علاج جيني لفاقدي البصر يُحسّن الرؤية 10 آلاف ضعف

مرض ضمور الشبكية الوراثي يؤدي إلى فقدان شديد للرؤية (جامعة أريزونا)
مرض ضمور الشبكية الوراثي يؤدي إلى فقدان شديد للرؤية (جامعة أريزونا)
TT

علاج جيني لفاقدي البصر يُحسّن الرؤية 10 آلاف ضعف

مرض ضمور الشبكية الوراثي يؤدي إلى فقدان شديد للرؤية (جامعة أريزونا)
مرض ضمور الشبكية الوراثي يؤدي إلى فقدان شديد للرؤية (جامعة أريزونا)

كشفت دراسة أميركية عن علاج جيني أظهر تحسّناً هائلاً في الرؤية لدى المصابين بحالة وراثية نادرة تُسبّب فقدان البصر منذ الطفولة.

وأوضح الباحثون في جامعة بنسلفانيا أنّ العلاج يحسّن الرؤية بمقدار 100 ضعف لدى بعض المرضى، في حين حقّق البعض الآخر تحسّناً وصل إلى 10 آلاف ضعف بعد تلقّي أعلى جرعة منه، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «ذا لانسيت». وشارك في التجربة 15 مريضاً يعانون ضمور الشبكية الوراثي، الذي يؤدّي إلى فقدان شديد للرؤية منذ الطفولة المبكرة.

وينتج هذا المرض عن خلل في جين يُسمَّى «GUCY2D»؛ وهو جين مهم لإنتاج البروتينات الضرورية لوظيفة الخلايا الحساسة للضوء في الشبكية. ويعاني المرضى ضعفاً شديداً في الرؤية لا يمكن تصحيحه بالنظارات، كما يواجهون صعوبة في الرؤية حتى في الإضاءة الجيّدة. وتُعدّ هذه الحالة سبباً رئيسياً للعمى الوراثي لدى الأطفال، وتؤثر في نحو 100 ألف شخص حول العالم.

وعانى جميع المشاركين في التجربة ضعفاً شديداً في الرؤية؛ إذ كانت قدرتهم على الرؤية لا تتجاوز 20/80 أو أسوأ، ما يعني أنّ المصاب يجب أن يكون على بُعد 20 قدماً لرؤية ما يمكن لشخص طبيعي رؤيته بوضوح من مسافة 80 قدماً.

وخلال الدراسة، اختُبِرت 3 جرعات مختلفة من العلاج الجيني المُسمَّى «ATSN-101» الذي حُقن جراحياً تحت الشبكية. وتلقّت مجموعات من 3 بالغين جرعات منخفضة ومتوسّطة وعالية، وجرت تقييمات للتأكد من سلامة العلاج قبل الانتقال إلى الجرعة التالية.

وفي المرحلة الثانية من الدراسة، أُعطيت الجرعة العالية لكل من البالغين والأطفال بعد مراجعة سلامة الجرعات السابقة.

ولوحظت التحسينات بسرعة، خلال الشهر الأول من تلقّي العلاج، واستمرّت لـ12 شهراً على الأقل.

وأظهرت الاختبارات، التي شملت القدرة على التنقّل في مستويات إضاءة مختلفة، أنّ 3 من بين 6 مرضى تلقّوا أعلى جرعة حقّقوا أعلى النتائج الممكنة.

وأفاد الباحثون بأنّ اثنين من المرضى التسعة الذين تلقّوا الجرعة العالية شهدا تحسّناً بمقدار 10 آلاف ضعف في الرؤية. وأظهرت النتائج أنّ العلاج الجيني للعمى بعد سنوات حقّق استجابة ملحوظة للمستقبلات الضوئية.

وركزت الدراسة أيضاً على تقويم أمان العلاج وجرعاته، وسجّلت بعض الآثار الجانبية المرتبطة بالإجراءات الجراحية، مثل نزيف تحت سطح العين تعافى لاحقاً، والتهابات عولجت.

وأعرب الباحثون عن رضاهم بالنتائج، مؤكدين أهمية تطوير العلاج واستهداف مراحل مبكرة من المرض لضمان أفضلها، مع استمرار التأكد من سلامة العلاج قبل تعميم استخدامه.


مقالات ذات صلة

الإضاءة الليلية الشديدة تزيد خطر الإصابة بألزهايمر

صحتك الأضواء المستمرة في بعض الأماكن حول العالم تُعدّ ظاهرة شائعة (رويترز)

الإضاءة الليلية الشديدة تزيد خطر الإصابة بألزهايمر

أفادت دراسة أميركية بأن التعرض المُفرط للإضاءة الليلية يمكن أن يزيد خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، خصوصاً لدى الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 65 عاماً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

العبث بأنفك قد يزيد من خطر إصابتك بألزهايمر

أشارت دراسة جديدة إلى أن العبث بالأنف (وضع الإصبع به) قد يزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التعرض المطول لتلوث الهواء والضوضاء قد يزيد من خطر العقم (رويترز)

تلوث الهواء والضوضاء يزيدان خطر العقم

كشفت دراسة جديدة عن أن التعرض المطول لتلوث الهواء والضوضاء قد يزيد من خطر العقم.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
العالم الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

خبير فرنسي: الصين لم تعد تملك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا

يرى الخبير الفرنسي زافييه أوريغان المتخصص بالعلاقات الصينية - الأفريقية، أن الصين لم تعد تمتلك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)
يوميات الشرق عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)

كشف أسباب بقاء هياكل الديناصورات سليمة لملايين السنين

كشفت دراسة جديدة لعلماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأميركية عن سر بقاء هياكل الديناصورات سليمة لملايين السنين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

المضادات الحيوية تنقذ أطفال أفريقيا

المضادات الحيوية تنقذ أطفال أفريقيا
TT

المضادات الحيوية تنقذ أطفال أفريقيا

المضادات الحيوية تنقذ أطفال أفريقيا

رغم المخاوف التي تجتاح الأوساط الطبية في العالم كله بسبب الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، لكن لا يوجد جدال حول أهميتها الطبية في إنقاذ مئات الآلاف من الأرواح، بشرط أن يتم إعطاؤها بجرعات معينة في حالات محددة للإصابات البكتيرية.

وحسب أحدث بحث أجراه علماء من جامعة كاليفورنيا California University بالولايات المتحدة ونشر في نهاية شهر أغسطس (آب) من العام الحالي في مجلة «نيو إنغلاند» الطبية New England Journal of Medicine يمكن للعلاج بالمضاد الحيوي إنقاذ حياة آلاف الأطفال.

وفيات الأطفال الصغار

تمثل وفيات الأطفال تحت عمر الخامسة مشكلة طبية كبيرة في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، ويكفي أن نعرف أن عدد وفيات الأطفال في عام 2022 فقط كان نحو 2.8 مليون طفل معظمهم توفوا نتيجة للإصابة بالالتهابات البكتيرية التي يمكن علاجها في البداية بسهولة باستخدام المضادات الحيوية.

وتشمل الإصابات الالتهاب الرئوي أو النزلات المعوية (التي تُعد القاتل الأساسي للأطفال في أفريقيا) أو الإصابة بالملاريا. وحسب الدراسة الجديدة يمكن أن يساهم المضاد في تقليل الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة بنسبة كبيرة جداً تصل إلى 14 في المائة.

أوضح الباحثون أن علاج الأطفال في عمر أقل من عام عند الإصابة بالالتهابات فقط ليس كافياً لحمايتهم، ولكن يجب إعطاء المضاد الحيوي لجميع الأطفال المحيطين بهم حتى سن 5 سنوات؛ وذلك لتحقيق فائدته الكاملة وخصوصاً في هذه المنطقة التي يموت فيها طفل واحد من كل 10 أطفال قبل بلوغهم سن الخامسة، نتيجة لحدوث مضاعفات خطيرة بعد الالتهابات البسيطة، لأن المنطقة كلها تعاني من التلوث ونقص وسائل الحماية الطبية وأبسط طرق التعقيم. والمضاد الحيوي في هذه الحالة أشبه ما يكون نوعاً من اللقاح الذي يضمن القضاء على الميكروب من البيئة المحيطة كلها.

ومن المعروف أن منظمة الصحة العالمية WHO كانت قد أوصت بالحد من استخدام المضاد الحيوي أزيثروميسين azithromycin بسبب المخاوف من أن يؤدي الإفراط في استخدامه إلى ظهور مقاومة المضادات الحيوية، لكن البحث الحالي يظهر أن الأطفال الأصغر سناً والأكثر ضعفاً والأقل مناعة، الذين تقل أعمارهم عن عام واحد، يكتسبون حماية أكبر من الالتهابات الخطيرة المحتملة في الجهاز التنفسي بشكل خاص إذا تم علاج أشقائهم الأكبر عمراً أيضاً بالمضاد الحيوي بشكل وقائي، حتى لا ينقلوا إليهم هذه الالتهابات.

شملت الدراسة الأولى التي بدأت في عام 2018 ما يقرب من 200 ألف طفل في ثلاث دول أفريقية هي النيجر وملاوي وتنزانيا، حيث تم إعطاء الأطفال جرعة واحدة من مضاد الأزيثروميسين الواسع المجال عن طريق الفم أربع مرات على مدار عامين كاملين، ما أدى إلى خفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 14 في المائة بشكل عام، وبنسبة 20 في المائة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 أشهر.

فوائد المضادات الحيوية

وفي عام 2020، قامت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع دولة النيجر فقط - وذلك لأن معدلات وفيات الأطفال لديها كانت أعلى بكثير من تنزانيا وملاوي - بإعادة التجربة نفسها وإعطاء المضاد الحيوي، لكن مع تقسيم الأطفال إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى (الرضع من عمر 1 إلى 11 شهراً يتلقون الأزيثروميسين مع الأطفال الأكبر عمراً الذين يتلقون دواءً وهمياً)، والمجموعة الثانية شملت (جميع الأطفال أقل من سن 5 سنوات يتلقون الأزيثروميسين)، والمجموعة الثالثة (جميع الأطفال أقل من سن 5 سنوات يتلقون دواءً وهمياً) لمعرفة تأثير المضاد.

وتبين أن استهداف الرضع فقط في العلاج لم يساهم بشكل كبير في خفض عدد الوفيات، بينما وجدوا أن معدل وفيات الأطفال دون عمر الخامسة انخفض بشكل كبير فقط عندما تم علاج جميع الأطفال، وانخفض معدل الوفيات بين الرضع بنسبة 17 في المائة من نحو 220 حالة وفاة سنوية لكل 10 آلاف طفل إلى 185 فقط.

وقال العلماء إن الأطفال الرضع يتعرضون لمسببات الأمراض في المنزل، حيث لاحظ الباحثون أن معظمهم لديهم أشقاء أكبر عمراً وفي الأغلب ينقل هؤلاء الإخوة العدوى أو يساهمون في زيادة حدتها؛ لأنهم يقضون وقتاً أطول خارج المنزل، ويلعبون مع أطفال آخرين، ما يزيد من احتمالية إصابة أشقائهم الأصغر سناً والأقل مناعة بالأمراض المختلفة التي لا تظهر أعراضها المختلفة على إخوتهم الكبار نتيجة لقوة مناعتهم. وبالتالي يُعد علاج هؤلاء الأشقاء الأكبر (حتى من دون شكوى) نوعاً من الحماية للرضع.

قللت الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة بنسبة تصل إلى 14 %

المضادات الحيوية

وأكد الباحثون أنهم على دراية بخطورة إمكانية حدوث مقاومة للمضادات الحيوية، ولكن في حالة عمل مقارنة بين فوائد استخدام المضادات المتمثلة في إنقاذ حياة آلاف الأرواح من الأطفال من الموت المحقق وبين مخاطر حدوث المقاومة، تكون النتيجة محسومة لصالح إعطاء المضاد الحيوي، خاصة إذا كان التدخل يقتصر على مجموعة فرعية صغيرة من السكان، أي الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة، وذلك لبضع سنوات فقط، وفي حالات محددة. وليس معنى ذلك أن يتم التعامل مع المضاد باستخفاف أو استخدامه بشكل موسع.

في النهاية، أعرب الباحثون عن أملهم بأن تصدر منظمة الصحة العالمية توصيات ملزمة بضرورة إعطاء المضاد الحيوي للأطفال دون السنوات الخمس (في أفريقيا)؛ لحمايتهم من الوفاة، لأن التوصيات الحالية تسمح باستخدام المضادات الحيوية من عمر شهر إلى 11 شهراً فقط في حالة الإصابة، ولكن حسب الدراسة الجديدة يجب إعطاء الأطفال جميعهم العلاج.

* استشاري طب الأطفال