في ظل سباق عالمي نحو تبنّي تقنيات النقل الذكي والقيادة الذاتية، تبرز دول مجلس التعاون الخليجي في موقع الريادة عبر خطط طموحة ورؤى استراتيجية تُعيد صياغة شكل التنقّل في المنطقة.
فمن السعودية التي تستهدف أن تكون 15 في المائة من المركبات العامة في الرياض ذاتية القيادة بحلول 2030، إلى دبي التي تطمح إلى جعل ربع وسائل النقل ذاتية القيادة مع نهاية العقد؛ تتشكّل ملامح تحول شامل يمسّ المدن والبنى التحتية وأنماط الحياة اليومية.
وفي قلب هذه التحولات، يؤكد المدير التنفيذي للخدمات والتجارب الرقمية في «جنرال موتورز أفريقيا والشرق الأوسط»، لويس دي لا كروز، أن الاتصال ليس مجرد عنصر تقني، بل هو «المحرك الخفيّ» الذي يمكّن هذه الرؤى من الانتقال من الطموح إلى الواقع، ويضع المنطقة على خريطة الابتكار العالمي في قطاع النقل.
الاتصال
يرى دي لا كروز أن عنصر الاتصال غالباً ما يُستهان به رغم كونه محورياً في نجاح هذه التحولات، موضحاً: «المركبات الحديثة لم تعد مجرد وسائل نقل، وإنما أنظمة بيئية متكاملة للحركة، تعتمد على تكامل البنية التحتية الرقمية وأجهزة الاستشعار والخدمات المعتمدة على البيانات».
ويؤكد أن النجاح يتطلّب توافقاً بين التقنيات المتقدمة وتجارب استخدام سلسة وأنظمة أمان راسخة، في إطار تفاعل إيجابي بين الحكومات والمجتمع.
خطوات عملية في المنطقة
وشهدت المنطقة خطوات ملموسة؛ إذ أطلقت دبي برامج تجريبية لسيارات الأجرة ذاتية القيادة وتستكشف استخدام روبوتات التوصيل، فيما تتحرك الرياض سريعاً نحو إدخال أساطيل ذاتية القيادة في شبكات النقل العام.
ويقول دي لا كروز: «نحن في (أونستار) ندعم هذا التحول عبر تقنيات مبتكرة مثل نظام (Super Cruise)، الأول والوحيد للمساعدة في القيادة دون استخدام اليدَين على الطرق السريعة المفتوحة، مع إنجاز خرائط (ليدار) في عمان والكويت والبحرين، وتقدم العمل في السعودية استعداداً للطرح الإقليمي».

السلامة
يشدّد المدير التنفيذي للخدمات والتجارب الرقمية في «جنرال موتورز أفريقيا والشرق الأوسط» على أن السلامة تمثّل الأساس لأي منظومة نقل ذكية، موضحاً أن التقنيات الحديثة تقلّل إرهاق السائق وتحسّن الاستجابة في الطوارئ، خاصة على الطرق الطويلة في الخليج. وأضاف: «خصائص السلامة الاستباقية مثل التنبيهات الفورية والتشخيصات المتقدمة تضمن جاهزية المركبة وتدعم سلامة السائقين والركاب».
المستخدم في مركز التجربة
بات السائقون يتوقّعون الاتصال الرقمي الكامل بوصفه جزءاً أساسياً من تجربة القيادة. ويشير دي لا كروز إلى أن التكامل السلس عبر تطبيقات الهواتف الذكية أصبح معياراً، ويقول: «خدماتنا تتيح الاتصال السهل؛ الأمر الذي يتيح إمكانيات الوصول عن بُعد والتخصيص باللغتَين العربية والإنجليزية، مما يلبي توقعات المستخدم العصري».
القيادة الذاتية
على الرغم من أن الانتشار الكامل للمركبات ذاتية القيادة قد يستغرق سنوات، فإن الأسس التنظيمية والتقنية تُبنى الآن في السعودية والإمارات. ويقول دي لا كروز: «تقنيات مثل (Super Cruise) ستبدأ الظهور في أسواق مختارة من الخليج، بدءاً من طرازات 2026، ونعمل مع الحكومات لبناء بنية تحتية تُعيد تعريف النقل في الشرق الأوسط».
أهمية استراتيجية
ويختم المدير التنفيذي للخدمات والتجارب الرقمية في «جنرال موتورز أفريقيا والشرق الأوسط» بتأكيده أن تطوير قطاع التنقّل في الخليج «ليس طموحاً تقنياً فحسب، بل ضرورة اجتماعية»، مشيراً إلى أن أنظمة النقل الأكثر ذكاءً واستدامة تؤثر إيجاباً على الإنتاجية وجودة الحياة والتنمية الحضرية، وتفتح آفاقاً اقتصادية جديدة. وأضاف: «بالتعاون بين الحكومات ومزوّدي التقنية وصانعي السيارات، يمكننا الوصول إلى مستقبل تندمج فيه المركبات المتصلة والقيادة الذاتية والتحول الرقمي بسلاسة في الحياة اليومية».

