«التصلب الجلدي» مرض خفي يؤدي إلى اضطرابات خطيرة في الرئة

اليوم العالمي لأحد أمراض المناعة الذاتية غير الشائعة

«التصلب الجلدي» مرض خفي يؤدي إلى اضطرابات خطيرة في الرئة
TT
20

«التصلب الجلدي» مرض خفي يؤدي إلى اضطرابات خطيرة في الرئة

«التصلب الجلدي» مرض خفي يؤدي إلى اضطرابات خطيرة في الرئة

الإصابة بمرض لم يسمع به أحد من قبل هي أمر مثير للاهتمام والعمل على التعرف عليه، وعندما لا يتمكن حتى الأطباء من التعرف عليه أيضاً أو الإخبار بما سيحدث نتيجة الإصابة به، فإنه يظل أمراً أكثر تشويقاً واهتماماً.

التصلب الجلدي

التصلب الجلدي (scleroderma) هو أحد تلك الأمراض الخفية والخطرة جداً عند الإصابة به. لذلك تم إنشاء يوم عالمي للتوعية به ولإخبار الناس، بما في ذلك المجتمع الطبي، بما يعنيه الإصابة بهذا المرض المعوِّق. وفي هذا اليوم يتم التعرف على شجاعة أولئك الذين يعانون من «تصلب الجلد»، والمطالبة بمعاملة متساوية ورعاية متساوية للأشخاص المصابين به في جميع أنحاء العالم.

التصلب الجلدي هو أحد أمراض المناعة الذاتية غير الشائعة، ويسبب تليف الجلد والأعضاء الداخلية ومشكلات في الأوعية الدموية. وتجب الإشارة إليه بالاسم الأنسب وهو «التصلب الجهازي Systemic Sclerosis (SSc)» نظراً لاحتمال تأثيره في أعضاء أخرى مختلفة غير الجلد.

د. وليد بن عبد الرب حافظ
د. وليد بن عبد الرب حافظ

وتزامناً مع اليوم العالمي للتوعية بمرض التصلب الجلدي (التصلب الجهازي SSc)، الذي يحل في هذا اليوم، التاسع والعشرين من شهر يونيو (حزيران)، تحدث إلى ملحق «صحتك» بجريدة «الشرق الأوسط»، الدكتور وليد بن عبد الرب حافظ استشاري أمراض المفاصل والروماتيزم والتصلب الجهازي بمستشفى النور التخصصي بمكة المكرمة الأستاذ المساعد في جامعة أم القرى، حاصل على الزمالة السعودية في الطب الباطني والزمالة الكندية في تخصص أمراض المفاصل والروماتيزم وتصلب الجلد المناعي، لتسليط الضوء على المرض وتأكيد أهمية جهود التوعية المستمرة حوله في إحداث تأثير إيجابي على أولئك الذين يعانون من هذا المرض... ودار بيننا الحوار التالي:

* ما أهمية يوم التوعية بهذا المرض؟ وهل هناك أي دلالة تاريخية مرتبطة بهذا اليوم؟

- يهدف اليوم العالمي للتصلب الجلدي الذي يصادف يوم 29 يونيو من كل عام إلى تعزيز الوعي بمرض التصلب الجلدي، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية غير الشائعة والمزمنة، ويصيب الأنسجة الضامة. وقد تم اقتراح هذا اليوم لأول مرة من قبل الاتحاد الأوروبي لجمعيات التصلب الجلدي (Federation of European Scleroderma Associations, FESCA) عام 2009 ويُحتفى به عالمياً من قبل منظمات المرضى والعاملين في الحقل الطبي ومختلف الأفراد. ويذكر هنا أن هذا اليوم بالتحديد اختير للتذكير بيوم وفاة الفنان السويسري بول كلي Paul Klee متأثراً بالإصابة بمرض التصلب الجلدي، ويعتبر هذا الفنان مصدر إلهام لأولئك الذين يتعايشون مع هذا المرض.

لقد شكّل اليوم العالمي للتصلب الجلدي عاملاً مهماً في لفت الانتباه إلى المرض، وهو مرض في العادة لا يتم تشخيصه أو فهمه بدقة. من خلال حملات التوعية والفعاليات والمبادرات التعليمية. يساعد اليوم العالمي للتصلب الجلدي على تعزيز الوعي والمعرفة العامة بالمرض وتحسين مستوى الدعم المُقدّم للأشخاص الذين يتعايشون معه.

التصلب الجلدي يؤدي إلى مضاعفات مثل صعوبات البلع والتنفس
التصلب الجلدي يؤدي إلى مضاعفات مثل صعوبات البلع والتنفس

مضاعفات المرض

* ما المشكلات الصحية الرئيسية المرتبطة بالتصلب الجهازي (التصلب الجلدي)؟

- التصلب الجهازي/ التصلب الجلدي يمكن أن يسبب عديداً من الأعراض، بما في ذلك صلابة الجلد وسماكته، وآلام المفاصل، ومشكلات في الجهاز الهضمي. ومع ذلك، فإن «مرض الرئة الخلالي Interstitial Lung Disease (ILD)» من أبرز المضاعفات الخطرة التي ترتبط بالتصلب الجلدي (www.ncbi.nlm.nih.gov).

أمراض الرئة الخلالية (ILD) هي مجموعة من اضطرابات الرئة التي تسبب التهاباً وتندباً في أنسجة الرئة، مما يؤدي إلى تراجع في وظائف الرئة وصعوبة في التنفس.

تشمل المشكلات الرئيسية الأخرى المرتبطة بالتصلب الجلدي ظاهرة «رينو (Raynaud)»، وهي حالة تسبب تحوّل أصابع اليدين والقدمين إلى اللون الأزرق أو الأبيض؛ بسبب ضعف الدورة الدموية، والتقرحات في الأصابع، وهي تقرحات مفتوحة مؤلمة على أصابع اليدين والقدمين.

في بعض الحالات، يمكن أن يؤثر التصلب الجلدي/ التصلب الجهازي أيضاً في الجهاز الهضمي، مؤدياً إلى صعوبة البلع والانتفاخ والإمساك. (www.elsevier.es)

* ما مدى انتشار مرض الرئة الخلالي عند مرضى التصلب الجهازي/ الجلدي؟

- الدراسات أظهرت أن ما يصل إلى 80 في المائة من مرضى التصلب الجهازي/ الجلدي يمكن أن يصابوا بمرض الرئة الخلالي (ILD). في الواقع، مرض الرئة الخلالي هو أحد الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة لدى الأشخاص المصابين بالتصلب الجلدي. (pubmed.ncbi.nlm.nih.gov). إن السبب الدقيق للإصابة بمرض الرئة الخلالي عند المصابين بالتصلب الجلدي غير مفهوم تماماً، ولكن يُعتقد بأنه مرتبط باستجابة الجهاز المناعي غير الطبيعية للمرض.

علامات أولية

* ما العلامات الأولية التي يجب على المريض التنبّه لها باعتبارها علامة تحذير بالإصابة بمرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي؟

- في البداية، قد لا يلاحظ المريض التغيرات التي تحدث في رئتيه وقد ينسب أي أعراض تصيبه إلى التعب أو الإرهاق. قد يكون هذا صحيحاً، ولكن من المهم أن يكون المريض دائماً على دراية بقدرات جسمه لملاحظة أي تغييرات.

كلما تم اكتشاف تأثُّر الرئة في وقت مبكر، أصبح بالإمكان إجراء الاختبار مبكراً والحصول على دعم أسرع، حيث توجد الآن أدوية لإبطاء تقدُّم التليف الرئوي لدى مرضى التصلب الجهازي. قد تشمل العلامات الأولية للإصابة بمرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي ما يلي (www.frontiersin.org):

- السعال المزمن: ويكون جافاً في العادة. غالباً ما يكون تفاقم السعال أول علامة على الإصابة بمرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجلدي.

- مع تفاقم مرض الرئة الخلالي، تظهر عوارض ضيق التنفس، أولاً مع النشاط المعتدل، لكن مع تقدم المرض فقد يضيق نَفَس المريض حتى من أنشطته اليومية العادية، ويمكن أن يصاحب ذلك التعب الشديد وانخفاض مستوى الطاقة.

- إذا لاحظ المريض أيّاً من هذه الأعراض، فمن المهم لفت انتباه مزوّد الرعاية الصحية على الفور.

* متى يبدأ فحص الرئة لمريض التصلب الجلدي؟

- بشكل عام، المرضى المصابين بالتصلب الجلدي بأن يخضعوا لاختبارات وظائف الرئة، وفحص التصوير المقطعي المحوسب عالي الدقة للصدر عند التشخيص، حتى لو لم يكن لديهم أي أعراض تنفسية. ومن المهم أن نعرف أن كل مريض مصاب بالتصلب الجلدي لديه حالة فريدة ومختلفة عن غيره، وبالتالي يجب أن يحدَّد توقيت وتكرار فحص مرض الرئة الخلالي بحسب حالة كل مريض، وبناءً على سجله الطبي الخاص، وعوامل الخطر لديه. كما يوصي المريض بمناقشة جدول الفحوص الخاص به مع مقدم الرعاية لضمان حصوله على الرعاية والمراقبة المناسبة لحالته.

* ما التخصصات التي يتشكل منها فريق الرعاية الصحية المعني بتقديم الدعم لمرضى مرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي؟

- أطباء أمراض المفاصل والروماتيزم هم عادة الأطباء الأساسيون الذين يقومون بتشخيص وعلاج التصلب الجهازي. واعتماداً على الأعراض المحددة للمرض بحسب حالة كل مريض، فإنهم يتعاونون مع اختصاصيين آخرين مثل أطباء أمراض الرئة، ويعملون معاً لتقديم رعاية ودعم شاملَين للمرضى، وأعلى مستوى من الرعاية والدعم لإدارة حالاتهم وتحسين جودة حياتهم.

العلاج والوقاية

هل هناك دواء شافٍ لمرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي؟ يجيب د. حافظ بأنه حتى هذا اليوم، لا يوجد. لكن هناك العديد من خيارات العلاج المعتمدة المتاحة، التي قد تساعد على علاج المرض وتحسين النتائج للمرضى. هناك أدوية معتمدة مضادة للتليف يمكن أن تقلل من تدهور المرض وتخفف حدة تراجع وضعف وظائف الرئة. وأثبتت هذه الأدوية فعاليتها في إبطاء تقدم المرض في التجارب السريرية، وقد تمت الموافقة عليها الآن للاستخدام لدى المرضى الذين يعانون من مرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي في عديد من البلدان، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

ومن الضروري للمرضى الذين يعانون من مرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي التعاون بشكل وثيق مع فريق الرعاية الصحية الخاص بهم لتحديد أفضل خطة علاج تناسب احتياجاتهم الفردية، كما أن المراقبة المنتظمة لوظيفة الرئة والأعراض مهمة للغاية أيضاً لضمان الكشف المبكر عن أي تغييرات في المرض واتخاذ الإجراءات والتدخلات الطبية المناسبة.

* كيف يمكن الوقاية من مرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي؟

- لسوء الحظ، لا توجد حالياً طريقة معروفة لتفادي الإصابة بمرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي. وباعتباره من أمراض المناعة الذاتية، فإن سبب المرض غير مفهوم تماماً، ولا توجد استراتيجيات مثبتة لمنع ظهوره.

مع ذلك، هناك خطوات يمكن للأفراد الذين لديهم مخاطر أعلى للإصابة بمرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي اتخاذها للمساعدة في إدارة المخاطر، وتشمل تجنب التعرض للسموم البيئية، والامتناع عن التدخين، والحفاظ على نمط حياة صحي.

من المهم أيضاً أن يتحدث المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالتصلب الجهازي مع الطبيب حول مخاطر الإصابة بمرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي والخطوات التي يمكن للمريض اتخاذها للسيطرة على هذا الخطر.

من خلال العمل بشكل وثيق مع فريق الرعاية الصحية واتخاذ الخطوات اللازمة لإدارة الصحة، يمكن للمريض المساهمة في تحسين جودة حياته، وتقليل تأثير مرض الرئة الخلالي المتصل بالتصلب الجهازي على صحته.

* هل هناك تغييرات معينة في نمط الحياة يمكن للمريض القيام بها ليعيش حياة صحية؟

- الحفاظ على نمط حياة صحي أمر مهم وأساسي للسيطرة على أعراض التصلب الجهازي، بما في ذلك مرض الرئة الخلالي، وذلك يشمل اتباعه نظاماً غذائياً متوازناً ومغذياً، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والامتناع عن التدخين.

وأضاف أن من المهم أيضاً للأفراد المصابين بالتصلب الجهازي إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية وإدارة منسوب التوتر. يمكن أن يؤدي التوتر إلى تفاقم أعراض المرض وحدوث نوبات، لذا فإن إيجاد طرق للتحكم في التوتر، مثل التأمل أو اليوغا، يمكن أن يكون مفيداً في هذه الحالة. وبالإضافة إلى التغييرات في نمط الحياة، يجب على الأفراد المصابين بالتصلب الجهازي العمل بشكل وثيق مع فريق الرعاية الصحية الخاص بهم للسيطرة على مرضهم. قد يشمل ذلك تناول الأدوية الموصوفة بدقة، وإجراء الفحوص الدورية، ومراقبة وظائف الرئة، والمشاركة في برامج إعادة تأهيل الرئتين.

رابط اليوم العالمي:

https://fesca-scleroderma.eu/news-events/events/world-scleroderma-day


مقالات ذات صلة

حمية الوجبة الواحدة يومياً... هل هي صحية؟ وما تأثيرها عليك؟

صحتك الخبراء ينصحون بعدم تناول الوجبة نفسها يومياً للحصول على مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية (رويترز)

حمية الوجبة الواحدة يومياً... هل هي صحية؟ وما تأثيرها عليك؟

يُعدّ تفويت الوجبات بهدف إنقاص الوزن أسلوباً شائعاً، وفي السنوات الأخيرة، بالغ الأطباء وخبراء التغذية في الحديث عن الفوائد الصحية لهذه الحمية الغذائية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يدعم المغنيسيوم صحة الحامل والجنين خلال فترة الحمل (رويترز)

هل تناول المغنيسيوم يكون آمناً أثناء الحمل؟

المغنيسيوم هو أحد المعادن الأساسية السبعة بالجسم وخلال فترة الحمل يدعم صحة الحامل والجنين كما يساعد في وظائف الأعصاب والعضلات وتقوية العظام

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ما الفرق بين مخفوق البروتين بالماء أو بالحليب؟ (رويترز)

أيهما أفضل شرب مخفوق البروتين مع الحليب أم الماء؟

يُعدّ شرب مخفوقات البروتين طريقة سهلة لزيادة استهلاكك من البروتين ودعم بناء العضلات وصحة العظام وفقدان الوزن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مركبات الأنثوسيانين في التوت الأزرق لا تُعزز المناعة فحسب بل تُثبط نمو خلايا سرطان الكبد في المختبر وفق دراسات مخبرية (رويترز)

10 أطعمة تُنقّي كبدك وتبعد عنه شبح الأمراض

الكبد هو محطة الجسم الحيوية التي تُنظِّم التمثيل الغذائي. إليكم 10 أطعمة ومشروبات ذات تأثيرات وقائية وعلاجية مذهلة للكبد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك المفوضية الأوروبية تجيز عقار «ليكانيماب» لعلاج مرض ألزهايمر (د.ب.أ)

المفوضية الأوروبية توافق على عقار «ليكانيماب» لعلاج ألزهايمر

وافقت المفوضية الأوروبية على عقار «ليكانيماب» لعلاج مرض ألزهايمر، وهي المرة الأولى التي تجيز فيها علاجاً يستهدف العمليات المرضية الكامنة وراء المرض.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

أسنان مزروعة في المختبر بديلة للحشوات

د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)
د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)
TT
20

أسنان مزروعة في المختبر بديلة للحشوات

د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)
د. شيويه تشن تشانغ والدكتورة آنا أنجيلوفا فولبوني (كلية كينغز لندن)

قفزة نوعية في مجال طب الأسنان تلوح في الأفق؛ إذ يمكن للسن المزروعة في المختبر، والمصنوعة من خلايا المريض نفسه، أن تندمج بسلاسة في الفك، و«تصلح نفسها بنفسها» كالسن الطبيعية، وأن تكون بديلة للحشوات التي يصعب تثبيتها لمدة طويلة، وذلك وفق نتائج دراسة جديدة قادها باحثون من «كلية كينغز لندن» الإنجليزية.

ووفق بيان نُشر على موقع الجامعة، الاثنين، فسوف يتمكن البالغون من زراعة أسنانهم البديلة بأنفسهم، بدلاً من استخدام الحشوات الطبية، وذلك بفضل هذا الاكتشافٍ المهم؛ إذ يُقدّم هذا البحث طريقةً مُحتملةً «لإصلاح الأسنان»، وبديلاً طبيعياً لعلاجها.

يقول الدكتور شيويه تشن تشانغ، من كلية طب الأسنان وعلوم الفم والوجه والفكين في «كلية كينغز لندن»: «الحشوات ليست الحل الأمثل لإصلاح الأسنان؛ فمع مرور الوقت، تُضعِف بنية الأسنان، ويكون عمرها الافتراضي محدوداً، وقد تؤدي إلى مزيد من التسوس أو الحساسية».

وأضاف في بيان على موقع الجامعة: «تتطلب زراعة الأسنان جراحةً باضعة (صغيرة الفتحات) ومزيجاً جيداً من الغرسات. كلا الحلَّين صناعي ولا يُعيد وظيفة الأسنان طبيعية بالكامل كما كانت؛ مما قد يؤدي إلى مضاعفات طويلة الأمد. أما الأسنان المزروعة في المختبر، فتتجدد بشكل طبيعي، وتندمج في الفك كالأسنان الحقيقية».

وتابع: «ستكون أقوى وأطول عمراً وخالية من مخاطر الرفض؛ مما يوفر حلاً أكثر ديمومة وتوافقاً بيولوجياً، مقارنة بالحشوات أو الغرسات».

وكما ورد في نتائج الدراسة، التي نُشرت بمجلة «إيه سي إس ماكرو ليترز (ACS Macro Letters)»، فقد توصل فريق «كلية كينغز لندن»، بالتعاون مع «كلية إمبريال كوليدج لندن» في المملكة المتحدة، إلى اكتشاف مهم بشأن البيئة اللازمة لنمو الأسنان بالمختبر، ونجحوا في تطوير نوع خاص من المواد يُمكّن الخلايا من التواصل فيما بينها.

وأفادت النتائج بأن «هذا يعني أن خلية واحدة يمكنها إخبار خلية أخرى بفاعلية بالبدء في التمايز إلى خلية مكوِّنة للأسنان، وهو ما يُحاكي البيئة الطبيعية لنمو الأسنان، ويسمح للعلماء بإعادة عملية نمو الأسنان في المختبر».

وقال تشانغ: «لقد طورنا هذه المادة لمحاكاة البيئة الطبيعية المحيطة بالخلايا في الجسم. وعندما أدخلنا الخلايا المزروعة، تمكنت من إرسال إشارات بعضها إلى بعض لبدء عملية تكوين الأسنان».

وعلى الرغم من نجاحهم في تهيئة البيئة اللازمة لنمو الأسنان في المختبر، فإن الباحثين يواجهون الآن تحدياً آخر في نقلها من المختبر إلى فكّ المريض. وهو ما علق عليه تشانغ، قائلاً: «لدينا أفكار مختلفة لزراعة الأسنان داخل الفم. يمكننا زراعة خلايا الأسنان الصغيرة في موقع السن المفقودة، وتركها تنمو داخل الفم. أو يمكننا تخليق السن كاملة في المختبر قبل زرعها في فم المريض. في كلا الخيارين، نحتاج إلى بدء العملية المبكرة جداً لإنماء الأسنان داخل المختبر».

ويُعدّ هذا البحث جزءاً من جهد أوسع في مجال «الطب التجديدي»، الذي يهدف إلى تسخير علوم الأحياء لإصلاح أو استبدال أجزاء الجسم التالفة، فبدلاً من الاعتماد على مواد اصطناعية، مثل الغرسات المعدنية أو أطقم الأسنان، يعمل الباحثون على زراعة بدائل طبيعية باستخدام الخلايا الجذعية والبيئات المُهندَسة بيولوجياً.