سترة «مصبوغة بالبكتيريا» ثمنها 5000 دولار

تصميم بيئي وفق مبادئ البيولوجيا التركيبية

قطعة عالية الجودة ذات بصمة كربونية طفيفة
قطعة عالية الجودة ذات بصمة كربونية طفيفة
TT

سترة «مصبوغة بالبكتيريا» ثمنها 5000 دولار

قطعة عالية الجودة ذات بصمة كربونية طفيفة
قطعة عالية الجودة ذات بصمة كربونية طفيفة

بدأ الأمر أولاً بوشاح «مصبوغ» بالبكتيريا في المختبر. والآن، تحول متجر «نورمال فينومن أوف لايف NPOL «Normal Phenomena of Life متجراً فاخراً يقدم عبر الإنترنت منتجات الموضة والجمال ونمط الحياة التي «تم تطويرها حسب الطلب» بواسطة الميكروبات.

زيت من الفطريات وسترة بكتيريا

ويتم تصميم هذه المنتجات باستخدام البيولوجيا التركيبية - وهي ممارسة علمية تعمل على هندسة الأنظمة البيولوجية لتكتسب سمات وقدرات جديدة - وتشمل المنتجات الأولى للمتجر زيت الوجه المشتق من الفطريات (80 دولاراً)، والمطبوعات المعززة بحبر الطحالب (245 دولاراً)، وسترة الاستكشاف Exploring Jacket المميزة للشركة (4895 دولاراً)، ملونة بواسطة بكتيريا فصيلة Streptomyces coelicolor، وهي نوع من فصيلة المتسلسلات.

سترة استكشاف بصبغة بيولوجية

تصمم سترة الاستكشاف - حسب الموقع الإلكتروني لمختبر «فيبر فيوتشرز» الذي طورها - للبس لكلا الجنسين بجيوب ضخمة وغطاء رأس واسع لحماية مرتديها أثناء المغامرات في أماكن غير معروفة. وهي تصنع من الحرير ومصبوغة بطبقة من بكتيريا المتسلسلات البرية. وكل سترة استكشاف فريدة من نوعها. يقوم هذا الميكروب المنتج للصبغة بإنشاء أنماط مخصصة تتراوح من اللون الأزرق إلى الأحمر. والدفعة الحالية للسترة هي باللون الوردي بشكل أساسي.

أزياء مصصمة بيولوجيا

وتقول ريبيكا باركر في مجلة «فاست كومباني»: إن كل هذه العناصر متاحة للشراء في المملكة المتحدة. ويعدّ هذا المتجر مشروعاً مشتركاً بين استوديو أبحاث التصميم الحيوي Faber Futures ومقرّه المملكة المتحدة، والذي أسسته نتساي اودري تشيزا، والمديرة الإبداعية لشركة Ginkgo Bioworks، كريستينا أجاباكيس.

وسيتم افتتاح المتجر، الذي تم الإعلان عنه في مهرجان لندن للتصميم في سبتمبر (أيلول)، بعد أسابيع قليلة من أسبوع الموضة في باريس، وهو أحد أكبر الأحداث نصف السنوية في الصناعة. ومع اشتعال المناقشات حول البصمة العالمية لقطاع الأزياء والتأثير غير المتناسب لممارساته على أزمة المناخ. يري متجر NPOL أن يكون مركزاً لنوع جديد وأكثر استدامة من الصناعة لأنه يقدم صناعة تجمع بين التصميم والبيولوجيا.

معرض للمنتجات المصممة بيولوجياً في لندن

تكنولوجيا حيوية

وسرعان ما أدرك المصممون أنهم سيكونون مسؤولين ليس فقط عن جوانب التصميم للعملية، ولكن أيضاً عن بناء سلسلة التوريد بأكملها للسلع التي يبيعها المتجر. تقول تشيزا: «ما بدأ كـ(دعونا نصمم متجراً) أصبح سريعاً جداً (حسناً، نحن في الواقع نبني خط أنابيب لتطوير المنتجات للمنتجات التي تعتمد على التكنولوجيا الحيوية)»، موضحةً أن المتجر «أصبح فعلياً عميلاً للشركات التي تعمل على تطوير التقنيات». التي تنتج عروض المتجر.

تعدّ منتجات المتجر، التي يتم إنشاؤها من خلال ممارسات طبيعية مثل التخمر البكتيري، فريدة من نوعها بطبيعتها. يتم تحديد النمط الموجود على عنصر مثل سترة الاستكشاف من خلال كيفية تفاعل مجموعة معينة من البكتيريا مع قطعة معينة من القماش، التي تتناسب مباشرة مع رؤية تشيزا. إنها تريد تحدي الأساليب التقليدية في إنتاج الملابس، والتي تركز بشدة على الإفراط في اتجاهات الموضة الجديدة وسرعة زوالها. توضح تشيزا قائلاً: «كان عصر البترول يدور حول مركزية التصنيع، وكان يدور حول كميات كبيرة من المواد المتجانسة... لدينا توقعات محددة للغاية حول كيفية تصرف المواد عندما يتم تصنيعها بهذه الطريقة».

صبغة مستخلصة من البكتريا

ممارسات طبيعية صديقة للبيئة

من خلال التعامل مع الممارسات الطبيعية، تتوصل NPOL إلى إنشاء قطع عالية الجودة ذات بصمة كربونية أقل بكثير. يتم استخدام كميات أقل من المياه لصبغ البكتيريا مقارنة بالممارسات التقليدية، حيث تنمو البكتيريا في بيئة مختبرية. ولا تحتاج إلى أرض زراعية، على عكس النباتات التي تستخدم للغرض نفسه. نظراً لأن الشركات التي تتعاون مع المتجر تنتج مواد يصعب قياسها، فإن العلامة التجارية لديها كمية محدودة من المنتجات التي تقدمها بسعر مرتفع.

تقول تشيزا إن المنتجات في الوقت الحالي موجّهة نحو مستهلك السلع الفاخرة المهتم بالاستدامة والمهتم بتأثيرها البيئي. لكنها تعتقد أنه مع توسع نطاق شركاء المتجر وعملياته، سيصبح الوصول إلى التكنولوجيا والمنتجات الخاصة بهم أكثر سهولة. «نريد أن نكون مكاناً تتعرف فيه على قوة علم الأحياء في إزالة الكربون وإزالة المواد السامة من سلاسل التوريد، ولكننا نريد أن يكون ذلك ممتعاً. نريد أن يكون ذلك جذاباً».

خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

بيئة حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

قررت فنلندا البدء في طمر الوقود النووي المستنفد في أول مقبرة جيولوجية بالعالم، حيث سيتم تخزينه لمدة 100 ألف عام.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
أوروبا 2023 أكثر السنوات سخونة في العالم منذ بدء تسجيل درجات الحرارة (إ.ب.أ)

أوروبا تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة الشهر المقبل بعد «صيف الموجات الحارة»

من المتوقَّع أن تشهد أوروبا ارتفاعاً في درجات الحرارة، مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، بشكل غير معتاد، بعد صيف من موجات الحر والجفاف في جنوب شرقي القارة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
بيئة قصر تاج محل يظهر وسط الضباب الدخاني الكثيف في أغرا بالهند (أ.ف.ب)

دراسة: خفض التلوث في العالم قد يضيف سنتين إلى أعمارنا

كشفت دراسة جديدة عن أنه من الممكن إضافة نحو عامين إلى متوسط ​​عمر الفرد المتوقع إذا خفض العالم بشكل دائم التلوث المرتبط بالجسيمات الدقيقة لتلبية المعايير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق تعمل هيئة المساحة على إبراز كافة المواقع المكتشفة من فوهات وأحافير وكهوف تجاوزت 300 كهف (هيئة المساحة الجيولوجية السعودية) play-circle 00:37

السعودية: فوهة الوعبة ضمن أجمل المعالم الجيولوجية بالعالم

كشف المتحدث الرسمي لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، أن فوهة الوعبة جرى اختيارها وترشيحها ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جدة)
بيئة من أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

منظمتان غير حكوميتين تقاضيان الاتحاد الأوروبي بسبب أهدافه البيئية

قررت منظمتان بيئيتان رفع دعوى قضائية ضد المفوضية الأوروبية لأنها حددت أهدافاً مناخية «غير كافية» للدول الأعضاء في انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاق باريس المناخي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

الطائرات المُسيّرة... ابتكارات متعددة لتحسين جهود مكافحة الأمراض

الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
TT

الطائرات المُسيّرة... ابتكارات متعددة لتحسين جهود مكافحة الأمراض

الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)

يتنامى دور الطائرات المُسيّرة «الدرونز» في عديد من المجالات، من بينها مجال الصحة العامة ومكافحة الأمراض، حيث تقدم هذه التكنولوجيا حلولاً مبتكرة للوصول إلى المناطق النائية، وتُسهم في تقليل انتشار المرض.

ويمثّل استخدام الطائرات المُسيّرة في مكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض تطوراً مهماً في الصحة العامة؛ حيث يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والفاعلية في السيطرة على انتشار الأمراض، وحماية صحة الإنسان.

وفي السنوات الأخيرة، استُخدمت الطائرات المُسيّرة لمكافحة الملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا، عبر إطلاق ذكور البعوض العقيمة في المناطق المستهدفة، وتُحلّق الطائرات المزوّدة بصندوق مليء بالبعوض العقيم فوق هذه المناطق، وتطلق الحشرات التي تتزاوج مع الإناث، ما يقلّل من النسل، وهي وسيلة فعّالة وآمنة لتقليل تجمّعات البعوض الناقل للأمراض.

وعلى مدى الأعوام الخمسين الماضية زاد انتشار الأمراض الفيروسية المنقولة بواسطة البعوض، مثل حمى الضنك وزيكا، وتُعدّ بعوضة «الزاعجة المصرية» ناقلاً رئيسياً لهذه الأمراض، وانتشارها تزايَد بسبب التحضر وتغيّر المناخ، ما أطال موسم انتقال الأمراض.

الطائرات المُسيرة يمكنها إطلاق البعوض بشكل آلي (برنامج البعوض العالمي)

ويعيش حوالي 53 في المائة من سكان العالم في مناطق مناسبة لانتقال حمى الضنك، خصوصاً في آسيا وأفريقيا والأميركتين، ما يؤثر على أكثر من 100 دولة.

ولمكافحة حمى الضنك، استخدم باحثون في برنامج البعوض العالمي (WMP) بأستراليا نهجاً مبتكراً، ينطوي على نشر بكتيريا «ولباشيا» في البعوض، التي تمنع انتقال الفيروسات، لكن تطبيق هذه الاستراتيجية على نطاق واسع كان يمثّل تحدياً، بسبب الجهد والوقت، والقدرة على استخدام الطرق اليدوية التقليدية.

نظام آلي

ولإجراء هذه العملية بدقة وأمان طوّر الباحثون ببرنامج البعوض العالمي نظاماً آلياً لنقل البعوض باستخدام الطائرات المُسيّرة، قادراً على حمل 160 ألف بعوضة بالغة، ونُشرت النتائج بعدد 31 يوليو (تموز) 2024 من دورية «Science Robotics».

ويمكن للنظام الآلي إطلاق البعوض في مجموعات صغيرة، كما أنه مزوّد بنظام تحكّم يحافظ على البعوض في حالة تخدير وصحة جيدة حتى يتم إطلاقه في مجموعات من 150 بعوضة.

وفي أول تجربة ميدانية في جزر فيجي جنوب المحيط الهادي وجد الفريق أن الإطلاق الجوي أدّى لتوزيع متساوٍ للبعوض مقارنةً بالطرق التقليدية الأرضية، وفي التجربة الثانية في فيجي انتقلت عدوى «ولباشيا» من البعوض المصاب إلى البعوض البرّي، علاوةً على ذلك نُفّذت هذه العملية عن بُعد بأمان وكفاءة.

يقول الباحث الرئيسي للفريق في برنامج البعوض العالمي، الدكتور جيريمي جيلز، إن استخدام الطائرات المُسيّرة لإطلاق البعوض يحمل العديد من المزايا، أبرزها القدرة على تغطية مناطق واسعة، وبكفاءة أكبر من الطرق اليدوية الأرضية، ما يعزّز فاعلية هذا التدخل.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الطائرات تقلّل من الحاجة إلى استخدام فِرق أرضية كبيرة لنشر البعوض؛ لأنها تتم عن بُعد، ومن ثم تنخفض مخاطر السلامة المرتبطة بالوصول للمناطق الوعرة أو غير الآمنة».

وأشار إلى أن الآلية الجديدة لتوزيع البعوض التي نفّذها الفريق في فيجي يمكن أن تُساهم بشكل كبير في تحسين هذا النهج، ما يُساهم في تعزيز جهود مكافحة حمى الضنك، والأمراض الأخرى المنقولة بواسطة البعوض على نطاق عالمي.

مهام متعددة

ولا يقتصر دور الطائرات المُسيّرة على إطلاق البعوض بشكل آلي، حيث استخدمت خلال السنوات الأخيرة في مهام عدة، منها جمع البيانات حول توزيع وأماكن وجود البعوض، ما يساعد في توجيه جهود المكافحة بشكل أكثر دقةً.

واستُخدمت الطائرات المسيّرة أيضاً لمراقبة البيئات التي يصعب الوصول إليها، مثل المستنقعات والغابات الكثيفة حيث يتكاثر البعوض، ليس ذلك فحسب، بل استُخدمت لتحديد مواقع تكاثر البعوض، من خلال التصوير الجوي وتقنيات التصوير الحراري، في تجارب أُجرِيت في زنجبار وتنزانيا، وهذه البيانات تساعد في استهداف المناطق التي تحتاج إلى تدخل عاجل، سواءً من خلال رشّ المبيدات الحشرية، أو إزالة مواقع المياه الراكدة التي تشكّل بيئة مناسبة لتكاثر البعوض الناقل للأمراض.

كما استعانت بلدان عدة، منها كندا والولايات المتحدة وروسيا، بالطائرات المُسيّرة كذلك في توزيع المبيدات الحشرية بكفاءة على مساحات واسعة، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها بوسائل أخرى، مثل المستنقعات والمياه الراكدة، وهذه الطريقة تضمن توزيعاً أكثر دقة، ما يقلّل الاستخدام المفرط للمبيدات، ويحُدّ من تأثيرها البيئي السلبي.

ووفق الباحثين، فإن ما يميّز الطائرات المُسيّرة أنها تتيح التدخل السريع في المناطق المتضررة من تفشّي الأمراض، ما يساعد في السيطرة على الوضع بشكل أسرع، وبتكلفة أقل من الطرق التقليدية.