نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
TT

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)

أظهر مسح جديد شمل 1563 شخصاً بالغاً، ونشر نتائجه موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية، أن ثلاثة أرباع البالغين الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكثر يشعرون بالقلق بشأن تدهور صحة أدمغتهم في المستقبل.

ويحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات مثل حل الكلمات المتقاطعة وتناول المكملات الغذائية لتجنب «الخرف» – وهو مصطلح يُطلق على مجموعة من الأعراض التي تصيب قدرات الذاكرة والتفكير والقدرات الاجتماعية – لكن هل تأتي هذه الأساليب والاستراتيجيات بنتيجة؟

تُظهر الأبحاث أنه من الممكن منع أو تأخير 45 في المائة من حالات الخرف من خلال سلسلة من التغييرات الشخصية والمجتمعية، وفق «سيكولوجي توداي».

ويسلط تقرير جديد في مجلة «لانسيت» العلمية، نشر بتاريخ 31 يوليو (تموز) 2024، الضوء على عاملين جديدين «قابلين للتعديل» من عوامل الخطر التي قد تسبب الخرف، وهما فقدان البصر وارتفاع نسبة الكوليسترول، ما يرفع إجمالي عوامل الخطر المعروفة إلى 14.

ووفقاً لتقرير عام 2024، الذي أعدته «لجنة لانسيت للخرف»، والذي يسلط الضوء عوامل الخطر المتعلقة بالخرف وكيفية الوقاية منها، فإن العوامل الـ14 هي: «قلة التعليم، وحدوث إصابة في الرأس، وقلة النشاط البدني، والتدخين، والإفراط في تناول الكحول، وارتفاع ضغط الدم، والسِمنة، والإصابة بمرض السكري، وفقدان السمع، والاكتئاب، وقلة التواصل الاجتماعي، وتلوث الهواء، وفقدان البصر، وارتفاع نسبة الكوليسترول».

ووفق «سيكولوجي توداي»، فإن ضبط وتعديل جميع عوامل الخطر الـ14 من شأنهما أن يؤخرا أو يمنعا 45 في المائة من حالات الخرف، سواء كان الشخص يحمل جين «ألزهايمر» أم لا.

وتوصي «لجنة لانسيت» بعدة ممارسات للوقاية من الخرف أو تأخيره، مثل: «ضمان توفير التعليم الجيد للجميع، وتشجيع الأنشطة المحفزة للإدراك في منتصف العمر لحماية الإدراك، وجعل الأدوات المُعينة على السمع في متناول الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع، وتقليل التعرض للضوضاء الضارة، وعلاج الاكتئاب بشكل فعال، وتشجيع استخدام الخوذات، وحماية الرأس في الرياضات وعند استخدام الدراجة، وتشجيع ممارسة الرياضة، والحد من التدخين، والحفاظ على وزن صحي وعلاج السمنة، وجعل الفحص والعلاج لأمراض ضعف البصر متاحين للجميع، والحد من التعرض لتلوث الهواء».

وتوصي اللجنة بأنه يجب على الأشخاص وضع اعتبار جاد حيال الاهتمام بالوقاية من عوامل الخطر بدءاً من وقت مبكر من الحياة، وأن يظل هذا الانتباه مستمراً معنا طوال الحياة.


مقالات ذات صلة

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

أكد تقرير جديد صادر عن خبراء عالميين الحاجة إلى التوصل لتعريف جديد «أكثر دقة» للسمنة، ولـ«إصلاح جذري» لكيفية تشخيص هذه المشكلة الصحية في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق، إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)

هل الطهي بالملاعق الخشبية آمن لصحتنا؟ وهل تحبس البكتيريا؟

يختلف متابعون حول مدى صحة استخدام الملاعق الخشبية في الطهي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا يسعى العلماء إلى إعادة تعريف كيفية إدارة الحالات المزمنة مثل السكري مما يوفر أملاً لملايين الأشخاص حول العالم (أدوبي)

الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنواع الفرعية لمرض السكري

يقول الباحثون إن هذه التكنولوجيا مفيدة للأفراد في المناطق النائية أو ذات التحديات الاقتصادية.

نسيم رمضان (لندن)
صحتك العيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية

العيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية

قال موقع «ساينس أليرت» إن دراسة حديثة خلصت إلى أن الفحوصات التي تُجرى للعيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
TT

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)

حددت دراسة عالمية 300 عامل خطر جيني غير معروفة سابقاً للاكتئاب لأنها شملت عينة سكانية واسعة جداً، حسبما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 3.8 في المائة من سكان العالم من الاكتئاب، مما يؤثر على نحو 280 مليون شخص. وفي حين أن مجموعة من العوامل بما في ذلك الأحداث السلبية في الحياة، وسوء الصحة الجسدية والإجهاد يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، إلّا أن أسباب الاكتئاب تشتمل أيضاً على عنصر وراثي.

درس فريق دولي من الباحثين، بقيادة جامعة إدنبرة وكلية كينغز لندن البريطانيتين، بيانات جينية مجهولة الهوية من أكثر من 5 ملايين شخص في 29 دولة، واحد من كل أربعة من البيانات من أصول غير أوروبية، وهي دراسة أكثر شمولية من البحث السابق عن تأثير عامل الوراثة للاكتئاب والذي ركّز في المقام الأول على السكان البيض الأكثر ثراءً، وأهمل معظم أنحاء العالم.

من خلال تضمين عينة أكثر تنوعاً في الدراسة، تمكن الباحثون من تحديد عوامل خطر جديدة مسببة للاكتئاب. ووجدت الدراسة، التي نشرت في مجلة «سيل» Cell (خلية) وهي مجلة علمية محكمة مختصة بمجال علوم الحياة، 700 اختلاف في الشفرة الجينية للأفراد مرتبطة بتطور الاكتئاب، ولم يكن ما يقرب من نصف هذه الاختلافات الجينية مرتبطة بحالة الاكتئاب من قبل.

هذه التغيرات الصغيرة في الحمض النووي كانت مرتبطة بالخلايا العصبية في مناطق متعددة من الدماغ، بما في ذلك المناطق التي تتحكم في العاطفة.

وتم تحديد 100 من الاختلافات الجينية غير المعروفة سابقاً على وجه التحديد مرتبطة بالأشخاص من أصل أفريقي وشرق آسيوي وإسباني وجنوب آسيوي الذين تم تضمينهم في الدراسة.

وبينما احتمال تأثير كل عامل خطر وراثي منفرد على الاكتئاب صغير جداً، فإن التأثير التراكمي للأفراد الذين لديهم متغيرات متعددة في الحمض النووي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، وفقاً للدراسة.

يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج ستسمح للعلماء بالتنبؤ بخطر الاكتئاب بشكل أكثر دقة وستسمح بتطوير خيارات علاج أكثر تنوعاً (رويترز)

فهم أوسع لمسببات الاكتئاب

يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج ستسمح للعلماء بالتنبؤ بخطر الاكتئاب بشكل أكثر دقة، بغض النظر عن العرق، وستسمح بتطوير خيارات علاج أكثر تنوعاً، مما يساعد على تقليل التفاوتات الصحية.

حسبت الدراسة 308 جينات مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب. ثم فحص الباحثون أكثر من 1600دواء لمعرفة ما إذا كان لهذه الأدوية تأثير على تلك الجينات. وبالإضافة إلى مضادات الاكتئاب، حددت الدراسة أن عقار بريغابالين المستخدم في علاج الألم المزمن، ومودافينيل المستخدم في علاج الخدار، كان لهما أيضاً تأثير على هذه الجينات، وبالتالي يمكن استخدامهما لعلاج الاكتئاب.

وقال المؤلفون إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات والتجارب السريرية لاستكشاف إمكانات هذه الأدوية في علاج مرضى الاكتئاب.

وأوضح البروفيسور أندرو ماكنتوش، أحد المؤلفين الرئيسين للدراسة ومن مركز علوم الدماغ السريرية بجامعة إدنبرة «هناك فجوات هائلة في فهمنا للاكتئاب السريري تحد من الفرص لتحسين النتائج بالنسبة للمتضررين. إن الدراسات الأكبر والأكثر تمثيلاً على مستوى العالم ضرورية لتوفير الرؤى اللازمة لتطوير علاجات جديدة وأفضل، ومنع المرض لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة».

وتعليقاً على النتائج، قال الدكتور ديفيد كريباز كاي، رئيس قسم الأبحاث والتعلم التطبيقي في مؤسسة الصحة العقلية، إن المجموعة الجينية المتنوعة للدراسة كانت «خطوة مهمة إلى الأمام» ولكن لا ينبغي استخدام عوامل الخطر الجينية دليلاً نهائياً للعلاج.

وأضاف: «بينما يمكن أن تساعد الأبحاث مثل هذه في تشكيل التدابير لأولئك المعرضين لخطر وراثي أعلى، يجب أن تركز الوقاية من الاكتئاب على معالجة القضايا الأوسع في المجتمع والتي تؤثر على الصحة العقلية إلى حد أكبر بكثير، مثل تجارب الفقر أو العنصرية».

وقالت الدكتورة جانا دي فيليرز، المتحدثة باسم الكلية الملكية للأطباء النفسيين البريطانية: «نرحب بهذا البحث في المتغيرات الجينية التي يمكن أن تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وتنوع الدراسة من حيث التمثيل العالمي يجعله جديراً بالملاحظة بشكل خاص. من خلال تحسين فهمنا لعوامل الخطر الجينية وأسباب المرض العقلي، قد نتمكن من تطوير طرق علاج أفضل».

وتابعت «سنواصل دعم الجهود الجارية للوقاية من المرض العقلي وتحسين النتائج لأولئك المتضررين من الاكتئاب».