كتبت الممثلة المعروفة أنجلينا جولي مقالة كشفت فيها عن خضوعها لعملية استئصال الثديين. وعلى الرغم من أن جولي لم تكن مصابة بسرطان الثدي، إلا أن الاختبار الجيني كشف أنها تحمل طفرة جينية قال أطباؤها إنها معرضة لخطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 87 % في حياتها. وكان لدى جولي أيضًا تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي، حيث فقدت والدتها وجدتها وخالتها بسبب المرض.
تمتلك جولي طفرة جينية في أحد جينات BRCA الخاصة بها، وتحديدًا جين BRCA1. لدينا جميعًا جينات BRCA، التي تعمل كمثبطات للأورام. هذه الجينات ضرورية لبقاء الخلايا الصحية والوقاية من السرطان. إنها تعمل على إصلاح الحمض النووي لدينا وإصلاح الأخطاء التي تحدث بسبب الشيخوخة أو التعرض البيئي (مثل التبغ أو الإشعاع). وعندما يكون هناك خلل في هذه الجينات، فإنها لا تعمل كما ينبغي. وهذا يترك النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.
ووفقا لبحث سابق، فإن الطفرات في جين BRCA1 تحمل ما يقدر بنحو 65-80 % من خطر الإصابة بسرطان الثدي مدى الحياة، في حين أن الطفرات في جين BRCA2 تحمل خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 45 -85 %.
وأطلق على شهادة جولي اسم «تأثير جولي»، إذ كشف عن ارتفاع حاد بعدد النساء في مختلف أنحاء العالم اللاتي يخضعن للاختبارات الجينية ولعمليات استئصال الثدي الوقائية للحد من خطر الإصابة بسرطان الثدي إذا تبين أنهن يحملن الطفرة الجينية BRCA.
كما أدى هذا الوصول المتزايد للاختبارات إلى زيادة اكتشاف طفرات BRCA وأدى بلا شك إلى رعاية وقائية منقذة للحياة للكثيرين. وذلك وفق ما نشر موقع «theconversations» العلمي المرموق.
وكشفت دراسة حديثة أجراها باحثون بجامعة إكستر تساءلت عن مدى فائدة هذه الاختبارات بعد أن أظهرت أن خطر الإصابة بسرطان الثدي بسبب طفرات BRCA قد لا يكون دائما مرتفعا كما كان يعتقد من قبل.
ونظر الباحثون في إجمالي 454.712 مشاركة تتراوح أعمارهن بين 40 و69 عامًا من دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة (دراسة صحية واسعة النطاق تحتوي على معلومات وراثية وطبية من نصف مليون من سكان المملكة المتحدة). وقاموا بتحديد المشاركات اللاتي لديهن طفرة جينية BRCA، ثم استخدموا قاعدة البيانات للسؤال عما إذا كان لديهن تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي.
وباستخدام بيانات تسجيل السرطان التي تم جمعها كجزء من دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة، قام الباحثون بحساب خطر إصابة المرأة بسرطان الثدي إذا كانت لديها طفرة جينية BRCA - مع أو بدون تاريخ عائلي معروف لسرطان الثدي.
ووجد الباحثون أنه في حين أن جميع المشاركات اللاتي لديهن طفرات جين BRCA لديهن خطر أكبر للإصابة بسرطان الثدي مقارنة بعامة السكان، فإن هذا الخطر كان أعلى بنسبة 1.5 إلى 1.9 مرة بالنسبة للاتي لديهن تاريخ عائلي للمرض.
وأيضا وجدت الدراسة أن خطر الإصابة بسرطان الثدي بسبب جين BRCA لم يكن مرتفعًا كما كان يعتقد سابقًا لدى النساء اللائي ليس لديهم تاريخ عائلي للمرض. وكانت النساء اللاتي يحملن متغير الجين BRCA1 فقط أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي بنسبة 23 % بحلول سن الستين، في حين أن النساء اللاتي يحملن متغير BRCA2 كان لديهن خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 18 % تقريبًا قبل سن الستين.
أما بالنسبة للإصابة بسرطان الثدي، فكان متغير BRCA1 يحمل خطرًا أكبر بنسبة 45 % للإصابة بالمرض قبل سن 60 عامًا. وكان متغير BRCA2 يحمل خطرًا أكبر بنسبة 24 %.
وعلى الرغم من أن هذه دراسة مهمة شملت عددًا كبيرًا من المشاركات، إلا أنه تم إنشاء قيم الخطر النسبية لتشخيص السرطان قبل سن 60 عامًا.
وعادةً، يتم حساب المخاطر مدى الحياة حتى سن 75 عامًا. وهذا يعني أننا محدودون فيما يتعلق بفهم الخطر لدى النساء كبار السن اللاتي لديهن هذه الطفرات الجينية.
الاختبارات الجينية
تعد القدرة على الوصول إلى الاختبارات الجينية أمرًا مهمًا لأنها تتيح لكل شخص فهم صحته بشكل أفضل واتخاذ القرارات بشأن العلاجات التي ستفيده أكثر. لكن اختيار الخضوع لعملية جراحية للحد من المخاطر نتيجة للاختبارات الجينية ليس بالأمر السهل.
وفي هذه الاطار، تسلط الدراسة الجديدة الضوء على أهمية التحدث مع الطبيب عند تفسير نتائج هذه الاختبارات قبل اتخاذ أي قرارات. فلقد أظهرت الدراسة مدى أهمية أخذ تاريخ العائلة في الاعتبار عند تحديد ما إذا كان يجب إجراء جراحة وقائية أم لا. لأن النساء اللاتي لديهن طفرة جينية BRCA1 أو BRCA2 واللاتي كان لدى أحد أفراد عائلاتهن المقربات إصابات بسرطان الثدي (مثل إحدى الأمهات أو الأخوات) قد يحصلن على أكبر فائدة من إجراء جراحة وقائية. أما اللاتي ليس لديهن تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي فقد يرغبن في التحدث مع طبيبهن ومناقشة خطر الإصابة بسرطان الثدي، الى جانب استراتيجيات مراقبة صحتهن في المستقبل.