عندما تعلق شوكة سمك في الحلق... ماذا عليك أن تفعل؟

نسبتها تفوق 80 % من حالات ابتلاع الأجسام الصلبة الغريبة

عندما تعلق شوكة سمك في الحلق... ماذا عليك أن تفعل؟
TT

عندما تعلق شوكة سمك في الحلق... ماذا عليك أن تفعل؟

عندما تعلق شوكة سمك في الحلق... ماذا عليك أن تفعل؟

تفيد الإحصائيات الطبية بأن بلع شوك السمك Fish Bone، أو أجزاء أخرى من الهيكل العظمي للأسماك، أمرٌ شائعٌ جداً في مجتمعات تناول الأسماك، وأنه أحد الشكاوى المتكررة في أقسام الإسعاف بالمستشفيات، وعيادات طب الأنف والأذن والحنجرة، في تلك المناطق.

والخوف من حصول ذلك قد يمنع البعض، وخصوصاً كبار السن والأطفال، من الإقبال على تناول الأسماك، أو أنواع منها. وفي الوقت نفسه، يُعتبر الحذر من تكرار حصول ذلك، لدى منْ عانى منه سابقاً، أحد الأسباب الرئيسية لتحاشي تناول الأسماك. رغم أن لحومها تعتبر من الأطعمة ذات الفائدة الصحية العالية.

ابتلاع شوكة السمك

وغالباً يعرف المرء أنه ابتلع شوكة أو قطعة من عظم السمك، وخصوصاً عند تناول أنواع معينة من الأسماك، أو يدرك أنه غفل لبرهة عن تنظيف قطعة لحم السمك -التي تناولها للتو- من احتمال وجود عظم أو شوكة فيها.

ولأن عظام السمك صغيرة، يمكن بسهولة تفويتها أثناء تحضير تناول قطعة لحم السمك أو عند المضغ. ولأن لديها حواف حادة وأشكالاً غريبة، فإنها أكثر عرضة من الأطعمة الأخرى للالتصاق في الحلق، حتى من قبل المتعودين بكثرة على تناول السمك.

ولذا إذا علقت شوكة أو عظمة سمك في الحلق، فمن المحتمل أن يشعر المرء بها فوراً. وقد يُعاني أيضاً أياً من الأعراض التالية:

- وخز مفاجئ في الحلق.

- ألم حاد في الحلق أو الرقبة.

- سعال متكرر وجاف.

- صعوبة في البلع أو ألم في البلع.

- بصق الدم.

وتؤكد دراسات طبية كثيرة حقيقة أن: «الجسم الغريب الأكثر شيوعاً في الوجود بالجهاز الهضمي العلوي، هو عظم السمك». وتوضح تلك الإحصائيات أن شوك وعظم السمك يمثل نسبة تفوق 80 في المائة من حالات ابتلاع الأجسام الحادة والصلبة الغريبة Foreign Bodies، في الدول الآسيوية والدول المُطلة على البحر المتوسط، والدول الساحلية الأخرى.

وبخلاف تسبب شوك أو عظم السمك في جروح أو تسلخات أو قروح سطحية في منطقة الفم أو «منطقة البلعوم الفمّي»، تفيد تلك الإحصائيات الطبية بأن في أكثر من 75 في المائة من حالات الابتلاع، يعلق شوك أو عظم السمك في منطقة العضلة العاصرة الحلقية البلعومية Cricopharyngeal Sphincter، ضمن «منطقة البلعوم الحُنْجري». وللتوضيح، فإن البلعوم مكون من 3 أجزاء، هي من أعلى إلى أسفل: البلعوم الأنْفي، وتحته البلعوم الفمّي، وتحته البلعوم الحُنْجري الذي يتصل ببدايات المريء.

عظم عالق

وبالنسبة لسبب تعلّق شوك أو عظم السمك في منطقة العضلة العاصرة الحلقية البلعومية، علينا ملاحظة أن ثمة 4 «مناطق تضيّق» في أنبوب المريء. وتمثل هذه النقاط الأربع المناطق أكثر ترجيحاً أن تعلق بها الأشياء الصلبة المبتلعة، سواء كانت ذات أطراف حادة، مثل شوك أو عظم السمك، أو ذات أسطح غير حادة، مثل قطع العملات المعدنية، أو قطع الطعام الصلبة (اللحوم المشوية على سبيل المثال). وهذه التضيقات بالتسلسل من أعلى إلى أسفل، هي:

أولاً- في بداية المريء، عند منطقة اتصال البلعوم الحنجري بالمريء (خلف الغضروف الحلقي). وهي منطقة العضلة العاصرة الحلقية البلعومية.

ثانياً- في منطقة تضيق المريء بفعل العبور الأمامي لقوس الشريان الأبهر، أكبر شرايين الجسم، والخارج مباشرة من القلب.

ثالثاً- في منطقة تضيق المريء بفعل المرور الخلفي للفرع الأيسر من القصبة الهوائية (الذي يدخل إلى الرئة اليسرى).

رابعاً- في منطقة تضيق المريء بفعل عبور المريء للحجاب الحاجز (الذي يفصل تجويف الصدر عن تجويف البطن).

ولأن المريء يحتوي على هذه الأربع نقاط للتضيق، فإنه عندما يتم ابتلاع جسم صلب، فمن المرجح أن يعلق ويتسبب في إتلاف سطحي (أو عميق) بإحدى هذه النقاط الأربع، وخصوصاً أعلاها، وهي منطقة العضلة العاصرة الحلقية البلعومية.

وعندما يحضر المرضى إلى قسم الإسعاف وهم يشكون من ألم حاد (بشعور كشقّ الجرح) في الحلق، أو صعوبة في البلع Dysphagia، بعد تناول لحم السمك، فإنهم عادة ما يكونون مقتنعين بأن هناك عظمة أو شوكة عالقة في حلقهم، أو في مكان ما أسفل ذلك. وفي بعض الأحيان قد يكونون على صواب، وغالباً ما تكون آنذاك عظام السمك عالقة في الحلق أو تخترق الغشاء المخاطي للبلعوم. وفي كثير من الأحيان، لا توجد عظام أو شوك، وتختفي الأعراض في غضون 24- 48 ساعة؛ لأن الشوك أو العظم المبتلع في الغالب يكون صغيراً، ويمر أحياناً عبر القناة الهضمية دون عواقب.

ولكن، ووفق ما تفيد به بعض الدراسات الطبية: «من الواضح أن استمرار وجود جسم غريب في البلعوم أو الحنجرة أو المريء، وعدم خروجه، يمثل مشكلة صحية لا يمكن تجاهلها، وتمتلئ المجلات الطبية بتقارير حالة Case Reports عن عواقب وخيمة، مثل ثقب الأبهر، أو الجهاز الهضمي، أو المضاعفات الميكروبية. ولحسن الحظ، مثل هذه الحالات نادرة جداً».

ولذا تظل هذه الشكوى مُحيّرة للطبيب في قسم الإسعاف، من ناحية الوصول إلى التشخيص. ومحيرة للمريض، من ناحية إزالة القلق والألم وصعوبات البلع لديه.

وتوضح تلك الإحصائيات الطبية، أنها (أي شوك أو عظم السمك) إذا وصلت إلى المعدة، فإن معظمها يمر عبر الأمعاء دون أي مشكلات، ولكن نسبة 1 في المائة منها قد تسبب مضاعفات تتطلب معالجة جراحية. وتحديداً، ما بين 80 إلى 90 في المائة من أولئك الأشخاص الذين يحضرون إلى أقسام الإسعاف نتيجة المعاناة من ابتلاع شوك أو عظم السمك، لا يحتاجون إلى أي تدخلات علاجية متقدمة. وما بين 10 إلى 20 في المائة يحتاجون إلى إزالة تلك العظام أو الشوك باستخدام المنظار Endoscopic Removal. ونحو 1 في المائة سيحتاجون إلى تدخل جراحي نتيجة حصول ثقب في أحد أجزاء الأمعاء Bowel Perforation أو غيره.

معالجات منزلية للتعامل مع شوكة السمكة في الحلق

لا توجد نصائح طبية محددة مبنية على براهين علمية، حول كيفية إزالة عظم السمك من الحلق مباشرة في المنزل. ولكن المصادر الطبية تقترح بعض العلاجات المنزلية قبل التوجه إلى عيادة الطبيب. ومنها:

- تناول إحدى قطع حلوى «المارشميلو»، ومضغها بما يكفي لتليينها (لا إذابتها)، ثم ابتلاعها في جرعة واحدة كبيرة. ومن المحتمل أن تلتصق المادة اللزجة والسكرية لهذه الحلوى الإسفنجية بالشوكة أو بالعظام، وتحملها إلى المعدة.

- بلع زيت الزيتون بمقدار ما يملأ ملعقة طعام. وزيت الزيتون مادة تشحيم طبيعية. وإذا كان ثمة عظام سمكة عالقة في الحلق، فإن زيت الزيتون بتلك الكمية يمكن أن يغطي بطانة الحلق والعظام نفسها، مما يسهل ابتلاعها أو طردها للخارج مع السعال.

- السعال قد يفيد؛ لأن معظم عظام السمك تلتصق في مؤخرة الحلق مباشرة حول اللوزتين. وقد يكون السعال القوي قليلاً كافياً للتخلص منها.

- يجد بعض الناس أن تناول قضمات من الموز والاحتفاظ بها في الفم لمدة دقيقة واحدة على الأقل، سيعطيها فرصة لامتصاص بعض اللعاب. ثم عند بلعها في جرعة واحدة كبيرة، قد تمسك بعظام السمك وتسحبها إلى المعدة.

- الخبز والماء، هي طريقة قديمة وتقليدية لإزالة أي شيء قد يعلق أو يبقى في الحلق. وتكون بنقع قطعة من الخبز في الماء لمدة أقل من دقيقة تقريباً، ثم تناول قضمة كبيرة منها، وابتلاعها كاملة. وقد تضع هذه الطريقة وزناً على عظم السمكة وتدفعها إلى المعدة. والبعض قد يقترح الخبز المغطى بزبدة الفول السوداني، للمساعدة في انتزاع عظم السمك ودفعه إلى المعدة.

- المشروبات الغازية، شيء آخر محتمل الفائدة؛ لأنه ربما يفتت العظام ويكون ضغطاً من الغازات الذي قد يزيل شوكة أو عظمة السمك. ولكن يجدر تحاشي اللجوء إلى تناول الخل ابتغاء قدرته الحامضية على تفتيت العظم؛ لأن ذلك قد يضر بالمعدة أو المريء أو الحلق.

متى عليك زيارة قسم الإسعاف عند بلع شوكة سمك؟

إذا فشلت العلاجات المنزلية، أو شعرت بالقلق، أو رافق حالتك الأعراض التالية، فيجب عليك طلب المساعدة الفورية من الطبيب:

- ألم عند البلع.

- ألم في الحلق مع تقيؤ دم.

- صعوبة التنفس.

- التنفس المصحوب بالسعال أو الاختناق أو التقيؤ.

- ألم في الصدر والبطن.

- حمى.

وتجدر ملاحظة أنه حتى عندما تساعدك العلاجات المنزلية على إزالة عظم السمك العالق في الحلق، فمن الأفضل أن تنتبه جيداً للأعراض المذكورة أعلاه، وأن ترى طبيبك إذا كان لديك أي منها.

وفي قسم الإسعاف، يعمل العلاج الطبي لإزالة عظم السمك العالق في الحلق، من خلال سلسلة من الخطوات، من أهمها:

- أولاً، لتحديد الموقع الدقيق لعظم السمكة العالقة في حلقك، قد يقوم الطبيب بإجراء أشعة سينية X-Ray عادية، تتضمن تناول سائل أساسه الباريوم Barium-Based Liquid. وتشمل الطرق الأخرى منظار الحنجرة Laryngoscopy، لإلقاء نظرة على الجزء الخلفي من الحلق. وللتوضيح، إذا تطلبت الحالة الحضور إلى قسم الإسعاف، فتبدأ المعالجة لاحتمال وجود شوك أو عظم السمك في الحلق أو الجزء العلوي من الجهاز الهضمي، بالفحص المباشر للحلق بمساعدة الضوء. وإذا تبين وجود العظم، فإنه تتم إزالته بالملقط إن أمكن. وفي بعض الأحيان، عندما يصل شوك أو عظم السمك إلى منطقة أعمق ووراء مستوى الرؤية المباشرة لداخل الحلق، قد يتطلب الأمر استخدام منظار البلعوم Laryngopharyngoscope. ومن ثمّ إزالة ما علق من عظم أو شوك.

- قد يلجأ الطبيب إلى التصوير المقطعي المحوسب CT Scan في الحالات القصوى، أو ربما المنظار للمريء والمعدة Endoscopy، لتحديد مستوى الضرر الذي تسبب فيه عظم السمكة في الجهاز الهضمي.

- بعدما يتم تحديد الموقع، سيكون استخدام الملقط Forceps عادة هي الطريقة الأولى لإزالة عظم السمكة. ويمكن أيضاً استخدام المنظار الداخلي لإزالة العظام في الحالات التي يفشل فيها الملقط في استرداد العظم. وفي حالات نادرة جداً، قد تكون الجراحة مطلوبة.

- بمجرد إخراج الشوكة أو العظمة، قد يتم وصف بعض الأدوية، اعتماداً على مكان وشدة تعلق عظم السمكة بمكان وجودها، ومدى عمق اختراقها للأنسجة المحيطة.


مقالات ذات صلة

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

صحتك الحصول على قسط قليل جداً من النوم يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية كثيرة (أرشيفية - رويترز)

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

من المعروف أن النوم له فوائد صحية مذهلة ولكن ما مقدار النوم الذي يعد أكثر من اللازم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جهاز قياس ضغط الدم (أرشيفية - رويترز)

كم ساعة تحتاجها أسبوعياً في التدريب لتحمي نفسك من «القاتل الصامت»؟

قالت دراسة جديدة إن الحفاظ على النشاط البدني أثناء مرحلة الشباب بمستويات أعلى من الموصى بها سابقاً قد يكون مهماً بشكل خاص لمنع ارتفاع ضغط الدم

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي
TT

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» (University of Bristol) بالمملكة المتحدة حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)، الذي يصيب الرضيع بالشلل في جميع أطراف جسده، ويلازمه طيلة حياته، وذلك باستخدام عقار بسيط هو «كبريتات الماغنسيوم» (magnesium sulphate) عن طريق التنقيط الوريدي.

والجدير بالذكر أن هذا الدواء لا يُكلف أكثر من 5 جنيهات إسترلينية في الجرعة الواحدة بالمملكة المتحدة. لكن هذه الإجراء يجب أن يجري في المستشفى فقط، تحت رعاية طاقم مدرب من الأطباء والممرضين، وفي حالة تعميمه في المستشفيات حول العالم يمكن أن يوفر حماية لملايين الرضع.

مخاطر الولادة المبكرة

من المعروف أن الولادة المُبكرة تمثل نوعاً من الخطورة على حياة الرضع؛ لذلك يجري وضعهم في الحضانات حتى يكتمل نموهم. ومن أهم المخاطر التي يمكن أن تحدث لهم، مشكلات الجهاز العصبي، لعدم وصول الأوكسجين بشكل كافٍ للمخ، بجانب عدم نضج الجهاز العصبي، ما يمكن أن يؤدي إلى خلل في التوصيلات العصبية.

لذلك تُعد الفكرة المطروحة بمثابة نوع من الإنقاذ. وفي البداية طرحت نظرية استخدام هذا الدواء بعد ملاحظة فاعليته في منع حدوث الشلل الدماغي في الأطفال الخدج، حينما تم وصفه لإحدى السيدات الحوامل لغرض طبي آخر، ربما، مثلاً، لمنع التشنجات التي تحدث في تسمم الحمل، والتي تستلزم ضرورة الولادة المبكرة.

ثم جرت تجربة الدواء بشكل عشوائي على عدة سيدات، وجاءت النتائج مبشرة أيضاً، ثم نُشرت هذه التجارب في دراسة طبية عام 2009. وبعد الدراسة بدأ استخدام العلاج يزداد، ولكن ليس بالشكل الكافي لحماية السيدات في المملكة المتحدة.

تحمست إحدى طبيبات الأطفال وحديثي الولادة، وهي الدكتورة كارين لويت (Karen Luyt)، لهذه النظرية وقامت بتنفيذها على الأمهات اللاتي اضطررن للولادة قبل 30 أسبوعاً من الحمل، وفي بعض الأحيان 32 أسبوعاً تبعاً للحالة الطبية العامة للأم والجنين. وأوضحت الطبيبة أن الدواء أسهم في تقليل فرص حدوث الشلل الدماغي بنسبة بلغت 30 في المائة.

وفي عام 2014، اكتشفت أن الدواء، رغم فاعليته الأكيدة في حماية الرضع، لم يكن يستخدم على نطاق واسع في المملكة المتحدة؛ لذلك بدأت برنامجاً خاصّاً بإعطاء الدواء لكل السيدات اللاتي تنطبق عليهن الشروط، بمساعدة السلطات الصحية في كل المناطق. وأطلقت مع زملائها على هذا البرنامج عنوان: «منع الشلل الدماغي في الأطفال المبتسرين» (PReCePT)، على أن يكون هذا الإجراء نوعاً من الاختيار للأمهات، ولا يتم العمل به بشكل روتيني.

دواء لدرء الشلل الدماغي

مع الوقت والتجارب وصلت الخدمات الطبية لمعظم السيدات الحوامل اللائي لديهن مشاكل طبية يمكن أن تؤدي إلى الولادة المبكرة في جميع أجزاء المملكة بالفعل. والبرنامج جرى إدراجه في النظام الصحي البريطاني (NHS) في الوحدات الخاصة برعاية السيدات الحوامل والأمهات. وخلال الفترة من 2018 وحتى 2023 فقط، جرى إعطاء العلاج لما يزيد على 14 ألف سيدة في إنجلترا، ما أسهم في خفض معدلات الشلل الدماغي بنحو 385 حالة عن العدد المتعارف عليه لهذا الكم من السيدات.

والجدير بالذكر أن إحدى السيدات اللائي بدأت البرنامج من خلال استخدام الدواء أثناء فترة حملها، وتُدعى إيلي، لديها طفل ذكر بصحة جيدة في عمر الـ11 عاماً الآن.

دواء يُنظم سريان الدم إلى المخ والتحكم في التوصيلات العصبية الطرفية

قال الباحثون إن الآلية التي يقوم بها العلاج بمنع الشلل الدماغي غير معروفة تماماً، ولكن هناك بعض النظريات التي توضح لماذا يحمي الجهاز العصبي، وذلك عن طريق تنظيم ضغط الدم وسريانه إلى المخ بجانب التحكم في التوصيلات العصبية الطرفية التي تربط الأعصاب بالعضلات، وتتحكم في انقباضها (neuromuscular transmission) ما يمنع تلفها ويسمح لها بممارسة وظائفها بشكل طبيعي.

وأوضح الباحثون أن المشكلة في استخدام الدواء تكمن في الحالات غير المتوقعة؛ لأنه من المستحيل معرفة ميعاد الولادة بنسبة 100 في المائة، فبعض السيدات يلدن مبكراً، على الرغم من عدم وجود أي مشاكل طبية، بشكل غير متوقع تماماً لا يسمح بالتدخل أساساً. إضافة إلى أن بعض السيدات يشعرن بألم ولادة غير حقيقي قبل الميعاد الفعلي بفترة كبيرة، ويكون بمثابة إنذار كاذب، ومن ثم يلدن في الميعاد الفعلي للولادة.

وتبعاً للبيانات الخاصة بشبكة «فيرمونت أكسفورد» (Vermont Oxford Network) (منظمة غير ربحية عبارة عن تعاون 1400 مستشفى حول العالم بهدف تحسين العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة)، لا يجري استخدام الدواء حتى الآن بالشكل المناسب في العالم كله، بما فيه الدول المتقدمة، على الرغم من رخص ثمنه وفاعليته الكبيرة، وعلى وجه التقريب من بين جميع النساء اللاتي يجب أن يتناولن الدواء. وهناك نسبة لا تزيد على الثلثين فقط، يمكنهن الحصول عليه، وتقل النسبة في الدول الأكثر احتياجاً والأقل تقدماً على المستوى الصحي.

ويحاول الباحثون، بالتعاون مع المنظمات الصحية حول العالم، توفير الدواء لكل السيدات الحوامل اللاتي يمكن أن يلدن قبل الميعاد المحدد للولادة، بصفته نوعاً من الوقاية للرضع، وبطبيعة الحال يجب أن تكون هناك طواقم مدربة تتعامل مع هذا الإجراء بجدية.

وقال الباحثون إن مزيداً من الدراسات في المستقبل القريب يمكن أن يساعد في شيوع الاستخدام، خصوصاً إذا جرى التوصل لطريقة لإعطاء الدواء بخلاف التنقيط الوريدي، لأن ذلك يمكن أن يسهم في حماية الأطفال بالمناطق النائية التي لا توجد بها مستشفيات مركزية.

• استشاري طب الأطفال.