4 عوامل تنظّم لون البشرة الطبيعي

تلعب دورها في عملية «التجميل الصحي» لها

4 عوامل تنظّم لون البشرة الطبيعي
TT
20

4 عوامل تنظّم لون البشرة الطبيعي

4 عوامل تنظّم لون البشرة الطبيعي

تصنيف لون الجلد

له أهمية في صحة الجلد والاضطرابات الصبغية

إحدى الحقائق المثيرة للاهتمام حول البشرة هي أنها تجدد نفسها باستمرار، دون أن تلاحظ ذلك. ويتخلص جلدك من نحو 30 إلى 40 ألفاً من الخلايا الميتة كل دقيقة، ليفسح المجال لخلايا جديدة تحتها كي تظهر على السطح. ويساعد تتابع هذه العمليات بشرتك على البقاء صحية ومنتعشة، وكأنها عملية تجميل متواصلة ولا تنتهي أبداً.

تمايز لون بشرة الإنسان

ومع ذلك، تظل البشرة تتميز لدى كل إنسان بدرجة فريدة من اللون، ويظل لون بشرة الإنسان (Complexions Colour) يجد جماله وجاذبيته في كل درجاته من التنوع متعدد الألوان (Multi - Hue Diversity). ولا يتغير ذلك اللون إلا في ظروف غير طبيعية تُؤثر عليه. وعند زوال تلك الظروف، تعود البشرة إلى لونها الطبيعي المعتاد لدى الشخص.

ولكن، هل تساءلت يوماً: كيف يتكون لون البشرة لدى الإنسان؟ وكيف تحصل التغيرات غير الطبيعية فيه؟

الإجابة عن هذا السؤال ليست بسيطة كما قد يتوقع البعض، بل ثمة عدة عوامل متداخلة ومؤثرة في تكوين لون البشرة على صورته النهائية لدى الشخص.

والواقع أن الأوساط الطبية تهتم بهذا الجانب. وعلى سبيل المثال، نشرت مجلة الأكاديمية الأميركية لطب الجلدية (J Am Acad Dermatol) في عدد فبراير (شباط) الماضي، دراسة بعنوان «دمج تقييمات لون الجلد في الممارسة الإكلينيكية والأبحاث: مراجعة للنهج الحالي»، قام بها 19 باحثاً وطبيباً أميركياً. وقالوا فيها: « يمكن أن يكون لتصنيف لون الجلد أهمية في صحة الجلد، والاضطرابات الصبغية، وتقييم حالة الأورام. كما أنه أمر بالغ الأهمية لتقييم مسار المرض والاستجابة لمجموعة متنوعة من التدخلات العلاجية، وأيضاً يساعد في التصنيف الدقيق للمشاركين في الدراسات البحثية الإكلينيكية. وأجرت لجنة من أطباء الجلد مراجعة للدراسات التي تم نشرها، لتقييم مقاييس التصنيف الحالية. ولقد حددنا 17 نظاماً لتصنيف الجلد. وتتضمن هذه الأنظمة مجموعة من العوامل المتغيرة، مثل تفاعل الأشعة فوق البنفسجية (UV light) والانتماء العرقي ودرجة التصبّغ (Pigmentation).

عوامل التنوّع

والحقيقة أن الطيف الجميل للألوان الموجودة في الجنس البشري يعتمد على عوامل متنوعة لا تنظم لون البشرة الطبيعية لكل شخص فحسب، بل تنظم تغيرها أيضاً. وهي ما تشمل العوامل الـ4 التالية:

> الجينات الوراثية. العامل الرئيسي المسؤول عن لون جلد الإنسان (وكذلك لون الشعر ولون قزحية العين) هو مدى نشاط ونوعية وتوزيع «تكوين الميلانين» (Melanogenesis) . وتكوين الميلانين (Melanogenesis) هو عملية إنتاج الميلانين (melanin) (الصباغ) في خلايا «بشرة» الجلد.

ويتم تحديد مستويات الميلانين في المقام الأول عن طريق الوراثة. والأفراد الذين يولدون لأبوين ذوي بشرة فاتحة، سيرثون درجات من بشرة والديهم الفاتحة. كما يرث الأفراد المولدون لأبوين ذوي بشرة داكنة، درجات من لون البشرة الداكنة. ويشار طبياً إلى مستوى هذا التصبّغ للجلد وفق العوامل الموروثة، بـ«التصبغ التأسيسي» (Constitutive Pigmentation) . وتعمل المئات من الجينات المختلفة للحمض النووي (DNA) معاً في ضبط هذا الأمر، لإعطاء بشرتك اللون الذي تتمتع به.

وللتوضيح، يمتلك كل إنسان مجموعتين من الحمض النووي، إحداهما تعود للأم والأخرى للأب. ويحدد هذا التبرع العشوائي (Random Giving) للحمض النووي من كل منهما، ما إذا كان لون بشرة الطفل داكناً أو فاتحاً أو قمحياً.

وهناك عدد من العوامل الأخرى التي يتم تحديدها عند الولادة، مثل الطريقة التي ينتج بها جسم الشخص الهرمونات، والطريقة التي تشير بها هذه الهرمونات إلى الخلايا التي تنتج الميلانين، وتوفر عدد من المركبات الكيميائية في الجلد، كلها يؤثر أيضاً في لون البشرة. ويشار إلى هذه العوامل الموروثة عند الولادة، والتي لا يمكن تغييرها، بـ«العوامل الجوهرية» (Intrinsic Factors) أو العوامل الداخلية.

لون بشرة الجنسين

> نوع الجنس. أكبر عضو في الجسم هو الجلد. وهو موضوع يتم الحديث عنه في الصناعة التجميلية والعلمية لمحددات اللون الخاصة به. وأحد هذه المحددات هو نوع الجنس (Gender). وأثبتت الدراسات أن الإناث يتمتعن ببشرة أفتح من الذكور. ويختلف لون البشرة بين الجنسين في مختلف الفئات العمرية. وهناك عدة تفسيرات علمية لسبب ذلك. ومنها الاختلافات الجنسية في توفر صبغات الميلانين في خلايا البشرة، والاختلافات ما بين الجنسين في كميات هيموغلوبين الدم في الأوعية الدموية في الجلد، وكذلك في درجات تركز صبغات الكاروتين (من تناول الخضار والفواكه ذات درجات اللون الأصفر إلى البرتقالي الغامق)، والتأثير الهرموني المستقل والمختلف بين الجنسين، وأيضاً الاختلافات فيما بين الجنسين في مدى الاضطرار أو احتمالات التعرض لأشعة الشمس والعوامل البيئية الأخرى المؤثرة على لون الجلد.

وتذكر بعض المصادر أن توفر الكالسيوم وفيتامين «دي» لدى الإناث، نتيجة الاحتياج إليه أكثر لتغذية الجنين، هو سبب تغير لون الجلد إلى لون أفتح لدى الإناث مقارنة بالرجال.

كما تميل النساء إلى الاهتمام ببشرتهن والعناية بها جيداً مقارنة بالرجال، ما يجعلها أفتح. ويستخدم الكثير من النساء مستحضرات الحماية من أشعة الشمس في أثناء وجودهن في الهواء الطلق، ما يحميهن من تأثيرات الأشعة فوق البنفسجية على لون الجلد، وبالتالي يقلل من الاسمرار والتصبغ.

> أشعة الشمس. حزمة أشعة الشمس تحوي نوعاً من الأشعة غير المرئية من فئة «الأشعة فوق البنفسجية» (UV). ونتيجة لتفاعلات بين خلايا الجلد والأشعة فوق البنفسجية، تزيد خلايا الجلد إنتاجها لبقع الصبغات، وبالتالي يتغير لون البشرة نحو اللون الأسمر خلال الـ48 ساعة التالية. ولهذا السبب يكون لون بشرة الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الاستوائية أغمق، بسبب قربهم من خط الاستواء. وأولئك الذين يعيشون في المناطق الباردة هم أبعد عن خط الاستواء ولا يتلقون الأشعة فوق البنفسجية العالية، وبالتالي لديهم لون بشرة أفتح.

وللتوضيح، فإن هناك ثلاثة أنواع من الأشعة فوق البنفسجية، وهي مرتبة وفق طول الموجة، نوع إيه (UVA) أطولها ثم نوع بي (UVB) ثم نوع سي (UVC) . وتنتقل جميعها قادمة من الشمس مع حزمة الأشعة الشمسية. وتعمل طبقة الأوزون (ozone layer) المغلفة لكوكب الأرض على صد كل أشعة نوع «سي» ومعظم أشعة نوع «بي»، بينما نوع أشعة إيه من الأشعة فوق البنفسجية لديه موجة أطول، وبالتالي فهي قادرة على اختراق طبقة البشرة والوصول أعمق في طبقة الأدمة وما تحتها.

والتعرض المفرط للأشعة ما فوق البنفسجية ولمدة قصيرة يُؤدي إلى تغير لون الجلد نحو الأغمق، والتعرض لها لمدد زمنية أطول وبشكل متكرر يُؤدي إلى شيخوخة الجلد وترهله والإصابات بسرطان الجلد.

وتجدر ملاحظة أن أشعة الشمس ليست المصدر الوحيد لتعرض جلودنا للأشعة ما فوق البنفسجية، بل هناك مصادر أخرى، منها حجيرات تسمير البشرة (Tanning booths)، وكذلك الأضواء التي فيها أبخرة الزئبق (Mercury vapor lighting) والموجودة في الأضواء القوية المستخدمة في إنارة استاد ملاعب الكرة أو مضمار سباق الخيل أو سباق السيارات أو ملاعب المدارس وغيرها، وأيضاً أضواء بعض أنواع لمبات الهالوجين أو الفلوريسنت أو إنكانديسنت، وبعض أنواع أشعة الليزر.

تأثيرات البيئة

> عوامل بيئية. هناك العديد من الظروف البيئية التي يمكن أن تتسبب بتغيرات في لون الجلد. ومنها الغبار والأوساخ ووضع أنواع رديئة من مستحضرات المكياج ومنتجات العناية بالبشرة طوال اليوم، التي قد تسد مسام الجلد وتسبب تغير اللون، أو تفاوت لون البشرة في مناطق دون أخرى لدى نفس الشخص، وهو ما يتطلب الحرص على تنظيف الجلد جيداً. كما أن تلوث الهواء يؤثر سلباً على حالة بشرتنا أيضاً؛ لأن الجسيمات المحمولة بالهواء قد تتسبب باضطرابات التصّبغ، مما يجعل البشرة تفقد لونها الطبيعي.

كما أن التعرض لدرجات حرارة قصوى يُحدث تغيرات في لون الجلد. وعلى سبيل المثال، يجفف الشتاء البشرة، مما يجعلها باهتة وجافة ومتقشرة. والبيئات الحارة والرطبة تعرض البشرة للأشعة فوق البنفسجية، مما يجعلها مسمرة ومصطبغة. والنيكوتين الموجود في السجائر يقلل من تدفق الدم إلى الجلد ويزيل العناصر الغذائية الأساسية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الترهل غير المناسب أو التجاعيد أو اسمرار الجلد أو تصبغه. وكذلك الاضطرابات الصحية، سواء كانت حمى، أو فقر الدم، أو أمراض الكبد، أو ضعف الكلى، أو ارتفاع ضغط الدم، أو قلقاً، أو اضطرابات هرمونية، أو جفافاً، أو حالات تهدد الحياة مثل السرطان، أو أي مرض آخر، فإن البشرة لا محالة ستتفاعل مع كل حالة منها بشكل سلبي. ومع نقص العناصر الغذائية وعدم الترطيب واستخدام أنواع معينة من الأدوية، تصبح البشرة باهتة ويتغير لونها الطبيعي.

• استشارية في الباطنة

طبقات الجلد المتعددة ومكان إنتاج أصباغ البشرة

> الجلد هو أكبر «عضو» في الجسم. ويتكون الجلد من ثلاث طبقات، هي:

- طبقة البشرة (Epidermis)، وهي الطبقة الخارجية للجلد التي تتصل بشكل مباشر مع العوامل البيئية المحيطة بنا والتي نعيش فيها. ولا توجد في طبقة البشرة أي أوعية دموية.

- طبقة الأدمة (Dermis)، وهي الطبقة المتوسطة من تراكيب الجلد. وتوجد فيها بصيلات الشعر والغدد الدهنية الملتصقة بسيقان الشعر والغدد العرقية والشعيرات الدموية والنهايات العصبية وغيرها.

- طبقة ما تحت الأدمة (Hypodermis)، وهي الطبقة العميقة. وتوجد فيها الشرايين والأوردة والشحوم وغيرها من مكونات الأنسجة تحت الجلدية.

وبالتشريح الميكروسكوبي، تُقسّم طبقة «البشرة» الخارجية إلى خمس طبقات، يختلف سمك كل طبقة منها بحسب منطقة الجلد في الجسم. ويتراوح السمك العام لطبقة «البشرة» في مناطق الجسم المختلفة ما بين 15 إلى 350 شريحة من الخلايا الجلدية المصفوفة بعضها فوق بعض.

وهناك أربعة أنواع من الخلايا في طبقة «البشرة»؛ أحدها خلايا ميلانوسايت (Melanocytes) الموجودة في الجزء العميق من طبقة البشرة. وتحتوي خلايا ميلانوسايت على صبغات (Melanin) الجلدية التي تُحدد لدى الشخص نوع اللون الطبيعي الدائم للجلد وقزحية العين والشعر. وتشكل هذه الخلايا نسبة 5 إلى 10 في المائة من خلايا الأجزاء العميقة من طبقة «البشرة». وتحديداً، يُوجد ما بين 1000 إلى 2000 خلية ميلانوسايت في الملليمتر المربع الواحد من الجلد.

واختلاف ألوان بشرة الناس ليس مرده اختلاف «عدد» خلايا ميلانوسايت في البشرة، بل اختلاف «نشاط إنتاجها» لصبغة مادة ميلانين. ومادة صبغة ميلانين يتم إنتاجها من الأحماض الأمينة البروتينية بمساعدة أنزيم يُدعى تايروسينيز (Tyrosinase). والأشخاص المُصابون بمرض المهق أو الألبينو (Albinism)، يفتقرون إلى الجينات الوراثية اللازمة لصنع هذا الأنزيم في خلايا ميلانوسايت الجلدية لديهم.

ويختلف إنتاج خلايا ميلنوسايت لصبغة ميلانين (Melanogenesis)، ذلك أن لدى ذوي البشرة الفاتحة هناك مستوى منخفضاً من إنتاج هذه الصبغات، بينما يرتفع الإنتاج بشكل متفاوتة لدى ذوي الدرجات المختلفة من البشرة الغامقة.

6 درجات لاختلاف ألوان الجلد

> يُعبّر أطباء الجلدية عن درجات تلوين الصبغات للجلد بالأنواع الستة للجلد، وهي:

- الجلد الأبيض الباهت (Pale White)؛ لأن به كمية قليلة جداً من الصبغات. ويُصاب هذا الجلد بسهولة بحروق أشعة الشمس، ولا يُمكن أن يحصل فيه سمرة البشرة أو ما يُعرف بـ«صن تان».

- الجلد الأبيض إلى البيج (White To Light Beige)، أو لون الصوف الطبيعي الخفيف، أو ما يُسمى الأبيض المُشّرب بحمرة. ويُصاب هذا الجلد بسهولة بحروق أشعة الشمس، ويكتسب سمرة ضعيفة جداً عند التعرض للشمس لفترات طويلة.

- الجلد البيج (Beige)، أو ما يُسمى الأبيض الأصفر أو الحنطي. ويُمكن أن يُصاب بحروق الشمس، ولكنه يُقاوم ذلك بدرجة أفضل من النوعَين المتقدمَين. وبسهولة يُمكن أن يكتسب سمرة البرونز عند التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة.

- الجلد البني الخفيف (Light Brown) أو الجلد الزيتوني. ويُصاب بالحروق بدرجات خفيفة ويكتسب سمرة البرونز بسهولة.

- الجلد البني المتوسط (Moderate Brown)، أو الجلد البرونزي. ونادراً ما يتعرض لحروق الشمس، ويكتسب بسهولة السمرة البرونزية الغامقة عند التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة.

- الجلد البني الغامق أو الأسود (Dark Brown Or Black)، ومن النادر جداً أن يُصاب بحروق الشمس، وهو بالأصل غامق بدرجة عميقة بالصبغات فيه.


مقالات ذات صلة

دراسة: استخدام الهواتف الذكية يقلل خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن

يوميات الشرق استخدام التكنولوجيا الرقمية يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالضعف الإدراكي (رويترز)

دراسة: استخدام الهواتف الذكية يقلل خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن

زعم البعض أن التكنولوجيا الرقمية قد تؤثر سلباً على القدرات الإدراكية، لكن باحثين من جامعة بايلور الأميركية اكتشفوا عكس ذلك تماماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بائعتان تجلسان وسط البطيخ في سوق جملة بتايلاند (رويترز)

تشعرك بالخفة والنشاط... 5 أطعمة للحفاظ على صحة أمعائك هذا الصيف

عند ارتفاع درجات الحرارة، من المهم التركيز على العافية الجسدية، خصوصاً صحة الأمعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التدخلات لتحسين نوم الأطفال قد تُفيد في التخفيف من مشاكل الصحة النفسية (رويترز)

دراسة: النوم الجيد بالصغر يحسن صحتنا النفسية في الكبر

يُعد فهم التغيرات التي تحدث خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة هدفاً أساسياً لعلم النفس التنموي، وهو ذو أهمية بالغة للآباء ومقدمي الرعاية الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك من المهم صحياً معرفة كيفية تقليل مستويات التوتر بطرق عملية (رويترز)

سمنة وسكري وقلق واكتئاب... هكذا يؤثر التوتر على صحتك

يعدّ التوتر من المشاعر الشائعة حالياً مع تحملنا كثيراً من المسؤوليات المتعلقة بالحياة الشخصية والعائلية والعملية، وللتوتر كثير من التأثيرات على صحتنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك لوضعية نومك مخاطر صحية (رويترز)

لماذا قد تكون وضعية نومك سبباً لقصر عمرك؟

لوضعية النوم آثارٌ عميقة، ليس فقط على جودة النوم، بل على الصحة على المدى الطويل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لماذا قد تكون وضعية نومك سبباً لقصر عمرك؟

لوضعية نومك مخاطر صحية (رويترز)
لوضعية نومك مخاطر صحية (رويترز)
TT
20

لماذا قد تكون وضعية نومك سبباً لقصر عمرك؟

لوضعية نومك مخاطر صحية (رويترز)
لوضعية نومك مخاطر صحية (رويترز)

لوضعية النوم آثارٌ عميقة، ليس فقط على جودة النوم، بل على الصحة على المدى الطويل. في الواقع، في أسوأ الحالات، قد تؤدي وضعية نوم سيئة إلى الوفاة تدريجياً، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «التليغراف».

وعلى الرغم من تأثير وضعية النوم على حالاتٍ مثل الخرف وأمراض القلب، فإن الأبحاث محدودة وتميل إلى التركيز على الآلام والأوجاع. لكن ألم الظهر ليس سوى أحد آثار وضعية النوم غير المناسبة.

وأشارت الدكتورة كات ليديرل، عالمة نوم ومؤلفة كتاب «Sleep Sense»، في هذا المجال، إلى أن عوامل نمط الحياة خلال النهار عادةً ما تكون سبباً لمشكلات وضعية النوم ليلاً.

وقالت: «ما تفعله خلال النهار عادةً ما يُحفِّز الألم وعدم الراحة اللذين تشعر بهما عند النوم في وضعياتٍ مُعينة. ومن أكثر العوامل المُساهمة في ذلك شيوعاً نمط الحياة الخامل، لذلك من المهم الحركة بانتظام خلال النهار».

المخاطر الصحية لوضعية نومك... وكيفية التعامل معها

النوم على الجانب

يُعد النوم على الجانب الوضعية الأكثر شيوعاً، ولكنْ هناك آثار صحية قد يتعرَّض لها بعض الأشخاص تبعاً لطريقة النوم.

يُنصح النساء الحوامل وأي شخص يعاني من ارتجاع المريء أو مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) أو مشكلات أخرى في الأمعاء بالنوم على الجانب الأيسر، وشرحت سامي مارغو، متخصصة العلاج الطبيعي المعتمدة وخبيرة النوم، ومؤلفة كتاب «دليل النوم الجيد»: «المعدة تكون في مستوى أدنى من المريء».

من ناحية أخرى، يُنصح الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب بمحاولة النوم على الجانب الأيمن؛ لتخفيف الضغط على القلب.

وتشير الدراسات إلى أنه عندما يستلقي الشخص على جانبه الأيسر، يتغير وضع قلبه بفعل الجاذبية. وهذا يُسبب تغيرات في النشاط الكهربائي للقلب. تُثبّت الأنسجة والهياكل الموجودة بين الرئتين القلب في مكانه عند النوم على جانبك الأيمن.

قد يؤثر وضع النوم أيضاً على صحة الدماغ. في أثناء النوم، يقوم الجهاز اللمفاوي في الدماغ بـ«غسل» الفضلات السامة بعيداً عن الدماغ. وتشير الأدلة إلى أن هذه العملية تعمل بشكل أفضل عند النوم على الجانب الأيمن.

وأشارت ليديرل إلى أنه «قد يكون هذا الأمر مثيراً للاهتمام للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالخرف أو ألزهايمر أو أي نوع من الأمراض العصبية التنكسية».

كما أوضحت مارغو، أنه قد تحدث مشكلات في وضعية النوم لدى مَن ينامون على جانبهم، وذلك حسب شكل الجسم. وقالت: «النساء ذوات قوام الساعة الرملية اللواتي ينمن على مرتبة ناعمة ستغدو أجسامهن مثل الموزة، مما يسبب إجهاداً للعمود الفقري والوركين. بينما قد يعاني الرجال الذين ينامون على الجانب من ألم متزايد في أكتافهم مع تقدمهم في السن وضعف عضلاتهم».

كما يمكن أن يسبب النوم على الجانب التجاعيد وترهل الثدي؛ لأن جلد الوجه قد يضغط على الفراش، ويمكن للجاذبية أن تسحب أنسجة الثدي وتمدد الجلد.

بحثت دراسة أجرتها جامعة بكين للغابات وكلية تشنتشو المهنية التقنية عام 2022 في العلاقة بين وضعية النوم وجودتها. واستخدمت أجهزة استشعار مرنة قابلة للارتداء لمراقبة وضعية النوم وتكرار التقلبات. وخلصت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين لا يعانون من اضطرابات النوم والذين يفضلون النوم على الجانب ينامون بشكل أفضل من أولئك الذين يفضلون النوم على ظهورهم، وأن كثرة التقلب في أثناء النوم تقلل من جودة النوم.

وبحثت دراسة أخرى نُشرت عام 2021 في العلاقة بين وضعية النوم وآلام الظهر وجودة النوم.

وأفادت الدراسة بأن الأوضاع التي يكون فيها العمود الفقري ملتوياً يمكن أن تسبب تلفاً دقيقاً في الأنسجة وتشنجات عضلية.

وقارنت الدراسة الأوضاع الشائعة مثل الاستلقاء (النوم على الظهر)، والاستلقاء الجانبي الاستفزازي (حيث يلتوي النائم عند الورك مع وضع إحدى ساقيه فوق الأخرى)، والاستلقاء الجانبي المحمي (حيث يضع النائم يده بين الفخذين ويعبر ذراعه الأخرى فوق الصدر)، والنوم على البطن (النوم على البطن).

وخلصت الدراسة إلى أنه في حين أنه من غير المعروف ما إذا كانت وضعية النوم عامل خطر للإصابة بآلام الظهر الحادة أو المتكررة، فإن المشاركين الذين يعانون من أعراض وتيبس في الصباح قضوا وقتاً أطول من الليل في أوضاع نوم استفزازية (أي ملتوية عند الورك).

ولتخفيف بعض المشكلات المرتبطة بالنوم على الجانب، توصي مارغو باستخدام وسادة سميكة لمحاذاة الرأس والرقبة مع العمود الفقري، ووضع وسادة بين ركبتيك لدعم الوركين وتقليل الضغط على أسفل الظهر.

النوم على الظهر

من أكثر المشكلات الصحية شيوعاً المرتبطة بالنوم على الظهر انقطاع النفس النومي، وهي حالة ترتخي فيها الأنسجة الرخوة في مؤخرة الحلق وتُسبب ضيقاً في مجرى الهواء، مما يُسبب الشخير وانقطاع التنفس.

وأوضحت ليديرل أن «لهذا الأمر آثاراً على الصحة العامة، وغالباً ما يرتبط بالسمنة. فهو يعوق استمرارية وجودة النوم. وقد يؤدي إلى التعب، وهو ما قد يُشكِّل مشكلةً للسائقين. كما أن له آثاراً صحيةً جسديةً. فقلة النوم تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب وغيرهما من الأمراض المصاحبة. ويفتح انقطاع النَفَس النومي البابَ أمام جميع هذه الحالات الأخرى».

إحدى طرق تخفيف هذه المشكلة هي النوم في وضعية مرتفعة.

ومع ذلك، يُعد النوم على الظهر الخيار الأمثل لمَن يعانون من آلام الظهر والرقبة.

وقالت مارغو: «الوضعية الأمثل لتقويم العمود الفقري هي الاستلقاء على الظهر مع وضع وسادة تحت الركبتين لتليين الظهر. تحافظ هذه الوضعية على المنحنيات الطبيعية للعمود الفقري، كما تُقلل من التجاعيد.»

كما أشارت إلى أن النوم على الظهر قد يكون وضعاً جيداً للتدرب عليه مع التقدم في السن، خصوصاً لمَن لا يعانون من انقطاع النَفَس النومي، حيث يعانون من آلام ظهر أقل، كما أن النوم على الظهر ضروري أيضاً للمرضى بعد العمليات الجراحية.

النوم على البطن

في حين أن النوم على البطن قد يُقلل من الشخير لأنه يُساعد على إبقاء مجاري الهواء مفتوحة أكثر من النوم على الظهر، فإنه الوضع الأكثر شيوعاً لزيادة آلام الرقبة والظهر.

وأوضحت مارغو قائلةً: «إن لفّ رقبتك جانباً يُسبب ضغطاً عليها، كما أن النوم على البطن قد يُقوّس عمودك الفقري. والضغط المباشر على الوجه قد يُسهم في ظهور التجاعيد مع مرور الوقت».

للمساعدة في تخفيف آلام الوضعية، يُنصح من ينامون على جبهة باستخدام وسادة رقيقة، أو عدم استخدام أي وسادة على الإطلاق؛ للحفاظ على وضعية رقبتهم في وضعية أكثر توازناً، ووضع وسادة أسفل الحوض للمساعدة في دعم أسفل الظهر.

أفضل الطرق لتغيير وضعية نومك

إذا كنت ترغب في تغيير وضعية نومك المعتادة، درّب نفسك تدريجياً. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في الانتقال من وضعية النوم على الظهر إلى النوم على الجانب، استلقِ على جانبك المفضل لمدة 5 دقائق في الليلة الأولى، ثم انقلب على ظهرك. في الليلة التالية، زد المدة إلى 6 دقائق، ثم 7 دقائق، وهكذا. ابدأ ببطء وزد المدة حتى تعتاد على الوضعية.