علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتحسين مذاق الأدوية

البيانات تُجمع بواسطة «اللسان الإلكتروني» لإنشاء نموذج للتنبؤ بالطعم

فريق من الخبراء يعملون مؤخراً على جعل الأدوية أكثر قبولاً... وبسرعة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
فريق من الخبراء يعملون مؤخراً على جعل الأدوية أكثر قبولاً... وبسرعة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
TT
20

علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتحسين مذاق الأدوية

فريق من الخبراء يعملون مؤخراً على جعل الأدوية أكثر قبولاً... وبسرعة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
فريق من الخبراء يعملون مؤخراً على جعل الأدوية أكثر قبولاً... وبسرعة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

يستخدم العلماء الذكاء الاصطناعي لتحسين مذاق الأدوية، من خلال الجمع بين سنوات من البيانات لاختراق واحدة من كبرى العقبات في رعاية الأطفال، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

يعد سوء الطعم من أهم العوائق التي تَحول دون تناول الأطفال الأدوية، ليس فقط في الحياة اليومية ولكن أيضاً في الالتزام بالأدوية التي يجب تناولها على المدى الطويل، مثل مضادات الفيروسات القهقرية لفيروس نقص المناعة البشرية والمضادات الحيوية لمرض السل.

ويمكن أن ذلك يؤدي في كثير من الأحيان إلى فشل العلاج وحدوث مضاعفات، فضلاً عن زيادة مقاومة مضادات الميكروبات (AMR).

ولكن الآن يعمل فريق من الخبراء في كلية لندن الجامعية على جعل الأدوية أكثر قبولاً... وبسرعة لم يسبق لها مثيل.

تُستخدم البيانات التي يتم جمعها بواسطة «اللسان الإلكتروني» لإنشاء نموذج الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطعم.

يقوم النموذج الجديد بتقسيم الدواء إلى سلسلة من الوصفات الكيميائية التي تحدد المذاق ويتم تدريبه على رسم خريطة للتنبؤ بمستويات المرارة.

قالت الدكتورة هند عبد الحكيم، وهي أستاذة مساعدة في كلية إدارة الأعمال العالمية للصحة بكلية لندن الجامعية: «إننا ندير خوارزمية للتعلم الآليّ لمحاولة معرفة التركيب الكيميائي، والتركيب الجزيئي، وما العوامل الفيزيائية الكيميائية الأخرى التي تجعل المذاق مريراً، ومحاولة معرفة ما إذا كانت هناك علاقة».

«مشكلة مع الأطفال في المقام الأول»

تشمل صفات التذوق الأخرى التي يمكن اكتشافها المالح والحلو والحامض والمرارة وغيرها

تعد المرارة محور التركيز الرئيسي لأنها من المذاقات التي تجعل من غير المرجح أن يلتزم المرضى بأدويتهم.

سيعمل الذكاء الاصطناعي على تسريع عملية تطوير الدواء من خلال تخطي الحاجة إلى إجراء تجارب بشرية للتذوق في المراحل الأولى من تطوير العقار. وفي نهاية المطاف، من المأمول ألا يحتاج الذكاء الاصطناعي حتى إلى «اللسان الإلكتروني».

عادةً، يتم تقييم الأدوية في المختبر وتُمنح تصنيفاً لمذاقها قبل اختبارها في تجارب التذوق، ولكن هذا قد يستغرق وقتاً طويلاً ومكلفاً.

سيكون نموذج الذكاء الاصطناعي الذي يجري تطويره بمثابة أداة مفتوحة الوصول، مما يعني أن تطوير الأدوية في جميع أنحاء العالم يمكن أن يستفيد من البيانات المتعلقة بمدى استساغة الأدوية شائعة الاستخدام.

بالنسبة للكثير من الأدوية طويلة الأمد، بما في ذلك أدوية فيروس نقص المناعة البشرية أو مرض السكري، يعد المذاق أحد أهم العوامل في مدى احتمالية التزام الأشخاص بالنظام الموصوف لهم.

وهو أمر مهم بشكل خاص للفئات الضعيفة، بما في ذلك كبار السن والصغار.

وتقول عبد الحكيم: «إنها مشكلة خاصة لدى الأطفال، لأن لديهم حاسة تذوق عالية. مع الأدوية المزمنة فإنه يؤثر في الامتثال... لا يقتصر الأمر على كون الطفل صعب الإرضاء».

وقد حدد ما مجموعه 63 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً أن «الطعم السيئ للأدوية» هو عائق بالفعل، في دراسة أُجريت في الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت عبد الحكيم قائلة: «إنها مشكلة بالنسبة إلى الأمراض طويلة الأمد، مثل فيروس نقص المناعة البشرية... الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية ليس لها مذاق جيد. لذا، إذا كان على المريض تناول هذه الحبوب كل يوم مدى الحياة، فهذه مشكلة أكبر بكثير، خصوصاً إذا بدأ بتناولها في سن مبكرة جداً. حتى لو كان دواءً عجيباً، إذا لم يتناوله المريض، فلن يجدي نفعاً».

كما يُعد الالتزام بالعلاج بالمضادات الحيوية أمراً مهماً بشكل خاص نظراً لخطر مقاومة مضادات الميكروبات إذا لم يتم تناول دورة علاج كاملة.


مقالات ذات صلة

كم يبقى المغنسيوم في جسمك؟... اكتشف السر

صحتك يبدأ الجسم بامتصاص المغنسيوم بعد نحو ساعة من تناوله ويصل الامتصاص إلى نحو 80 في المائة من الجرعة بعد ست ساعات في الظروف الطبيعية (متداولة)

كم يبقى المغنسيوم في جسمك؟... اكتشف السر

المغنسيوم معدن أساسي يلعب دوراً محورياً في وظائف متعددة بالجسم، أبرزها تعزيز صحة العظام وتنظيم ضغط الدم ودعم عمل العضلات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
علوم الجينوم... ثورة في علاج الصرع والأمراض النادرة لدى الأطفال

الجينوم... ثورة في علاج الصرع والأمراض النادرة لدى الأطفال

أثبتت دراسة دولية رائدة أجراها باحثون من جامعة «يونيفرسيتي كوليدج لندن» و«مستشفى غريت أورموند ستريت» للأطفال في لندن، أن التسلسل الجيني السريع

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم الابتسامة... كيف ستبدو أسناننا في المستقبل؟

الابتسامة... كيف ستبدو أسناننا في المستقبل؟

في عالم تتسارع فيه التقنيات، لم يعد الجمال مقتصراً على البشرة أو الشعر، بل دخلت الأسنان عصراً جديداً من الابتكار. وبحلول عام 2045، لن تكون زيارة طبيب الأسنان

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)
صحتك التنكس البقعي يصيب ملايين الأشخاص حول العالم (رويترز)

حقن الذهب في العين قد يكون مستقبل الحفاظ على البصر... ما القصة؟

قد يبدو غبار الذهب في العين علاجاً غير مألوف، لكن دراسة جديدة أُجريت على الفئران في الولايات المتحدة تُظهر أن هذا النهج قد يُعالج التنكس البقعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يمكن للتوتر تحفيز الأمراض المناعية أو مفاقمتها أو تسريع ظهورها لدى الأشخاص المعرّضين وراثياً (رويترز)

5 أمراض مناعية خطيرة قد يسببها التوتر

في شهر التوعية بالتوتر، نستعرض أبرز الأمراض المناعية الذاتية المرتبطة بالتوتر المزمن.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هل تستنزف مواقع التواصل الاجتماعي حياتك؟ غيِّر ما تتصفحه عبر الإنترنت

قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على نجاحنا (رويترز)
قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على نجاحنا (رويترز)
TT
20

هل تستنزف مواقع التواصل الاجتماعي حياتك؟ غيِّر ما تتصفحه عبر الإنترنت

قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على نجاحنا (رويترز)
قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على نجاحنا (رويترز)

تلعب شبكة الإنترنت -وخصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي- دوراً مهماً في حياتنا حالياً؛ حيث نتواصل عبرها مع الآخرين، ويعدُّها البعض مصدراً رئيسياً لمعرفة ما يدور في مجتمعه والعالم.

ويلفت موقع «سيكولوجي توداي» إلى أهمية التدقيق فيما نتصفحه على تلك المواقع؛ حيث قال إن ما تنقر عليه اليوم يُشكِّل ما تراه وتشعر به غداً.

وذكر أن البحوث تُشير إلى أن خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تُعزِّز التعرُّض للانفعالات التي تتفاعل معها أكثر من غيرها، وفي حين أن التعرض المتكرر للمحتوى السلبي يدرب الدماغ على التوتر، فإن المحتوى الإيجابي يعزز المرونة، لذا فإن الانتباه لما تتصفحه يؤثر على مشاعرك.

شخص يتصفح هاتفه (رويترز)
شخص يتصفح هاتفه (رويترز)

«اليد الخفية» للخوارزميات

وذكر الموقع أن ما نراه على الإنترنت ليس عشوائياً، فهو مُنتقى بعناية غالباً بواسطة خوارزميات مصممة لعرض مزيد مما نتفاعل معه ونعجب به. فكل نقرة تُرسل إشارة صغيرة تقول: «المزيد من هذا، من فضلك»، وتتراكم هذه الإشارات مُنشئة عالماً مُخصصاً يُمكنه إما توسيع وإما تقليص رؤيتنا لما هو ممكن.

وتُشير البحوث إلى أن الخوارزميات على وسائل التواصل الاجتماعي يُمكن أن تُعزز التعرض الانتقائي، مما يعني أنه كلما زاد تفاعلنا مع أنواع مُعينة من المحتوى، قَلَّ احتمال مواجهتنا لوجهات نظر بديلة.

وبعبارة أخرى، ما ننقر عليه لا يعكس فقط ما يثير اهتمامنا؛ بل يُشكل ما نُصبح مهتمين به، وإذا لم نُكن واعين، فقد يؤثر على حياتنا الرقمية وبالتالي حياتنا العاطفية.

وكثيراً ما يردد الأطباء عبارة: «أنت ما تأكله» للتدليل على أن الإنسان يتحكم في صحته من خلال ما يدخله لمعدته، فكذلك «أنت ما تتصفحه» عندما يتعلق الأمر بالصحة العقلية.

والتعرض المُتكرر للمحتوى المُشحون عاطفياً -وخصوصاً المواد السلبية أو المُثيرة- يُمكن أن يزيد من التوتر والقلق واليأس؛ حيث يُهيئ الدماغ ليكون في حالة تأهب قصوى، ويرصد التهديدات حتى في غيابها الآني. ولكن إذا استطعنا تدريب أدمغتنا عن غير قصد على توقع الأسوأ، فيُمكننا أيضاً تدريبها عمداً على ملاحظة الأمل والجمال.

وقدم الموقع نصائح للتصفح المفيد:

انقر بوعي: في كل مرة تُعجب فيها بمحتوى ما، أو تُشاركه، أو حتى تتوقف عنده لفترة أطول، فإنك تُشكل ما سيُقدمه لعقلك غداً، وعندما ترغب في رؤية مزيد من الإبداع، تواصل مع الفنانين والمبتكرين، وعندما ترغب في الشعور بمزيد من الفرح، تابع الحسابات التي تُشيد بالإنجازات الصغيرة، أو الفكاهة، أو الصمود.

قد يبدو الأمر بسيطاً، ولكن مع مرور الوقت، تُحدث هذه الخيارات الصغيرة تحولاً جذرياً في كيفية إدراكنا للعالم.

ما تنقر عليه سيصبح مستقبلك: هناك مفهوم في علم النفس الإيجابي يُسمى نظرية التوسيع والبناء، والذي يشير إلى أن المشاعر الإيجابية -كالفرح والامتنان- تُوسِّع وعينا، وتساعدنا على بناء موارد نفسية دائمة.

في المقابل، تُضيِّق المشاعر السلبية نطاق تركيزنا، وتُبقينا حبيسي وضع البقاء.

وما نتصفحه عبر الإنترنت ليس مجرد ترفيه؛ إنه مُدخلات عاطفية تُوسِّع أو تُقلِّص قدرتنا على الانخراط في الحياة بإبداع وشجاعة، وكل نقرة هي بمثابة نقطة ماء تسقي بها إما الأعشاب الضارة وإما الزهور.

سيدة تتصفح هاتفها (رويترز)
سيدة تتصفح هاتفها (رويترز)

وإذا كنت تشعر بأنك عالق في دوامة من الإحباط أو الخوف، فإليك 3 نصائح:

- راجع محتوى حسابك: خصص 5 دقائق لمراجعة منشوراتك الأكثر استخداماً على وسائل التواصل الاجتماعي، واسأل نفسك: ما المشاعر التي يثيرها هذا المحتوى فيَّ؟ هل يجعلني أشعر بالنشاط، أو التواصل، أو الإلهام، أم بالاستنزاف والضآلة؟

وتوقف عن متابعة الحسابات التي تستنزف طاقتك باستمرار، حتى لو بدت مهمة أو شائعة.

- نظِّم المحتوى من أجل المتعة: بأن تبحث عن حسابات تتوافق مع مشاعرك التي ترغب في الشعور بها أكثر.

وإليك بعض الأسئلة لمساعدتك في عملية الاختيار: من يُضحكني دون أن أضغط على زر الإعجاب؟ ومن يُلهمني أملاً حقيقياً وواقعياً، وليس مجرد إيجابية سامة؟ ومن يُحفزني على التفكير بعمق أكبر دون أن أشعر باليأس؟

- تذكَّر أن حياتك مهمة أيضاً: حيث لا يقتصر تغيير خوارزميتك على التكنولوجيا فحسب؛ بل أيضاً على الأشخاص الذين تقضي وقتك معهم، والكتب التي تقرؤها.

واختتم الموقع بقوله: إننا لا يمكننا التحكم في كل رسالة تصل إلى شاشاتنا، أو كل أمر صعب يحدث في العالم، ولكن يمكننا التحكم فيما نُغذي به عقولنا بنقرة واحدة.

وإذا كنت تشعر بالإرهاق أو الإحباط فلا تُعاتب نفسك ولا تستسلم للأمر، وابدأ في خطوات صغيرة، مثل نقرتك التالية، وبتغذية عقلك بأشياء تُنعشك أو تُهدئك، ولو قليلاً.

وصدق أو لا تُصدق: تُظهر البحوث أن مجرد النظر إلى صور لطيفة لصغار الماعز، وأشياء أخرى رائعة، يُمكن أن يُعزز التركيز والإنتاجية؛ لأنه عندما تُغيِّر ما تُوليه اهتمامك، فإنك لا تُغيِّر مُتابعاتك فحسب؛ بل تُغيِّر حياتك أيضاً.