التعرض المبكر للمضادات الحيوية يرفع خطر الإصابة بالسكري

تدمير الميكروبات النافعة لدى الأطفال يقلل إنتاج الإنسولين

التعرض المبكر للمضادات الحيوية  يرفع خطر الإصابة بالسكري
TT
20

التعرض المبكر للمضادات الحيوية يرفع خطر الإصابة بالسكري

التعرض المبكر للمضادات الحيوية  يرفع خطر الإصابة بالسكري

كشفت دراسة حديثة أُجريت على الفئران نُشرت في شهر مارس (آذار) من العام الحالي في مجلة Science عن احتمالية أن يؤدي التعرض المبكر للمضادات الحيوية إلى تثبيط نمو خلايا بيتا المُنتجة للإنسولين في البنكرياس، مما يؤدي لاحقاً إلى زيادة فرص الإصابة بمرض السكري من النوع الأول Type 1 diabetes الذي يُعد المرض المزمن الأكثر شيوعاً في الأطفال.

السكري لدى الأطفال

أوضح الباحثون من جامعة كولورادو في الولايات المتحدة أن الهدف الأساسي من الدراسة كان معرفة العوامل المؤثرة في حدوث المرض بعيداً عن الدور الرئيسي للعامل الجيني، حيث وجدوا أن التوائم المتطابقة على الرغم من اشتراكهم في الحمض النووي ذاته فإن واحداً فقط منهم في الأغلب هو الذي يصاب بالمرض، ما يعني وجود عوامل أخرى يمكن أن تؤثر بشكل قوي في حدوث المرض ومنها العوامل البيئية المختلفة مثل الآثار الجانبية للمضادات الحيوية.

أكد الباحثون أن إعطاء الأطفال المضادات الحيوية في السنة الأولى من العمر يمكن أن يتسبب في مشكلات صحية كبيرة للطفل لأن هذه الأدوية يمكن أن تقتل الميكروبات النافعة، التي تشمل البكتيريا بشكل أساسي والفطريات أيضاً، الموجودة في الأمعاء بنفس الكيفية التي تقتل بها البكتيريا الضارة المسببة للمرض.

ويمثل العلاج بالمضادات مشكلة صحية عالمية تؤثر بالسلب على صحة الأطفال، وفي دول العالم الثالث يتم وصف المضادات الحيوية على وجه التقريب لمعظم الأطفال بمعدل 25 مرة في السنوات الثلاث الأولى من عمرهم.

ومن المعروف أن الميكروبات النافعة تلعب دوراً هاماً في تعزيز نمو الخلايا الوحيدة المسؤولة عن تصنيع الإنسولين في الجسم (خلايا بيتا) وكلما كانت أعداد الميكروبات المفيدة كبيرة زاد إنتاج الخلايا والوقاية من المرض. وعلى سبيل المثال فإن الأطفال الذين يرضعون بشكل طبيعي أقل عرضة للإصابة لأن الرضاعة الطبيعية تعزز نمو البكتيريا المفيدة.

ويولد الأطفال بعدد قليل من خلايا بيتا، ولكن في خلال السنة الأولى من عمر الطفل تحدث طفرة كبيرة جداً في نمو هذه الخلايا، وتساعد الميكروبات النافعة في حدوث هذه الطفرة مما يحافظ على صحة الطفل ولكن في حالة حدوث خلل في أعداد هذه الميكروبات بسبب الآثار الجانبية للمضادات الحيوية لا تستطيع أن تقوم بدورها في تحفيز نمو خلايا بيتا وزيادة عددها وبالتالي يتم إنتاج عدد محدود منها. وفي حالة نقص أو غياب الإنسولين بالكامل لا يستطيع الجسم التخلص من الكميات الزائدة من الغلوكوز، مما يؤدي إلى ارتفاعه في الدم وحدوث المرض.

قام الباحثون بإعطاء مضادات حيوية واسعة المجال لمدة عشرة أيام متتالية لفئران في السنة الأولى من عمرهم لمعرفة تأثير هذه الأدوية على الجسم بشكل عام وعلى التمثيل الغذائي بشكل خاص. وتبين أن الفئران التي تناولت المضادات واسعة المجال كانت الأقل في صناعة الخلايا المنتجة للإنسولين. وعند قياس مستويات الغلوكوز في الدم تبين وجود ارتفاع كبير في الغلوكوز وأيضاً عانت هذه الفئران من انخفاض مستويات الإنسولين وحدوث تدهور عام في وظائف الأعضاء.

الميكروبات النافعة وخلايا البنكرياسأشارت الدراسة إلى الأهمية الكبيرة للميكروبات النافعة وخطورة القضاء عليها مبكراً عن طريق الأدوية. وقال الباحثون إن التجارب الأخرى التي أُجريت أيضاً على الفئران أثبتت ذلك حينما زاد إنتاج خلايا بيتا لديها وتحسنت مستويات الإنسولين في الدم بعد قيام العلماء بحقنها بالميكروبات المفيدة.

قام العلماء باستخلاص ميكروبات مفيدة تم جمعها من عينات براز لأطفال من دراسة خاصة بتأثير العوامل البيئية على مرض السكري في صغار السن The Environmental Determinants of Diabetes in the Young وتم إطعام الفئران بهذه الميكروبات وكان أقوى تأثير إيجابي لهذه الميكروبات لنوع معين من الفطريات Candida dubliniensis.

عندما قام الباحثون بإعطاء فئران حديثة الولادة براز رضع أصحاء تتراوح أعمارهم بين سبعة أشهر وعام كامل حدثت زيادة في نمو خلايا بيتا لديهم وتحسن إنتاج الإنسولين، ولكن الغريب أن هذا الأمر لم يتكرر عند إعطاء الفئران براز أطفال من أعمار أخرى، مما يشير إلى أهمية الميكروبات المفيدة في المرحلة الأولى من عمر الأطفال.

كما لاحظ العلماء أن النوعية الخاصة من الفطريات المسئولة عن نمو خلايا بيتا كانت منتشرة بكثرة في الأطفال خلال هذه الفترة العمرية فقط، مما يوضح أن البشر أيضاً لديهم فترة محدودة للاستفادة القصوى من هذه الميكروبات المحفزة لخلايا بيتا، وهي الفترة العمرية التي تمتد إلى عام بعد الولادة.

وعندما قام الباحثون بحقن ذكور الفئران التي لديها استعداد وراثي للإصابة بداء السكري من النوع الأول، بالفطريات المفيدة في المرحلة الأولى من حياتها حدث المرض في نسبة بسيطة فقط من الحالات (أقل من 15 في المائة) وفي المقابل أُصيبت الغالبية العظمى من الذكور التي لم يتم حقنها بالفطريات بالمرض بنسبة بلغت 90 في المائة من الحالات.

وقال الباحثون إن الدراسة لا تهدف إلى منع استخدام المضادات الحيوية في السنة الأولى من عمر الطفل ولكن فقط ترشيد استخدامها في العدوى البكتيرية فقط وبجرعات مناسبة للعمر لفترات محددة حتى يمكن الحفاظ على التنوع الميكروبي الضروري للنمو السليم. ونصحت الدراسة الأطباء بضرورة وصف أدوية أو مكملات غذائية تحتوي على الميكروبات المفيدة في الفترة التالية للعلاج بالمضادات الحيوية لتلافي الأثر الذي يمكن أن تسببه هذه الأدوية على البكتيريا المفيدة.* استشاري طب الأطفال.


مقالات ذات صلة

دراسة: لقاح الإنفلونزا مرتبط بارتفاع معدلات الإصابة

صحتك لقاح الإنفلونزا قد لا يُحقق التأثيرات الوقائية المتوقعة (رويترز)

دراسة: لقاح الإنفلونزا مرتبط بارتفاع معدلات الإصابة

ينصح مقدمو الرعاية الصحية بتلقي لقاح الإنفلونزا سنوياً لجميع الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 6 أشهر وما فوق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أكثر العلامات شيوعاً التي تشير إلى ضبابية الدماغ صعوبة التركيز ونسيان المهام (رويترز)

ضباب الدماغ... ما هو؟ ولماذا يُشكل مصدر قلق صحي كبيراً؟

«ضباب الدماغ» مصطلح يُستخدم لوصف الارتباك الذهني أو عدم الوضوح، وغالباً ما يتميز بالنسيان وصعوبة التركيز والشعور بالخمول الذهني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك ما فوائد خل التفاح قبل النوم؟ (سي إن إن)

7 فوائد لشرب خل التفاح قبل النوم

يزعم البعض أن خل التفاح يُعزّز النوم أو أن تناوله قبل النوم يُقدم أفضل الفوائد الصحية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق حدد العلماء البنية الدماغية في عينة نسيجية بحجم حبة رمل (أرشيفية - رويترز)

علماء ينتجون مخططاً دقيقاً لتوصيلات دماغ الفأر

أنتج علماء الأعصاب أكبر مخطط توصيلات عصبية وخريطة وظيفية لدماغ الثدييات حتى الآن، باستخدام أنسجة من جزء من قشرة دماغ فأر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يساعد المشي على زيادة عملية الأيض (رويترز)

كم عدد خطوات المشي اللازمة لفقدان الوزن؟

يمكن أن يساعد المشي على زيادة عملية الأيض، وتحسين المزاج، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وتنظيم الشهية، وتحسين صحة القلب، وزيادة قوة العظام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: لقاح الإنفلونزا مرتبط بارتفاع معدلات الإصابة

لقاح الإنفلونزا قد لا يُحقق التأثيرات الوقائية المتوقعة (رويترز)
لقاح الإنفلونزا قد لا يُحقق التأثيرات الوقائية المتوقعة (رويترز)
TT
20

دراسة: لقاح الإنفلونزا مرتبط بارتفاع معدلات الإصابة

لقاح الإنفلونزا قد لا يُحقق التأثيرات الوقائية المتوقعة (رويترز)
لقاح الإنفلونزا قد لا يُحقق التأثيرات الوقائية المتوقعة (رويترز)

ينصح مقدمو الرعاية الصحية بتلقي لقاح الإنفلونزا سنوياً لجميع الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 6 أشهر وما فوق.

إلا أن دراسة جديدة من عيادة كليفلاند في أميركا أشارت إلى أن اللقاح قد لا يُحقق التأثيرات الوقائية المتوقعة، بحسب تقرير أوردته شبكة «فوكس نيوز».

وبحثت الدراسة الأولية، التي نُشرت على موقع MedRxiv.org هذا الأسبوع، في بيانات العدوى لموسم الإنفلونزا 2024 - 2025 في أميركا.

وجد الباحثون أنه من بين 53402 موظف في عيادة كليفلاند في شمال أوهايو، ارتبط الحصول على لقاح الإنفلونزا بزيادة بنسبة 27 في المائة في حالات الإصابة بالإنفلونزا.

وتمت مقارنة الموظفين الذين تلقوا اللقاح بمَن لم يتلقوه على مدى 25 أسبوعاً.

وكتب الباحثون في الدراسة: «وجدت هذه الدراسة أن تطعيم البالغين في سن العمل ضد الإنفلونزا ارتبط بارتفاع خطر الإصابة بالإنفلونزا خلال موسم الفيروسات التنفسية 2024 – 2025، مما يشير إلى أن اللقاح لم يكن فعالاً في الوقاية من الإنفلونزا هذا الموسم».

في حين نُشرت أعمال سابقة لهؤلاء الباحثين حول فاعلية اللقاحات في مجلات علمية مرموقة، إلا أن هذه الدراسة الأحدث لا تزال في مرحلة ما قبل الطباعة، مما يعني أنها لم تخضع لمراجعة الأقران بعد.

القيود المحتملة

لاحظ الباحثون العديد من القيود على الدراسة، بما في ذلك استخدام «لقاح الإنفلونزا الثلاثي المعطل» لدى نحو 99 في المائة من الموظفين المشمولين.

وقالوا: «لا يمكن استبعاد احتمال أن تكون لقاحات الإنفلونزا الأخرى أكثر فاعلية».

ومن المحتمل أيضاً أن تكون مجموعات الاختبار المنزلية قد أغفلت بعض الإصابات.

إضافة إلى ذلك، لم تقارن الدراسة خطر دخول المستشفى أو الوفيات المرتبطة بالإنفلونزا، ولم تقس ما إذا كان اللقاح قد قلل من شدة المرض.

وكتب الباحثون: «شملت الدراسة بشكل أساسي أفراداً يتمتعون بصحة جيدة بما يكفي للعمل. كان من المتوقع أن تكون أقلية منهم تعاني من نقص مناعي حاد».

آراء الأطباء

في هذا المجال، راجع الدكتور مارك سيغل، أستاذ الطب السريري في مركز لانغون الصحي بجامعة نيويورك والمحلل الطبي الرئيسي في قناة «فوكس نيوز»، نتائج الدراسة، وقال إنها «مضللة».

وقال للشبكة: «إنها دراسة رصدية، لذا فهي لا تثبت أن اللقاح لا يقلل من انتشار المرض».

وأضاف: «أكبر تحيز أراه هو أنها تقارن بين العاملين في مجال الرعاية الصحية المُلقَّحين (80 في المائة منهم مُلقَّحون ضد الإنفلونزا) والاتجاهات السكانية العامة؛ حيث لا تأخذ الدراسة في الاعتبار أن العاملين في مجال الرعاية الصحية أكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا في مهنتهم، لذلك نتوقع أن يكون معدل الإصابة أعلى، سواءً كانوا مُلقَّحين أم لا».

وأعرب سيغل أيضاً عن اعتقاده بأن الدراسة تُسيء استخدام كلمة «الفاعلية».

وأشار إلى أن «لقاح الإنفلونزا يهدف إلى تقليل شدة المرض بدلاً من تقليل انتشاره».

وتابع: «المعيار الحقيقي لفاعلية لقاح الإنفلونزا هو معدل دخول المستشفى أو زيارة عيادة الطبيب أو الرعاية العاجلة، الذي ينخفض ​​عادة بأكثر من 100 ألف حالة سنوياً أو أكثر بسبب اللقاح».

وشرح الطبيب أن هذه الفاعلية تختلف من سنة لأخرى بناءً على مدى ملاءمة اللقاح للسلالة السائدة، موضحاً أنه «في الوقت نفسه، يميل لقاح الإنفلونزا إلى تقليل الحمل الفيروسي، مما يُفترض أن يُقلل من الانتشار العام داخل المجتمع».

وأكد الدكتور جاكوب غلانفيل، الرئيس التنفيذي لشركة سنتيفاكس، وهي شركة تكنولوجيا حيوية في سان فرنسيسكو، أن الدراسة لم تخضع بعد لمراجعة الأقران.

وقال لـ«فوكس نيوز»: «يجب أن ننتظر هذه العملية، لأنها ستُساعد في التحقق من الأساليب الإحصائية واعتبارات تصميم الدراسة الأخرى».

وأضاف: «على سبيل المثال، من المهم استبعاد تجنب الإبلاغ من قِبل موظفي (كليفلاند كلينك) غير المُلقحين. هل لديهم أي سياسات من شأنها تثبيط غير المُلقحين عن الإبلاغ عن المرض؟».

ويتأثر العالم أجمع بالإنفلونزا، ووفق التقرير، فإنه إذا كانت هذه الظاهرة حقيقية، فيجب أن تدعمها بسهولة دراسات أخرى من هذا الموسم.

أقرّ الدكتور مايك سيفيلا، طبيب أسرة مقيم في سالم بأوهايو، بأن ارتفاع معدل الإصابة يشير إلى أن لقاح الإنفلونزا لهذا العام لم يكن فعالاً بالقدر المأمول.

وقال للشبكة: «لا أعتقد أن هذا متوقع. ومع ذلك، عند مقارنة السنوات السابقة، يمكن أن تتفاوت فاعلية لقاح الإنفلونزا السنوي بشكل كبير، من نحو 10 في المائة إلى نحو 60 في المائة».

وأضاف سيفيلا أنه لاحظ في عيادته زيادة في حالات الإنفلونزا هذا الموسم، ولكن ليس بالضرورة حالات شديدة.

وقال: «ما زلت أخبر مرضاي أن من فوائد تلقي لقاح الإنفلونزا أنه حتى لو كنت قد تُصاب بالإنفلونزا، فقد لا تكون حالتك شديدة مثل أولئك الذين لم يتلقوا لقاح الإنفلونزا».

وتابع: «إذا كانت لديك أي أسئلة حول اللقاحات، يمكنك دائماً سؤال طبيب الأسرة».