الألقاب وأثرها النفسي على الأطفال

صفات مبالغ فيها تعرضهم لمشاكل اجتماعية

الألقاب وأثرها النفسي على الأطفال
TT
20

الألقاب وأثرها النفسي على الأطفال

الألقاب وأثرها النفسي على الأطفال

من المعروف أن الكلمات لها تأثير مباشر في تكوين هوية الطفل identity، خصوصاً في الفترات المبكرة من حياته. ويمكن للآباء أن يتسببوا من دون قصد، في حدوث مشاكل نفسية لطفلهم حتى مع المعاملة الجيدة وإطلاق صفات معينة مثل «كسول» أو «غبي» تلتصق بالطفل مع الوقت. ويمكن أن يساهم ذلك في تدني صورة الذات لديه ويجعله يتعامل مع الأمر كما لو كان حقيقة مؤكدة، وبالتالي لا يسعى للتخلص من هذه العيوب مما يعرضه لمشاكل اجتماعية ونفسية.

إطلاق الصفات والألقاب

يوضح علماء النفس أن إطلاق الألقاب labeling يُعد نوعاً من التصنيف والوصف لسلوك معين مبالغ فيه عن الطبيعي. وعلى سبيل المثال، فإن إطلاق لفظ مثل «ذكي» على طفل يعني بالضرورة أن مستوى ذكائه أكثر من الشخص العادي، والأمر نفسه ينطبق على الصفات السلبية. لذلك حينما يقوم الآباء أو الأقران أو المدرسون باستخدام تسميات معينة يكون ذلك بمثابة رسالة ضمنية للجميع (بمن فيهم الطفل ذاته) بتميز هذا الطفل سلباً وإيجاباً.

وإطلاق الألقاب في الطفولة يكون له خطر مضاعف؛ نظراً لأنها المرحلة التي يحدث فيها تكوين وتطور الشخصية. وحينما نقول للطفل جملاً مثل: «أنت بطيء جداً» أو «أنت تخطئ دائماً»، سيكون من الصعب جداً عليه تغيير هذا التصور الذاتي في مراحل لاحقة من حياته.

ويحذر العلماء من خطورة التسميات بشكل عام حتى الإيجابية منها، ويقولون إنها يمكن أن تكون سيئة بالقدر نفسه عندما يتم تصنيف الأطفال حسب إنجازاتهم؛ إذ يعني ذلك ربط القيمة الجوهرية للطفل بأدائه. وعلى سبيل المثال، عندما نقول للطفل جملة: «لقد قمت بعمل جيد في هذا الاختبار لأنك ذكي» تجعله يعتقد أن تدني الأداء يعني بالضرورة انخفاضاً في معدل الذكاء، وبالتالي تدني قيمته الذاتية. ولذلك فمن الخطأ الاعتقاد بأن إعطاء الأطفال صفات إيجابية بشكل متكرر يساعد على تعزيز احترامهم لنفسهم. والطفل الذي يعتقد أنه يحصل على علامات جيدة في المدرسة لأنه ذكي قد ينتهي به الأمر إلى الخوف المرَضي من الفشل، ويكون أكثر عرضة للإحباط والقلق.

الجهد أهم من درجات الامتحان

ينصح العلماء في الحالات الإيجابية بربط التسميات بإنجاز شيء معين وليس بنتيجة، بمعنى أن يتم الثناء على الجهد المبذول بدلاً من التركيز على الدرجة وخاصة في الأداء المدرسي. وعلى سبيل المثال، في الامتحان يمكن للآباء أن يظهروا رضاهم عن المجهود في المذاكرة والتفكير في الإجابة على الأسئلة، وليس الثناء على الدرجة النهائية في الامتحان، أو ربطها بمعدلات الذكاء والتميز.

وقد أظهرت الدراسات أن تصورات الوالدين الشخصية تؤثر على التسميات التي يطلقونها على أطفالهم، ما ينعكس على تطور المهارات العاطفية عند الأطفال. وبطبيعة الحال، فإن هذه التصورات يمكن أن تكون خاطئة أو ظالمة وغير متفهمة لطبيعة الطفل. وعلى سبيل المثال، فإن الأب الذي يرى أن طفله الذكر السريع التأثر أو الحساس يعاني من ضعف في الشخصية (تبعاً لتصور الأب عن القوة) يمكن أن يطلق عليه لقب «ضعيف»، ما يؤدي إلى إمكانية أن يصبح الطفل شديد العنف وعدوانياً مع الآخرين حتى لا يشعر بالضعف.

ويقول الباحثون إن الهدف من العملية الدراسية هو التعلم وليس التصنيف. ورغم أن الدراسات المختلفة تظهر أن فصل الطلاب، حسب القدرة، يمكن أن يمنحهم تعليماً أكثر تخصصاً، وبالتالي أكثر فعالية، لكن بعض العلماء يرون أن هذا يؤدي إلى الوصم stigmatization ورفض الأقران والسخرية، وبالتالي العزلة والانسحاب المجتمعي حتى على مستوى البالغين. والأفراد بمجرد تصنيفهم سوف يتوقعون النتيجة نفسها من أنفسهم في مواقف مماثلة.

إطلاق الألقاب في الطفولة له خطر مضاعف في مرحلة تكوّن الشخصية

تجنب التصورات المسبقة

يوضح العلماء أن الثقافة العامة للمجتمع تلعب دوراً كبيراً في موضوع إطلاق الألقاب وإهدار طاقات الآخرين. وعلى سبيل المثال في مجتمعات معينة ينظر الناس بتقدير للطلاب الذين يدرسون مواد علمية أكبر من الطلاب الذين يدرسون مواد أدبية. ويتم إطلاق صفات مثل «عبقري» على شخص لمجرد أنه يدرس مادة علمية معينة يعزف معظم الطلاب عن دراستها نتيجة للتصور المسبق عنها بأنها تحتاج إلى ذكاء خارق لا يتوفر في معظمهم. والأمر نفسه ينطبق على بعض المهن في كل مجتمع.

وينصح الباحثون بضرورة مقاومة تصنيف الأطفال categorizing، حسب التصورات المسبقة عنهم، سواء النفسية أو حتى البدنية، ويجب الأخذ في الاعتبار التأثير الذي يمكن أن تحدثه كل كلمة. وعلى سبيل المثال، فإن الطفل الذي يعاني من البدانة لا يجب أن يتم وصفه بالكسل لمجرد أنه يعاني من وزن زائد، والأمر نفسه يمكن أن ينطبق على بقية الأمراض وبخاصة التي تحمل تصنيفاً اجتماعياً مثل مرض السكري، وعدم قيام المدربين بإشراك الطلاب المصابين في المباريات؛ ظناً منهم أن هؤلاء الأطفال لن يكونوا قادرين على اللعب.

يجب على الآباء أن يساعدوا أبناءهم من دون توجيه النقد لهم. وعلى سبيل المثال، الطفل الذي يترك غرفته غير مرتبة يمكن للأم أن تقول له: «سوف أساعدك في ترتيب الغرفة»، بدلاً من قول «أنت فوضوي». والطفل الذي يعاني من البدانة يمكن أيضاً أن يقول الآباء: «كلنا سوف نتبع نظاماً غذائياً حتى تكون صحتناً أفضل». ويجب التأكيد على الدعم النفسي بعيداً عن الإنجاز بعبارات مثل: «أنت طفل مميز جداً بالنسبة لي» أو «أنا فخور بك» من دون ذكر أسباب، ودائماً يتم الثناء على أي مجهود مبذول حتى لو كان بسيطاً حتى يدرك الطفل أنه محبوب لذاته.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

صحتك الأطباء يؤكدون وجود صلة راسخة بين النشاط البدني وصحة الدماغ (رويترز)

كيف تعتني بدماغك؟ أطباء يقدمون 10 طرق بسيطة

كلما تقدمنا ​​في العمر، ازداد خطر إصابتنا بالضعف الإدراكي. ويتساءل الكثير من الناس حول كيفية تأخير ظهور الأعراض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أفادت الدراسات بأن الكركمين يؤثر على معدل حيوية الخلايا وتنظيم دورة الخلية للخلايا الدهنية (موقع ايفري دا هيلث)

الكركمين... فاعلية مذهلة لعلاج السمنة والالتهابات والأمراض العصبية

يُظهر الكركمين فعالية واعدة في علاج السمنة والالتهابات والأمراض العصبية التنكسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك بطانة الرحم المهاجرة حالة صحية شائعة ومؤلمة (رويترز)

«بطانة الرحم المهاجرة» تزيد خطر الإصابة بأمراض المناعة

أظهرت دراسة جديدة أن مرض بطانة الرحم المهاجرة يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بمجموعة من أمراض المناعة الذاتية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التمارين الرياضية قد تُخفف من الآثار الجانبية الضارة لعلاج السرطان (رويترز)

ممارسة مرضى السرطان للرياضة تقلل الآثار الجانبية للعلاج

يمكن للتمارين الرياضية أن تُخفف من الآثار الجانبية الضارة لعلاج السرطان، وفقاً لما أكدته دراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

7 علامات تدل على تلف الكبد

يقوم الكبد بكثير من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
يقوم الكبد بكثير من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
TT
20

7 علامات تدل على تلف الكبد

يقوم الكبد بكثير من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
يقوم الكبد بكثير من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

الكبد هو أحد أهم أعضاء الجسم، فهو المسؤول عن الحفاظ على خلوِّ سائر الأعضاء من السموم. وإذا تعرَّض الكبد للتلف، وظهرت عليه علامات وأعراض مَرَضية أو علامات خطيرة، فسيتوقف عن أداء وظائفه، مثل تنقية الجسم من السموم بأنواعها، ومنع انتشار الأمراض إلى أعضاء أخرى، ومنع تراكم الدهون، وما إلى ذلك.

7 علامات تشير إلى تلف في الكبد

الصفراء (اليرقان)

من أهم وظائف الكبد معالجة البيليروبين والتخلص منه. والبيليروبين هو صبغة صفراء تنتج عن تكسر خلايا الدم الحمراء. وعندما يعجز الكبد عن أداء وظائفه، يتراكم البيليروبين فيه وفي مجرى الدم، مسبباً أعراض الصفراء (اليرقان) وأشهرها اصفرار الجلد والعينين، وحتى داخل الفم.

النزيف وظهور الكدمات

من الوظائف المهمة للكبد إيقاف النزيف وتعزيز تخثر الدم، وذلك بمساعدة بروتينات معينة. ومع ذلك، عند فشل الكبد لن يتمكن من إيقاف النزيف، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى ظهور كدمات غير مبررة في الجسم.

تورم البطن واحتباس السوائل في أنسجة الجسم

من العلامات الخطيرة الأخرى تورم البطن واحتباس السوائل في الساق. يحدث هذا بسبب أمراض الكبد المتقدمة؛ حيث تتراكم السوائل في تجويف البطن بسبب زيادة الضغط على الأوردة، وهذا يمكن أن يسبب انتفاخاً واضحاً في البطن، وعدم راحة، وضيقاً في التنفس، وزيادة خطر الإصابة بالعدوى والالتهابات. وتورم الساقين والكاحلين شائع أيضاً مع تدهور كل من الدورة الدموية وتنظيم السوائل.

الإرهاق المزمن والضعف البدني

يُعد الإرهاق المزمن والضعف البدني من العلامات الأخرى على تلف الكبد. فعندما يُصاب الكبد بتلف شديد، يتوقف عن إزالة السموم من الدم، وإنتاج الطاقة، واستقلاب العناصر الغذائية. ونتيجة لذلك، تتأثر بشكل كبير مناعتك وطاقتك، ويؤدي هذا أيضاً إلى تشوش ذهني، وإرهاق شديد.

تغيرات في لون البول

إذا كان الكبد على وشك التلف، ستلاحظ علامات أكيدة على البول والبراز. فقد يصبح لون البول داكناً جداً مثل لون الشاي، بسبب تراكم البيليروبين الزائد، وقد يتحول لون البراز أيضاً إلى لون شاحب مثل الرمادي.

تغيرات في شخصيتك

إذا كنتَ تعاني من تشوش ذهني غير مبرر وتغيرات في الشخصية، فإنَّ هذا يُعَدُّ تحذيراً خطيراً يتعلق بصحة الكبد. يُسمَّى هذا اعتلال الدماغ الكبدي، ويحدث بسبب تدهور وظائف الكبد، وعدم قدرته على تصفية السموم مثل الأمونيا من الدم. ومع تراكم هذه السموم فإنها تؤثر أيضاً على الدماغ، مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة، وتقلبات المزاج، والارتباك، واضطراب الكلام، وصعوبة التركيز، وارتعاش اليدين، وحتى الغيبوبة في الحالات القصوى.

مشكلات الجهاز الهضمي

يمكن أن يؤثر فشل الكبد بشدة على الهضم والشهية. يشعر كثير من المرضى بالغثيان المستمر، والتقيؤ المتكرر، وضعف الشهية. وغالباً ما تؤدي هذه المشكلات إلى فقدان الوزن غير المقصود وسوء التغذية، ما يزيد من إضعاف الجسم ويقلل من قدرته على التعافي من المرض.