العلاج الدوائي لفرط النشاط يقلل من جرائم المراهقين

يحقق التوازن الكيميائي في المخ

العلاج الدوائي لفرط النشاط يقلل من جرائم المراهقين
TT
20

العلاج الدوائي لفرط النشاط يقلل من جرائم المراهقين

العلاج الدوائي لفرط النشاط يقلل من جرائم المراهقين

كشفت أحدث دراسة نُشرت في منتصف شهر مايو (أيار) الحالي في «مجلة الأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين (Journal of the American Academy of Child and Adolescent Psychiatry)» عن احتمالية أن تلعب الأدوية الكيميائية دوراً مهماً في علاج مرض نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، بشكل يقلل من ارتكاب هؤلاء الأطفال الجرائم المرتبطة بالعنف وخرق النظام العام في بدايات ونهايات مرحلة المراهقة.

ومن المعروف أن هذه الفئة العمرية تعدّ في «المنطقة الرمادية» لمثل هذا العلاج، بمعنى أنه ليس العلاج الأفضل لهم في هذه المرحلة، ولكن تبعاً للدراسة كانت النتائج واعدة.

الدراسة الأولى في العالم

أوضحت الدراسة، التي تُعدّ الأولى من نوعها والتي قام بها علماء من النرويج، أن الأدوية المنشطة نفسياً (psychostimulants) تُعدّ الأكثر شيوعاً في العلاج بجانب العلاج السلوكي والمعرفي؛ فهي تلعب دوراً في التوازن الكيميائي في المخ، وتحسن عمل الناقلات العصبية، وبالتالي تقلل من فرط الحركة وتزيد من الانتباه بشكل فعال خلال مدة قصيرة. وفي الدراسة الحالية نجحت هذه الأدوية في الحد من ارتكاب الجرائم التي تتعلق بالعنف والنظام العام؛ إذ إن من المعروف أن الأفراد المصابين بمرض فرط الحركة أكثر عرضة من غيرهم لزيادة احتمالية تنفيذ الجرائم بشكل عام.

إصابات أعلى لدى السجناء

على الرغم من أن معدل انتشار المرض (ADHD) لا يزيد على 5.9 في المائة بين الأطفال والمراهقين، و2.5 في المائة فقط لدى البالغين، فإن معدل انتشاره بين السجناء يبلغ 25 في المائة؛ وهو الأمر الذي يوضح ارتباط المرض بارتكاب الجرائم؛ لأن سلوك المرضى في الأغلب يكون محفوفاً بالمخاطر؛ مما يعطي أهمية كبيرة لهذه الدراسة

تابع الباحثون البيانات الخاصة بالتعداد السكاني وأجروا حصراً لجميع المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وجرى تشخيص إصابتهم بـ«اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه» في الفترة من عام 2009 وحتى 2011، وكان عددهم 5624 مريضاً. وشملت البيانات سجلات المستشفيات والعيادات الحكومية وكذلك المرضى الذين يتلقون علاجاً دوائياً على وجه التحديد. وأيضاً تتبعوا التهم الجنائية وأنواع الجرائم، واستمرت هذه المتابعة لسنوات عدة لتقييم آثار العلاج الدوائي على التهم الجنائية طويلة المدى.

عقاقير تقلل الجرائم

أوضحت النتائج أن استخدام العقاقير الكيميائية ساهم في تقليل جرائم العنف على وجه التحديد لدى المرضى الذين يلتزمون بالجرعات المحددة للعلاج، ونجحت الأدوية في السيطرة على الانفعالات الزائدة على الحد التي يمكن أن تصل إلى أفعال عنيفة ضد القانون، وأيضاً قلت الجرائم المتعلقة بخرق النظام العام لدى هذه الفئة من المرضى؛ وذلك لأن الأدوية نجحت في السيطرة على التحركات العشوائية وفي زيادة الانتباه.

جدل طبي

أوضح الباحثون أن نسبة تحسن كل حالة تختلف تبعاً لتفضيلات كل طبيب في اللجوء إلى العلاج الدوائي من تحاشيه، خصوصاً مع وجود جدل كبير حول استخدام العلاج الكيميائي مع الأطفال في الأمراض العصبية التي يمكن علاجها بشكل أساسي عن طريق العلاج السلوكي، بعكس البالغين؛ لأن المرضى البالغين يعتمدون على العلاج الدوائي في المقام الأول.

الأطباء المؤيدون استخدام العلاج الكيميائي يرون أنه يعطي نتائج سريعة وفعالة بجانب العلاج السلوكي؛ لأنه يقلل من العنف من خلال تحسين الأعراض الأساسية للمرض (عدم الانتباه وفرط الحركة والاندفاع). ويمكن تلافي الأعراض الجانبية للأدوية عن طريق التحكم الدقيق في الجرعات ومتابعتها. وفي المقابل، يرى الفريق المعارض أنه لا داعي لتعريض الطفل للآثار الجانبية للدواء، وأن العلاج السلوكي فقط هو الأساس في تحسن الحالة.



أدوية إنقاص الوزن قد تُسبب تغيرات دماغية مرتبطة بالاكتئاب

أقلام دواء السكري «أوزيمبيك» موضوعة على خط إنتاج لتعبئتها بموقع شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في هيليرود (رويترز)
أقلام دواء السكري «أوزيمبيك» موضوعة على خط إنتاج لتعبئتها بموقع شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في هيليرود (رويترز)
TT
20

أدوية إنقاص الوزن قد تُسبب تغيرات دماغية مرتبطة بالاكتئاب

أقلام دواء السكري «أوزيمبيك» موضوعة على خط إنتاج لتعبئتها بموقع شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في هيليرود (رويترز)
أقلام دواء السكري «أوزيمبيك» موضوعة على خط إنتاج لتعبئتها بموقع شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في هيليرود (رويترز)

قد تكون أدوية إنقاص الوزن الرائجة، مثل أوزيمبيك وويغوفي، فعّالة جداً في معالجة السمنة، لكن هل تحمل أيضاً آثاراً جانبية أكثر خطورة على المدى الطويل؟ أظهرت دراسة جديدة أن هذه الأدوية قد تُسبب تغيرات دماغية مرتبطة بالاكتئاب.

ويُعرَف كلٌّ من أوزيمبيك وويغوفي باسم مُنشِّطات مستقبِلات الببتيد-1، الشبيهة بالجلوكاجون (أدوية جي-إل-بي-1)، وقد سُمّيا بهذا الاسم لأنهما يُحاكيان هرمون «جي-إل-بي-1» الطبيعي الموجود في الدماغ والأمعاء والبنكرياس. ويساعد هذا الهرمون على التحكم في نسبة السكر بالدم والشهية، تماماً مثل الهرمون الطبيعي.

وتؤثر أدوية «جي-إل-بي-1» على أجزاء من الدماغ غنية بالدوبامين؛ وهي مادة كيميائية أساسية في الشعور بالمتعة والمكافأة، ويُنظَر إليها بالفعل بوصفها طرقاً لعلاج إدمان الكحول والمخدرات، بالإضافة إلى السمنة وداء السكري.

وفي هذه الورقة البحثية المنشورة حديثاً، ربط فريق دولي من الباحثين اضطراب الدوبامين الناتج عن أدوية «جي-إل-بي-1» باحتمالية الإصابة بالاكتئاب والتفكير في الانتحار لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لنقص الدوبامين، أي انخفاض وظيفة الدوبامين.

وفي هذا الصدد، يقول الطبيب النفسي مارك جولد، من كلية الطب بجامعة واشنطن: «تقدم هذه الورقة البحثية أدلة حاسمة لإعادة تقييم الاستخدام الواسع النطاق لأدوية (جي-إل-بي-1)». وتابع أنه ينبغي على إدارة الغذاء والدواء الأميركية «إف دي إيه» والهيئات التنظيمية الأخرى دراسة نتائجنا بعناية عند تصنيف هذه الأدوية ومراقبتها.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة تعتمد على النمذجة الحاسوبية: لم تُجرَ أي اختبارات معملية أو تجارب سريرية. وبدلاً من ذلك، أجرى الباحثون تحليلاً للمسارات الجينية لدواء «جي-إل-بي-1» المرتبطة بالاكتئاب وخطر الانتحار.

ووجدوا تفاعلاً مع نشاط جينات معينة، بما في ذلك DRD3، وBDNF، وCREB1، وCRH، وIL6، وDPP4. وتتحقق هذه الجينات في أمرين، فهي مرتبطة بإشارات الدوبامين والمزاج، ويمكن لأدوية «جي-إل-بي-1» أن تؤثر على سلوكهم.

وهذه ليست المرة الأولى التي يُربط فيها هذا الأمر، إذ تُجري وكالة الأدوية الأوروبية تحقيقاً بالفعل في كيفية زيادة أفكار الانتحار وإيذاء النفس لدى الأشخاص الذين يتناولون أدوية بها هرمون «جي-إل-بي-1»، وذلك بناءً على تقارير من اختصاصيي الرعاية الصحية في أيسلندا، وفق موقع «ساينس أليرت».

وفي عام 2024، وجدت مراجعة للآثار الجانبية لأدوية «جي-إل-بي-1» أن 1.2 في المائة منها كانت آثاراً نفسية سلبية، وكان الاكتئاب هو الأكثر شيوعاً، يليه القلق والأفكار الانتحارية.

ولا تزال هذه العلاجات حديثة العهد نسبياً، ومع كل بحث جديد يحاول العلماء فهم كيفية تأثير استخدام أدوية إنقاص الوزن على الصحة على المدى الطويل، سواءً من حيث قدرتها على الحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام أم تقديم فوائد صحية للقلب والأوعية الدموية.

يقول الطبيب النفسي إيغور إلمان، من جامعة هارفارد: «في حين أن أدوية إنقاص الوزن واعدة في علاج الاضطرابات الإدمانية والسلوكية، يجب أن نبقى متيقظين بشأن أضرارها المحتملة». ويضيف: «لا تهدف هذه الدراسة إلى تبديد آمالنا، بل إلى زيادة الحيطة والحذر في وصفها بشكل مفرط». ونُشر البحث في مجلة «Current Neuropharmacology».