الإحساس بالألم: خطوات صحية للتعامل معه

يمكن معايشته لفترة قصيرة فقط

الإحساس بالألم: خطوات صحية للتعامل معه
TT

الإحساس بالألم: خطوات صحية للتعامل معه

الإحساس بالألم: خطوات صحية للتعامل معه

يتعرض معظم الأشخاص لآلام عضلية هيكلية من وقت لآخر، وهي آلام تضرب العضلات والمفاصل والأربطة والأوتار.

على سبيل المثال، قد تُصاب بألم في العضلات أو آلام في المفاصل بعد ممارسة التمارين الرياضية أو أداء بعض الأعمال في فناء المنزل. ولكن عادة ما يتلاشى الألم بعد الحصول على قسط من الراحة، أو تناول مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية.

والآن، متى ينذر الألم بوجود مشكلة؟ عن ذلك، أجاب الدكتور محمد عيسى، المدير الطبي لمركز إدارة الألم في مستشفى «بريغهام آند ويمينز»، التابع لجامعة هارفارد، بأنه «ليس كل أشكال الألم على حد سواء. لكن لا ينبغي أبداً تجاهله، إذا بدأ يؤثر على حياتك اليومية. ورغم أن الشعور ببعض الألم المؤقت أمر طبيعي، فإنه ليس من الطبيعي إطلاقاً التعايش مع الألم».

إحساس في الدماغ

خلصت بعض الأبحاث أن كبار السن الذين يعانون المزيد من «ضمور اللحم sarcopenia (فقدان العضلات المرتبط بالعمر)، يواجهون خطراً أكبر للإصابة بالألم العضلي الهيكلي.

جدير بالذكر أن كتلة العضلات تميل للانحسار بمعدل يتراوح بين 3 في المائة و5 في المائة كل عقد من السنين بعد سن الثلاثين. كما أن كبار السن أكثر عرضة للإصابة بالألم العضلي الهيكلي musculoskeletal pain، جراء معاناتهم من التلف المتدرج لكل أجزاء الجسم الناجم عن الشيخوخة، فضلاً عن عدد من الحالات الصحية التي يمكن أن تسبب الألم.

كما أنه، وفي الوقت ذاته، يكتسب الناس حساسية أكبر تجاه الألم مع تقدمهم في السن. وهنا، شرح الدكتور عيسى أن «مستقبلات الألم في الدماغ تتغير، لذلك نشعر بالألم بمعدل أكثر وبدرجة أعلى».

ومع ذلك، يشعر كثير من كبار السن بأنهم قادرون على التعايش مع الألم، وتعديل نمط حياتهم لاستيعابه. وأضاف الدكتور عيسى: «بجانب ذلك، فإنهم لا يريدون الظهور بمظهر المتذمرين، لذا يحتفظون بآلامهم لأنفسهم. وفي نهاية المطاف، هذا يجعل آلامهم أسوأ مما ينبغي، ويجعل من الصعب عليهم التكيف معها».

ألم حاد أم مزمن؟

من بين سبل تحديد ما إذا كان الألم العضلي الهيكلي لديك يستدعي الشعور بالقلق، تحديد ما إذا كان حاداً (قصير الأمد) أم مزمناً (طويل الأمد).

• الألم الحاد. يأتي معظم الألم الحاد من تلف أنسجة الجسم، جراء الإصابة بصدمات جسدية، مثل الإصابة أثناء ممارسة رياضة ما أو تمرينات رياضية، أو التعرض لحادث منزلي، مثل التعرض لكدمات جراء السقوط، أو الاصطدام بشيء ما.

• قد يبدو الألم حاداً أو مؤلماً أو به خفقان، ومع ذلك غالباً ما يُشفى من بضعة أيام إلى بضعة أسابيع. والمفترض أن يتضاءل الألم الحاد الناتج عن هذه النوعية من الإصابات، عند الحصول على مزيج من الراحة والعلاجات المنزلية وأدوية تخفيف الألم التي لا تستلزم وصفة طبية.

• الألم المزمن. يستمر الألم المزمن لفترة أطول عن الألم الحاد. ويمكن أن يكون مرتبطاً بإصابات الأنسجة أو الالتهاب المستمر أو تهيج الأعصاب. وقد تتضمن الأعراض الشعور بألم خفيف أو ألم ناري مفاجئ أو حرقان أو وخز قوي أو ألم يشبه الصدمة الكهربائية، وأحاسيس مثل الوخز الخفيف والخدر.

يستمر الألم المزمن لمدة شهرين أو ثلاثة، على الأقل. وفي الغالب، يستمر لفترة طويلة بعد تعافيك من أي إصابة أو مرض أدى إلى حدوثه، كما قد يصبح دائماً.

سبل وصف الألم

قد يجد المرء صعوبة في وصف الألم. ومع ذلك، فإنه كلما زادت التفاصيل التي يقدمها، أصبح من الأسهل على طبيبك تشخيص المشكلة. وفيما يلي بعض السبل التي يمكن خلالها وصف الألم:

- مقياس النقاط الـ10: استخدم ترتيباً رقمياً؛ «صفر» يعني عدم وجود شعور بالألم، و«10» تعني الألم المفرط.

- معدل تكرار الحدوث والمدة: متى يحدث الألم؟ مثل الوقت مِن اليوم أو بعد ممارسة أنشطة أو حركات معينة. هل يأتي الألم بانتظام، أم أنه يظهر من العدم؟ هل يختفي بعد فترة أم يستمر؟

- الوصف: استخدم الصفات التي تنقل الأحاسيس بشكل أفضل. هل الألم رتيب، حاد، حارق، مزعج، يشبه الخفقان؟

- الموقع: أين تحديداً المنطقة التي تؤلمك في الجسم؟ هل يتحرك الألم عبر عدة مناطق من الجسم، أم يبقى في مكان واحد؟

التعامل مع الألم

يمكن علاج معظم آلام العضلات والعظام الحادة الناتجة عن الإصابات باستخدام العلاجات المنزلية. وهنا، يوصي الدكتور عيسى بالبدء بما يعرف بنظام RICE ـ الراحة rest، الثلج ice والضغط compression والرفع إلى أعلى elevation. ويتضمن ذلك ضمان أولاً حصول الجسم على قسط من الراحة، وثانياً وضع قطع من الثلج على منطقة الألم، وثالثاً ارتداء غلاف أو مشدّ مرن للضغط على منطقة الألم، ورابعاً رفع المنطقة لأعلى عبر دعم ساقك على وسائد، مثلاً.

الألم المزمن يرتبط بإصابات الأنسجة أو الالتهاب المستمر أو تهيج الأعصاب

بوجه عام، يشعر كثيرون بالراحة عند تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية المتاحة دون وصفة طبية، مثل إيبوبروفين (أدفيل، وموترين) ونابروكسين (أليف). ولتجنب الآثار الجانبية، تناول أقل جرعة فعالة على امتداد فترة أقصر. ويجب على الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى، أو الذين أصيبوا بقرحة هضمية، أو الذين يتناولون أدوية سيولة الدم، ألا يتناولوا مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية إلا بتوجيه من الطبيب المعالج لهم.

يتمثل خيار آخر في أسيتامينوفين (تايلينول). إلا أنه ينبغي الانتباه لأنه يمكن للجرعات العالية من الأسيتامينوفين أن تلحق الضرر بالكبد. لذلك، من المهم عدم تناول أكثر عن 3000 مليغرام كل 24 ساعة. يُذكر أن كثيراً من مسكنات الألم تحتوي الأسيتامينوفين، دون الإشارة إلى ذلك بوضوح على العبوة. لذا، تأكد من قراءة جميع التفاصيل الموجودة على الملصقات.

خلاصة القول إنه لا ينبغي لك أبداً تجاهل الألم المستمر، وإنما عليك اتخاذ الإجراء المناسب لعلاج الألم الحاد، للحيلولة دون تحوله إلى مزمن. في هذا الصدد، قال الدكتور عيسى: «إن أي ألم يستمر، حتى لو نجحت الأدوية في تخفيف بعض من حدته، بحاجة إلى تقييم طبي. وعبر الألم، ينبهك جسمك إلى وجود خطأ ما».

• رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

صحتك الحصول على قسط قليل جداً من النوم يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية كثيرة (أرشيفية - رويترز)

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

من المعروف أن النوم له فوائد صحية مذهلة ولكن ما مقدار النوم الذي يعد أكثر من اللازم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جهاز قياس ضغط الدم (أرشيفية - رويترز)

كم ساعة تحتاجها أسبوعياً في التدريب لتحمي نفسك من «القاتل الصامت»؟

قالت دراسة جديدة إن الحفاظ على النشاط البدني أثناء مرحلة الشباب بمستويات أعلى من الموصى بها سابقاً قد يكون مهماً بشكل خاص لمنع ارتفاع ضغط الدم

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي
TT

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» (University of Bristol) بالمملكة المتحدة حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)، الذي يصيب الرضيع بالشلل في جميع أطراف جسده، ويلازمه طيلة حياته، وذلك باستخدام عقار بسيط هو «كبريتات الماغنسيوم» (magnesium sulphate) عن طريق التنقيط الوريدي.

والجدير بالذكر أن هذا الدواء لا يُكلف أكثر من 5 جنيهات إسترلينية في الجرعة الواحدة بالمملكة المتحدة. لكن هذه الإجراء يجب أن يجري في المستشفى فقط، تحت رعاية طاقم مدرب من الأطباء والممرضين، وفي حالة تعميمه في المستشفيات حول العالم يمكن أن يوفر حماية لملايين الرضع.

مخاطر الولادة المبكرة

من المعروف أن الولادة المُبكرة تمثل نوعاً من الخطورة على حياة الرضع؛ لذلك يجري وضعهم في الحضانات حتى يكتمل نموهم. ومن أهم المخاطر التي يمكن أن تحدث لهم، مشكلات الجهاز العصبي، لعدم وصول الأوكسجين بشكل كافٍ للمخ، بجانب عدم نضج الجهاز العصبي، ما يمكن أن يؤدي إلى خلل في التوصيلات العصبية.

لذلك تُعد الفكرة المطروحة بمثابة نوع من الإنقاذ. وفي البداية طرحت نظرية استخدام هذا الدواء بعد ملاحظة فاعليته في منع حدوث الشلل الدماغي في الأطفال الخدج، حينما تم وصفه لإحدى السيدات الحوامل لغرض طبي آخر، ربما، مثلاً، لمنع التشنجات التي تحدث في تسمم الحمل، والتي تستلزم ضرورة الولادة المبكرة.

ثم جرت تجربة الدواء بشكل عشوائي على عدة سيدات، وجاءت النتائج مبشرة أيضاً، ثم نُشرت هذه التجارب في دراسة طبية عام 2009. وبعد الدراسة بدأ استخدام العلاج يزداد، ولكن ليس بالشكل الكافي لحماية السيدات في المملكة المتحدة.

تحمست إحدى طبيبات الأطفال وحديثي الولادة، وهي الدكتورة كارين لويت (Karen Luyt)، لهذه النظرية وقامت بتنفيذها على الأمهات اللاتي اضطررن للولادة قبل 30 أسبوعاً من الحمل، وفي بعض الأحيان 32 أسبوعاً تبعاً للحالة الطبية العامة للأم والجنين. وأوضحت الطبيبة أن الدواء أسهم في تقليل فرص حدوث الشلل الدماغي بنسبة بلغت 30 في المائة.

وفي عام 2014، اكتشفت أن الدواء، رغم فاعليته الأكيدة في حماية الرضع، لم يكن يستخدم على نطاق واسع في المملكة المتحدة؛ لذلك بدأت برنامجاً خاصّاً بإعطاء الدواء لكل السيدات اللاتي تنطبق عليهن الشروط، بمساعدة السلطات الصحية في كل المناطق. وأطلقت مع زملائها على هذا البرنامج عنوان: «منع الشلل الدماغي في الأطفال المبتسرين» (PReCePT)، على أن يكون هذا الإجراء نوعاً من الاختيار للأمهات، ولا يتم العمل به بشكل روتيني.

دواء لدرء الشلل الدماغي

مع الوقت والتجارب وصلت الخدمات الطبية لمعظم السيدات الحوامل اللائي لديهن مشاكل طبية يمكن أن تؤدي إلى الولادة المبكرة في جميع أجزاء المملكة بالفعل. والبرنامج جرى إدراجه في النظام الصحي البريطاني (NHS) في الوحدات الخاصة برعاية السيدات الحوامل والأمهات. وخلال الفترة من 2018 وحتى 2023 فقط، جرى إعطاء العلاج لما يزيد على 14 ألف سيدة في إنجلترا، ما أسهم في خفض معدلات الشلل الدماغي بنحو 385 حالة عن العدد المتعارف عليه لهذا الكم من السيدات.

والجدير بالذكر أن إحدى السيدات اللائي بدأت البرنامج من خلال استخدام الدواء أثناء فترة حملها، وتُدعى إيلي، لديها طفل ذكر بصحة جيدة في عمر الـ11 عاماً الآن.

دواء يُنظم سريان الدم إلى المخ والتحكم في التوصيلات العصبية الطرفية

قال الباحثون إن الآلية التي يقوم بها العلاج بمنع الشلل الدماغي غير معروفة تماماً، ولكن هناك بعض النظريات التي توضح لماذا يحمي الجهاز العصبي، وذلك عن طريق تنظيم ضغط الدم وسريانه إلى المخ بجانب التحكم في التوصيلات العصبية الطرفية التي تربط الأعصاب بالعضلات، وتتحكم في انقباضها (neuromuscular transmission) ما يمنع تلفها ويسمح لها بممارسة وظائفها بشكل طبيعي.

وأوضح الباحثون أن المشكلة في استخدام الدواء تكمن في الحالات غير المتوقعة؛ لأنه من المستحيل معرفة ميعاد الولادة بنسبة 100 في المائة، فبعض السيدات يلدن مبكراً، على الرغم من عدم وجود أي مشاكل طبية، بشكل غير متوقع تماماً لا يسمح بالتدخل أساساً. إضافة إلى أن بعض السيدات يشعرن بألم ولادة غير حقيقي قبل الميعاد الفعلي بفترة كبيرة، ويكون بمثابة إنذار كاذب، ومن ثم يلدن في الميعاد الفعلي للولادة.

وتبعاً للبيانات الخاصة بشبكة «فيرمونت أكسفورد» (Vermont Oxford Network) (منظمة غير ربحية عبارة عن تعاون 1400 مستشفى حول العالم بهدف تحسين العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة)، لا يجري استخدام الدواء حتى الآن بالشكل المناسب في العالم كله، بما فيه الدول المتقدمة، على الرغم من رخص ثمنه وفاعليته الكبيرة، وعلى وجه التقريب من بين جميع النساء اللاتي يجب أن يتناولن الدواء. وهناك نسبة لا تزيد على الثلثين فقط، يمكنهن الحصول عليه، وتقل النسبة في الدول الأكثر احتياجاً والأقل تقدماً على المستوى الصحي.

ويحاول الباحثون، بالتعاون مع المنظمات الصحية حول العالم، توفير الدواء لكل السيدات الحوامل اللاتي يمكن أن يلدن قبل الميعاد المحدد للولادة، بصفته نوعاً من الوقاية للرضع، وبطبيعة الحال يجب أن تكون هناك طواقم مدربة تتعامل مع هذا الإجراء بجدية.

وقال الباحثون إن مزيداً من الدراسات في المستقبل القريب يمكن أن يساعد في شيوع الاستخدام، خصوصاً إذا جرى التوصل لطريقة لإعطاء الدواء بخلاف التنقيط الوريدي، لأن ذلك يمكن أن يسهم في حماية الأطفال بالمناطق النائية التي لا توجد بها مستشفيات مركزية.

• استشاري طب الأطفال.