في مرحلة الصغر، يحرك البشر أجسامهم بحرية وانطلاق وليونة، جرياً، وقفزاً، وانحناءً، ورقصاً. لكن مع التقدم في العمر قد يصبح وقت الفراغ محدوداً، وتتغير الاهتمامات والمسؤوليات والعادات والسلوكيات. يهجر الكثيرون ساحات اللعب ويتعلمون الجلوس، إن كان في الفصل الدراسي، أو في المكتب، أو أمام التلفزيون، أو في السيارة.
ثم في مرحلة ما، يلاحظ الكثيرون أنهم أصبحوا أكثر تيبساً، وربما قد يصبح القيام بهذه الحركة أو تلك مؤلماً، أو أنهم لم يعودوا قادرين على الحركة بالطريقة التي يرغبون بها. وكثيراً ما يعزو الناس الآلام والأوجاع إلى التقدم في السن - ولكن هل التغيير حتمي؟
في هذا المجال، قال الدكتور كيلي ستاريت، اختصاصي العلاج الطبيعي، والرياضي المحترف السابق الدكتور سانجاي غوبتا، لشبكة «سي إن إن»، إن «الشيء الوحيد الذي لا يجب أن يتغير على مدار العمر هو نطاق حركتك».
وأشار ستاريت إلى أن «كل طبيب على وجه الأرض، وكل اختصاصي علاج طبيعي، وكل اختصاصي تقويم العمود الفقري، يتفقون على ما يجب أن يكون الجسم قادراً على فعله»، تماماً كما يتفقون على معدل ضغط الدم، ودرجة حرارة الجسم.
ولكن لماذا يجب أن تهتم بمدى القدرة على الحركة.
شرح ستاريت إن الحركة مرتبطة بطول العمر، وأشار إلى أن السقوط مؤشر كبير للإصابة وتدهور الصحة لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر.
وأضاف: «إذا لم أتمكن من الوصول إلى التوازن أو مدى الحركة، فلن أتمكن من حل الكثير من مشاكل الحركة. وفقدان التوازن مشكلة حركة».
وأشار إلى أن «النهوض والجلوس والاستقلالية مشكلة حركة. القدرة على النهوض من الكرسي وأنت تحمل طفلك أو قطتك، أو تحمل فنجان قهوة وكتاباً هي مجرد مشكلة حركة».
وفسَّر أنه مع تقدمك في العمر، يزداد احتمال «ارتكاب جسمك خطأ». إنها مسألة استخدام أو فقدان.
وتابع: «إذا كنت أرغب في أن يكون لدي مفصل وأوتار تعمل طوال حياتي، فمن الأفضل أن أستخدم هذا المفصل وأحمل تلك الأوتار بشكل أفضل. وإلا، فلن تكون متاحة لي بسهولة».
ماذا يمكنك أن تفعل للاحتفاظ ببعض حركتك أو استعادتها بسهولة؟
يقدم ستاريت خمس نصائح.
اجعل جسمك يتخذ أشكالاً مختلفة
أشار ستاريت إلى أن الناس ينتقلون في الغالب من الاستلقاء إلى الجلوس على كرسي إلى المشي قليلاً. وقال: «البيئات الحديثة لا تتطلب الكثير من لغة حركة أجسادنا. معظم الناس يستخدمون فقط بضع كلمات تستطيع أجسادهم كتابتها».
وأضاف: «أول ما يجب أن نفكر فيه هو: كيف أزيد من تعرضي للغة الحركة؟»، وقال: «من أسهل الطرق، على سبيل المثال، التي نعتقد أنها ستُحدث تغييراً جذرياً في المجتمع هي أن يجلس الناس على الأرض مساءً، لمدة 20 أو 30 دقيقة أثناء مشاهدة التلفزيون أو قراءة كتاب. ويمكن أن يكون ذلك بالاتكاء على الأريكة؛ ليس بالضرورة أن يكون ذلك في وضعية لوتس صارمة».
كما أن الانتقال من وضعية القرفصاء والخروج منها سيُعرّضك لحركات مختلفة، خصوصاً في الوركين والركبتين. كما يُمكن أن تُخبرك هذه الممارسة قليلاً عن قدرتك على الحركة بحرية ويسر.
وقال: «إن القدرة على النهوض والجلوس من وضعية القرفصاء تُعدّ مؤشراً ممتازاً على جميع أسباب الاعتلال والوفيات؛ لأنها... تُشير إلى الكثير عن كيفية تفاعلك وتكيفك مع بيئتك».
وإذا كنت في حاجة إلى التململ، فافعل ذلك؛ لأن ذلك سيُمكّن جسمك من اتخاذ أوضاع إضافية مُثيرة للاهتمام، كما قال، مثل الركوع أو القرفصاء.
تمرَّن على العارضة لمدة 3 دقائق يومياً
إذا كنت تعاني آلاماً في كتفيك أو رقبتك أو ظهرك، فلدى ستاريت الحل. قال: «أريدك أن تتمرن لمدة ثلاث دقائق يومياً».
وأشار إلى أنه يمكنك التمرن بطرق مختلفة - بالإمساك بحافة حوض أو إطار باب، أو الأفضل من ذلك، باستخدام عارضة سحب - فقط ارفع ذراعيك فوق رأسك وتمدد قليلاً. وأضاف أن وضعية اليوغا «الكلب المتجه لأسفل» تُحتسب.
وأكد أن ذلك «سيغير وضعيتك بشكل جذري، ويقلل ألم رقبتك، ويغير تنفسك، ويغير كتفيك، ويجعلك أكثر قدرة على التحمل».
امشِ أكثر
للوقاية من تصلب العضلات والحفاظ على حركتك، ينصح ستاريت الجميع بالمشي بكثرة يومياً.
قال: «لو استطعتُ إعطاء كل فرد في عائلتي حبة دواء تُقلل من الوفيات والأمراض بنسبة 51 في المائة، فهذا يعني المشي 8000 خطوة يومياً».
وأضاف: «إذا أردتَ أن تعمل عظامك وأوتارك وأربطتك وأجهزتك الحسية بكفاءة، فعليكَ أن تُحمّلها بجهدٍ بدني. «نشهد حالياً انتشاراً واسعاً لهشاشة العظام، وهشاشة العظام، وهشاشة العضلات - فالناس يفقدون عضلاتهم، ويفقدون عظامهم. ذلك لأن هذا الجسم آلة تكيف، وإذا ضغطتَ عليه، فإنه يتكيف، وإذا لم تُضغط عليه، فإنه يتكيف (بطريقة غير مرغوب فيها).» يُحمّل المشي عظامنا، وأنسجتنا الضامة، وأوتارنا، وعضلاتنا.
وأضاف ستاريت: «بالإضافة إلى ذلك، يُساعد المشي الجسم على تخفيف الاحتقان والتخلص من الفضلات».
وأوضح: «يُنتج جسمك نحو 3 إلى 4 لترات من السائل اللمفاوي يومياً. والجهاز اللمفاوي هو نظام الصرف الصحي للجسم: جميع المواد الخلوية المتحللة، وجميع الفضلات، وجميع البروتينات الكبيرة جداً التي لا تستطيع المرور عبر الشعيرات الدموية، تخرج جميعها عبر الجهاز اللمفاوي.
وقال: «ما نحتاج إلى فعله هو إدراك أن نظام الصرف الصحي هذا في الجسم قد تم تشغيله من خلال جهازنا العضلي. لذا؛ إذا أردنا تخفيف الاحتقان، ونقل الفضلات، فعلينا الاستمرار في الحركة».
العب أكثر
ليس بالضرورة أن تكون التمارين الرياضية مجرد عمل.
وقال ستاريت، إن اللعب قد اختفى من حياتنا العصرية: «بدأنا نتعامل مع صحة الجسم كمهمة شاقة. متى كانت آخر مرة مارست فيها رياضة أو انضممت إلى فصل رقص؟».
ويحمل ستاريت قرصاً طائراً في حقيبة ظهره؛ لذلك أينما ذهب هو وزوجته، يمكنهما اللعب بشكل عفوي خلال لحظات فراغهما.
وقال: «يمكن أن يكون اللعب متواصلاً. الذهاب في نزهة مع أصدقائك في المساء - سأسميه لعباً». استكشاف حيّك في نزهة قد يكون متعة. فالبشر في أفضل حالاتهم عندما يلعبون. وهذا سيحل الكثير من مشاكل الحركة.
لا تهمل الأساسيات
للحصول على حركة بدنية قوية، ينصح ستاريت باتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على كمية كافية من البروتين والفواكه والخضراوات.
أوصى ستاريت بتناول 800 غرام من الفواكه والخضراوات يومياً. وقال: «يمكن أن تكون هذه الفواكه والخضراوات مجمدة، أو طازجة. الأمر يتعلق بالألياف والمغذيات الدقيقة. أحتاج إلى تناول جميع الفيتامينات والمعادن اللازمة للحفاظ على صحة أنسجة الجسم».
لا تنسَ النوم
بحسب ستاريت، «يجب أن تنام. لا توجد دراسة واحدة في العالم تُشير إلى أنه يمكنك الاكتفاء بأقل من سبع ساعات من النوم. لذلك؛ نرى سبع ساعات الحد الأدنى المطلوب».
وقال: «عندما أعمل مع أشخاص يعانون آلاماً مزمنة، ويرغبون في تغيير تركيب أجسامهم، أو تعلم مهارة جديدة، أو علاج إصابة، نبدأ بنومهم».