التهاب الكبد الفيروسي «بي»... رحلة البحث عن «العلاج الوظيفي» المنشود

السبب الرئيسي لتليف وسرطان الكبد

التهاب الكبد الفيروسي «بي»... رحلة البحث عن «العلاج الوظيفي» المنشود
TT

التهاب الكبد الفيروسي «بي»... رحلة البحث عن «العلاج الوظيفي» المنشود

التهاب الكبد الفيروسي «بي»... رحلة البحث عن «العلاج الوظيفي» المنشود

بعد النجاحات الواضحة في معالجة «التهاب الكبد الفيروسي من نوع (سي) Hepatitis C»، التي تحققت في نحو 95 في المائة من الحالات باستخدام نوعية مميزة من الأدوية المضادة للفيروسات، والتي تعمل بنهج «العلاج الوظيفي (Functional Cure)»، تواصل أوساط طب الكبد جهودها، وبشيء كبير من الأمل، في تحقيق نجاحات مماثلة في معالجة «التهاب الكبد الفيروسي من نوع (بي) Hepatitis B» باستخدام النهج العلاجي نفسه.

وفي الواقع، هناك كثير من الأبحاث الجارية حول إيجاد «علاج وظيفي» (كما سيأتي توضيح المقصود به) لالتهاب الكبد من نوع «بي»، ولكن الأهم من بينها هو الأخبار الواردة عن بدء «المرحلة الثالثة من دراسات التجارب الإكلينيكية (Phase 3 Clinical Trials)» لتأكيد مدى جدوى ومدى أمان استخدام أحد الأدوية المضادة للفيروسات، وهو عقار «بيبيروفيرسين (Bepirovirsen)»، وهو موجه للتغلب على فيروس «بي» بشكل «وظيفي»، وذلك لمعالجة الأشخاص المصابين بـ«التهاب الكبد الوبائي المزمن» من نوع «بي»، بغية «تحييد نشاط» الفيروس في أجسامهم، وهما تجربتا: «B Well-1» و«B Well-2».

وكما هو معلوم؛ ثمة «مراحل» من إجراء التجارب الإكلينيكية، التي تلعب دوراً مهماً في تطوير أي نوع من المعالجات لأي من الأمراض على البشر، لتأكيد مدى جدوى ومدى أمان استخدامها علاجاً جديداً، ولتسهيل أخذ الموافقة من الهيئات الصحية العالمية على بدء استخدامها العلاجي.

عدوى فيروسية مزمنة

هذا؛ ولا تزال عدوى «فيروس التهاب الكبد (بي) المزمن (Chronic Hepatitis B Infection)» تشكل عبئاً ثقيلاً على الصحة العامة في جميع أنحاء العالم. وتوضح هذا منظمة الصحة العالمية بقولها: «يمثل (التهاب الكبد - بي) مشكلة صحية عالمية رئيسية. وتشير تقديرات المنظمة في عام 2019 إلى إصابة 296 مليون شخص بالعدوى بـ(التهاب الكبد - بي) المزمن. ويجري تسجيل مليون ونصف المليون حالة عدوى جديدة كل عام في أنحاء العالم. وسبب (التهاب الكبد - بي) في عام 2019 نحو 820 ألف حالة وفاة، نجم معظمها عن تشمع الكبد وسرطان الخلايا الكبدية».

وفي مراجعة علمية لباحثين من الولايات المتحدة وتايوان وسنغافورا، بعنوان «العبء العالمي لـ(فيروس التهاب الكبد - بي): الوضع الحالي والفرص الضائعة ودعوة للعمل»، ونُشرت في عدد أبريل (نيسان) الماضي من مجلة «مراجعات الطبيعة لأمراض الجهاز الهضمي والكبد (Nature Reviews Gastroenterology & Hepatology)»، أفاد الباحثون بأن فيروس «التهاب الكبد - بي» السبب الرئيسي لتليف الكبد وسرطان الكبد على مستوى العالم، وبأن عدد الوفيات الناجمة عن سرطان الكبد المرتبط بفيروس «التهاب الكبد - بي»، ارتفع فيما بين عامي 2010 و2019، وبأن فيروس «التهاب الكبد - بي» لا يزال المجال يعاني من نقص شديد في تشخيصه واتخاذ تدابير فعالة لمنع العدوى وتطور المرض. وقال الباحثون: «من المتوقع أن تزيد الوفيات العالمية السنوية الناجمة عن فيروس (التهاب الكبد - بي) بنسبة 39 في المائة من عام 2015 إلى عام 2030 إذا استمر الوضع الراهن».

لقاح مضاد

وكان «لقاح التهاب الكبد الفيروسي من نوع بي (HB Vaccine)»، من الخطوات المميزة في مسيرة البشرية نحو التغلب على حدوث هذه العدوى الفيروسية، والتغلب على مضاعفاتها لدى المُصابين، وعلى تداعياتها المادية والاجتماعية والنفسية في المستويات الصحية العامة. وتقول منظمة الصحة العالمية: «يمكن الوقاية من (التهاب الكبد - بي) عن طريق استخدام لقاحات مأمونة وناجعة. ويُعطى اللقاح عادةً بعد الولادة بوقت قصير، ثم تُعطى جرعات معزّزة بعد بضعة أسابيع. ويقي اللقاح من العدوى بالفيروس بنسبة تناهز 100 في المائة».

ومن أمثلة نجاحات بدء تطبيق تلقي هذا اللقاح، هو ملاحظة الإحصاءات الطبية في مناطق مختلفة من العالم انخفاض معدلات حدوث هذه العدوى. وعلى سبيل المثال؛ تفيد الإحصاءات الطبية من الولايات المتحدة بأن حالات الإصابة بـ«التهاب الكبد - بي الحاد (Acute Hepatitis B Infections)» انخفضت بنسبة 82 في المائة بالولايات المتحدة بين عام 1991؛ عندما أُوصي باللقاح لأول مرة للأطفال الرضع، وعام 2009.

ولكن على الرغم من وجود هذا اللقاح الآمن والفعال، فإنه لم يحدَّد أي نظام علاجي لاستحداث «علاج وظيفي (Functional Cure)». وما هو واعدٌ هو أن هناك كثيراً من هذه الأساليب العلاجية الجديدة قيد التطوير بما يسميه الباحثون «العلاج الوظيفي».

علاج وظيفي

ويُعرّف الخبراء في طب الكبد مصطلح «العلاج الوظيفي لفيروس التهاب الكبد - بي» بأنه النجاح في تحقيق 3 أمور؛ هي:

- تطهير الدم من وجود «المستضد السطحي (الغلاف الخارجي) لفيروس التهاب الكبد الفيروسي من نوع (بي) HBsAg» بشكل دائم؛ مما يعني عدم وجود «الحمض النووي لفيروس التهاب الكبد - بي (HBV DNA) (الفيروس الكامل)، أو الغلاف البروتيني للفيروس، عند فحص الدم.

- المحافظة على ديمومة قمع الفيروس على المدى الطويل، وتقليل خطر الإصابة بسرطان الكبد، حتى عند توقف تلقي العلاج بعد إتمام الفترة المطلوبة منه.

- إتمام كل هذا النجاح عبر تلقي دورة علاجية في مدة زمنية محدودة.

أي إن «العلاج الوظيفي» يعني تناول الأدوية المعالجة لفترة زمنية محدودة وليس لسنوات عديدة، ويحقق تحييداً تاماً للنشاط المرضي للفيروس.

وما مهد لهذه الخطوة، التي تعول عليها أوساط طب الكبد كثيراً في أن تكون خطوة علاجية حاسمة، هو تطوير الباحثين نهجاً دقيقاً لدراسة «التهاب الكبد الوبائي - بي» في المختبر؛ بما يسمح برؤية أفضل لكثير من سلوكيات الفيروس وخصائصه خلال جزء مهم من دورة حياته.

وما لاحظه الباحثون أن فيروس «بي» يُصنف من الفيروسات التي تحتوي الحمض النووي من نوع «دي إن إيه (DNA)»، ولكن جِينُومه (Genome) (صحيفة المحتوى الوراثي) يمر في أثناء عملية تكاثر الفيروس، عبر وسيط من نوع «آر إن إيه RNA (الحمض النووي الريبي)». ويقوم الباحثون بـ«استغلال» هذه «الميزة» في دورة حياة الفيروس، من خلال بدء تكرار إنتاج جينوم «فيروس التهاب الكبد - بي» باستخدام الحمض النووي الريبي. وإحدى فوائد هذا النهج هو تمتعه بخصائص ممتازة في شأن ما تُعرف بـ«نسبة الإشارة إلى الضجيج (Signal-To-Noise Ratio)».

وللتوضيح؛ فان مفهوم مصطلح «نسبة الإشارة إلى الضجيج» هو في الأساس «مؤشر»، ويُقصد به مدى قدرة «إشارة» معينة على الظهور والوضوح على الرغم من وجود قدرة مُصاحبة من «الضجيج» في خلفية المشهد. وإن كانت قدرة «الإشارة» أقوى من قدرة «الضجيج»، فإن تشويش الضجيج لا يضر بنجاح تلك الإشارة في الظهور. وأحد التطبيقات العملية لهذا الأمر في مضمار إنتاج الأدوية هو أنه يمكن الباحثين تحديد وقياس «المتغيرات النادرة المقاومة للأدوية (Drug Resistant Variants)» بين الناس. وتُعد «مراقبة مقاومة الأدوية ومعالجة هذا المُعوّق» عنصراً مهماً في التطوير العلاجي المضاد للفيروسات، وبالتالي قد يكون هذا النهج مفيداً لجهود العلاج. ويتصور الباحثون أيضاً أن تكون هذه الطريقة مفيدة للخطوات المبكرة في اكتشاف الأدوية.

وتحقيق نجاح العلاج الوظيفي يُحاكي تماماً ما يحصل بشكل طبيعي في جسم المُصاب الذي تغلب جهاز المناعة لديه على هذه العدوى الفيروسية. وبالتالي زوال احتمال ظهور سرطان الكبد.

ويمثل عقار «بيبيروفيرسين»؛ العلاج الواعد بشكل خاص والذي يجري تطويره حالياً لعلاج «التهاب الكبد - بي»؛ دواءً تجريبياً مضاداً للفيروسات مصمماً لمنع إنتاج البروتينات الفيروسية المرتبطة بالعدوى والتكاثر لهذا الفيروس. ومن خلال تقليل تكاثر «فيروس التهاب الكبد - بي» وقمع المستضدات الفيروسية في الوقت نفسه؛ فمن المأمول أن يحفز العلاج المناعة الفطرية ويصبح علاجاً وظيفياً للمرضى.

«التهاب الكبد - بي»... أعراض ومسارات إكلينيكية مختلفة

يفيد أطباء الكبد في «مايو كلينك» بأن «أعراض (التهاب الكبد - بي) تتراوح بين خفيفة وشديدة. وتظهر عادةً في غضون فترة من نحو شهر إلى 4 أشهر عَقِب الإصابة بالعدوى، ولكن قد يشعر المريض بها أيضاً في وقت مبكر بدايةً من الأسبوع الثاني بعد العدوى». ويضيفون: «وقد تشمل علامات وأعراض (التهاب الكبد - بي) في مراحله الأولى ما يلي:

- ألم البطن.

- البول الداكن.

- الحُمَّى.

- ألم المفاصل.

- فقدان الشهية.

- الغثيان والقيء.

- الضعف والإرهاق.

- اصفرار البشرة وبياض العينين، وتسمى هذه الحالة أيضاً اليرقان».

وفي جانب المسار الإكلينيكي؛ يوضح أطباء «مايو كلينك» أن «التهاب الكبد الوبائي - بي» يأخذ في الغالب أحد مسارين: المسار الأول هو «مسار الالتهاب الحاد (Acute Hepatitis B Infection)»، حيث تستمر عدوى «التهاب الكبد - بي» لمدة قصيرة. والمسار الآخر هو «مسار الالتهاب المزمن (Chronic Hepatitis B Infection)»، حيث تستمر عدوى «التهاب الكبد - بي» لفترة طويلة مزمنة لا يتخلص منها الجسم مطلقاً في غالب الحالات.

ويوضحون: «تستمر عدوى (التهاب الكبد - بي) الحادة لمدة زمنية أقل من 6 أشهر. ومن المحتمل أن يتمكن الجهاز المناعي من تخليص الجسم من (التهاب الكبد - بي) الحاد، وسوف تتعافى تماماً في غضون بضعة أشهر. ويعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بـ(التهاب الكبد - بي) بوصفهم بالغين من عدوى حادة، لكنها قد تؤدي إلى عدوى مزمنة». وفي المقابل يقولون: «تستمر عدوى (التهاب الكبد - بي) المزمنة لمدة 6 أشهر أو أكثر. وتستمر العدوى لأن جهاز المناعة لديك لا يستطيع محاربتها. قد تستمر عدوى (التهاب الكبد - بي المزمن) مدى الحياة؛ مما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطرة مثل تشمع الكبد وسرطان الكبد. وربما لا تظهر أي أعراض مطلقاً لدى بعض المصابين بـ(التهاب الكبد - بي) المزمن. وربما يظل الالتهاب المزمن دون اكتشاف لعقود عدة إلى أن يُصاب الشخص بمرض خطر بسبب أمراض الكبد. وقد يشعر البعض بإرهاق مستمر وأعراض بسيطة لالتهاب الكبد الحاد».

نحو 300 مليون مصاب في العالم بالتهاب الكبد الفيروسي «بي» المزمن

علاج التهاب الكبد الفيروسي من نوع «بي»... طموحات لا تتحقق حالياً

تلخص منظمة الصحة العالمية واقع علاج حالات التهاب الكبد الفيروسي من نوع «بي» بقولها: «لا يوجد علاج محدد لـ(التهاب الكبد - بي الحاد). ويمكن علاج العدوى بـ(التهاب الكبد - بي المزمن) بالأدوية. وينبغي أن تركز رعاية المصابين بـ(التهاب الكبد - بي الحاد) على الحفاظ على راحة المرضى. وينبغي للمرضى اتباع نظام غذائي صحي وشرب كثير من السوائل للوقاية من الجفاف نتيجة القيء والإسهال».

وتضيف المنظمة الصحية الأممية: «ويمكن علاج العدوى بـ(التهاب الكبد - بي المزمن) بالأدوية الفموية؛ بما في ذلك دواء (تينوفوفير) أو دواء (إنتيكافير)». ولكنها توضح: «والعلاج قادر على ما يلي:

- إبطاء تفاقم تشمع الكبد.

- الحد من حالات الإصابة بسرطان الكبد.

- تعزيز بقاء المرضى على قيد الحياة لأجل طويل».

أي إنها لا تُزيل الفيروس وتأثيراته المرضية عن الجسم أسوة بما تفعله العلاجات المتوفرة حالياً لفيروس النوع «سي».

وتضيف كذلك: «ويتعين على معظم الأشخاص الذين يباشرون تناول العلاج المضاد لـ(التهاب الكبد - بي) أن يواصلوا تناوله طيلة حياتهم».

وكذلك تستدرك بالقول: «وتشير التقديرات إلى أن العلاج سيكون لازماً لنسبة تتراوح بين 12 في المائة و25 في المائة من المصابين بـ(التهاب الكبد - بي المزمن) وفق السياق ومعايير الأهلية. وسيؤدي تحديث عام 2023 للمبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن علاج (التهاب الكبد - بي) إلى توسيع نطاق الأهلية للحصول على العلاج وزيادة نسبة الأشخاص الذين يتلقون العلاج».


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف النساء في أفريقيا سيعانين من السمنة بحلول عام 2030

صحتك السمنة تزيد مخاطر السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب (جامعة ولاية واشنطن)

دراسة: نصف النساء في أفريقيا سيعانين من السمنة بحلول عام 2030

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن دراسة حديثة أجراها الاتحاد العالمي للسمنة خلصت إلى أن ما يقرب من نصف النساء في أفريقيا سيعانين من السمنة أو زيادة الوزن.

صحتك 7 حقائق عن غازات البطن

7 حقائق عن غازات البطن

قد يستغرب البعض، لكنها حقيقة تُؤكدها المصادر الطبية، وهي أن عدد مرات إخراج الغازات يتراوح ما بين 12 إلى 25 مرة في اليوم لدى الإنسان «الطبيعي»

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك هل يصبح ارتفاع ضغط الدم ظاهرة منتشرة لدى الأطفال؟

هل يصبح ارتفاع ضغط الدم ظاهرة منتشرة لدى الأطفال؟

على الرغم من أن ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال pediatric hypertension لا يُعد من الأمراض الشائعة في مرحلة الطفولة، فإنه في ازدياد مستمر.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك أغذية خالية من الغلوتين وغنية بالألياف

أغذية خالية من الغلوتين وغنية بالألياف

ترتبط الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف بانخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساتشوستس الأميركية)
صحتك «الحزَّاز المسطَّح»... علاجات موجهة واعدة

«الحزَّاز المسطَّح»... علاجات موجهة واعدة

يُعد الحزَّاز المسطح (Lichen Planus) من الأمراض الجلدية الالتهابية المزمنة ذات الطبيعة المناعية الذاتية، التي تؤثر في الجلد والأغشية المخاطية

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)

أغذية خالية من الغلوتين وغنية بالألياف

أغذية خالية من الغلوتين وغنية بالألياف
TT

أغذية خالية من الغلوتين وغنية بالألياف

أغذية خالية من الغلوتين وغنية بالألياف

ترتبط الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف بانخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. علاوة على ذلك، فإن بعض أقوى الأدلة على فوائد الألياف للقلب والأوعية الدموية ترتبط بتناول الحبوب الكاملة، مثل القمح الكامل والشوفان.

منتجات بلا غلوتين غير صحية

والآن، ماذا لو اتبعت نظاماً غذائياً خالياً من الغلوتين ـ البروتين اللزج الموجود في القمح والجاودار والشعير؟

يعد هذا النظام الغذائي ضرورياً للأشخاص المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية (الداء البطني) celiac disease، وهو اضطراب هضمي ناتج عن رد فعل مناعي للغلوتين. ومع ذلك، نجد أن الكثير من الأشخاص، الذين لا يعانون من هذا المرض، يتبعون كذلك نظاماً غذائياً خالياً من الغلوتين. وغالباً ما يكون ذلك بسبب معاناتهم من مشكلات هضمية غير مريحة وأعراض أخرى بعد تناول الغلوتين.

في هذا الصدد، حذرت اختصاصية التغذية المسجلة ميليندا دينيس، منسقة التغذية في مركز علاج الاضطرابات الهضمية داخل مركز «بيث إسرائيل ديكونيس» الطبي التابع لجامعة هارفارد، من أنه «إذا لم يجر اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين بشكل جيد، فإنه قد يكون منخفضاً في الألياف وفيتامينات بي والعناصر الغذائية الأخرى».

جدير بالذكر أن الكثير من المنتجات الخالية من الغلوتين مثل الخبز والكعك والحبوب والمقرمشات والمعكرونة، يصنع من النشويات المكررة للغاية، مثل نشا البطاطا ونشا التابيوكا tapioca ودقيق الأرز الأبيض، التي لا تحتوي على أي ألياف. وعلى خلاف دقيق القمح، لا يجري إثراء هذه البدائل بفيتامينات بي. وربما تحتوي المنتجات الخالية من الغلوتين كذلك على المزيد من الدهون والملح والسكر، مقارنة بنظيراتها القائمة على القمح.

وقد لا يكون من غير المثير للدهشة أن يعاني الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً خالياً من الغلوتين، في الغالب من الإمساك وزيادة الوزن.

أغذية لصحة القلب والشرايين

وسعياً لتجنب هذه المشكلات - والحفاظ على نظامك القلبي الوعائي في حالة جيدة - تقترح دينيس ثلاثة سيناريوهات:

* اتبع «نسخة خالية من الغلوتين» من النظام الغذائي المرتبط بمنطقة البحر المتوسط. وهنا، ذكرت دينيس أن النظام الغذائي المرتبط بالبحر المتوسط الصديق لصحة القلب، خالٍ من الغلوتين بشكل أساسي. لذا، من السهل التكيف معه. تناول الكثير من الخضراوات والفواكه والبقوليات (الفاصوليا والبازلاء)، إضافة إلى كميات معتدلة من المأكولات البحرية والدواجن ومنتجات الألبان. وعليك اختيار الدهون الصحية مثل زيت الزيتون أو زيت الكانولا. كذلك قلل من الحلويات واللحوم الحمراء واللحوم المصنعة، وتجنب الحبوب التي تحتوي على الغلوتين، والتي تتضمن البرغل والكسكس والفارو، بجانب القمح والشعير والجاودار. farro

للتعرف على الاقتراحات، راجع القائمة في الجدول الملحق، التي تلبي كمية الألياف اليومية الموصى بها للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً أو أكثر (30 غراماً للرجال؛ 21 غراماً للنساء).

* الحبوب الكاملة الخالية من الغلوتين. عليك تدوير هذه الحبوب في قوائمك. إذ غالباً ما يعتمد الأشخاص، الذين يتجنبون الغلوتين على الذرة أو الأرز أو البطاطا للحصول على طبق جانبي نشوي. إلا أن ست حبوب كاملة - القطيفة amaranth والحنطة السوداء buckwheat والدخن millet والذرة الرفيعة sorghum والتيف teff والكينوا quinoa – تشكل خيارات متفوقة، وذلك بفضل محتواها المرتفع من الألياف ومجموعة الفيتامينات والمعادن.

رغم أن هذه الحبوب (بعضها من الناحية الفنية بذور) كان من الصعب العثور عليها في السابق، فإنها متاحة الآن على نطاق واسع داخل محلات المتاجر الرئيسة. وهنا، قالت دينيس: «إذا لم تكن تألفها، فاختر واحدة واخلطها بكمية صغيرة عند طهي الأرز».

اتبع «نسخة خالية من الغلوتين» من النظام الغذائي المرتبط بمنطقة البحر المتوسط

الإفطار... الفواكه والخضراوات

* فيما يخص الإفطار، تناول وعاء من حبوب الحنطة السوداء أو كريمة الحنطة السوداء المغطاة بالفواكه والمكسرات وشراب القيقب maple syrup، حسبما اقترحت دينيس. وتساعد الحنطة السوداء مثل الشوفان (الذي لا يتحمله بعض الأشخاص المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية)، في خفض نسبة الكوليسترول. حاول إضافة الحبوب الخالية من الغلوتين إلى الحساء أو الفلفل الحار، أو قم بتحميصها قليلاً ورشها فوق سلطة خضراء. ابحث عن ثلاث أو أربع حبوب تحبها وقم بتدويرها في وجباتك بشكل منتظم.

وعن ذلك، قالت دينيس: «تحتوي كل من الحبوب الست الممتازة على مجموعة من فيتامينات بي والمعادن المختلفة، التي يمكن أن تحسن ملفك الغذائي العام أكثر من تناول القمح».

* الفواكه والخضراوات والبقول والمكسرات والبذور الغنية بالألياف. املأ معدتك بها، إذ تتميز معظم النباتات التي تحتوي على الألياف بمزيج من الألياف غير القابلة للذوبان والأخرى القابلة للذوبان. ويحتوي الجزر والكرفس والكرنب والكيوي على ألياف غير قابلة للذوبان في الغالب، ما يساعد على الشعور بالشبع ويشجع على حركات الأمعاء المنتظمة. بينما تعد الفاصوليا والمكسرات والبذور والفواكه (مثل التوت والتفاح والكمثرى والحمضيات)، مصادر جيدة للألياف القابلة للذوبان، التي تساعد على خفض نسبة الكوليسترول والسكر في الدم. وتعمل الألياف بشكل أفضل عندما تمتص الماء، لذا تأكد من شرب الكثير من الماء، حسبما نصحت دينيس.

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».