أدوية ارتفاع ضغط الدم قد تمنع الإصابة بالصرع

لعلَّ هذا فصل جديد في قصّة الطبّ الوقائي

يزيد ارتفاع ضغط الدم المزمن خطر الإصابة بالصرع (رويترز)
يزيد ارتفاع ضغط الدم المزمن خطر الإصابة بالصرع (رويترز)
TT

أدوية ارتفاع ضغط الدم قد تمنع الإصابة بالصرع

يزيد ارتفاع ضغط الدم المزمن خطر الإصابة بالصرع (رويترز)
يزيد ارتفاع ضغط الدم المزمن خطر الإصابة بالصرع (رويترز)

اكتشف باحثون في «جامعة ستانفورد الأميركية للطبّ» أن ثمة فئة من الأدوية الموجودة بالفعل في السوق لخفض ضغط الدم، يمكن أن تقلّل من خطر إصابة البالغين بالصرع.

وأظهرت النتائج أنّ الأدوية التي تُسمّى «حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين»، يمكن أن تمنع الصرع لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة به، بمن فيهم كبار السنّ الذين أُصيبوا بالسكتات الدماغية.

وقال أستاذ علم الأعصاب في الجامعة، والمؤلِّف الرئيسي للدراسة الدكتور كيمفورد ميدور: «هذا أمر مثير، لأنَّ لا أدوية لدينا حالياً لمنع الصرع». وأضاف في بيان نُشر، الثلاثاء، عبر موقع الجامعة: «يمكن أن يكون هذا اضطراباً موهناً جداً، وهو أكثر شيوعاً لدى كبار السنّ».

ووفق الدراسة المنشورة في دورية «جاما نيورولوجي»، سيكون هذا الأمر مناسباً خصوصاً لمنع النوبات التي تتبع السكتة الدماغية أو إصابات الدماغ المؤلمة، حيث يسبّب كلاهما التهاباً في الدماغ يمكن أن يؤدّي إلى الصرع.

ويُشخَّص الصرع غالباً في أثناء مرحلة الطفولة، إلا أنّ أكثر من 1 في المائة من الأشخاص فوق سنّ 65 عاماً يجري تشخيص إصابتهم بنوبات متكرّرة تميّز هذا الاضطراب.

ويمكن لهذه النوبات أن تعطّل وظيفة الدماغ بشكل مؤقت، وتتسبّب في ظهور مجموعة من الأعراض.

وتُعدّ السكتة الدماغية عامل الخطر الأكثر شيوعاً للإصابة بالصرع عند كبار السنّ.

ويعاني نحو 10 في المائة من الناجين من السكتات الدماغية من نوبات صرع خلال 5 سنوات من الإصابة.

كما أنّ أمراض الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم المُزمن، حتى في حالة عدم الإصابة بالسكتة الدماغية، يرفع من خطر الإصابة بالصرع.

وتوصّلت الدراسة التى اعتمدت على تحليل السجلات الطبية لأكثر من مليوني أميركي يتناولون أدوية ضغط الدم، إلى أنّ الأشخاص الذين يتناولون «حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين» كانوا أقل عُرضة للإصابة بالصرع بنسبة 20 إلى 30 في المائة بين الأعوام 2010 و2017، مقارنةً بالأشخاص الذين يتناولون أدوية أخرى لضغط الدم.

ومن المرجّح أن يكون لجميع أدوية ضغط الدم تأثير في تقليل خطر الإصابة بالصرع، لأنّ ارتفاعه هو عامل مساهم في الإصابة بالصرع.

وهو ما علَّق عليه ميدور بقوله: «إبقاء ضغط الدم تحت السيطرة من خلال أي مزيج من الأدوية الخافضة للضغط وعوامل نمط الحياة، يمكن أن يقلّل من فرصة إصابة الشخص بالصرع».

ومع ذلك، يشير البحث الجديد إلى أنّ «حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين» قد تكون أكثر فائدة للمرضى من مضادات ارتفاع ضغط الدم الأخرى لتقليل خطر الإصابة بالصرع.

كانت دراسة سابقة قد أُجريت على أكثر من 160 ألف شخص في ألمانيا ونُشِرت عام 2022، قد وجدت أنّ الأشخاص الذين يتناولون «حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين» -وهي واحدة من فئات متعدّدة من الأدوية الموصوفة لعلاج ارتفاع ضغط الدم- كانوا أقل عرضة للإصابة بالصرع.

ووفق النتائج، تحجب هذه الأدوية مستقبلات هرمونية معينة، مما يؤدّي إلى انخفاض ضغط الدم وانخفاض الالتهاب في الأوعية الدموية والأعضاء الأخرى، بما فيها الدماغ.

قال ميدور: «هذه النتائج من ألمانيا ردّدت ما جرى التوصّل إليه أيضاً في الدراسات التي أُجريت على الحيوانات وبدت واعدة جداً، لكنني شعرتُ بأنه من المهم إعادة إنتاج هذا التحليل باستخدام بيانات عن أشخاص في الولايات المتحدة أيضاً».

وبالنسبة إلى الدراسة الجديدة، لجأ ميدور وزملاؤه إلى قاعدة بيانات وطنية تتضمّن معلومات عن مطالبات الرعاية الصحية من أكثر من 20 مليون أميركي مسجَّلين إما في خطط التأمين الصحي التجارية وإما في الرعاية الطبية في الولايات المتحدة؛ وهي مجموعة أكثر تنوّعاً عرقياً من تلك الموجودة في الدراسة الألمانية.

وأكد ميدور أنّ «ما فعلناه هو تكرار لما عُثر عليه في ألمانيا، ولكن على عدد أكبر ومختلف تماماً من السكان». وأضاف: «يرفع هذا بالفعل من قوة الأدلّة، ويخبرنا أن ثمة شيئاً حقيقياً يحدث هنا»، مشدداً على أنه «قد يكون هذا فصلاً جديداً في قصّة الطب الوقائي».


مقالات ذات صلة

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

صحتك بحث يؤكد أن حالات الوفاة بالسرطان بين البريطانيين في ازدياد (رويترز)

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

خلص تقرير جديد إلى أن أكثر من حالة وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات في المملكة المتحدة ما بين الآن وعام 2050 ستكون بسبب السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار برنامج الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» (رويترز)

دراسة: «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن روبوت الدردشة الذكي الشهير «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض؛ الأمر الذي وصفه فريق الدراسة بأنه «صادم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم بولينا براندبرغ قالت على «إكس» إنها تعاني من «أغرب رهاب للموز في العالم» (رويترز)

غرف خالية من الموز بسبب «فوبيا» وزيرة سويدية

تسببت فوبيا تعاني منها وزيرة سويدية في دفع مسؤولين حكوميين إلى طلب إخلاء الغرف من الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الإصابة بحصوات الكلى والنقرس من الحالات الشائعة (المعهد الوطني للصحة بالولايات المتحدة)

أدوية للسكري تخفّض خطر الإصابة بحصوات الكلى

أظهرت دراسة جديدة أنّ نوعاً من أدوية علاج مرض السكري من النوع الثاني قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بحصوات الكلى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك علب من أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» المضادة للسكري تكبح التدهور المعرفي المرتبط بألزهايمر

كشف فريق من الباحثين الأميركيين أن عقار سيماغلوتيد، الذي يتم تسويقه تحت اسمي «أوزمبيك» و«ويغوفي» من شأنه أن يحسن بشكل ملحوظ استهلاك الدماغ للسكر.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال