التهاب الكبد الفيروسي «بي»... رحلة البحث عن «العلاج الوظيفي» المنشود

السبب الرئيسي لتليف وسرطان الكبد

التهاب الكبد الفيروسي «بي»... رحلة البحث عن «العلاج الوظيفي» المنشود
TT
20

التهاب الكبد الفيروسي «بي»... رحلة البحث عن «العلاج الوظيفي» المنشود

التهاب الكبد الفيروسي «بي»... رحلة البحث عن «العلاج الوظيفي» المنشود

بعد النجاحات الواضحة في معالجة «التهاب الكبد الفيروسي من نوع (سي) Hepatitis C»، التي تحققت في نحو 95 في المائة من الحالات باستخدام نوعية مميزة من الأدوية المضادة للفيروسات، والتي تعمل بنهج «العلاج الوظيفي (Functional Cure)»، تواصل أوساط طب الكبد جهودها، وبشيء كبير من الأمل، في تحقيق نجاحات مماثلة في معالجة «التهاب الكبد الفيروسي من نوع (بي) Hepatitis B» باستخدام النهج العلاجي نفسه.

وفي الواقع، هناك كثير من الأبحاث الجارية حول إيجاد «علاج وظيفي» (كما سيأتي توضيح المقصود به) لالتهاب الكبد من نوع «بي»، ولكن الأهم من بينها هو الأخبار الواردة عن بدء «المرحلة الثالثة من دراسات التجارب الإكلينيكية (Phase 3 Clinical Trials)» لتأكيد مدى جدوى ومدى أمان استخدام أحد الأدوية المضادة للفيروسات، وهو عقار «بيبيروفيرسين (Bepirovirsen)»، وهو موجه للتغلب على فيروس «بي» بشكل «وظيفي»، وذلك لمعالجة الأشخاص المصابين بـ«التهاب الكبد الوبائي المزمن» من نوع «بي»، بغية «تحييد نشاط» الفيروس في أجسامهم، وهما تجربتا: «B Well-1» و«B Well-2».

وكما هو معلوم؛ ثمة «مراحل» من إجراء التجارب الإكلينيكية، التي تلعب دوراً مهماً في تطوير أي نوع من المعالجات لأي من الأمراض على البشر، لتأكيد مدى جدوى ومدى أمان استخدامها علاجاً جديداً، ولتسهيل أخذ الموافقة من الهيئات الصحية العالمية على بدء استخدامها العلاجي.

عدوى فيروسية مزمنة

هذا؛ ولا تزال عدوى «فيروس التهاب الكبد (بي) المزمن (Chronic Hepatitis B Infection)» تشكل عبئاً ثقيلاً على الصحة العامة في جميع أنحاء العالم. وتوضح هذا منظمة الصحة العالمية بقولها: «يمثل (التهاب الكبد - بي) مشكلة صحية عالمية رئيسية. وتشير تقديرات المنظمة في عام 2019 إلى إصابة 296 مليون شخص بالعدوى بـ(التهاب الكبد - بي) المزمن. ويجري تسجيل مليون ونصف المليون حالة عدوى جديدة كل عام في أنحاء العالم. وسبب (التهاب الكبد - بي) في عام 2019 نحو 820 ألف حالة وفاة، نجم معظمها عن تشمع الكبد وسرطان الخلايا الكبدية».

وفي مراجعة علمية لباحثين من الولايات المتحدة وتايوان وسنغافورا، بعنوان «العبء العالمي لـ(فيروس التهاب الكبد - بي): الوضع الحالي والفرص الضائعة ودعوة للعمل»، ونُشرت في عدد أبريل (نيسان) الماضي من مجلة «مراجعات الطبيعة لأمراض الجهاز الهضمي والكبد (Nature Reviews Gastroenterology & Hepatology)»، أفاد الباحثون بأن فيروس «التهاب الكبد - بي» السبب الرئيسي لتليف الكبد وسرطان الكبد على مستوى العالم، وبأن عدد الوفيات الناجمة عن سرطان الكبد المرتبط بفيروس «التهاب الكبد - بي»، ارتفع فيما بين عامي 2010 و2019، وبأن فيروس «التهاب الكبد - بي» لا يزال المجال يعاني من نقص شديد في تشخيصه واتخاذ تدابير فعالة لمنع العدوى وتطور المرض. وقال الباحثون: «من المتوقع أن تزيد الوفيات العالمية السنوية الناجمة عن فيروس (التهاب الكبد - بي) بنسبة 39 في المائة من عام 2015 إلى عام 2030 إذا استمر الوضع الراهن».

لقاح مضاد

وكان «لقاح التهاب الكبد الفيروسي من نوع بي (HB Vaccine)»، من الخطوات المميزة في مسيرة البشرية نحو التغلب على حدوث هذه العدوى الفيروسية، والتغلب على مضاعفاتها لدى المُصابين، وعلى تداعياتها المادية والاجتماعية والنفسية في المستويات الصحية العامة. وتقول منظمة الصحة العالمية: «يمكن الوقاية من (التهاب الكبد - بي) عن طريق استخدام لقاحات مأمونة وناجعة. ويُعطى اللقاح عادةً بعد الولادة بوقت قصير، ثم تُعطى جرعات معزّزة بعد بضعة أسابيع. ويقي اللقاح من العدوى بالفيروس بنسبة تناهز 100 في المائة».

ومن أمثلة نجاحات بدء تطبيق تلقي هذا اللقاح، هو ملاحظة الإحصاءات الطبية في مناطق مختلفة من العالم انخفاض معدلات حدوث هذه العدوى. وعلى سبيل المثال؛ تفيد الإحصاءات الطبية من الولايات المتحدة بأن حالات الإصابة بـ«التهاب الكبد - بي الحاد (Acute Hepatitis B Infections)» انخفضت بنسبة 82 في المائة بالولايات المتحدة بين عام 1991؛ عندما أُوصي باللقاح لأول مرة للأطفال الرضع، وعام 2009.

ولكن على الرغم من وجود هذا اللقاح الآمن والفعال، فإنه لم يحدَّد أي نظام علاجي لاستحداث «علاج وظيفي (Functional Cure)». وما هو واعدٌ هو أن هناك كثيراً من هذه الأساليب العلاجية الجديدة قيد التطوير بما يسميه الباحثون «العلاج الوظيفي».

علاج وظيفي

ويُعرّف الخبراء في طب الكبد مصطلح «العلاج الوظيفي لفيروس التهاب الكبد - بي» بأنه النجاح في تحقيق 3 أمور؛ هي:

- تطهير الدم من وجود «المستضد السطحي (الغلاف الخارجي) لفيروس التهاب الكبد الفيروسي من نوع (بي) HBsAg» بشكل دائم؛ مما يعني عدم وجود «الحمض النووي لفيروس التهاب الكبد - بي (HBV DNA) (الفيروس الكامل)، أو الغلاف البروتيني للفيروس، عند فحص الدم.

- المحافظة على ديمومة قمع الفيروس على المدى الطويل، وتقليل خطر الإصابة بسرطان الكبد، حتى عند توقف تلقي العلاج بعد إتمام الفترة المطلوبة منه.

- إتمام كل هذا النجاح عبر تلقي دورة علاجية في مدة زمنية محدودة.

أي إن «العلاج الوظيفي» يعني تناول الأدوية المعالجة لفترة زمنية محدودة وليس لسنوات عديدة، ويحقق تحييداً تاماً للنشاط المرضي للفيروس.

وما مهد لهذه الخطوة، التي تعول عليها أوساط طب الكبد كثيراً في أن تكون خطوة علاجية حاسمة، هو تطوير الباحثين نهجاً دقيقاً لدراسة «التهاب الكبد الوبائي - بي» في المختبر؛ بما يسمح برؤية أفضل لكثير من سلوكيات الفيروس وخصائصه خلال جزء مهم من دورة حياته.

وما لاحظه الباحثون أن فيروس «بي» يُصنف من الفيروسات التي تحتوي الحمض النووي من نوع «دي إن إيه (DNA)»، ولكن جِينُومه (Genome) (صحيفة المحتوى الوراثي) يمر في أثناء عملية تكاثر الفيروس، عبر وسيط من نوع «آر إن إيه RNA (الحمض النووي الريبي)». ويقوم الباحثون بـ«استغلال» هذه «الميزة» في دورة حياة الفيروس، من خلال بدء تكرار إنتاج جينوم «فيروس التهاب الكبد - بي» باستخدام الحمض النووي الريبي. وإحدى فوائد هذا النهج هو تمتعه بخصائص ممتازة في شأن ما تُعرف بـ«نسبة الإشارة إلى الضجيج (Signal-To-Noise Ratio)».

وللتوضيح؛ فان مفهوم مصطلح «نسبة الإشارة إلى الضجيج» هو في الأساس «مؤشر»، ويُقصد به مدى قدرة «إشارة» معينة على الظهور والوضوح على الرغم من وجود قدرة مُصاحبة من «الضجيج» في خلفية المشهد. وإن كانت قدرة «الإشارة» أقوى من قدرة «الضجيج»، فإن تشويش الضجيج لا يضر بنجاح تلك الإشارة في الظهور. وأحد التطبيقات العملية لهذا الأمر في مضمار إنتاج الأدوية هو أنه يمكن الباحثين تحديد وقياس «المتغيرات النادرة المقاومة للأدوية (Drug Resistant Variants)» بين الناس. وتُعد «مراقبة مقاومة الأدوية ومعالجة هذا المُعوّق» عنصراً مهماً في التطوير العلاجي المضاد للفيروسات، وبالتالي قد يكون هذا النهج مفيداً لجهود العلاج. ويتصور الباحثون أيضاً أن تكون هذه الطريقة مفيدة للخطوات المبكرة في اكتشاف الأدوية.

وتحقيق نجاح العلاج الوظيفي يُحاكي تماماً ما يحصل بشكل طبيعي في جسم المُصاب الذي تغلب جهاز المناعة لديه على هذه العدوى الفيروسية. وبالتالي زوال احتمال ظهور سرطان الكبد.

ويمثل عقار «بيبيروفيرسين»؛ العلاج الواعد بشكل خاص والذي يجري تطويره حالياً لعلاج «التهاب الكبد - بي»؛ دواءً تجريبياً مضاداً للفيروسات مصمماً لمنع إنتاج البروتينات الفيروسية المرتبطة بالعدوى والتكاثر لهذا الفيروس. ومن خلال تقليل تكاثر «فيروس التهاب الكبد - بي» وقمع المستضدات الفيروسية في الوقت نفسه؛ فمن المأمول أن يحفز العلاج المناعة الفطرية ويصبح علاجاً وظيفياً للمرضى.

«التهاب الكبد - بي»... أعراض ومسارات إكلينيكية مختلفة

يفيد أطباء الكبد في «مايو كلينك» بأن «أعراض (التهاب الكبد - بي) تتراوح بين خفيفة وشديدة. وتظهر عادةً في غضون فترة من نحو شهر إلى 4 أشهر عَقِب الإصابة بالعدوى، ولكن قد يشعر المريض بها أيضاً في وقت مبكر بدايةً من الأسبوع الثاني بعد العدوى». ويضيفون: «وقد تشمل علامات وأعراض (التهاب الكبد - بي) في مراحله الأولى ما يلي:

- ألم البطن.

- البول الداكن.

- الحُمَّى.

- ألم المفاصل.

- فقدان الشهية.

- الغثيان والقيء.

- الضعف والإرهاق.

- اصفرار البشرة وبياض العينين، وتسمى هذه الحالة أيضاً اليرقان».

وفي جانب المسار الإكلينيكي؛ يوضح أطباء «مايو كلينك» أن «التهاب الكبد الوبائي - بي» يأخذ في الغالب أحد مسارين: المسار الأول هو «مسار الالتهاب الحاد (Acute Hepatitis B Infection)»، حيث تستمر عدوى «التهاب الكبد - بي» لمدة قصيرة. والمسار الآخر هو «مسار الالتهاب المزمن (Chronic Hepatitis B Infection)»، حيث تستمر عدوى «التهاب الكبد - بي» لفترة طويلة مزمنة لا يتخلص منها الجسم مطلقاً في غالب الحالات.

ويوضحون: «تستمر عدوى (التهاب الكبد - بي) الحادة لمدة زمنية أقل من 6 أشهر. ومن المحتمل أن يتمكن الجهاز المناعي من تخليص الجسم من (التهاب الكبد - بي) الحاد، وسوف تتعافى تماماً في غضون بضعة أشهر. ويعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بـ(التهاب الكبد - بي) بوصفهم بالغين من عدوى حادة، لكنها قد تؤدي إلى عدوى مزمنة». وفي المقابل يقولون: «تستمر عدوى (التهاب الكبد - بي) المزمنة لمدة 6 أشهر أو أكثر. وتستمر العدوى لأن جهاز المناعة لديك لا يستطيع محاربتها. قد تستمر عدوى (التهاب الكبد - بي المزمن) مدى الحياة؛ مما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطرة مثل تشمع الكبد وسرطان الكبد. وربما لا تظهر أي أعراض مطلقاً لدى بعض المصابين بـ(التهاب الكبد - بي) المزمن. وربما يظل الالتهاب المزمن دون اكتشاف لعقود عدة إلى أن يُصاب الشخص بمرض خطر بسبب أمراض الكبد. وقد يشعر البعض بإرهاق مستمر وأعراض بسيطة لالتهاب الكبد الحاد».

نحو 300 مليون مصاب في العالم بالتهاب الكبد الفيروسي «بي» المزمن

علاج التهاب الكبد الفيروسي من نوع «بي»... طموحات لا تتحقق حالياً

تلخص منظمة الصحة العالمية واقع علاج حالات التهاب الكبد الفيروسي من نوع «بي» بقولها: «لا يوجد علاج محدد لـ(التهاب الكبد - بي الحاد). ويمكن علاج العدوى بـ(التهاب الكبد - بي المزمن) بالأدوية. وينبغي أن تركز رعاية المصابين بـ(التهاب الكبد - بي الحاد) على الحفاظ على راحة المرضى. وينبغي للمرضى اتباع نظام غذائي صحي وشرب كثير من السوائل للوقاية من الجفاف نتيجة القيء والإسهال».

وتضيف المنظمة الصحية الأممية: «ويمكن علاج العدوى بـ(التهاب الكبد - بي المزمن) بالأدوية الفموية؛ بما في ذلك دواء (تينوفوفير) أو دواء (إنتيكافير)». ولكنها توضح: «والعلاج قادر على ما يلي:

- إبطاء تفاقم تشمع الكبد.

- الحد من حالات الإصابة بسرطان الكبد.

- تعزيز بقاء المرضى على قيد الحياة لأجل طويل».

أي إنها لا تُزيل الفيروس وتأثيراته المرضية عن الجسم أسوة بما تفعله العلاجات المتوفرة حالياً لفيروس النوع «سي».

وتضيف كذلك: «ويتعين على معظم الأشخاص الذين يباشرون تناول العلاج المضاد لـ(التهاب الكبد - بي) أن يواصلوا تناوله طيلة حياتهم».

وكذلك تستدرك بالقول: «وتشير التقديرات إلى أن العلاج سيكون لازماً لنسبة تتراوح بين 12 في المائة و25 في المائة من المصابين بـ(التهاب الكبد - بي المزمن) وفق السياق ومعايير الأهلية. وسيؤدي تحديث عام 2023 للمبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن علاج (التهاب الكبد - بي) إلى توسيع نطاق الأهلية للحصول على العلاج وزيادة نسبة الأشخاص الذين يتلقون العلاج».


مقالات ذات صلة

3 مشاكل شائعة في العين قد تشير إلى الخرف قبل سنوات من التشخيص

صحتك يُصيب الخرف حالياً 57 مليون شخص عالمياً مع توقعات تضاعف الرقم 3 مرات خلال العقود المقبلة (أرشيفية - د.ب.أ)

3 مشاكل شائعة في العين قد تشير إلى الخرف قبل سنوات من التشخيص

قال باحثون من نيوزيلندا إن بعض مشاكل العين التي قد تُمثل علامات تحذير مبكرة للخرف، ربما حتى قبل ظهور الأعراض التقليدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك حبات من الليمون الذي يُحفّز إنتاج هرمون «جي-إل-بي-1» (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 طرق علمية للسيطرة على الرغبة الشديدة في تناول الطعام

ينصح أطباء بعدة خطوات من شأنها أن تساعدك على الشعور بالشبع التام بعد الوجبات، والحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الباحثون أكدوا أن هناك زيادة في خطر الإصابة بالمشكلات الصحية والاكتئاب مع تزايد انخراط الفرد في التدخين (رويترز)

بين التدخين وشرب الكحول... علماء يكشفون العمر الذي تبدأ فيه عاداتك السيئة بتدمير جسمك

أظهرت دراسة جديدة أجرتها جامعة لوريا للعلوم التطبيقية في فنلندا أن الأشخاص الذين كانت لديهم عادات غير صحية انتهى بهم الأمر إلى مسار سريع لمشكلات الصحة العقلية.

«الشرق الأوسط» (هلسكني)
يوميات الشرق كم حملناها وأطلنا ولم ننتبه (غيتي)

احذروا حَمْل الإيصالات الورقية لـ10 ثوانٍ!

حذَّر باحثون صحيون من مادة كيميائية تُستخدم في الإيصالات الورقية، وهي مادة مثبطة للغدد الصماء، مؤكدين أنَّ الجلد يمتصّها بسرعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التنكس البقعي يصيب ملايين الأشخاص حول العالم (رويترز)

حقن الذهب في العين قد يكون مستقبل الحفاظ على البصر... ما القصة؟

قد يبدو غبار الذهب في العين علاجاً غير مألوف، لكن دراسة جديدة أُجريت على الفئران في الولايات المتحدة تُظهر أن هذا النهج قد يُعالج التنكس البقعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

5 طرق علمية للسيطرة على الرغبة الشديدة في تناول الطعام

حبات من الليمون الذي يُحفّز إنتاج هرمون «جي-إل-بي-1» (أرشيفية - أ.ف.ب)
حبات من الليمون الذي يُحفّز إنتاج هرمون «جي-إل-بي-1» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT
20

5 طرق علمية للسيطرة على الرغبة الشديدة في تناول الطعام

حبات من الليمون الذي يُحفّز إنتاج هرمون «جي-إل-بي-1» (أرشيفية - أ.ف.ب)
حبات من الليمون الذي يُحفّز إنتاج هرمون «جي-إل-بي-1» (أرشيفية - أ.ف.ب)

ينصح أطباء بعدة خطوات من شأنها أن تساعدك على الشعور بالشبع التام بعد الوجبات، والحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام، وموازنة طاقتك طوال اليوم.

والجزء الأساسي للشعور بالشبع هو من خلال تحفيز هرمون يُسمى «جي - إل - بي - 1» (اختصاراً للببتيد الشبيه بالغلوكاجون 1). يلعب دوراً حاسماً في كيفية تنظيم أجسامنا للشهية، وإرسال إشارات الشبع إلى الدماغ، وإدارة الغلوكوز بعد تناول الطعام. وعندما ترتفع مستويات «جي - إل - بي - 1»، نشعر بمزيد من الشبع، ونشهد استقراراً في مستويات السكر في الدم، وهو أمرٌ مُفيدٌ للطاقة، والمزاج، والصحة الأيضية على المدى الطويل.

في الوقت الحالي، تنتشر أدوية «جي - إل - بي - 1»، مثل أوزمبيك، وويجفوي، إذ تعمل هذه الأدوية على تعزيز أو محاكاة «جي - إل - بي - 1» بشكل مصطنع لتقليل الشهية، واستقرار مستوى السكر في الدم. ولكن رغم فعاليتها، فإنها تأتي أيضاً مع جوانب سلبية: آثار جانبية محتملة، مثل الغثيان، واضطرابات الجهاز الهضمي، وارتفاع تكلفتها، والاعتماد على الاستخدام طويل الأمد. وقد لا تؤدي هذه الأدوية إلى تغيير مستدام، إذ تُظهر الأبحاث أن ثلثي الوزن المفقود يُستعاد في غضون عام من التوقف عن تناول الدواء، وفق ما أفادت صحيفة «تلغراف» البريطانية.

ويُنتج «جي - إل - بي - 1» في أجسامنا بشكل طبيعي عدة مرات في اليوم، استجابةً للطعام. ففي الجسم السليم ترتفع مستويات «جي - إل - بي - 1» في كل مرة نأكل فيها، وتصل إلى ذروتها بعد نحو 45 - 60 دقيقة من تناول الوجبة، ثم تنخفض تدريجياً. تحدث هذه الدورة الطبيعية عدة مرات في اليوم. لكن الحياة العصرية، وطريقة تناولنا للطعام تمنعنا من الشعور بالشبع. فتناول الوجبات الخفيفة طوال اليوم، وتناول الكربوهيدرات بمفردها، هذه العادات لا تدعم أنظمة الشبع لدينا، بل تتغلب عليها.

في حين أنه من المستحيل زيادة مستوى «جي - إل - بي - 1» بشكل طبيعي كما تفعل الأدوية، إلا أن هناك طرقاً بسيطة ومستدامة ومثبتة علمياً لتحفيز أجسامنا على إنتاج كمية أكبر منه دون الحاجة إلى وصفات طبية.

وإليك خمس طرق علمية سهلة الاستخدام لمساعدة جسمك على تعزيز مستوى «جي - إل - بي - 1» بشكل طبيعي. قد تساعدك هذه الطرق على كبح الشهية، وتخفيف ارتفاعات الغلوكوز، ومساعدة جسمك على حرق المزيد من الدهون، ودعم صحتك الأيضية بشكل عام.

1. ابدأ وجبتك بالخضراوات الغنية بالألياف

عند تناول الطعام، من المهم ترتيب ما تتناوله. وينصح الخبراء أن تبدأ وجبتك بالخضراوات الغنية بالألياف، فهذا يمكن أن يُساعد في تحفيز إطلاق هرمون الشبع. يشمل ذلك أي شيء من الخضراوات الورقية، إلى الطماطم، والفجل.

فعندما يصل الطعام إلى أمعائك، وخاصة الألياف، والبروتين، والدهون، تُطلق هذه الخلايا هرمون الشبع في مجرى الدم. لا تُحفّز الألياف الموجودة في الخضراوات هذه الاستجابة فحسب، بل تُبطئ أيضاً امتصاص الكربوهيدرات (النشويات، أو السكريات) التي تليها، مما يؤدي إلى ارتفاع أكثر استقراراً، (وأقل) في سكر الدم.

حسب الصحيفة البريطانية، تُشير الدراسات إلى أنه عند تناول الخضراوات أولاً، ثم البروتين والدهون، ثم الكربوهيدرات أخيراً، ترتفع مستويات هرمون الشبع بنسبة تصل إلى 38 في المائة بعد الأكل مقارنةً بتناول نفس الأطعمة بترتيب مختلف.

٢. تناول كمية كافية من البروتين في كل وجبة

يُعد البروتين أحد أقوى المحفزات الطبيعية لهرمون «جي - إل - بي - 1»، فهو يُخبر جسمك: «لقد وصل عنصر غذائي أساسي. نحن بأمان. لا داعي للاستمرار في الأكل».

ومن الأفضل تناول نحو 30- 40 غراماً من البروتين في كل وجبة، مثل تناول البيض على الإفطار، والعدس على الغداء، والسمك المشوي أو الدجاج على العشاء. كما أن تناول كمية كافية من البروتين يُساعد في الحفاظ على كتلة العضلات، وقوتها، وهو أمر بالغ الأهمية مع تقدمنا ​​في السن.

ستحصل على المزيد من «جي - إل - بي - 1»، وشعور أكبر بالشبع، وتحكم أفضل في نسبة السكر في الدم، كل ذلك من خلال تناول قطعة سمك السلمون، أو البيض المخفوق.

٣. امضغ ببطء

من الطرق الأقل شيوعاً لزيادة «جي - إل - بي - 1» بشكل طبيعي هي المضغ. فمجرد مضغ الطعام بشكل صحيح لا يستجيب جهازك الهضمي لما تأكله فحسب، بل يستجيب أيضاً لكيفية تناوله. عندما تمضغ طعامك جيداً وتأكل ببطء، يُنتج جسمك المزيد من «جي - إل - بي - 1». في الواقع، تُظهر الدراسات أن الطعام الصلب الممضوغ يُنتج «جي - إل - بي - 1» بنسبة أعلى من الطعام السائل، أو المهروس.

لذا، تجنّب العصائر، والشوربات المخلوطة من حين لآخر، وركز على الأطعمة الكاملة القابلة للمضغ. وتمهل أثناء تناول وجباتك. دع أمعاءك تُكمل ما بدأته. هذا وحده كفيلٌ بمساعدتك على الشعور بالشبع بشكل أسرع.

٤. اشرب شاي الماتيه بدلاً من الكافيين

إذا لم تجرّب شاي الماتيه بعد، فقد حان الوقت. هذا الشاي العشبي من أميركا الجنوبية لا يمنحك شعوراً خفيفاً بالكافيين فحسب، بل يساعد أيضاً على تحفيز إفراز هرمون «جي - إل - بي - 1».

وأظهرت الدراسات التي أُجريت على الحيوانات أن شاي الماتيه يزيد من إفراز «جي - إل - بي - 1»، مما يجعله منظماً طبيعياً للتحكم في للشهية. كما أنه يتمتع بخصائص مضادة للأكسدة، وقد يُحسّن التحكم في مستوى الغلوكوز.

٥. أضف عصرة ليمون إلى وجباتك

يحتوي الليمون على مضاد أكسدة قوي يُسمى الإريوسيترين. وهو الجزيء الذي يُعطي الليمون لونه الأصفر، وتُشير الدراسات إلى أنه يُحفّز إنتاج «جي - إل - بي - 1»، ولكنك ستحتاج إلى شرب أكثر من لتر من عصير الليمون النقي للحصول على جرعة فعّالة. ولحسن الحظ، هناك مُكمّلات غذائية تُعزز وتُركّز الإريوسيترين. في إحدى الدراسات، سجل المشاركون الذين تناولوا الإريوسيترين المُركز زيادة بنسبة 22 في المائة في مستويات «جي - إل - بي - 1» بعد ثلاثة أشهر. وصاحب ذلك أيضاً تحسن في مستويات الغلوكوز والإنسولين.

وتنصح جيسي إنشاوسبي، وهي عالمة كيمياء حيوية ومؤلفة كتاب «طريقة إلهة الغلوكوز» الأكثر مبيعاً على مستوى العالم: أضف عصرة سخية من الليمون إلى السلطات، واليخنات، والصلصات. لن يكون بنفس فعالية الإريوسيترين المُركز، لكن كل جرعة تُساعد.