مثل هذه العملية في التأخير بين الأرض ومحطة الفضاء الدولية، الذي بلغ 0.85 ثانية.

ولتقييم التأثير، ستتم مقارنة البيانات الكاملة المجمعة من العملية بمهام مماثلة نُفذت بالمعدات نفسها، ولكن على الأرض.

ومع ذلك، فقد وُصفت التجربة بالفعل بأنها «نجاح كبير حققه الجراحون والباحثون جميعاً، وكان هناك قليل من الأخطاء، إن وُجدت»، بحسب «Virtual Incision»، التي قالت «يعتقد الجراحون بأن هذه التجربة ستغير مستقبل الجراحة». وتلقّى المشروع مساعدة مالية من وكالة «ناسا».

وتقدّر الوكالة الأميركية أنه مع تسيير مهمات استكشاف فضائية أطول مدة، «تزداد الحاجة المحتملة إلى الرعاية الطارئة، بما في ذلك العمليات الجراحية التي تتراوح بين الغرز البسيطة على الجروح، إلى أنشطة أكثر تعقيداً».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة ترحل طفلة أميركية عمرها عامان إلى هندوراس

الولايات المتحدة​ مهاجرون فنزويليون يصلون إلى مطار سيمون بوليفار بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة (رويترز)

الولايات المتحدة ترحل طفلة أميركية عمرها عامان إلى هندوراس

رحّلت الولايات المتحدة طفلة أميركية تبلغ عامين إلى هندوراس مع والدتها، حسبما أعلن قاضٍ فيدرالي في ولاية لويزيانا في جنوب الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)

الحوثيون: غارات أميركية على صنعاء وصعدة

أفادت وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثي، السبت، بأن الطائرات الأميركية استأنفت غاراتها على محافظتي صنعاء وصعدة في اليمن.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يمين) يلتقي بالرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) في كاتدرائية القديس بطرس (إ.ب.أ) play-circle 00:22

«وجهاً لوجه»... صورة لقاء ترمب وزيلينسكي خلال جنازة البابا تخطف الأنظار

التقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان، في لقاء وجهاً لوجه.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلوّح بيده خلال صعوده على متن طائرة الرئاسة بعد مراسم جنازة البابا الراحل فرنسيس في الفاتيكان (أ.ف.ب)

ترمب يغادر الفاتيكان بعد جنازة البابا ولقائه زيلينسكي

غادر الرئيس الأميركي دونالد ترمب الفاتيكان، اليوم (السبت)، بعد حضور مراسم جنازة البابا فرنسيس، وعَقد لقاء مقتضبٍ مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (روما)
آسيا صورة مركبة تُظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) ونظيره الصيني شي جينبينغ (أ.ف.ب)

بكين: لا محادثات تجارية مع واشنطن رغم مزاعم ترمب

كشفت الصين عن أنها لم تجر أي محادثات مع الولايات المتحدة بشأن القضايا التجارية، على الرغم من ادعاء الرئيس دونالد ترمب تلقيه اتصالاً هاتفياً من نظيره الصيني.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«المسلّات» جزيئات صغيرة اكتُشفت في جسم الإنسان «دورها غامض»... ماذا نعرف عنها؟

«المسلات» هي خيوط صغيرة من الحمض النووي الريبوزي منغلقة على نفسها (رويترز)
«المسلات» هي خيوط صغيرة من الحمض النووي الريبوزي منغلقة على نفسها (رويترز)
TT

«المسلّات» جزيئات صغيرة اكتُشفت في جسم الإنسان «دورها غامض»... ماذا نعرف عنها؟

«المسلات» هي خيوط صغيرة من الحمض النووي الريبوزي منغلقة على نفسها (رويترز)
«المسلات» هي خيوط صغيرة من الحمض النووي الريبوزي منغلقة على نفسها (رويترز)

تُشكل جزيئات صغيرة تشبه الفيروسات، ولكنها أبسط بكثير، لها حضور بارز في جسم الإنسان وتُسمّى «المسلات»، أحد الاكتشافات الحديثة الكبيرة، لكنها لا تزال تثير أسئلة كثيرة، ولا تتوافر في شأنها بعد معطيات مؤكدة.

وقال عالم الفيروسات في معهد علم الوراثة الجزيئي في مدينة مونبلييه الفرنسية، كريم مجذوب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «دور هذه الجزيئات في صحتنا لم يُحدَّد أو يتضح بعد».

وهذه الجزيئات عبارة عن خيوط صغيرة من الحمض النووي الريبوزي منغلقة على نفسها ولم يكن معروفاً حتى قبل أشهر قليلة أنها موجودة في جسم الإنسان، حتى اكتشفها باحثون من جامعة ستانفورد الأميركية، من خلال تحليل معمق للحمض النووي الريبوزي الموجود في مئات العيّنات البشرية.

وأوضحت دراسة هؤلاء الباحثين التي نشرتها مجلة «سل» (Cell) في نهاية 2024، أن «هذه المسلات استعمرت الميكروبيومين البشري والكوكبي من دون أن يلاحظها أحد قبل الآن».

وقد أحدث هذا الاكتشاف ضجة واسعة بسبب الانتشار الواسع لهذه المسلات وطبيعتها التي ليس لها مثيل بالمقارنة مع الهياكل التي سبق أن رصدها علماء الفيروسات والأحياء الدقيقة.

أبسط من الفيروسات

وهذه المسلات التي سميت على هذا النحو نظراً لبنيتها الشبيهة بعنق النبتة، تذكّر ربما بالفيروسات المكوّنة عادةً من تسلسل حمض نووي ريبوزي يمكن أن يتطفل على خلايا الإنسان ويجعلها تنتج نسخاً جديدة منه.

وكما يمكن اعتبار الفيروسات هياكل بسيطة جداً مقارَنةً بالبكتيريا، تتسم المسلات بأنها أكثر بساطة حتى من الفيروسات؛ إذ إن تسلسل الحمض النووي الريبوزي الخاص بها أقصر، وعلى عكس معظم الفيروسات، تتجول بحرية، من دون أن تكون محصورةً في كبسولة بروتينية.

وتُذكّر المسلاّت أيضاً بجزيئات اكتُشفت منذ عقود لكنها غير معروفة إلى حد كبير؛ لأن دراستها اقتصرت تقريباً على النباتات، هي الفيرويدات، وهي عبارة عن خيوط من الحمض النووي الريبي من دون غلاف.

لكن المسلات تتميز عن الفيرويدات بأنها أكثر تعقيداً بعض الشيء. فالفيرويدات لا تجيد استنساخ نفسها، في حين أن المسلات تبدو، مثل الفيروسات، قادرة على التحكم في إنتاج البروتينات.

ولا تتوافر معطيات بعد عن وظائف هذه المسلات، وهي أحد الأسئلة الكثيرة التي أثارها اكتشافها.

ورأى بعض الباحثين أن لها دوراً، قد يكون إيجابياً أو سلبياً، في صحة الإنسان، وإلا لما بقيت بوفرة داخل جسمه. لكنّ كثراً يحاذرون من الخروج باستنتاجات.

وقال مجذوب إن ثمة «وجهة نظر مفادها أن الأشياء موجودة لأن لها غرضاً في الكائن الحي، وهذه ليست بالضرورة الحال دائماً». ولاحظ أن «وجود المسلات يعود إلى أن التطور البشري مكّنها من البقاء».

إلا أن الباحث شرح أن بعض الهياكل المماثلة أثبتت تأثيراتها، بدءاً بموضوع دراسته، وهو فيروس التهاب الكبد الوبائي من النوع «د»، وهو في الواقع خيط دائري من الحمض النووي الريبي لا يمكنه العمل إلا بطريقة تابعة بالاشتراك مع فيروس التهاب الكبد الوبائي «ب» الأكثر تعقيداً.

بقايا قديمة؟

وثمة سؤال كبير آخر تطرحه المسلات: هل تعطينا أدلة حول حيثيات ظهور الحياة على كوكب الأرض؟

في رأي بعض الخبراء أن المسلات تنضم إلى الفيرويدات في إضفاء صدقية على فرضية «عالم الحمض النووي الريبوزي»، وهي فكرة مفادها أن أشكالاً بسيطة جداً من الحياة، قائمة على الحمض النووي الريبوزي، كانت موجودة قبل ظهور الحمض النووي.

ويشكل الحمض النووي المادة الوراثية للإنسان، ويُترجم إلى بروتينات بواسطة خلايا الإنسان من خلال المرور عبر الحمض النووي الريبوزي، الأقل استقراراً بكثير. أما «عالم الحمض النووي الريبوزي» فأكثر بساطة، لكنه يتكون أيضاً من كائنات حية أقل تعقيداً إلى حد كبير من الحياة الحالية.

وأشار مجذوب إلى أن المسلات والفيرويدات قد تكون، وفقاً لبعض العلماء، «بقايا ما يمكن تسميته حساء الحمض النووي الريبي الأصلي».

لكنّ التمهّل مستحسن هنا أيضاً، فوجود المسلات قد يدعم هذه المقولة، ولكن من الممكن أيضاً أن إنتاجها يتم عشوائياً بواسطة الخلايا والبكتيريا، من دون أن تكون مصدراً من بقايا الماضي البعيد.

ويلتزم مكتشفوها التحفظ أصلاً. وقال المعدّ الرئيسي للدراسة إيفان زيلوديوف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في الوقت الراهن، ليست لدينا الأدوات التي تسمح لنا بتقدير مدى ارتباط المسلات ببعضها، وبالتالي كم عمرها». وأضاف: «أفضل الامتناع عن التكهن».