ما كفاءة الأجهزة التي يمكن ارتداؤها لاكتشاف «الرجفان الأذيني»؟

نجحت في رصد كثير من حالاته

ما كفاءة الأجهزة التي يمكن ارتداؤها لاكتشاف «الرجفان الأذيني»؟
TT

ما كفاءة الأجهزة التي يمكن ارتداؤها لاكتشاف «الرجفان الأذيني»؟

ما كفاءة الأجهزة التي يمكن ارتداؤها لاكتشاف «الرجفان الأذيني»؟

قبل 5 سنوات، أصدرت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» تصريحاً تسويقياً لأول ساعة ذكية قادرة على رصد «التوقيع» الكهربائي للقلب، والمعروف باسم «مخطط كهربائية القلب (electrocardiogram ECG)».

ويتيح تطبيق للساعة رصد «الرجفان الأذيني (atrial fibrillation)»؛ أكثر اضطرابات نبضات القلب شيوعاً. واليوم، هناك 4 ساعات ذكية إضافية تتميز بقدرات مشابهة نالت موافقة «إدارة الغذاء والدواء»، ومن المتوقع أن يتبعها مزيد من الساعات قريباً.

رصد «الرجفان الأذيني»

ونظراً إلى أن نوبات «الرجفان الأذيني» غالباً ما تكون قصيرة الأجل، وأحياناً لا تصاحبها أعراض، فإنها تخلق صعوبة كبيرة أمام جهود التشخيص. وكذلك من الممكن ألا يرصد كشف «مخطط كهربائية القلب»، حال إجرائه في عيادة الطبيب سنوياً، الذي يستغرق أقل من 10 ثوان، «الرجفان الأذيني» إذا كان يحدث على نحو عرضي فقط. وما دمت لا تعاني من أعراض، فإنك قد تجد من غير المنطقي الخضوع لأجهزة طبية لتفحص القلب لفترات أطول.

في المقابل، بإمكان ساعتك الذكية مراقبة نبضك بشكل مستمر، بحثاً عن معدل سريع أو غير منتظم لنبضات القلب، وإخبارك متى يجب عليك أن تتولى تسجيل «مخطط كهربائية القلب»، الذي يتضمن فتح التطبيق المعني ولمس جانب الساعة لمدة 30 ثانية.

نظرياً؛ يمكن لهذا التطبيق التقاط مزيد من حالات «الرجفان الأذيني»، وهو أمر يحمل أهمية كبيرة؛ لأن «الرجفان الأذيني» يفاقم خطر الإصابة بسكتة دماغية. وبطبيعة الحال؛ فإن معرفة وجود مشكلة يعني أنه من الممكن اتخاذ الإجراء اللازم. وفيما يخص الأشخاص المعرضين لخطر أكبر، ربما يساعد تناول الأدوية المضادة للتخثر في تقليل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

أدلة حول كفاءة الأجهزة

ما الذي نعرفه فعلياً عن مدى كفاءة عمل هذه الأجهزة الاستهلاكية، ومن يمكن أن يستفيد منها؟ إذا كنت تملك واحدة من هذه الساعات الذكية، أو تفكر في شراء واحدة، فإليك ما تنبغي لك معرفته.

في الوقت الراهن، لا توجد تجارب عشوائية تستعين بالساعات الذكية لفحص «الرجفان الأذيني»، لكي تكشف فائدة صحية مرتبطة باستخدامها. ومع ذلك، خلص تحليل يعتمد على بيانات محاكاة تخص أميركيين عاديين إلى أن هذه الاستراتيجية ستكون فعالة من حيث التكلفة للأشخاص البالغين 65 عاماً فأكثر، وفق ما أفاد به طبيب القلب الدكتور شان خورشيد، الزميل الباحث في مستشفى ماساتشوستس العام، وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة المنشورة عام 2022 في دورية «الجمعية الطبية الأميركية».

وأضاف الدكتور خورشيد: «فيما يخص البالغين الأكبر سناً، تحمل الأجهزة الاستهلاكية التي يمكن ارتداؤها إمكانات لتحسين مستوى النتائج، وخفض التكاليف عبر تقليل السكتات الدماغية».

التساؤل هنا: ما مدى مصداقية قراءات هذه الأجهزة؟ تبعاً لدراسة نشرت في فبراير (شباط) 2023 في «دورية الكلية الأميركية لطب القلب: الفيزيولوجيا الكهربائية السريرية (JACC: Clinical Electrophysiology)»؛ فإن نحو ربع قراءات «مخطط كهربائية القلب» من 5 أجهزة ذكية، عُدّت «غير حاسمة».

إلا إنه بغض النظر عن هذه الحالات، فقد أثبتت جميع الأجهزة التي جرت الاستعانة بها دقة كبيرة في رصد «الرجفان الأذيني». كانت هذه الأجهزة: «أبل» و«وتش6 (Apple Watch6)» و«سامسونغ غالاكسي» و«وتش3 (Samsung Galaxy Watch3)» و«ويثنغز سكان» و«وتش Withings ScanWatch» و«فيتبيت سنس (Fitbit Sense)» و«أليفكور كاردياموبايل (AliveCor KardiaMobile)» (جهاز بحجم بطاقة الائتمان تمسه بأصابعك وتستخدمه مع هاتف ذكي).

من ناحية أخرى، هذه الأجهزة ليست زهيدة الثمن؛ إذ تبدأ أسعار معظم الساعات الذكية التي بمقدورها توفير «مخطط كهربائية القلب» من نحو 250 دولاراً. علاوة على ذلك، ينبغي أن يكون الأفراد مدركين التكلفة العاطفية المحتملة للحصول على نتيجة إيجابية خاطئة (عندما يشير «مخطط كهربائية القلب»، على نحو خاطئ، إلى وجود «رجفان أذيني»)؛ مما قد يثير قلقاً بالغاً. بجانب ذلك؛ فإن معالجة الحجم الهائل من بيانات المرضى المتاحة تمثل بالفعل تحدياً أمام كثير من الأطباء. ويمكن أن تزيد الحاجة إلى مراجعة كثير من عمليات تتبع «مخطط كهربائية القلب» المرتبطة بالساعات الذكية، من الضغوط على كاهل نظام الرعاية الصحية لدينا.

أضف إلى ذلك أن الأشخاص الذين ربما يكونون مرشحين لنيل أكبر قدر من الاستفادة من فحص «الرجفان الأذيني»، هم الأقل قدرة على تحمل تكلفة الجهاز المستهلك أو معرفة كيفية استخدامه، مشكلة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الفوارق الصحية الموجودة القائمة بالفعل.

الخلاصة

حول ما يخص أولئك الذين يفكرون في شراء ساعة ذكية؛ فإن إمكانية تسجيل «مخطط كهربائية القلب» تعد ميزة إضافية محتملة، وفق الدكتور خورشيد. إلا إنه استطرد: «إذا كنت لا ترغب في إنفاق المال، فهناك كثير من الطرق الأخرى لفحص الرجفان الأذيني». ويمكن الاختيار من بين هذه الاستراتيجيات، التي تتضمن ببساطة فحص نبضك أو ارتداء جهاز مراقبة القلب لمدة أسبوعين، وفق مستوى مخاطر التعرض لـ«الرجفان الأذيني» وأعراضه.

وإذا كنت تعاني بالفعل من «الرجفان الأذيني»، فقد تساعدك الساعة الذكية في مراقبة وضعك على المدى الطويل؛ مما قد يساعد طبيبك على صياغة نصيحة طبية مناسبة بخصوص العلاج.

ما هو «الرجفان الأذيني»؟

«الرجفان الأذيني» اضطراب في إيقاع نبضات القلب، يسبب وتيرة نبضات قلب سريعة وغير منتظمة. قد تحدث هذه النوبات لفترات عرضية قصيرة أو لفترات أطول بكثير؛ بل وتصل إلى حد الاستمرار بشكل دائم لدى البعض.

وتشير التقديرات إلى أن نحو واحد من كل 11 شخصاً تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر يعانون من هذه الحالة. ويشيع «الرجفان الأذيني» بدرجة أكبر في أوساط من يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسمنة وانقطاع التنفس في أثناء النوم.

وتتضمن الأعراض المحتملة الضيق في التنفس، والشعور بالتعب والدوار. ومع ذلك، في بعض الأحيان، يمر «الرجفان الأذيني» دون أن يلاحظه أحد. وسواء جرى رصده أم لا، فإنه يمكن أن يؤدي عدم انتظام ضربات القلب إلى تجمع الدم في الغرف العلوية للقلب؛ الأمر الذي يزيد احتمالية حدوث جلطات، التي يمكن أن تنتقل إلى الدماغ وتمنع تدفق الدم إليه؛ مما يسبب السكتة الدماغية.

* «رسالة هارفارد للقلب» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون

صحتك الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون

يعد النظام الغذائي السائل الخاص المعروف بالتغذية المعوية الحصرية علاجاً أساسياً لمرض كرون حيث يتناول المرضى هذه التركيبة فقط لمدة ستة إلى ثمانية أسابيع

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك حقنة الأوزمبيك لتحفيف الوزن (رويترز)

بريق دواءي ويجوفي وأوزمبيك يتلاشى وسط مخاوف الإفراط في الاستخدام

بدأ بريق أدوية إنقاص الوزن التي تحتوي على GLP -1، بما في ذلك ويجوفي وأوزمبيك، التلاشي، مع تحذير المزيد من الأطباء للمرضى من الآثار الجانبية والمخاطر المحتملة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك النوم يمكن أن يصبح أكثر صعوبة مع التقدم بالعمر (رويترز)

كل ما يهمك عن مشاكل النوم مع التقدم في السن

يشكو نحو نصف كبار السن من صعوبة الحصول على قسط جيد من الراحة، فالنوم يمكن أن يصبح أكثر صعوبة مع التقدم في العمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الجلوس أمام الشاشات طوال اليوم يضر بعينيك (رويترز)

كيف تحمي عينيك من الآثار الضارة للتحديق في الشاشات طوال اليوم؟

إذا كانت وظيفتك تتطلب منك الجلوس أمام الشاشات طوال اليوم فهناك احتمال كبير أن تدفع عيناك الثمن حيث إنك قد تعاني من جفاف العينين أو عدم وضوح الرؤية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق من الضروري أخذ نوع الجنس في الاعتبار عند النظر في كيفية ارتباط النوم ومستويات الصحية العقلية لدى المراهقين (رويترز)

النوم يعزز الصحة العقلية للمراهقات

أفادت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة مانشستر البريطانية، بأن النوم يؤدي دوراً حاسماً في تعزيز الصحة العقلية للفتيات المراهقات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)
الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)
TT

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)
الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)

يعد النظام الغذائي السائل الخاص، المعروف بالتغذية المعوية، علاجاً أساسياً لمرض كرون، حيث يتناول المرضى هذه التركيبة فقط لمدة من ستة إلى ثمانية أسابيع، ويتجنبون الأطعمة الصلبة تماماً. ومع ذلك، كانت الأسباب الدقيقة وراء فائدة ذلك غير واضحة في السابق.

تمكن الباحثون في الجامعة التقنية في ميونيخ (TUM) ومستشفى جامعة «لودفيغ ميونيخ» من فك شفرة الآلية وراء هذا العلاج الغذائي. بناءً على هذه النتائج، يطلقون دراسة سريرية تجمع بين العلاج الغذائي، ونقل الميكروبيوم البرازي لتعزيز نتائج العلاج بشكل أكبر. تحتوي تركيبة التغذية المعوية الحصرية على جميع العناصر الغذائية الأساسية، وهي فعّالة للغاية في إدارة مرض كرون، وغالباً ما تعمل على تحسين الأعراض في غضون أيام قليلة، ومن دون علاج طبي إضافي.

تم استخدام هذا العلاج الغذائي بنجاح لعقود من الزمان، خصوصاً عند الأطفال والمراهقين، لأنه لا يقلل الالتهاب فحسب، بل يدعم أيضاً نمو الأمعاء وشفاءها، كما أنه فعّال عند البالغين. ومع ذلك، في حين أن هذا النهج يمكن أن يحفز التحسن، فإن الأعراض غالباً ما تعود في غضون عام بعد انتهاء العلاج.

كيف يمكن إطالة تأثير العلاج الغذائي؟

طور ديرك هالر، أستاذ التغذية والمناعة في جامعة «ميونيخ التقنية»، ومدير معهد «زيل» للغذاء والصحة، وتوبياس شوارد، رئيس قسم أمراض الجهاز الهضمي وأمراض الكبد للأطفال في مستشفى «دكتور فون هاونر» للأطفال، نهجاً علاجياً جديداً. فقد أظهر الباحثون كيف يتغير ميكروبيوم الأمعاء - المجتمع المعقد لجميع الميكروبات في الأمعاء - نتيجة للعلاج الغذائي، ويسهم في نجاح العلاج.

لقد وجدوا أن الأحماض الدهنية، متوسطة السلسلة في النظام الغذائي، تؤثر بشكل إيجابي على بعض بكتيريا الأمعاء، التي تتكاثر وتقلل الالتهاب.

نموذج معوي اصطناعي

في نموذج معوي اصطناعي، عالج الباحثون براز المرضى بالتركيبة التي تكيفت مع الميكروبيوم. وبعد نقل هذا الميكروبيوم المكيف إلى الفئران لم يتطور أي التهاب.

يجري الفريق الآن دراسة سريرية للتحقيق فيما إذا كانت هذه الآلية تعمل أيضاً في البشر، والهدف هو الحفاظ على حالة خالية من الالتهاب لأطول فترة ممكنة.

لتحقيق ذلك، يستخدم الباحثون نقل ميكروبيوم البراز، الذي يشار إليه عادة باسم «زرع البراز»، بعد العلاج الغذائي.

لنقل ميكروبيوم البراز، يتبرع الأشخاص الأصحاء الذين خضعوا لفحص مكثف بالميكروبيوم الخاص بهم، الذي تتم معالجته في كبسولات. يتم تصنيع كبسولات التجربة السريرية في مستشفى جامعة «كولونيا»، ويأخذ المرضى الكبسولات بعد العلاج الغذائي.

يقول ديرك هالر: «يتم استخدام نقل ميكروبيوم البراز بنجاح بالفعل لأمراض معوية أخرى. نأمل الآن أن يثبت أنه نهج علاجي جديد لمرض كرون».