علاج جيني يُعيد القدرة على السمع ويعزّز الرؤية

يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)
يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)
TT

علاج جيني يُعيد القدرة على السمع ويعزّز الرؤية

يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)
يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)

طوّر باحثون بكلية الطب في جامعة «هارفارد» الأميركية علاجاً جينياً للمصابين بمتلازمة «آشر من النوع 1F»، وهي حالة نادرة تسبّب الصمم والعمى التدريجيين.

وأظهرت نتائج دراستهم المنشورة في مجلة «جورنال أوف كلينيكال إنفيستيغيشن»، أنّ طريقة جديدة لتقديم نسخة مصحَّحة من الجين المعيب الذي يسبّب متلازمة «آشر PCDH15»، أعادت السمع في نماذج لفئران التجارب، وأظهرت تقدّماً في تحسين الرؤية بعضيات شبكية العين لدى القردة والرئيسيات غير البشرية.

ويُعدّ هذا العلاج الجيني التجريبي الثاني لمتلازمة «آشر» الذي طوّره مختبر أستاذ العلوم الطبية الانتقالية في كلية الطب بجامعة «هارفارد»، ديفيد كوري.

وكانت بحوث سابقة أظهرت أنّ استراتيجية مختلفة لتوصيل الجينات أعادت السمع في الفئران. وتوفّر الطريقة الجديدة خياراً ثانياً في حال ثبُت أنّ النهج الأول غير آمن أو غير فعّال عند اختباره على البشر.

قال كوري، المؤلّف الرئيسي للدراسة، في بيان، الجمعة: «من دون تجربة سريرية على البشر لا يمكننا معرفة ما إذا كان علاجنا الجيني الأول يُعيد الوظيفة الطبيعية»، مشدّداً على أنّ «الاستراتيجية الجديدة تمنحنا دعماً أكبر في حال فشل العلاج الأول. وقد يتبيّن لنا بمجرّد اختبار العلاج الجديد على المرضى أنه أفضل من العلاج الأول».

واجه الباحثون تحدّياً رئيسياً في تصميم علاج باستخدام جين «PCDH15»، نظراً إلى أنه كبير الحجم ولا يتناسب مع الغلاف المجوّف للفيروس، المعروف اختصاراً بـ«AAV»؛ وهو بمنزلة المركبة الأكثر شيوعاً والأكثر أماناً المستخدمة لنقل الجينات إلى الخلايا المُستهدف علاجها.

كانت الاستراتيجية السابقة للفريق تتضمّن تقليص حجم «PCDH15» إلى جين آخر صغير يمكن أن يتناسب مع حجم الفيروس الحامل له داخل جسم المريض. لكن الاستراتيجية الجديدة نجحت في قطع الجين بالكامل إلى نصفين، وإدخال كل نصف في الفيروس الحامل له (AAV)، قبل توصيله إلى الأذن الداخلية أو العين. هناك، ينضم النصفان ويبدآن في توجيه الخلايا لإنتاج البروتين الذي يشفّره الجين «PCDH15» بشكل صحيح.

ويُولد الأشخاص المصابون بمتلازمة «آشر من النوع 1F» من دون سمع أو قدرة على الإحساس بتوازن الجسم. كما أنهم يفقدون بصرهم تدريجياً. وقد نجح النهج الجديد من العلاج في استعادة السمع والإحساس بالتوازن لدى الفئران.

ووفق نتائج الدراسة، أدّى العلاج إلى رفع مستويات الجين المطلوب في الخلايا الحساسة للضوء في عضيات الشبكية البشرية وشبكيات العين لدى الرئيسيات غير البشرية مثل القردة. كما انتقل البروتين إلى المكان الصحيح في تلك الخلايا.

تشير كلتا النتيجتين إلى أنّ استراتيجية العلاج قد تعمل يوماً ما على تعزيز الرؤية لدى المرضى من البشر.

وهو ما علّقت عليه المؤلّفة الأولى للدراسة، أستاذة علم الأعصاب في مختبر كوري، طبيبة العيون في كلية الطب بجامعة «هارفارد»، مارينا إيفانشينكو، قائلة: «هذه النتائج مثيرة للاهتمام. ففي حين يمكن لغرسات القوقعة معالجة فقدان السمع لدى مرضى متلازمة آشر من البشر، لا علاجات حالياً لخلل الرؤية المرتبط بتلك المتلازمة لدى البشر».


مقالات ذات صلة

تقنية واعدة لإعادة تدوير البطاريات بكفاءة عالية

يوميات الشرق توجد بطاريات الليثيوم أيون في كل مكان في حياتنا اليومية من الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية (جامعة جراتس للتكنولوجيا)

تقنية واعدة لإعادة تدوير البطاريات بكفاءة عالية

أظهرت نتائج دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين الصينيين، أن عملية بسيطة وعالية الكفاءة وصديقة للبيئة، يمكن أن توفر مساراً لإعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك الأسماء المستندة إلى الشكل قد تُسهم في تطوير اللغة لدى الأطفال بعد الجراحة (جامعة ميامي)

طريقة لتطوير لغة الأطفال بعد زراعة قوقعة الأذن

الأطفال الذين يمتلكون مفردات تحتوي على نسبة أعلى من الأسماء المستندة إلى الشكل، مثل «كرسي»، بعد فترة قصيرة من زراعة القوقعة؛ يُظهرون تطوراً لغوياً أفضل لاحقاً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
بيئة رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني

تشير دراسة جديدة إلى أن موجات الحر قد تزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو اضطراب في ضربات القلب، إلى ضعفين أو 3 أضعاف، لا سيما إذا لم يكن القلب بصحة جيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق فريق البحث بكلية الطب بجامعة واشنطن يجري دراسات للتحقق من فاعلية اللقاح الجديد (جامعة واشنطن)

لقاح جديد يمنع عودة سرطان الثدي

أظهرت تجربة سريرية أُجريت في كلية الطب بجامعة واشنطن الأميركية نتائج مشجعة للقاح تجريبي يهدف إلى منع عودة أورام سرطان الثدي الثلاثي السلبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق أشارت الدراسة إلى أن ضغط الدم سجّل مستوى أعلى لدى الشخص الذي التقى للتو بصديق ينطبق عليه في الواقع وصف «صديق عدو» (متداولة)

«العلاقات السامة»... كيف تكتشفها وتتعامل معها؟

أشارت دراسة جديدة إلى أن العلاقات المتناقضة يمكن أن تكون مرهقة ومضرة بصحتنا العقلية والجسدية، وتُعرف هذه العلاقات ﺑ«العلاقات السامة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دراسة: هرمونات التوتر هي المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة

قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)
قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)
TT

دراسة: هرمونات التوتر هي المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة

قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)
قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)

أشارت دراسة حديثة إلى أن هرمونات التوتر - وليس ضعف إشارات الإنسولين الخلوية - قد تكون المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة.

وأفادت الورقة البحثية التي أجرتها مؤسسة «روتغيرز هيلث» الأميركية ومؤسسات أخرى في تغيير فهمنا لكيفية تطور مقاومة الإنسولين الناجمة عن السمنة وكيفية علاجها.

وقال كريستوف بويتنر، رئيس قسم الغدد الصماء والأيض والتغذية في كلية روبرت وود جونسون الطبية بجامعة روتغيرز والمؤلف الرئيسي للدراسة: «لقد كنا مهتمين بالآليات الأساسية لكيفية تحفيز السمنة لمرض السكري. ونظراً لأن تكلفة وباء السكري في الولايات المتحدة وحدها تتجاوز 300 مليار دولار سنوياً، فإن هذا سؤال بالغ الأهمية».

وقد تساعد النتائج الجديدة في تفسير سبب إصابة بعض الأفراد البدناء بمرض السكري بينما لا يصاب به آخرون ولماذا يمكن أن يؤدي الإجهاد إلى تفاقم مرض السكري حتى مع زيادة الوزن قليلاً.

ولطالما اعتقد العلماء أن السمنة تسبب مرض السكري من خلال إضعاف طريقة إشارات الإنسولين داخل خلايا الكبد والدهون. ويظهر البحث الجديد أن الإفراط في تناول الطعام والسمنة يزيدان من توتر الجهاز العصبي في الجسم، وأن المستوى المتزايد من هرمونات التوتر النورادرينالين والأدرينالين يعاكس تأثيرات الإنسولين على الرغم من أن إشارات الإنسولين الخلوية لا تزال تعمل.

ولاحظ المؤلفون أن الإفراط في تناول الطعام لدى الفئران الطبيعية يزيد من هرمون التوتر النورادرينالين في غضون أيام، ما يشير إلى مدى سرعة تحفيز الطعام الزائد للجهاز العصبي.

ولرؤية تأثير هذا الإنتاج الزائد للهرمون في تحفيز تطور المرض، استخدم الباحثون بعد ذلك نوعاً جديداً من الفئران المعدلة وراثياً والتي تكون طبيعية في كل شيء باستثناء شيء واحد: فهي لا تستطيع إنتاج هرمونات التوتر وتٌدعى الكاتيكولامينات خارج أدمغتها وأجهزتها العصبية المركزية.

وأطعم الباحثون هذه الفئران نظاماً غذائياً عالي الدهون والسكريات المسبب للسمنة، ولكن على الرغم من أنها تناولت نفس عدد السعرات الحرارية وأصبحت بدينة مثل الفئران العادية، فإنها لم تصب بأمراض التمثيل الغذائي.

ويقول بويتنر: «لقد سررنا برؤية أن فئراننا تناولت نفس الكمية، لأن هذا يشير إلى أن الاختلافات في حساسية الإنسولين وافتقارها إلى أمراض التمثيل الغذائي لا ترجع إلى انخفاض تناول الطعام أو انخفاض السمنة ولكن بسبب انخفاض هرمونات التوتر بشكل كبير». وتابع الباحث: «لا تستطيع هذه الفئران زيادة هرمونات التوتر التي تعاكس الإنسولين؛ وبالتالي، لا تتطور مقاومة الإنسولين أثناء تطور السمنة».

وقال بويتنر: «إن كثيرا من أنواع الضغوط - الضغوط المالية، والضغوط الزوجية، والضغوط المرتبطة بالعيش في مناطق خطرة أو المعاناة من التمييز أو حتى الضغوط البدنية كلها تزيد من الإصابة بمرض السكري وتتآزر مع الضغوط الأيضية الناجمة عن السمنة». وأردف: «إن اكتشافنا أن السمنة نفسها تسبب في المقام الأول أمراض التمثيل الغذائي من خلال زيادة هرمونات التوتر يوفر نظرة ثاقبة جديدة للأساس المشترك لكل هذه العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري. إن الضغوط والسمنة، في الأساس، تعملان من خلال نفس الآلية الأساسية في التسبب في مرض السكري، من خلال عمل هرمونات التوتر».

والنتيجة غير المتوقعة للدراسة الجديدة هي أن إشارات الإنسولين يمكن أن تظل غير مصابة بأي أذى حتى في حالات مقاومة الإنسولين مثل السمنة. الأمر فقط أن النشاط المتزايد لهرمونات التوتر «يدفع دواسة الوقود بقوة أكبر»، ما يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم والدهون. على الرغم من أن مستوى تأثير «الكبح» للإنسولين يظل كما هو، فإن تأثير دواسة الوقود المتسارع للكاتيكولامينات يطغى على تأثير الكبح للإنسولين ويؤدي إلى انخفاض عمل الإنسولين نسبياً.

ويخطط بويتنر والمؤلف الأول للدراسة، كينيتشي ساكاموتو، أستاذ مساعد في الغدد الصماء في كلية روبرت وود جونسون الطبية، لإجراء دراسات بشرية لتأكيد نتائجهم. كما يفحصون دور الجهاز العصبي وأشكالا أخرى من مرض السكري، بما في ذلك مرض السكري من النوع الأول.

وتابع المؤلف الرئيسي في الدراسة: «نرغب في دراسة ما إذا كان الإفراط في التغذية على المدى القصير، كما يعاني بعضنا خلال العطلات من زيادة الوزن من خمسة إلى عشرة أرطال، يزيد من مقاومة الإنسولين مع زيادة تنشيط الجهاز العصبي الودي». وقال بويتنر: «قد تؤدي النتائج في نهاية المطاف إلى مناهج علاجية جديدة لمعالجة مقاومة الإنسولين والسكري والأمراض الأيضية، مع التركيز على تقليل هرمونات التوتر بدلاً من استهداف إشارات الإنسولين. نأمل أن تقدم هذه الورقة وجهة نظر مختلفة حول مقاومة الإنسولين، قد تفسر أيضاً سبب عدم زيادة أي من الأدوية المستخدمة حالياً لعلاج مقاومة الإنسولين، باستثناء الإنسولين نفسه، لإشارات الإنسولين الخلوية بشكل مباشر».

جدير بالذكر أن دراسة جديدة منشورة في دورية «ذا لانسيت» أول من أمس (الخميس) أشارت إلى أن أكثر من 800 مليون بالغ حول العالم مصابون بمرض السكري، وهو ما يعادل ضعف ما توقعته تقييمات سابقة. كما أظهرت الدراسة أن أكثر من نصف المصابين الذين تزيد أعمارهم على 30 عاما لا يتلقون العلاج. وأضافت الدراسة أنه في عام 2022 كان 828 مليون شخص تبلغ أعمارهم 18 عاما فأكثر مصابين بمرض السكري من النوعين الأول والثاني.