تناوُل السكريات قد يضر صحة قلبك

عندما يتعلق الأمر بالكربوهيدرات وصحة القلب والأوعية الدموية، فإن الأدلة تشير إلى أن الجودة تتفوق على الكمية؛ بمعنى أن نوعية الطعام الغني بالكربوهيدرات الذي تستهلكه تتسم بأهمية أكبر من الكمية المتناولة.

وفرة السكر في النظام الغذائي

خلصت دراسة جديدة إلى أن هذا الأمر ينطبق على نحو خاص على السكر؛ أحد أكثر الكربوهيدرات وفرة في النظام الغذائي الأميركي التقليدي.

توجد السكريات بشكل طبيعي في كثير من الأطعمة الكاملة؛ بما في ذلك الفواكه والخضراوات ومنتجات الألبان والحبوب. إلا إن الجزء الأكبر من السكر في نظامنا الغذائي هو سكر مضاف، وهو يأتي في الغالب من شراب الذرة عالي «الفركتوز»، أو «السكروز».

يُعرف «السكروز» باسم «سكر المائدة»، ويجري استخراجه بصورة رئيسية من قصب السكر وبنجر السكر.

وترتبط الأنظمة الغذائية التي تحتوي نسبة عالية من هذه السكريات المصنعة، بزيادة خطر الإصابة بأمراض الشرايين التاجية، تبعاً لدراسة نُشرت في 1 سبتمبر (أيلول) 2023 في «American Journal of Clinical Nutrition (المجلة الأميركية للتغذية العلاجية)». وجرى استخلاص النتائج من البيانات الغذائية والصحية لنحو 144 ألف شخص شاركوا في دراستين طويلتين أجرتهما جامعة هارفارد: دراسة «صحة الممرضات» ودراسة «متابعة المهنيين بالمجال الصحي».

فوائد سكريات الفواكه والخضراوات

في هذا السياق، أوضحت الدكتورة جوان مانسون؛ رئيسة قسم الطب الوقائي في «مستشفى بريغهام والنساء» التابع لجامعة هارفارد، والتي شاركت في وضع الدراسة: «على أي حال؛ فإن السكريات الموجودة بشكل طبيعي في الفواكه والخضراوات لم تكن مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة بمشكلات بالقلب».

في الواقع؛ يبدو أن تناول مزيد من الفواكه والخضراوات يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب. ومن بين الأسباب المحتملة وراء ذلك أن هذه الأطعمة غنية بالألياف، مما يبطئ وتيرة عملية الهضم وامتصاص السكر في مجرى الدم؛ الأمر الذي يقلل بدوره من خطر زيادة الوزن والإصابة بمرض السكري. تحتوي الفواكه والخضراوات كذلك على معادن (خصوصاً البوتاسيوم) ومواد كيميائية نباتية تسمى الـ«بوليفينول»، والتي تحافظ على صحة الأوعية الدموية.

سلبيات السكريات المضافة

في المقابل؛ توفر السكريات المضافة سعرات حرارية «فارغة»، ويمكن أن تعزز زيادة الوزن. بجانب ذلك؛ يمكن للتدفق المستمر من المشروبات والأطعمة السكرية أن يرهق نظام التحكم في نسبة السكر بالدم في الجسم، مما يمهد الطريق أمام الإصابة بمرض السكري. وبدورهما يفاقم الوزن الزائد ومرض السكري من خطر الإصابة بأمراض القلب.

إلى جانب ذلك؛ فإن وجود كثير من السكر المضاف في النظام الغذائي يمكن أن يحفز الكبد لإفراز دهون ثلاثية وأنواع أخرى من الدهون في مجرى الدم. ومن شأن وجود معدلات دهون مرتفعة بالدم (خاصة الكولسترول الضار) أن يسهم في مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

والآن؛ ما مقدار السكر المضاف الذي يعدّ أكثر من اللازم؟ توصي الإرشادات الغذائية للأمريكيين بألا يزيد السكر المضاف على 10 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية اليومية. وفيما يخص نظاماً غذائياً نموذجياً يحتوي 2000 سعرة حرارية؛ فهذا يعني 200 سعرة حرارية، أو 50 غراماً من السكر المضاف يومياً. ومع ذلك؛ نجد أن غالبية الأميركيين يتجاوزون هذا الحد بكثير؛ إذ تصل السكريات المضافة في الغذاء اليومي لبعضهم إلى 20 في المائة أو حتى 30 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية؛ وفق ما ذكرت الدكتورة مانسون.

مصادر السكريات المضافة

تبعاً للإرشادات الغذائية، يأتي نحو 70 في المائة من السكريات المضافة من الأنواع الخمسة التالية من الطعام والشراب:

* المشروبات المحلاة؛ مثل الكولا وعصائر الفاكهة والمشروبات الرياضية.

* الحلويات والوجبات الخفيفة الحلوة؛ بما في ذلك البسكويت، والكعك، والفطائر، والآيس كريم... وغيرها من حلويات الألبان المجمدة و«الدونتس».

* مشروبات القهوة والشاي المحلاة بالسكر؛ بما في ذلك المنتجات المعلبة والمعبأة في زجاجات، وكذلك الأخرى التي تقدَّم بالمقاهي.

* الحلوى.

* حبوب ورقائق الإفطار.

للتعرف على كمية السكر التي تستهلكها، تحقق من الملصقات الغذائية على الأطعمة التي تتناولها؛ وفق نصيحة الدكتورة مانسون. وتتطلب لوائح وضع العلامات الخاصة في «إدارة الغذاء والدواء» من مصنعي المواد الغذائية إدراج كمية السكر المضاف بالغرام لكل وجبة.

وتشمل المنتجات الشائعة الأخرى التي تحتوي السكريات المضافة: الزبادي والفواكه المعلبة وصلصة الشواء والكاتشب وتوابل السلطة والمخللات والصلصة وصلصة البيكانتي. إذا كنت تتناول بانتظام أصنافاً حلوة مشتراة من المطاعم أو المخابز أو المقاهي، فعليك طلب المعلومات حول السكر المضاف، أو أنها قد تكون متاحة عبر الإنترنت.

إذا كنت بحاجة إلى التقليل من تناول السكريات المضافة؛ فغالباً ما يكون تجنب المشروبات المحلاة أسهل نقطة للبدء.

يذكر أن المشروب العادي سعة 12 أونصة (350 مليلتراً) يحتوي نحو 40 غراماً من السكر. كما أن مشروبات القهوة الفاخرة، التي غالباً ما تكون محملة بشراب منكّه ومغطاة بالكريمة المخفوقة المحلاة، تحتوي عادة كميات مماثلة.

بدلاً من ذلك، جرب الماء الفوار مع القليل من عصير الفاكهة. وهنا تقول الدكتورة مانسون: «لا تقلق بشأن إضافة ملعقة صغيرة من السكر إلى القهوة أو الشاي؛ لأن هذا مجرد جزء صغير مما تحويه المشروبات الغازية أو المشروبات السكرية الأخرى التي تُشترى من المتجر».

ولا تنسَ تناول مزيد من الفاكهة! واستمتع بالتنوع؛ لأن جميع الفواكه الطازجة صحية، لكن احرص كذلك على تناول تلك الغنية بشكل خاص بالـ«فلافانول» وأنواع الـ«بوليفينول» الأخرى، مثل التفاح والكمثرى، وكذلك الفراولة والتوت.

* «رسالة هارفارد للقلب» - خدمات «تريبيون ميديا»

خبيرة تغذية في «هارفارد» تُعارض كثيرين: اللحوم أفضل الأطعمة لكن بشروط

نصحت جورجيا إيدي خبيرة التغذية في جامعة هارفارد الأميركية بتناول اللحوم التي قالت إنها مفيدة لصحة الأمعاء؛ لأنها سهلة الهضم وتدعم مستويات الأنسولين الصحية، دون تعزيز ارتفاع نسبة الجلوكوز بالدم.

وأضافت إيدي، وفق مقال نشرته في شبكة «CNBC» الأميركية، أن «هناك خبراء قد يختلفون معي، ويواصل عدد من الباحثين البحث عن أدلة تربط اللحوم بأمراض القلب، لكن باعتباري متخصصة في الطب النفسي الغذائي والتمثيل الغذائي، كنت أشعر بالفضول منذ فترة طويلة بشأن العلاقة بين الغذاء وصحة الدماغ، فضلاً عن الصحة العامة، وفي بحثي لم أجد بعدُ حجة صحية موثوقة ومعقولة ضد تناول اللحوم من أي نوع (بما في ذلك اللحوم الحمراء والمأكولات البحرية والدواجن)، لذلك إذا كان بإمكاني شراء الطعام من مجموعة غذائية واحدة فقط، فسأعطي اللحوم الأولوية».

وتابعت: «في الواقع، لا توجد مجموعة غذائية أخرى مُغذّية بما فيه الكفاية، أو آمنة بما فيه الكفاية، أو يمكن الوصول إليها بدرجة كافية للتوصية بها بوصفها أساساً صحياً للنظام الغذائي البشري الأمثل، لذلك أككر أنه إذا كان بإمكاني شراء الطعام من مجموعة غذائية واحدة فقط، فسأعطي اللحوم الأولوية».

لحوم (رويترز)

وأوضحت أن «اللحوم مفيدة لصحة الأمعاء؛ لأنها سهلة الهضم وتدعم مستويات الأنسولين الصحية دون تعزيز ارتفاع نسبة الجلوكوز بالدم، كما أنها توفر جميع المُغذيات التي نحتاج إليها، بما في ذلك بعض العناصر التي يصعب أو يستحيل الحصول عليها من الأطعمة النباتية».

وقالت: «على سبيل المثال، هي مصدر ممتاز لكل فيتامين ب، بما في ذلك فيتامين ب7، الذي تحتوي النباتات على القليل جداً منه، وفيتامين ب12، الذي لا تحتوي عليه النباتات على الإطلاق».

وأكدت أن «اللحوم فقط هي التي تحتوي على حديد الهيم؛ وهو شكل من أشكال الحديد يسهل علينا امتصاصه ثلاث مرات على الأقل، مقارنة بالحديد غير الهيم الموجود في النباتات، والأطعمة ذات المصدر الحيواني فقط هي التي تحتوي على شكل MK-4 من فيتامين K2، وهو الشكل الأسهل في الامتصاص، وهو الشكل الذي يستخدمه الدماغ البشري».

وقدّمت نصائح لكيفية دمج اللحوم في النظام الغذائي بالطريقة الصحيحة، بقولها: «اختر اللحوم الصحية، كلما كان ذلك ممكناً، اختر اللحوم من الحيوانات البرية أو الحيوانات التي جرت تربيتها بشكل إنساني، وتسمح لها بالوصول إلى الهواء الطلق، وتتغذى على نظام غذائي مناسب للأنواع، وإذا لم تتمكن من الحصول على اللحوم عالية الجودة أو تحمُّل تكلفتها، فما عليك سوى بذل قصارى جهدك».

وتابعت: «لا ضرورة لأن تكون اللحوم كلها حمراء. تُعدّ المحار والأسماك الدهنية والبط وكبد الدواجن كلها بدائل ذات قيمة غذائية عالية للحوم الحمراء، واختر اللحوم الطازجة غير المعالَجة (أو المجمّدة حديثًا) كلما أمكن ذلك، ولا تخف من الدهون الحيوانية الطبيعية؛ لأن قطع اللحم الدهنية أكثر نكهة وأكثر تغذية وأقل تكلفة في كثير من الأحيان».

السكريات المُضافة قد تزيد الإصابة بحصوات الكلى

أظهرت دراسة أجراها باحثون من كلية شمال سيتشوان الطبية في الصين، أنه من المحتمل إضافة «الاستهلاك المرتفع من السكريات المضافة إلى قائمة عوامل الخطر للإصابة بحصوات الكلى». وتوصلت النتائج المنشورة في دورية «فرونتييرز إن نيوتريشين» (الجمعة)، إلى أن «النسبة المئوية لاستهلاك الطاقة من السكريات المضافة ارتبطت بشكل (إيجابي ومتسق) بحصوات الكلى».

ووفق نتائج الدراسة، كان لدى المشاركين الذين كان تناولهم للسكريات المضافة، بين أعلى نسبة 25 في المائة استهلاكاً من السكان «احتمالات أكبر بنسبة 39 في المائة للإصابة بحصوات الكلى خلال فترة الدراسة». وكذلك المشاركون الذين حصلوا على أكثر من 25 في المائة من إجمالي طاقتهم من السكريات المضافة، «كانت لديهم احتمالات أكبر بنسبة 88 في المائة للإصابة بحصوات الكلى من أولئك الذين حصلوا على أقل من 5 في المائة من إجمالي طاقتهم من السكريات المضافة».

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن «الأميركيين الأصليين أو الآسيويين، لديهم احتمالات أعلى للإصابة بحصوات الكلى عند تعرضهم لكميات أكبر من المتوسط من السكريات المضافة، مقارنة بالأميركيين المكسيكيين، وغيرهم من ذوي الأصول الإسبانية». كما أن «الأشخاص أصحاب الدخل المنخفض كانت لديهم احتمالات أكبر من نظرائهم غير الفقراء».

وتوجد السكريات المضافة في الكثير من الأطعمة المصنّعة، كالمشروبات الغازية، ومشروبات الفاكهة، والحلوى، والآيس كريم، والكعك، والبسكويت. ومن الأعراض الشائعة لحصوات الكلى «الألم الشديد والغثيان والقيء والحمى والبول الدموي».

وقال الدكتور شان يين، الباحث الرئيسي في الدراسة والباحث في المستشفى التابع لكلية شمال سيتشوان الطبية، الجمعة، إن «دراستنا هي الأولى التي تشير لوجود هذا الارتباط»، مضيفاً أن «الحدّ من تناول السّكر المُضاف قد يساعد في منع تكوين حصوات الكلى».

وحلّل يين وآخرون، البيانات الوبائية لـ28303 من النساء والرجال البالغين، التي جُمعت بين عامي 2007 و2018 ضمن المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية في الولايات المتحدة (NHANES).

ووفق الباحثين، «لم تُعرف بعد آليات العلاقة بين تناول المزيد من السكريات المضافة وزيادة خطر الإصابة بحصوات الكلى كاملة، نظراً لأن هذه التجربة قائمة على الملاحظة، ولا يُمكن استبعاد وجود عوامل أخرى غير معروفة قد تؤدي لهذا الارتباط».

وأكمل يين موضحاً أن «هناك حاجة لمزيد من الدراسات لاستكشاف العلاقة بين السّكر المضاف ومختلف الأمراض أو الحالات المرضية بالتفصيل»، مضيفاً: «على سبيل المثال، ما هي أنواع حصوات الكلى الأكثر ارتباطاً بتناول السّكر المضاف؟ ولأي مدى يجب أن نخفّض استهلاكنا منها لتقليل تلك المخاطر؟ ومع ذلك، فإنّ النتائج التي توصلنا إليها تُقدم رؤى (قيّمة) لصُنّاع القرار».