فساتين مُحاكة روبوتياً لمختلف الأذواق

تُنسَج من خيوط حساسة للحرارة تُغيِّر أشكالها وأنماطها

فساتين مُحاكة روبوتياً لمختلف الأذواق
TT

فساتين مُحاكة روبوتياً لمختلف الأذواق

فساتين مُحاكة روبوتياً لمختلف الأذواق

في صباح أحد أيام عطلة نهاية الأسبوع من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، احتشد العشرات من العملاء في المتجر الرئيسي التابع لشركة «منستري أوف سابلاي Ministry of Supply»، (وزارة التموين)، في مدينة بوسطن حول ذراع روبوت يحمل مسدساً حرارياً.

فستان متغير لمختلف الأذواق

كان الروبوت المخصص، الذي تبلغ تكلفته نحو 30 ألف دولار، هناك لعرض أحدث نسخة من شركة الملابس لـ«خط الحياكة رباعي الأبعاد 4D knit line»، وهو فستان يتغير شكله وأسلوبه عند تعرضه لدرجات حرارة عالية.

يبدو الشكل الأوّلي لهذا الفستان الرمادي بلا أكمام مثل فستان واسع وفضفاض ويمكن ارتداؤه كما هو. لكن شكله يعدّ لوحة قماشية فارغة تساعد على تحول الفستان إلى كثير من الأنماط الأخرى.

على سبيل المثال، يمكن للعميل الذي يدخل إلى متجر «وزارة التموين» بحثاً عن فستان على شكل حرف A أن يشاهد مسدس التسخين وهو يشد القماش حول الجذع، مما يسمح للتنورة بالظهور بشكل أوسع بينما يأخذ الفستان شكل مثلث أكثر -كل ذلك في الوقت الفعلي.

وتعاونت الشركة مع مختبر التجميع الذاتي التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير الفستان، بمساعدة منحة قدرها مليون دولار. وتعود الشراكة بين متجر الملابس والمختبر إلى إطلاق مشروع Active Textiles عام 2017 الذي طور سترة منشَّطة بالحرارة في عام 2018 وأقنعة مطبوعة ثلاثية الأبعاد خلال الأيام الأولى لفيروس كورونا.

لكنّ السترة «لم تكن مريحة»، كما تقول جيهان أماراسيريواردينا، المؤسِّسة المشاركة ورئيس «وزارة التموين»، إذ لم يرغب أحد في ارتدائها ولم تكن فعالة. والجزء الآخر هو أن الأمر كله لم يكن مناسباً؛ إذ لا يستطيع الناس غسل تلك المنتجات.

ابتكار الخيوط النشطة

معظم الابتكارات التي عملت عليها الشركة مع مختبر التجميع الذاتي في السنوات الخمس الماضية كانت مرتبطة بملمس القماش ومتانته. تقول أماراسيريواردينا إن نسيج الفستان غالباً ما يُقارن بـ«قطن الكشمير». ولضمان أن يكون الثوب مريحاً، يتم دمج الخيوط النشطة –وهي المادة المحبوكة التي تستجيب للحرارة– داخل خيوط الفيسكوز التي تستخدمها الشركة بالفعل في الكثير من منتجاتها الأخرى. يجري تصنيع خيوط الفيسكوز من السليلوز المستخرج من لب الخشب، الذي تقول أماراسيريواردينا إنها تحاكي كتل الليغو التي يمكن إعادة هيكلتها لتأخذ خصائص مختلفة، مثل القدرة على التخلص من الرطوبة. وتضيف: «إنها تتمتع بجميع فوائد القطن، كما لو أنها قابلة للتحلل الحيوي، ولكن يمكننا الحصول على كل الأداء الذي نتوقعه من البوليستر الخاص».

خيوط حرارية تشكّل الملابس

جرت معالجة عملية التنظيف أيضاً. قال سكايلر تيبيتس، المؤسس والمدير المشارك لمختبر «Self Assembly»، إنه عندما تعرضت السترة لدرجات حرارة عالية في المجفف، أدى ذلك إلى تحفيز الخيوط التي كانت تربط السترة معاً، مما أدى إلى تغيير شكلها وحجمها. رفع فريق العمل درجة حرارة تفعيل الفستان إلى 110 درجات مئوية، أو 230 درجة فهرنهايت (تتراوح درجة حرارة المجففات عادةً بين 120 و145 درجة فهرنهايت، اعتماداً على إعدادات الحرارة).

«نحت» ملابس شخصية حسب الطلب

في حين أنه قد يبدو من الصعب توسيع نطاق منتج مصنوع بذراع آلية عملاقة ومكلفة، إلا أن تيبيتس يقول إن عملية التصنيع الفريدة يمكن أن تؤدي إلى خفض التكاليف، «إنها في الواقع أرخص على هذه الجبهة لأنه يتعين علينا فقط إنتاج (وحدة حفظ المخزون) واحدة». ويضيف: «ليس علينا إنتاج كل الأحجام. لديك أيضاً هذه التجربة حيث تأتي إلى المتجر، ويمكنك التحدث عن الطريقة التي تريدها أن تناسبك، ويمكنك التحدث عن نوع النمط الذي تريده، وبعد ذلك أمام عينيك مباشرة يمكن نحت الفستان ليكون اللباس الذي تملكه أنت فقط، ولا يملكه أي شخص آخر».

في الوقت الحالي، تجري تجربة الفستان المنسوج رباعي الأبعاد ممّا يقرب من 20 عميلاً اشتروا رصيداً من المتجر بقيمة 500 دولار يمكنهم استخدامه لشراء الفستان في نهاية المطاف أو استبدال ملابس أخرى به من «وزارة التموين» ذات القيمة المعادلة، إذا كانوا يفضّلون الحصول على المال منه.

ملابس فريدة لمختلف الأحجام

ويقدِّر تيبيتس أنه بمجرد تسويق الفستان، سيكلّف ما بين 200 و300 دولار، على الرغم من أن «هذا من المحتمل أن ينخفض بمرور الوقت مع كمية المواد المطلوبة وأوقات الحياكة المثلى. وهو يعتقد أن الفستان سوف يجذب المستهلكين الذين يجدون صعوبة في العثور على ملابس بحجمهم، أو الذين يبحثون عن شيء فريد من نوعه، أو الذين يأملون في ترك الموضة السريعة وراءهم».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

كيف يُسرّع الذكاء الاصطناعي مسار الاكتشافات العلمية؟

علوم باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)

كيف يُسرّع الذكاء الاصطناعي مسار الاكتشافات العلمية؟

قد تشهد مختبرات العلوم في مجالات الكيمياء والكيمياء الحيوية وعلوم المواد، تحولاً جذرياً؛ بفضل التقدم في التشغيل الآلي للروبوتات والذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام المتكررة في المختبرات؛ حيث تُمكّن الأتمتة، الروبوتات من إجراء التجارب بدقة وتناسق عالٍ دون تعب؛ ما يسرع من وتيرة البحث بشكل كبير ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتعامل مع المواد الخطرة.

محمد السيد علي (القاهرة)
تكنولوجيا إيلون ماسك أثناء مشاركته الافتراضية بـ«مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض (رويترز)

إيلون ماسك: سيكون هناك 10 مليارات روبوت بهيئة بشرية بحلول 2040

قال الملياردير إيلون ماسك، خلال «مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار» الذي انطلق الثلاثاء في الرياض، إنه بحلول عام 2040 سيكون هناك ما لا يقل عن عشرة مليارات روبوت.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق البدلة الروبوتية «ووك أون» (المعهد الكوري للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة)

روبوت متطور لمساعدة مرضى الشلل التام على المشي

طوّر فريق من الباحثين من المعهد الكوري للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة (KAIST) روبوتاً قابلاً للارتداء؛ ليساعد الأشخاص المصابين بالشلل التام على المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا السيدة اتهمت روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار (رويترز)

سيدة تتهم روبوت دردشة بدفع ابنها إلى الانتحار

اتهمت سيدة أميركية روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار بعد أن أصبح «مهووساً به».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الروبوت يقطف الفراولة في 2.5 ثانية فقط (جامعة إسكس)

روبوت يحصد الفراولة ويغلّفها في 2.5 ثانية فقط

أعلنت جامعة بريطانية عن اختبار روبوت منخفض التكلفة قادر على قطف الفراولة وتغليفها في ثوانٍ، وذلك ضمن خطة طموحة لمعالجة نقص العمالة في قطاع الزراعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

كيف يُسرّع الذكاء الاصطناعي مسار الاكتشافات العلمية؟

باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
TT

كيف يُسرّع الذكاء الاصطناعي مسار الاكتشافات العلمية؟

باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)

في عصر تزداد فيه الحاجة إلى حلول مبتكرة لمواجهة التحديات العالمية في مجالات الصحة والطاقة، لا يزال كثير من المختبرات الحديثة تعتمد بشكل كبير على العمل اليدوي، ما يحد من سرعة ودقة التجارب العلمية.

لكن تحولاً جذرياً قد تشهده مختبرات العلوم في مجالات الكيمياء، والكيمياء الحيوية، وعلوم المواد؛ بفضل التقدم في التشغيل الآلي للروبوتات والذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام المتكررة في المختبرات.

وتُمكّن الأتمتة، الروبوتات من إجراء التجارب بدقة وتناسق عالٍ دون تعب؛ ما يسرع من وتيرة البحث بشكل كبير ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتعامل مع المواد الخطرة.

يمكن الاعتماد على الروبوتات في تنفيذ المهام المتكررة بالمختبرات (جامعة نورث كارولينا)

ويحرر هذا التحول العلماء من الأعمال الروتينية؛ ما يسمح لهم بالتركيز على أسئلة بحثية أكثر تعقيداً، ويعزّز من سرعة وفاعلية الاكتشافات العلمية في مجالات مثل الطب والطاقة والاستدامة.

5 مراحل

يعمل باحثون في قسمي علوم الكومبيوتر والكيمياء بجامعة نورث كارولاينا الأميركية على دراسة كيفية دمج الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام الروتينية في المختبرات، باستخدام روبوت متحرك لأتمتة مهام مختبر الكيمياء.

ويشير الباحثون، في الدراسة المنشورة بدورية «ساينس» في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى أن هذه الخطوة لا تعزز الكفاءة فحسب، بل تمثل أيضاً تحولاً جذرياً في طريقة إجراء الأبحاث العلمية، ما يتيح تحقيق نتائج مذهلة بشكل أكثر أماناً وموثوقية.

أوضح الباحثون أن أتمتة المختبرات تمر بـ5 مراحل تبدأ بالمساعدة في المهام البسيطة وتنتهي بالتشغيل الآلي الكامل. في المرحلة الأولى، يتم تنفيذ مهام فردية كالتعامل مع السوائل لتخفيف العبء الروتيني، ثم في المرحلة الثانية، ينفّذ الروبوت خطوات متتالية مع بقاء العاملين من البشر للإعداد والإشراف.

أتمتة المختبرات قد تحدث تحولاً جذرياً في طريقة إجراء الأبحاث العلمية (جامعة نورث كارولينا)

وفي المرحلة الثالثة، يدير الروبوت التجارب بالكامل مع تدخل بشري عند الظروف الطارئة، بينما في الرابعة يصبح الروبوت قادراً على التعامل مع هذه الظروف بمرونة أكبر.

أما في المرحلة الخامسة، فتعمل الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل تماماً؛ ما يمكّن المختبرات من العمل المستمر دون تدخل بشري، ويعزز سرعة الاكتشافات العلمية والابتكار.

فوائد وتحديات

يقول الدكتور رون ألتيروفيتز، الباحث في الروبوتات الطبية بجامعة نورث كارولاينا، إن تطوير جزيئات ومواد كيميائية جديدة يتطلب جهوداً بشرية مكثفة، تشمل تصميم التجارب وتوليف المواد وتحليل النتائج، فيما يمكن لأتمتة المهام الروتينية أن تسرّع هذه العمليات وتزيد دقتها، عبر تنفيذ الخطوات بتناسق أعلى وتقليل الأخطاء، ما يعزز إمكانية إعادة إنتاج النتائج.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الروبوتات يمكن أن تساهم في نقل العينات وإجراء القياسات وتقليل المخاطر المرتبطة بالمواد الخطرة؛ ما يعزز سلامة الباحثين. كما يمكنها تحليل كميات ضخمة من بيانات التجارب، واكتشاف الأنماط والرؤى غير الملحوظة للبشر، خصوصاً في التجارب التي تتطلب مراقبة مستمرة أو إنتاج كميات كبيرة من البيانات، مثل الفحص عالي الإنتاجية المستخدم في اكتشاف الأدوية.

ووفق شركة «يونايتد روبوتيكس غروب» المتخصصة في تطوير الروبوتات وحلول الأتمتة، فإن الروبوتات توفر فائدة مالية رئيسية تتمثل في زيادة الكفاءة والإنتاجية؛ إذ يمكن لأتمتة أنظمة المختبرات الأساسية تقليل خطوات المعالجة اليدوية بنسبة تصل إلى 86 في المائة، ما يعزز الكفاءة ويخفض تكاليف العمالة.

يمكن للروبوتات تحليل كميات ضخمة من بيانات التجارب واكتشاف الأنماط والرؤى غير الملحوظة للبشر

في السياق نفسه، كشفت مؤسسة «مايو كلينيك» الطبية الأميركية أن الأتمتة أدت إلى زيادة حجم العمل اليومي لـ10 أضعاف في بعض المختبرات، ما يرفع الإنتاجية ويتيح التعامل مع الطلب المتزايد في الأبحاث الطبية والعلمية.

وفي مجال الكيمياء المناعية، وهي تقنية مخبرية تستخدم لتحديد توزيع البروتينات والجزيئات داخل الأنسجة، ساعدت الأتمتة في معالجة المزيد من شرائح الأنسجة بزمن أقل، مما خفض زمن المعالجة بنسبة 15.22 في المائة والتكلفة لكل شريحة بنسبة 37.27 في المائة، وفق «يونايتد روبوتيكس غروب».

ولا تقتصر الفوائد على تقليل الزمن والتكلفة، بل تشمل تحسين الدقة وتقليل الأخطاء، وهو أمر حيوي في مجالات حساسة كعلم الجينوم واكتشاف الأدوية، وفق الباحثين.

وأظهرت تجربة، بمستشفى «إلبلاند كلينيكوم مايسن» في ألمانيا عام 2023، كيف تسهم الروبوتات في تحسين كفاءة المختبرات وتقليل عبء العمل، خصوصاً مع نقص الكوادر.

وفيما يتعلق بالتحديات، أشار ألتيروفيتز إلى أن الأتمتة تُنفذ حالياً في مهام محدودة بالمختبرات، ولتحقيق التنفيذ الكامل، يتطلب الأمر تطوير مهارات في الروبوتات وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى ضخ استثمارات في البنية التحتية وبرامج التدريب، ما قد يشكل عبئاً مالياً كبيراً. كما يتطلب تعاوناً بين الباحثين والمهندسين وعلماء الكومبيوتر لتحقيق الفائدة الكاملة من هذه التقنية.