دراسة جديدة: تحورات فيروس جدري القردة تهدد بإصابات أكثر

تحدث في الجين المستهدَف من قِبل جهاز المناعة البشري

دراسة جديدة: تحورات فيروس جدري القردة تهدد بإصابات أكثر
TT

دراسة جديدة: تحورات فيروس جدري القردة تهدد بإصابات أكثر

دراسة جديدة: تحورات فيروس جدري القردة تهدد بإصابات أكثر

التحور المستمر لفيروس جدري القردة يزيد خطر ظهور سلالة أكثر عدوى من الفيروس الاستوائي؛ إذ يؤدي انتشار الفيروس بين الناس إلى صنع المزيد من النسخ من نفسه؛ ما يزيد من خطر ظهور طفرات جديدة قد تجعل السلالة أكثر قدرة على الانتقال أو أكثر خطورة.

* مسببات الأمراض حيوانية المصدر مسؤولة عن أغلب الأوبئة الحديثة *

فيروسات حيوانية المنشأ

كان تأثير «كوفيد - 19» والأوبئة المعاصرة الأخرى على صحة الإنسان وسبل عيشه قد سلط الضوء على الحاجة إلى فهم أفضل لاتجاهات انتشار الأمراض المعدية؛ إذ إن مسببات الأمراض الفيروسية حيوانية المصدر تتسبب بمعظم الأوبئة الحديثة؛ لأنها تقفز من الحياة البرية أو الحيوانات الأليفة إلى البشر من خلال الصيد والتعدي على بيئتها وتربية الماشية المكثفة.

ومن المتوقع أن يؤدي تغير المناخ وغيره من أشكال التغير البيئي الناتج من النشاط البشري إلى زيادة تواتر الأحداث غير المباشرة حيوانية المنشأ، في حين أن زيادة الكثافة السكانية البشرية تسهل انتشار الوباء بصورة كبيرة.

وقال باحثون في المملكة المتحدة برئاسة آن أوتول من معهد البيئة والتطور بجامعة إدنبرة المملكة المتحدة وزملائها في البحث المنشور في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 في مجلة «ساينس» Science: إن فيروس جدري القردة يتحور بمعدل أعلى بكثير في الوقت الحاضر مما كان عليه في عام 2018 عندما تم اكتشاف حالات عرضية فقط.

وأظهر تحليلهم، أن الطفرات تركزت بشكل خاص على الجين الذي يهاجمه جهاز المناعة البشري لمنع الفيروس من التحور؛ ما يساعد الفيروس على تفادي جهاز المناعة. ووجد المؤلفون، أن الطفرات تركزت على منطقة الجينوم التي تستهدفها إنزيمات الجهاز المناعي البشري وهي قادرة على تغيير القواعد داخل الشفرة الجينية التي تمنع الفيروس من التكاثر. وأضافوا، أن التغييرات المتكررة في هذا الجين تشير أيضاً إلى انتقال الجدري من إنسان إلى آخر بدلاً من الأحداث غير المباشرة المتكررة.

أعراض جدري القردة

كان هذا الجدري تاريخياً متوطناً في غرب ووسط أفريقيا ولم يتسبب إلا في حالات متفرقة عندما انتقل الفيروس من القوارض، ولكن في عام 2022 ظهر وباء عالمي أدى إلى 30 ألف حالة إصابة و55 حالة وفاة في الولايات المتحدة وحدها وكانت كاليفورنيا ونيويورك وتكساس الأكثر تضرراً. وقد تم تسجيل أكثر من 64 ألف إصابة في مائة دولة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المملكة المتحدة وإسبانيا وألمانيا، لكن حالات العدوى المتفرقة استمرت في الظهور طوال عام 2023؛ ما يشير إلى أن المرض لا يزال ينتشر.

إلا أن معظم حالات العدوى خفيفة ويمكن علاجها باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات وعزل المرضى حتى تهدأ الأعراض. ومع ذلك، في الحالات الخطيرة يمكن أن يؤدي المرض إلى مضاعفات بما في ذلك التهاب الدماغ ومشاكل في القلب والعين.

غالباً ما يسبب الجدري أعراضاً تشمل الطفح الجلدي والحمى والصداع وآلام العضلات وتضخم الغدد اللمفاوية، ويمكن أن تستمر الآفات الجلدية لمدة تصل إلى شهر أو أكثر. وينتشر المرض عن طريق الاتصال الجسدي الوثيق مع مريض مصاب أو ملابسه أو ملاءات الأسرّة، حيث تعطى مضادات الفيروسات ومسكنات الألم لمعظم الأشخاص للمساعدة في التعافي، بالإضافة إلى مطالبتهم بالبقاء في المنزل.

وخلص العلماء في نهاية المطاف إلى أن تفشي المرض غير المسبوق كان مرتبطاً بالجنس بين الرجال المثليين ومزدوجي التوجه الجنسي في الحفلات الصاخبة في إسبانيا وبلجيكا؛ مما يمثل خروجاً كبيراً عن النمط النموذجي لانتشار هذا الجدري في أفريقيا، حيث لم ينتشر تفشي المرض عبر الحدود.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثّل حالة طوارئ عامة

صحتك ممرض يأخذ عيّنة من طفل مشتبه في إصابته بمرض جدري القردة بجمهورية الكونغو الديمقراطية في 19 يوليو 2024 (رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثّل حالة طوارئ عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الاثنين)، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثّل حالة طوارئ صحية عامة، وأصدر المدير العام للمنظمة مجموعة معدلة من التوصيات المؤقتة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أوروبا صورة مجهرية مكبّرة لفيروس «إمبوكس» (رويترز)

السلطات الصحية البريطانية تحقق في إصابة بفيروس «إمبوكس»

أعلنت السلطات الصحية البريطانية، الاثنين، اكتشاف إصابة بفيروس «إمبوكس» من سلالة «كلايد 1 بي» لم يبلغ فيها المريض عن أي سفر أو اتصال بأشخاص مصابين آخرين. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا ينتشر جدري القردة عن طريق الاتصال الوثيق ويسبب أعراضاً تشبه تلك الناجمة عن الإنفلونزا (أرشيفية - رويترز)

الصين ترصد سلالة فرعية متحورة جديدة من جدري القردة

قالت السلطات الصحية في الصين، اليوم (الخميس)، إنها رصدت سلالة فرعية متحورة جديدة من جدري القردة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

تحذيرات من ازدياد تركيز الزرنيخ في الأرز المسوّق في أميركا

تحذيرات من ازدياد تركيز الزرنيخ في الأرز المسوّق في أميركا
TT

تحذيرات من ازدياد تركيز الزرنيخ في الأرز المسوّق في أميركا

تحذيرات من ازدياد تركيز الزرنيخ في الأرز المسوّق في أميركا

حذّرت بعض عناوين الأخبار الرئيسية المثيرة للقلق أخيراً من أن الأرز المبيع في الولايات المتحدة يحتوي على مستويات خطيرة من الزرنيخ. واستند هذا الخبر إلى تقرير - نُشر في مايو (ايار) الماضي من قِبل منظمة Healthy Babies Bright Futures، وهي منظمة غير ربحية تُركز على الحد من تعرض الأطفال للمواد الكيميائية السامة - الذي سلّط الضوء على مخاوف حقيقية، كما يقول الخبراء.

معدن ثقيل له أضرار كبيرة

يُعدّ الزرنيخ أحد المعادن الثقيلة الكثيرة الشائعة في الأرز، وقد ارتبط بضعف نمو الدماغ لدى الأطفال، بالإضافة إلى السرطان والسكري وأمراض القلب لدى البالغين.

صرحت مارغريت كاراغاس، أستاذة علم الأوبئة في كلية دارتموث جيزل للطب، بأن النتائج تُثير القلق بشكل خاص بالنسبة للنساء الحوامل والأطفال الصغار ومن يتناولون الأرز بانتظام. لكنها قالت إن الخبر السار هو أن هناك طرقاً لتقليل التعرض له.

ماذا كشف التحليل الجديد؟

جمع الباحثون 145 عيّنة أرز تُباع على «أمازون» وفي متاجر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك متاجر «تريدر جوس» و«سيفواي» و«كوستكو» و«تارغت». وكان الأرز إما مزروعاً في الولايات المتحدة أو مستورداً من دول أخرى. كما اشترى الفريق حبوباً مثل الكسكس، والفارو، والكينوا والحنطة، وأرسلوها جميعاً إلى مختبر لاختبار المعادن الثقيلة.

زرنيخ غير عضوي

كشفت هذه الاختبارات عن أن جميع عينات الأرز تحتوي على نوع من الزرنيخ يُسمى الزرنيخ غير العضوي inorganic arsenic، وهو الأكثر سميةً وتهديداً للصحة.

وقد تجاوز تركيزه في نحو ثلث تلك العينات، الحد الأقصى الذي توصي به إدارة الغذاء والدواء الأميركية للزرنيخ غير العضوي في حبوب الأرز المخصصة للأطفال الرضع. وفي المتوسط، احتوت العينات على كمية من الزرنيخ تفوق 28 ضعفاً الكمية الموجودة في الحبوب الأخرى التي خضعت للاختبار.

* أعلى المستويات رُصدت في الأرز الأميركي والايطالي. وأظهر التحليل أيضاً أن الأرز البني يحتوي على كمية من الزرنيخ أعلى من الأرز الأبيض. وتختلف المستويات باختلاف مكان زراعة الأرز. عُثر على أعلى تركيزات في أرز أربوريو الإيطالي، والأرز الأبيض والبني من جنوب شرق الولايات المتحدة.

* أدنى المستويات في البسمتي. بينما احتوت أرز السوشي والياسمين وأنواع أخرى من الأرز الأبيض من كاليفورنيا، بالإضافة إلى أرز الياسمين من تايلاند وأرز بسمتي من الهند، على أدنى المستويات.

الأرز البني أخطر

وصرح دوجين ريو، أستاذ علم السموم الغذائية بجامعة ميسوري، بأنه على الرغم من عدم نشر النتائج في مجلة (علمية) محكمة، فإنها تتوافق مع الأبحاث السابقة. ويُعدّ الأرز ومنتجاته عادةً أكثر مصادر الغذاء تركيزاً للزرنيخ غير العضوي، وفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأميركية.

وأوضحت فيليسيا وو، أستاذة سلامة الأغذية وتقييم المخاطر في جامعة ولاية ميشيغان، أن الأرز البني يميل إلى احتواء مستويات أعلى من الزرنيخ مقارنةً بالأرز الأبيض؛ لأن المكونين الخارجيين لحبوبه، النخالة والجنين - حيث يتركز المعدن الثقيل - سَليمان.

وأضافت وو، أن الاختلافات حسب المنطقة ترجع أساساً إلى تفاوت كميات الزرنيخ في التربة والمياه؛ اذ تمتص نباتات الأرز كميةً أكبر من الزرنيخ مقارنةً بالمحاصيل الأخرى، ويعود ذلك جزئياً إلى أنها تُزرع عادةً في حقول الأرز المغمورة بالمياه؛ ما يُسهّل على جذورها امتصاص هذا المعدن الثقيل.

تأثيرات خطرة على أدمغة الأطفال

أكدت كاراغاس أنه لا يوجد مستوى آمن معروف للتعرض للزرنيخ، ولكنه يُثير القلق بشكل خاص على الأجنة والرضع والأطفال الصغار؛ إذ يبدو أن هذا المعدن الثقيل يؤثر على نموهم وتطور أدمغتهم. ويميل الرضع والأطفال الصغار إلى استهلاك الكثير من الأرز ومنتجاته، مثل حبوب الأرز، ويرجع ذلك جزئياً إلى سهولة تناوله. ولأن أجسامهم صغيرة جداً؛ فإنهم أكثر تأثراً بالتعرض للزرنيخ من البالغين.

ومع ذلك، قد يكون هذا المعدن الثقيل غير آمن لكبار السن أيضاً. وأضافت كاراغاس أن البالغين الذين يتناولون مستويات منخفضة من الزرنيخ على مر السنين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض صحية، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطان.

من جهتها، أضافت ريو أن من الصعب تقدير كيفية تأثير التعرض للزرنيخ من الأرز تحديداً على المخاطر الصحي؛ لأنه لا توجد أبحاث كافية لتحديد الكمية الآمنة للأكل. ولكن إذا كنت أنت أو عائلتك تتناولون الأرز بانتظام وكنتم قلقين بشأن التعرض له، فهناك طرق لتقليله.

كيف يمكنك تقليل خطر الإصابة بالزرنيخ؟

الزرنيخ موجود في كل مكان حولنا - في التربة، وفي مياه الشرب، وفي الهواء. تقول ريو: «لا يوجد شيء اسمه صفر» من التعرض. إليك بعض الطرق لتقليله.

* نوّع حبوبك. حبوب مثل الكينوا والدخن والفارو مغذية وتحتوي على مستويات أقل بكثير من الزرنيخ مقارنةً بالأرز. بالنسبة لحبوب الأطفال، جرب المنتجات المصنوعة من حبوب مثل الشوفان أو الشعير.

* حضّر الأرز بطريقة مختلفة. يمكن أن يؤدي طهي الأرز مثل المعكرونة - عن طريق غليه في كمية كبيرة من الماء ثم تصفيته - إلى خفض مستويات الزرنيخ بنسبة 40 في المائة إلى 60 في المائة، وفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأميركية. تشير الأبحاث أيضاً إلى أن غلي الأرز في كمية كبيرة من الماء لمدة خمس دقائق، ثم تصفيته وإضافة المزيد من الماء لإكمال طهيه، له الفاعلية نفسها.

* افحص ماء الصنبور. يجب أن تستوفي أنظمة المياه العامة الحدود الفيدرالية أو الولائية للزرنيخ، ولكن أوصت كارغجاس بفحص المياه القادمة من بئر خاص. وأضافت أنه في حال ارتفاع مستويات الزرنيخ، فإن تركيب نظام ترشيح مياه، مثل مرشح التناضح العكسي، يمكن أن يخفضها. تجدر الإشارة إلى أن أباريق ترشيح المياه الشائعة، غير معتمدة لإزالة الزرنيخ.

* خدمة «نيويورك تايمز»