المرارة «المتواضعة»... التهابات ومضاعفات

تتضرر بسبب الغذاء المليء بالدهون

المرارة «المتواضعة»... التهابات ومضاعفات
TT

المرارة «المتواضعة»... التهابات ومضاعفات

المرارة «المتواضعة»... التهابات ومضاعفات

في إطار الترتيب الهرمي لأعضاء الجهاز الهضمي، يمكنك أن تعدد المعدة أو الكبد أو القولون في المراتب الأولى. في المقابل، ثمة كيس على شكل كمثرى مطوية تحت الكبد نادراً ما يخطر ببالنا: المرارة.

أمراض المرارة

هذا العضو رغم صغره؛ فإنه يتسم بالقوة، ويلعب دوراً مهماً في معاونتنا على هضم الطعام. ومع ذلك، فإننا في الغالب لا نلتفت إليه إلا عندما يتعرض لمشكلة ما؛ الأمر الذي يحدث بالفعل لدى نحو 15 في المائة من الأميركيين البالغين، طبقاً لـ«المعاهد الوطنية للصحة». ومع ذلك، فإن أمراض المرارة، التي تشمل الحصوات والالتهاب والعدوى والانسداد، يمكن أن تسبب آلاماً شديدة، قد تؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة.

بصورة أساسية، تعمل المرارة كغرفة تخزين للصفراء، ذلك أنها تضغط السائل إلى داخل الأمعاء الدقيقة للمساعدة في هضم الدهون التي نستهلكها. وعليه، فمن المنطقي أن المرارة قد تتضرر عندما يكون نظامنا الغذائي غنياً بالأطعمة الدهنية أو المقلية. في هذا الصدد، أوضح الدكتور ويليام بروغ، الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، أنه يمكننا العيش من دون المرارة، لكن المرارة لا يمكن أن تبقى في وضع يمكنها تقديم أفضل مستويات الأداء فيه من دون رعاية يقظة من قبلنا.

وأضاف: «أعتقد أن الناس بوجه عام يحاولون تجاهل المرارة لديهم، خصوصاً أنها لا تحظى بسمعة أنها شديدة الحساسية مثل القولون أو المستقيم، مما يدفع بها لأسفل قائمة الاهتمامات».

عوامل الخطر

إضافة إلى النظام الغذائي مرتفع الدهون، تتضمن عوامل الخطر الأخرى المرتبطة بالمرارة زيادة الوزن أو السمنة، والتاريخ العائلي لمشكلات المرارة، وأن يكون المرء في الـ40 سنة من عمره أو أكثر. وفيما يخص الجنس، تزيد احتمالية إصابة النساء بحصوات المرارة بمقدار الضعف مقارنة بالرجال، في الوقت الذي تتصدر فيه الحصوات قائمة مشكلات المرارة.

في هذا الصدد، قال الدكتور بروغ إن زيادة هرمون الاستروجين، خصوصاً في أثناء الحمل، يبطئ من قدرة المرارة على التفريغ، مما يؤدي إلى تجمع الصفراء.

وتتكون حصوات المرارة عندما تشكل السوائل الصفراوية أو السوائل ذات الصلة كتلاً صلبة تشبه الحجارة يمكن أن تنمو وتتكاثر. وتحدث نوبات الألم المؤلم عندما تكبر حصوات المرارة أو تسد القنوات الصفراوية. وتتضمن الأعراض الأخرى شعوراً بالألم بين لوحي الكتف والغثيان والقيء والحمى والقشعريرة والانتفاخ وعسر الهضم والتعرق. ويحتاج نحو ربع الأشخاص الذين جرى تشخيص إصابتهم بحصوات المرارة كل عام إلى تلقي علاج، والذي عادة ما يكون عملية جراحية.

من جانبه، شرح الدكتور بروغ أنه «بعد تناول وجبة دسمة بشكل خاص، قد تشعر بألم شديد ـ يفوق بكثير ألم الغازات أو التشنجات ـ ربما يستمر ساعة أو ساعتين».

حصوات المرارة

* أمراض المرارة التي تشمل الحصوات والالتهاب والعدوى والانسداد يمكن أن تسبب آلاماً شديدة قد تؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة

مضاعفات خطرة

بالنظر إلى أن القنوات الصفراوية تربط المرارة بأعضاء الجهاز الهضمي الأخرى، فيمكن أن تعاني هذه الهياكل المحيطة هي الأخرى من مضاعفات مرض المرارة. وتتضمن المشكلات «التهاب الأقنية الصفراوية cholangitis (التهاب القناة الصفراوية)»، و«تليف (تندّب) الكبد (cirrhosis)»، و«التهاب البنكرياس (pancreatitis)».

ومع ذلك، يرى الدكتور بروغ أن أخطر المضاعفات يكمن في الالتهاب المسمى «التهاب المرارة (cholecystitis) - التهاب الحويصلة المرارية». ينشأ هذا الالتهاب عن وجود حصوة عالقة في المرارة، التي لاحقاً تصاب بالعدوى وتسبب آلاماً مبرحة. عن ذلك، قال الدكتور بروغ: «إنه مرض درامي للغاية. وبسببه، يمكن أن تتمزق المرارة أو تتسرب منها الصفراء المصابة، ويمكن أن تنتشر العدوى عبر الجسم. ويمكن أن يصبح هذا الوضع قاتلاً».

بجانب ذلك، توحي أدلة جديدة بأن حصوات المرارة ربما تفاقم خطر الإصابة بسرطان الكبد والقناة الصفراوية والبنكرياس. يذكر أن دراسة نشرتها «الدورية البريطانية للسرطان» عبر الإنترنت بتاريخ 17 يونيو (حزيران) 2022، تتبعت ما يزيد على 115000 امرأة ونحو 50000 رجل لمدة وصلت إلى 30 عاماً، مع متابعة تاريخ حصوات المرارة في بداية الدراسة وكل عامين بعد ذلك.

وخلصت الدراسة إلى أنه مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون من حصوات المرارة، كان المصابون أكثر عرضة بنسبة 60 في المائة للإصابة بسرطان الكبد، وأكثر عرضة للإصابة بسرطان القناة الصفراوية بمعدل يفوق 4 أضعاف، وأكثر عرضة للإصابة بسرطان البنكرياس بنسبة 13 في المائة.

اللافت أن سرطان المرارة ذاتها يعدّ أمراً نادراً نسبياً، ويجري تشخيص إصابة 12200 أميركي سنوياً به. في هذا الصدد، قال الدكتور بروغ: «إنه فتاك للغاية، لكنه ليس شائع الحدوث».

* «رسالة هارفارد - مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»

وسائل تعزيز صحة المرارة

يستلزم الحفاظ على صحة المرارة اتباع نهج مشابه لنهج الحفاظ على باقي أعضاء الجسم في صورتها المثلى. تتضمن الاقتراحات المألوفة هنا ما يلي:

- تناول مزيد من الفواكه والخضراوات؛ لأنها تتميز بغناها بعناصر غذائية مثل «فيتامين سي» وحمض الفوليك والمغنسيوم؛ الأمر الذي يقلل خطر الإصابة بأمراض المرارة. بجانب ذلك، فإن الفواكه والخضراوات المليئة بالألياف لا تجهد المرارة، لأنها تحتوي على القليل من الدهون أو لا تحتوي على دهون على الإطلاق.

- اختر البروتينات الخالية من الدهون. يمكن أن يسهم اختيار أطباق الدواجن واللحوم الخالية من الدهن والأسماك المشوية؛ غير المقلية، في تقليل خطر الإصابة بحصوات المرارة.

- قلل أو تجنب منتجات الألبان كاملة الدسم واللحوم الحمراء أو المصنعة.

- حافظ على وزن صحي. زيادة الوزن أو السمنة قد تجعلك عرضة للإصابة بحصوات المرارة.


مقالات ذات صلة

اختبار اللياقة البدنية للرؤساء الأميركيين

صحتك تمارين النهوض بالرأس

اختبار اللياقة البدنية للرؤساء الأميركيين

بدأ العمل باختبار اللياقة البدنية الرئاسي «Presidential Physical Fitness Test» في الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق دوايت د. أيزنهاور في عام 1956.

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الإمكانات الواعدة للذكاء الاصطناعي في مجال صحة النساء

الإمكانات الواعدة للذكاء الاصطناعي في مجال صحة النساء

تعدّ قراءة صورة الثدي الشعاعية بمثابة اختبار لتمييز الظلال المتداخلة.

مورين سالامون (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك توظيف الذكاء الاصطناعي في طب القلب

توظيف الذكاء الاصطناعي في طب القلب

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز جهود الأطباء بمجالات الوقاية من أمراض القلب واكتشافها وعلاجها؟

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك ذروة النشوة الجنسية… فوائد صحية متعددة

ذروة النشوة الجنسية… فوائد صحية متعددة

انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون والقلق والتوتر تعوق الوصول إليها

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الاميركية))

تقنية واعدة لتجديد الغضاريف في 3 أيام

أنتجت خلايا الغضروف البشرية المعالجة مزيداً من الكولاجين الثاني (نورث وسترن)
أنتجت خلايا الغضروف البشرية المعالجة مزيداً من الكولاجين الثاني (نورث وسترن)
TT

تقنية واعدة لتجديد الغضاريف في 3 أيام

أنتجت خلايا الغضروف البشرية المعالجة مزيداً من الكولاجين الثاني (نورث وسترن)
أنتجت خلايا الغضروف البشرية المعالجة مزيداً من الكولاجين الثاني (نورث وسترن)

نجحت استراتيجية علاجية جديدة وضعها باحثون من جامعة نورث وسترن الأميركية، في تنشيط الجينات اللازمة لتجديد الغضاريف التالفة، في 3 أيام فقط.

قال صامويل آي ستوب، الذي قاد الدراسة المنشورة، الجمعة، في «مجلة الجمعية الكيميائية الأميركية»: «تهدف العلاجات الحالية إلى إبطاء تقدُّم المرض أو تأجيل عملية استبدال المفصل».

وأضاف خبير الطبّ النانوي التجديدي، وأستاذ الهندسة الطبية الحيوية في الجامعة: «لا خيارات تجديدية، لأنّ البشر لا يمتلكون القدرة على تجديد الغضروف في مرحلة البلوغ».

ووفق الدراسة، يمكن للمرضى الذين يعانون هشاشة العظام الشديدة، أن تتآكل الغضاريف لديهم لدرجة أن المفاصل تتحوّل بشكل أساسي إلى عظم فوق عظم؛ أي من دون وسادة بينهما. وليس هذا مؤلماً بشكل لا يُصدَّق فحسب، بل إنّ تلك المفاصل لا تكون قادرة على العمل بشكل صحيح. في هذه المرحلة، يصبح العلاج الفعال الوحيد هو جراحة استبدال المفصل، وهي عملية مُكلفة وتتطلّب تدخلاً جراحياً.

وتُعدّ هشاشة العظام «مرضاً تنكسياً» تتحلّل فيه الأنسجة في المفاصل بمرور الوقت، وهي مشكلة صحّية شائعة وسبب رئيسي للإعاقة. وبدءاً من عام 2019، كان نحو 530 مليون شخص حول العالم يعانون هشاشة العظام، وفقاً لـ«منظّمة الصحّة العالمية».

وكان باحثو جامعة نورث وسترن قد ابتكروا، في نوفمبر (تشرين الثاني)، 2021 علاجاً جديداً قابلاً للحقن، يستغل ما يُعرف بـ«الجزيئات الراقصة» سريعة الحركة لإصلاح الأنسجة وعكس الشلل، بعد إصابات شديدة في النخاع الشوكي.

والآن طبَّقت المجموعة البحثية نفسها الاستراتيجية العلاجية عينها على خلايا الغضروف البشرية التالفة. وفي الدراسة الجديدة، وجد الباحثون أنه مع زيادة الحركة الجزيئية، زادت فاعلية العلاج أيضاً. وبعبارة أخرى، كانت حركات «الرقص» للجزيئات حاسمة لتحفيز عملية نمو الغضروف.

وقال ستوب، في بيان عبر موقع الجامعة: «عندما لاحظنا للمرّة الأولى التأثيرات العلاجية للجزيئات الراقصة، لم نجد ما يمنع من تطبيقها على الحبل الشوكي فقط».

وأضاف: «لاحظنا التأثيرات نفسها في نوعين من الخلايا منفصلَين تماماً بعضهما عن بعض؛ خلايا الغضروف في مفاصلنا والخلايا العصبية في دماغنا وخلايا الحبل الشوكي. وهذا يجعلني أكثر ثقة في أننا ربما اكتشفنا ظاهرة علمية يمكن أن تنطبق على عدد من الأنسجة الأخرى».

وتتألّف الجزيئات الراقصة، المُبتكَرة سابقاً في مختبر ستوب، من عشرات إلى مئات الآلاف من الجزيئات التي تُشكّل معاً أليافاً نانوية صناعية تحمل إشارات قوية للخلايا. ومن خلال ضبط حركتها الجماعية وفق بنيتها الكيميائية، اكتشف ستوب أنه يمكنها العثور بسرعة على المستقبلات الخلوية بالجسم، والتفاعل معها بشكل صحيح. فبمجرّد دخولها إليه، تصبح قادرة على التواصل مع الخلايا الطبيعية.

وشدّد على أنه «بعد 3 أيام، أنتجت الخلايا البشرية الطبيعية المعرَّضة للتجمّعات الطويلة من الجزيئات الراقصة الأكثر حركة، كميات أكبر من مكوّنات البروتين اللازمة لتجديد الغضروف».

وأضاف: «بالنسبة إلى إنتاج أحد المكوّنات الأساسية في مصفوفة الغضروف، والمعروف باسم الكولاجين الثاني، كانت الجزيئات الراقصة أكثر فاعلية من البروتين الطبيعي الذي يؤدّي هذه الوظيفة».