يسعى المسلمون في جميع أنحاء العالم لصيام شهر رمضان الكريم، إيمانا واحتسابا. يمتنعون عن الغذاء الأرضي من شروق الشمس حتى غروبها بهدف التركيز على الغذاء والنمو الروحي والعبادات لمدة شهر كامل.
وقد يتمكن كثير من الأشخاص من الالتزام بالصيام بكل يسر وسهولة، إلا أنه قد يمثل تحديات فريدة للصائمين الذين يعانون من اضطراب في الأكل. فقد يبدو شهر رمضان متضارباً وصعباً، والدورة اليومية للصيام والأكل قد تشعر من يعانون من اضطراب الأكل بالحاجة إلى الحد من تناول الطعام، أو تناول كميات كبيرة في وقت واحد، وهذا أمر صعب.
واضطرابات الأكل من الحالات الصحية الخطيرة التي تؤثر على الصحة الجسدية والعقلية. وتشمل هذه الحالات مشكلات في طبيعة تفكير الأشخاص في الطعام والأكل والوزن والشكل، ومشكلات في سلوكيات الأكل. يمكن أن تؤثر هذه الأعراض على الصحة والعواطف والقدرات العملية في جوانب مهمة من الحياة.
وتركز معظم اضطرابات الأكل تركيزاً كبيراً على الوزن وشكل الجسم والطعام. ويمكن أن يؤدي هذا إلى سلوكيات أكل خطيرة. من المحتمل أن تؤثر هذه السلوكيات تأثيراً كبيراً على القدرة على الحصول على التغذية التي يحتاجها الجسم. وربما تضر اضطرابات الأكل بالقلب والجهاز الهضمي والعظام والأسنان والفم. ويمكن أن تؤدي إلى الإصابة بأمراض أخرى. وترتبط أيضاً بالاكتئاب والقلق وإيذاء النفس والأفكار والسلوكيات الانتحارية.
وفي هذا المجال، أكد تقرير وضع طرقا وأساليب ونصائح تساعد من يعانون من اضطراب في الأكل، ونشره موقع «هيلث لاين»، أنه قد يكون من المفيد العثور على الدعم وممارسة بعض الأنشطة ووضع خطة منظمة لتسهيل الصيام على من يعانون من اضطراب الأكل.
بداية، أوضح التقرير أنه بالنسبة للمسلمين الذين يعانون من اضطراب الأكل، «في حين أن شهر رمضان يمثل تحدياً بطرق عدّة، إلا أنه ليس المقصود منه أن يكون له تأثير سلبي على صحتك العقلية أو الجسدية. وإذا كنت مسلماً وتعاني من اضطراب في الأكل، فمن المهم أن تتعامل مع نفسك بالرحمة خلال الشهر الفضيل».
وقدم التقرير 5 نصائح لشهر رمضان إذا كنت تعاني من اضطراب الأكل:
قد يكون قضاء شهر رمضان عندما تكون مصاباً باضطراب في الأكل أمراً صعباً. ولكن يمكنك القيام بأشياء كثيرة لتسهيل مراقبة الشهر الفضيل. وقد يشمل ذلك:
1-وضع الحدود
يمكن أن يدور جزء كبير من شهر رمضان حول فكرة تناول الطعام مع الآخرين، حيث تجعل الثقافات الإسلامية المختلفة في جميع أنحاء العالم وجبة الإفطار بمثابة حدث اجتماعي.
وقد يستضيف كثير من المسلمين على الإفطار أحباءهم أو يحضرون وجبات الإفطار لدى العائلة والأصحاب.
قد يتضمن وضع الحدود اختيار عدم حضور حفلات الإفطار أو إعفاء نفسك من المحادثات حول الولائم إذا كان ذلك يجعلك تشعر بعدم الارتياح أو القلق.
لكن القيام بذلك لا يعني أنه عليك تفويت العناصر الاجتماعية للشهر الكريم. فكر في سؤال أحبائك عما إذا كانوا يرغبون في الاجتماع في المسجد لصلاة التراويح أو التطوع معاً في حدث خيري محلي.
2- تخصيص وقت للسحور
إذا اخترت الصيام، فمن المهم تخصيص وقت لتناول السحور من أجل الحفاظ على الطاقة طوال اليوم. فكر في تناول وجبات غنية بالبروتين وتحتوي على دهون صحية وكربوهيدرات معقدة. قد تقلل هذه الأطعمة من احتمالية شعورك بالتعب أو الركود خلال النهار.
وقد يكون من المفيد أيضاً التخطيط لوجباتك مسبقاً لتقليل فرص الشعور بالإرهاق عند تحديد ما ستأكله كل يوم.
3- الاحتفاظ بدفتر تأملات رمضانية
قد يتطلب اجتياز شهر رمضان الكثير من القوة والإصرار، وقد يكون ذلك أكثر شدة إذا كنت تعاني من اضطراب في الأكل.
يمكن أن يكون تدوين اليوميات طريقة رائعة لتحديد وتتبع ما تشعر به طوال الشهر.
تتضمن التدوينات المحتملة في دفتر اليوميات ما يلي:
ما المشاعر التي نشأت لديك في ما يتعلق بالطعام اليوم؟
هل كانت هناك أي مواقف تنشط الأفكار أو المشاعر القلقة؟
كيف تمكنت من إدارة تلك المواقف، أو كيف يمكنك إدارتها في المرة المقبلة؟
هل كانت هناك لحظات شعرت فيها بالبهجة؟
كيف يمكن أن يكون الغد أفضل؟
4- النظر إلى الصلاة على أنها فرصة لليقظة الذهنية
يمكن للصلاة أن توفر فرصة رائعة لأخذ استراحة من مهامك اليومية وإيجاد الوقت للتركيز الذهني. وقت الصلاة يتطلب البحث عن مكان هادئ لتأديتها، وتخصيص وقت للتأمل، والتركيز على حركاتك.
وجدت دراسة أجريت عام 2017 أن الأشخاص الذين أدوا الصلاة بانتظام مع دمج اليقظة الذهنية يتمتعون بصحة نفسية أفضل من أولئك الذين لم يدمجوا اليقظة الذهنية.
5- وجود خطة وقائية جاهزة
إذا كنت تعتقد أن شهر رمضان قد يزيد من حدة أعراض اضطراب الأكل لديك أو يقودك إلى تكرار السلوكيات غير المرغوب فيها، فقد يكون من المفيد وضع خطة لمنع تكرارها قبل بدء الشهر الكريم أو في أي وقت خلال الشهر.
قد تتضمن الخطة قائمة بما يلي:
- محفزاتك المعروفة، حتى تتمكن من التفكير في طرق لتجنبها.
- استراتيجيات المواجهة التي نجحت معك والتي يمكنك استخدامها مرة أخرى.
- أدوات جديدة يمكنك تنفيذها لتقليل فرصة التعرض للانتكاسة.
- الأشخاص الذين يمكنك الاعتماد عليهم في المواقف الصعبة، مثل أحبائك الموثوق بهم أو المعالج.
مراقبة رمضان عندما لا تكون صائماً
ولفت التقرير إلى أنه بحال قرر الشخص الذي يعاني من اضطراب الأكل عدم الصيام، فيمكنه الاستفادة من روحانيات الشهر الكريم بعدة طرق أخرى.
ونصحت راشيل غولدبرغ، وهي معالجة مرخصة للزواج والأسرة في لوس أنجليس ومتخصصة في اضطرابات الأكل وهي مؤسسة علاج راشيل غولدبرغ، بأن التركيز على الجوانب الروحية لشهر رمضان، مثل الصلاة والتأمل والمجتمع، قد يساعد في تحويل التركيز بعيداً عن الطعام.
قد ترغب في قضاء شهر رمضان من دون صيام عن طريق:
التطوع بوقتك: خلال شهر رمضان، يزيد المسلمون من أعمالهم الخيرية والصدقات. في حين أن هذا يشمل عادةً التبرعات المالية، إلا أنه قد يتضمن أيضاً التطوع بوقتك.
زيادة عباداتك: قضاء المزيد من الوقت في الصلاة يمكن أن يكون وسيلة رائعة للشعور بأنك جزء من شهر رمضان. إذا كنت مرتاحاً للقيام بذلك، فكر في زيارة مسجدك المحلي بعد الإفطار، حيث سيجتمع معظم المسلمين هناك للعبادة معاً حتى ساعات متأخرة، ما يخلق بيئة مفعمة بالحيوية والبهجة.
تعلم المزيد عن الإسلام: يمكن أن يكون شهر رمضان وقتاً رائعاً للتعرف على المزيد عن اهتماماتك الإسلامية من خلال قراءة الأدب الإسلامي وحضور المحاضرات الدينية.
العثور على الرعاية المختصة ثقافياً
الرعاية المختصة ثقافياً هي الرعاية الصحية التي تلبي احتياجات الشخص الثقافية المحددة لضمان حصوله على أفضل جودة من الرعاية.
إذا كنت تعاني من اضطراب في الأكل، فيمكن أن تساعدك الرعاية المختصة ثقافياً في الوصول إلى التعافي والحفاظ عليه. والأهم من ذلك، أنها قد تسمح بوضع خطة دعم تأخذ في الحسبان معتقداتك الثقافية والدينية بالإضافة إلى قيمك المحيطة بالطعام.
وجدت مراجعة بحثية لعام 2020 أنه من المهم لمتخصصي الرعاية الصحية، بما في ذلك أخصائيو التغذية، أن يكون لديهم فهم للمعتقدات الثقافية من أجل المساعدة في تثقيف الآخرين.
عد إلى المسار الصحيح بعد رمضان
وتتميز نهاية شهر رمضان بوصول هلال جديد والاحتفال بعيد الفطر. يمكن أن يوفر فرصة عظيمة للتفكير في الشهر الذي مضى، والتحديات التي تغلبت عليها، والطرق التي ربما اقتربت بها من إيمانك.
إذا واجهت صعوبات تتعلق باضطراب الأكل، ففكر في التواصل مع اختصاصي الصحة العقلية أو أحبائك للحصول على الدعم.
وقالت غولدبرغ: «من المهم أن تتعاطف مع نفسك، وتعترف بصعوبة الموقف ومعاملة نفسك بلطف وتفهم، بدلاً من النقد الذاتي».
يمكن أن يكون الاعتراف بأي انتكاسات هو الخطوة الأولى في معالجة التحديات التي تواجهك والتغلب عليها. وبإمكان المعالج مساعدتك في تحديد استراتيجيات وأدوات التكيف لدعم عمليتك.