عمليات زرع البراز قد تلعب دوراً كبيراً في الطب بالمستقبل

طبيب أمراض معدية يعد كبسولات دواء تحتوي على عينات براز في مختبر كندا (أرشيفية- أ.ب)
طبيب أمراض معدية يعد كبسولات دواء تحتوي على عينات براز في مختبر كندا (أرشيفية- أ.ب)
TT

عمليات زرع البراز قد تلعب دوراً كبيراً في الطب بالمستقبل

طبيب أمراض معدية يعد كبسولات دواء تحتوي على عينات براز في مختبر كندا (أرشيفية- أ.ب)
طبيب أمراض معدية يعد كبسولات دواء تحتوي على عينات براز في مختبر كندا (أرشيفية- أ.ب)

أكد خبير بريطاني بارز أن عمليات زرع البراز قد تلعب دوراً كبيراً بالطب في المستقبل؛ مشيراً إلى أن البراز يحتوي على سر صحة الإنسان.

وفي مقال بصحيفة «الغارديان» البريطانية، قال الدكتور جيمس كينروس (محاضر أول في جراحة القولون والمستقيم، وجراح استشاري في «إمبريال كوليدج لندن» وأستاذ زائر في الكلية الملكية للجراحين في آيرلندا) إن عمليات زرع البراز تهدف إلى زراعة ميكروبات صحية موجودة في براز أشخاص أصحاء في الجهاز الهضمي لمريض ما. ووصف كينروس الميكروبات بأنها «رفيق دائم للإنسان»؛ حيث تحتوي أجسامنا، وخصوصاً أمعائنا، على عدة تريليونات منها.

ويتم في الوقت الحالي إجراء مئات التجارب على هذا النوع من العمليات في جميع أنحاء العالم. ويشمل ذلك تجارب على أمراض الأمعاء الالتهابية، ومتلازمة القولون العصبي، والسمنة، وسوء التغذية الحاد، ومرض السكري، والتهاب المفاصل، والاعتلال الدِّماغي الكبدي (انخفاض وظائف المخ مع أمراض الكبد الشديدة)، وزرع الكبد، وسرطان الجلد، وأمراض المناعة الذاتية، ومرض ألزهايمر، وأمراض النمو العصبي، والاضطراب ثنائي القطب، وتساقط الشعر، والاكتئاب، والأمراض التنكسية العصبية، والتهابات المسالك البولية المتكررة، على سبيل المثال لا الحصر.

ولفت كينروس إلى أن بعض هذه الدراسات مشجعة للغاية، وتقدم علاجات واعدة في حالة وجود قليل من العلاجات الطبية الفعالة. وأوضح قائلاً: «على سبيل المثال، يبدو أن عمليات زرع البراز هي علاج واعد لمتلازمة القولون العصبي. وتشير دراسة حديثة إلى أن فوائدها يمكن أن تستمر لسنوات عديدة. وأجريت الدراسة على 125 مريضاً، أجريت لبعضهم عمليات زرع براز من أشخاص أصحاء، في حين أجريت للبعض الآخر عمليات زرع وهمية تحتوي على برازهم. ووجد الباحثون أن «عمليات زرع البراز» من الأشخاص الأصحاء تحسن الأعراض، وأن فائدتها تستمر بعد 3 سنوات من إجرائها».

وفي عام 2020، اضطر أطباء بلجيكيون إلى إجراء عملية زرع براز لأحد المرضى، بعد إصابته بمرض نادر يدعى «متلازمة التخمر الذاتي»، يجعله يشعر على الدوام بأنه ثمل دون أن يشرب قطرة واحدة من الخمر. وفي هذه الحالة ينتج الجسم الإيثانول في الأمعاء بعد تناول الوجبات الغنية بالكربوهيدرات. والإيثانول هو مركب كيميائي عضوي ينتمي إلى فصيلة الكحوليات.

وفي البداية، اقترح الأطباء على المريض اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، وتناول أدوية مضادة للفطريات، إلا أنه لم يشعر بأي تحسن، الأمر الذي دفع الأطباء إلى اللجوء إلى عملية «زرع البراز»؛ حيث تم استبدال البكتيريا المعيبة بالميكروبات الصحية. وبعد الخضوع لعملية الزرع، تحسنت حالة المريض على الفور.

وأوضح كينروس أن «العينات المأخوذة من براز بعض المتبرعين تكون أكثر فعالية من العينات المأخوذة من الآخرين. يُعرف هؤلاء باسم (المتبرعين الفائقين) ويبدو أن برازهم يحتوي على مكون سحري يجعله فعالاً بشكل خاص. لكننا لا نفهم سبب حدوث ذلك».

وفي حين أن عمليات زرع البراز قد تكون فكرة جديدة لكثيرين منا اليوم، فإن الممارسة الطبية لزراعة البراز قديمة. ففي عام 1958، قام الجراح البارز في كولورادو، الدكتور بن إيزمان، بإعطاء الحقن الشرجية البرازية لمرضاه المصابين بعدوى شديدة ومتكررة من التهاب الكبد «سي»، ووجد أنها كانت فعالة بشكل ملحوظ. ولكن مثل جميع الاكتشافات الطبية المهمة، تم تجاهل هذا التدخل إلى حد كبير في ذلك الوقت.

وأكد كينروس أن عمليات زرع البراز قد تكون وسيلة مهمة لمنع مسببات الأمراض والأوبئة المستقبلية.


مقالات ذات صلة

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أفريقيا المرض الغامض أودى بحياة أكثر من 67 شخصاً (رويترز)

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أعلن وزير الصحة في إقليم كوانغو بجنوب غربي الكونغو، أبولينير يومبا، اليوم (الأربعاء)، وفاة 67 شخصاً على الأقل في الأسبوعين الماضيين نتيجة مرض غامض.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا )
صحتك القلب لديه نظامه العصبي المعقد الذي يُعد أمراً بالغ الأهمية للتحكم في إيقاعه (معهد كارولينسكا)

القلب له دماغه الخاص

أظهرت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من معهد كارولينسكا في السويد بالتعاون مع باحثين من جامعة كولومبيا الأميركية، أن القلب لديه دماغ صغير عبارة عن نظام عصبي خاص.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تعرض الأم والأب لملوثات الهواء الشائعة قد يزيد من خطر العقم لأنه قد يكون ضاراً بتطور البويضات والحيوانات المنوية والأجنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الأنشطة الروتينية عالية الكثافة مثل صعود السلالم تقلل من خطر إصابة النساء بالنوبات القلبية إلى النصف (رويترز)

4 دقائق من المجهود اليومي تقلل من خطر إصابة النساء بالنوبات القلبية

أكدت دراسة جديدة أن النساء اللاتي يقمن يوميّاً بـ4 دقائق من المجهود اليومي والأنشطة الروتينية عالية الكثافة يقللن من خطر إصابتهن بالنوبات القلبية إلى النصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«تعفن الدماغ»... ماذا نعرف عن هذا المصطلح وعلاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)
قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)
TT

«تعفن الدماغ»... ماذا نعرف عن هذا المصطلح وعلاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)
قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024، في «أكسفورد»، بعد 37 ألف تصويت ومناقشة عامة على مستوى العالم وتحليل من الخبراء.

وأفادت دار نشر جامعة أكسفورد، ناشرة «قاموس أكسفورد الإنجليزي»، بأن معدل استخدام الكلمة زاد بنسبة 230 في المائة عن العام السابق.

فماذا يعني «تعفن الدماغ»؟

تُعرف «أكسفورد» تعفُّن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص؛ خصوصاً نتيجة الإفراط في استهلاك المواد (الآن بشكل خاص المحتوى عبر الإنترنت) التي تُعدّ تافهة أو غير صعبة».

بمعنى آخر، فإنك إذا كنت تقضي ساعات طويلة في تصفح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بلا هدف، فإنك قد تعاني من تعفن الدماغ.

وبحسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، يعود أول استخدام مسجَّل لمصطلح «تعفن الدماغ» إلى ما قبل إنشاء الإنترنت بكثير؛ فقد استخدمه الشاعر والفيلسوف الأميركي، هنري ديفيد ثورو، في عام 1854 بقصيدته التي تدعى «والدن»، وذلك أثناء انتقاده لميل المجتمع إلى التقليل من قيمة الأفكار العميقة والمعقدة وكيف أن هذا يشكل جزءاً من الانحدار العام في العقل والفكر.

وتُستخدم الكلمة حالياً كوسيلة لوصف المحتوى منخفض الجودة والقيمة الموجود على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال عالم النفس وأستاذ جامعة أكسفورد، أندرو برزيبيلسكي، إن الشعبية التي اكتسبتها الكلمة الآن هي «مؤشر على طبيعة العصر الذي نعيش فيه».

وأضاف: «لا يوجد دليل على أن تعفُّن الدماغ شيء حقيقي، لكنه فقط رمز للضرر الذي يلحق بنا بسبب العالم الإلكتروني».

ومن ناحيتها، قالت الدكتورة إيلينا توروني، استشارية علم النفس المؤسسة المشاركة لعيادة تشيلسي لعلم النفس، لموقع «بريكينغ نيوز» الآيرلندي: «تعفن الدماغ مصطلح يستخدمه الناس لوصف ذلك الشعور الضبابي الذي ينتابك عندما تستهلك كثيراً من المحتوى المكرَّر منخفض الجودة».

وأكملت: «إنه ذلك الشعور بالاستنزاف العقلي أو البلادة الذهنية الذي يحدث بعد ساعات من تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي، أو مشاهدة البرامج، أو الانخراط في مواد لا تحفز عقلك».

ينبغي حصر استخدام الإنترنت مواقع التواصل الاجتماعي لأوقات محددة في اليوم لتفادي «تعفن الدماغ» (رويترز)

أما كاسبر غراثوهل، رئيس قسم اللغات في جامعة أكسفورد، فأوضح أن مصطلح «تعفن الدماغ»، في معناه الحديث، يشير إلى أحد المخاطر المتصورة للحياة الافتراضية، وكيف نستخدم وقت فراغنا.

وأضاف: «إن النظر والتأمل في كلمة العام في (أكسفورد) على مدى العقدين الماضيين يجعلك ترى انشغال المجتمع المتزايد بكيفية تطور حياتنا الافتراضية، والطريقة التي تتغلغل بها ثقافة الإنترنت إلى حديثنا وجوانب شخصيتنا».

وأكمل: «كانت الكلمة الفائزة في العام الماضي، وهي «ريز» المشتقة من كلمة «كاريزما»، مثالاً مثيراً للاهتمام على كيفية تطوير المصطلحات الجديدة ومشاركتها بشكل متزايد داخل المجتمعات عبر الإنترنت».

ما عواقب «تعفن الدماغ»؟

يقول كريغ جاكسون، أستاذ علم النفس الصحي المهني بجامعة برمنغهام سيتي: «لا يوجد تأثير جسدي معروف لـ(تعفن الدماغ) على الأشخاص الذين يُفرِطون في استخدام الإنترنت ومواقع التواصل. لكن هذه المشكلة قد ينتج عنها تغيرات إدراكية وسلوكية».

ويمكن أن يشمل هذا مجموعة واسعة من الآثار السلبية.

وتقول توروني: «يمكن أن تتراوح هذه الآثار من صعوبة التركيز وانخفاض الإنتاجية إلى الشعور بعدم الرضا أو حتى الشعور بالذنب بشأن الوقت الضائع في تصفُّح الإنترنت. ويمكن أن يؤثر الأمر أيضاً على الصحة العقلية، مما يساهم في الشعور بالتوتر أو القلق أو الافتقار إلى الهدف في الحياة».

وأضافت: «بمرور الوقت، يمكن أن يصعب (تعفن الدماغ) على الأشخاص التركيز على الأنشطة ذات المغزى أو التوصل إلى أفكار عميقة».

كيف يمكن أن نتصدى لـ«تعفن الدماغ»؟

وفقاً لموقع «بريكينغ نيوز»، هناك 6 طرق لمكافحة «تعفن الدماغ»، وهي:

1-ضع حدوداً لاستخدامك للإنترنت:

ينصح جاكسون بحصر استخدام الإنترنت ومواقع التواصل لأوقات محددة قليلة في اليوم ولمدة محددة.

2- ابحث عن بدائل جذابة

تقول توروني: «استبدل بالتصفح السلبي للإنترنت أنشطةً أكثرَ إثراءً، مثل قراءة كتاب أو تدوين مذكرات أو استكشاف هواية إبداعية».

3- قم بأي نشاط بدني

تؤكد توروني أن «التمارين المنتظمة ترياق قوي للضباب العقلي».

وأضافت أنه «حتى المشي القصير في الهواء الطلق يمكن أن يساعد في تنقية ذهنك وتعزيز تركيزك».

4- خذ فترات راحة للتخلص من السموم الرقمية

يقول جاكسون إن «التخلص من السموم الرقمية والتوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لفترة يمكن أن يغير من نظرة المستخدمين لعلاقاتهم بهذه الوسائل».

5- حفّز عقلك بطرق إيجابية

تنصح توروني قائلة: «انخرط في الأشياء التي تشكل تحدياً بالنسبة لك، مثل تعلُّم مهارة جديدة، أو حل الألغاز. الأمر يتعلق بتغذية عقلك بمحتوى عالي الجودة».

6- كن انتقائيا في اختيارك للمحتوى

تقول توروني: «اخترِ المحتوى الذي يتماشى مع اهتماماتك وقيمك، مثل الأفلام الوثائقية أو البث الصوتي القيّم أو الكتب التي تلهمك».