ما المقدار الكافي لخسارة الوزن في جسم الإنسان؟

برنامج يهدف إلى تتبع نظام غذائي جديد

تلعب نوعية الغذاء دوراً مهماً في التحكم بالوزن... (موقع أدوب ستوك)
تلعب نوعية الغذاء دوراً مهماً في التحكم بالوزن... (موقع أدوب ستوك)
TT

ما المقدار الكافي لخسارة الوزن في جسم الإنسان؟

تلعب نوعية الغذاء دوراً مهماً في التحكم بالوزن... (موقع أدوب ستوك)
تلعب نوعية الغذاء دوراً مهماً في التحكم بالوزن... (موقع أدوب ستوك)

يُعدّ تتبع كل ما تأكله وتشربه من أجل خَسارة مناسبة للوزن، مهمة شاقة يصعب مواكبتها بمرور الوقت. ولسوء الحظ، يُعدّ التتبع الدقيق مكوناً حيوياً لفقدان الوزن بنجاح، ومع ذلك وجدت دراسة منشورة في دورية «البدانة (Obesity)»، الجمعة، أن «التتبع اليومي المثالي ليس ضرورياً لتحقيق خسارة كبيرة في الوزن».

وقام باحثون من جامعات كونيتيكت وفلوريدا وبنسلفانيا بتتبع 153 مشاركاً في برنامج لإنقاص الوزن لمدة 6 أشهر، حيث أبلغ المشاركون عن تناولهم الطعام باستخدام «برنامج فقدان وزن رقمي». وأراد الباحثون معرفة الحدود القصوى المثلى لتتبُّع النظام الغذائي للتنبؤ بفقدان الوزن بنسبة 3 و5 و10 في المائة على التوالي، بعد 6 أشهر.

وقالت الباحثة المشارِكة بالدراسة، الأستاذة بقسم «علوم حلفاء الصحة»، في «كونيكتيكت»، شيري باجوتو: «دخلنا في شراكة مع (ويت واتشرز) التي كانت تخطط لإطلاق برنامج (النقاط الشخصي) الجديد، وأرادوا الحصول على بيانات من خلال تجاربنا السريرية»، موضحة أن «تتبع النظام الغذائي هو حجر الزاوية في جميع تدخلات إنقاص الوزن، ويميل لأن يكون أكبر مؤشر للنتائج، والبرنامج الجديد يقلل من عبء هذه المهمة، عبر السماح بتناول الأطعمة الصفرية التي لا تحتاج إلى تتبع».

(1) ينشغل كثير من الناس بمتابعة أوزانهم يومياً... (Public Domain)

ويدرس الباحثون والمطورون طرقاً تجعل عملية التتبع أقل إرهاقاً؛ لأنه، كما تتساءل باجوتو: «هل نحتاج لتتبُّع كل شيء، كل يوم، أم ليس بالضرورة؟».

وبعد 6 أشهر من جمع البيانات، كان الأستاذ المساعد في بالقسم، ران شو، مهتماً بمعرفة ما إذا كانت هناك طريقة للتنبؤ بالنتائج، بناءً على مقدار ما فعله المشاركون في تتبع النظام الغذائي. وقام الباحثون بتحليل البيانات؛ لمعرفة ما إذا كانت هناك أنماط مرتبطة بنجاح عملية فقدان الوزن. وباستخدام طريقة تسمى تحليل منحنى خصائص تشغيل جهاز الاستقبال «ROC»، وجدوا عدد الأيام التي يحتاج إليها الأشخاص لتتبع طعامهم للوصول إلى فقدان الوزن المهم سريرياً.

وقال شو: «لستَ بحاجة إلى تتبع يومي كامل لتكون ناجحاً»، موضحاً: «وجدنا أن الأشخاص يحتاجون فقط إلى تتبع نحو 30 في المائة من الأيام، لفقدان أكثر من 3 في المائة من الوزن، و40 في المائة من الأيام لفقدان أكثر من 5 في المائة من الوزن، أو ما يقرب من 70 في المائة من الأيام، لخسارة المزيد أكثر من 10 في المائة من الوزن، فالنقطة الأساسية هنا هي أنك لست بحاجة إلى تتبع، كل يوم، لتفقد قدراً كبيراً من الوزن».

في حين أشارت باجوتو إلى أن الهدف من برنامج إنقاص الوزن لمدة 6 أشهر، عادة ما يكون من 5 في المائة إلى 10 في المائة، وهو نطاق شُوهدت فيه فوائد صحية في التجارب السريرية. وأضافت: «يشعر الناس، في كثير من الأحيان، بأنهم بحاجة إلى خسارة 50 رطلاً (22.68 كيلوغرام) للحصول على صحة أفضل، لكن في الواقع بدأنا نرى تغييرات في ضغط الدم، والدهون، وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وخطر الإصابة بالسكري عندما يفقد الناس نحو 5 إلى 10 في المائة من وزنهم». كما أضافت: «يمكن تحقيق ذلك إذا خسر المشاركون نحو نصف رطل إلى رطلين أسبوعياً (قرابة نصف كيلو إلى كيلو واحد أسبوعياً)، وهو ما يُعدّ خطوة صحية لفقدان الوزن».

ونظر الباحثون في مسارات تتبع النظام الغذائي على مدى 6 أشهر من البرنامج، ووجدوا 3 مسارات مختلفة، «أحدها يسمونه المتتبعين المتميزين الذين يتتبعون الطعام في معظم أيام الأسبوع على مدار 6 أشهر، ويفقدون في المتوسط نحو 10 في المائة من وزنهم».

ومع ذلك كان عدد من المشاركين ينتمون إلى مجموعة ثانية بدأت التتبع بانتظام، قبل أن يتراجع تتبعهم تدريجياً بمرور الوقت، بحلول علامة الـ4 أشهر، إلى نحو يوم واحد فقط في الأسبوع، ما زالوا يفقدون حوالي 5 في المائة من وزنهم.

في حين بدأت مجموعة ثالثة تسمى المتتبعين المنخفضين، تتبع 3 أيام فقط في الأسبوع، انخفضت إلى الصفر بحلول 3 أشهر في المتوسط، فقدت هذه المجموعة 2 في المائة فقط من وزنها. ووفق باجوتو: «تبنّينا منهجاً علمياً للبيانات، ووجدنا أن هناك أنماطاً مختلفة للتتبع»، موضحة: «سيساعدنا ذلك في تحديد موعد تقديم مساعدة إضافية ومَن سيحتاج إليها أكثر من غيره. ويمكن أن تساعد الأنماط في البرامج المستقبلية التي يمكن تصميمها للمساعدة في تحسين تتبع المستخدم، بناءً على المجموعة التي ينتمي إليها، وسوف تتعمق الدراسات المستقبلية في هذه الأنماط لفهم سبب ظهورها، ونأمل في تطوير تدخلات لتحسين النتائج».

وأكد شو: «بالنسبة لي، الأمر المثير في هذه البرامج الرقمية هو أن لدينا بصمة رقمية لسلوك المشاركين»، مضيفاً: «يمكننا التعمق في التفاصيل الدقيقة لما يفعله الأشخاص خلال هذه البرامج، ويمكن للبيانات أن تفيد في مناهج الطب الدقيق، حيث يمكننا تحديد أنماط السلوك، وتصميم نهج مستهدف».

وتوفر البرامج الصحية التي يجري تقديمها رقمياً، للباحثين عدداً من البيانات التي لم تكن متاحة لديهم من قبل، ما قد يسفر عن رؤى جديدة، لكن هذا العلم يتطلب نهجاً متعدد التخصصات.

وهنا تعلِّق باجوتو قائلة: «في السابق، شعرت بأننا كنا نطير في الظلام، لكن الأمر مختلف الآن، حيث لدينا الكثير من بيانات المستخدم، فالعلماء السريريون وعلماء البيانات يفكرون في المشكلة من وجهات نظر مختلفة، ولكنهم يفكرون معاً، يمكننا إنتاج رؤى لا يمكن لأي منا القيام بها بمفرده، ويجب أن يكون هذا هو مستقبل هذا العمل».


مقالات ذات صلة

احذر... التمارين قد تضر وضعية جسمك... فكيف تحمي نفسك؟

صحتك من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)

احذر... التمارين قد تضر وضعية جسمك... فكيف تحمي نفسك؟

إذا كنتَ ترتاد صالة الألعاب الرياضية وتشعر بقوة أكبر، ولكنك تشعر أيضاً بقدر من التيبس والانحناء، فقد يعني ذلك أنك تغفل عن عناصر أساسية تُحقق التوازن في تمارينك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك النوع النادر من داء السكري يُصيب نحو 25 مليون شخص حول العالم (رويترز)

بعد الاعتراف به رسمياً... ما هو السكري من النوع الخامس؟

اعترف العلماء رسمياً بنوع جديد من داء السكري، لا يرتبط بالسمنة بل بسوء التغذية، وذلك بعد عقود من رصده لأول مرة في الدول النامية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك سيدة مصرية تُعدُّ قطعاً من الجبن القريش (أ.ف.ب)

لماذا أصبح الجبن القريش نجم الوصفات لدى المهتمين بلياقتهم البدنية؟

تكثر مؤخراً وصفات الطعام الصحية؛ خصوصاً تلك التي تهدف إلى زيادة نسبة البروتين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخرف عادةً ما يرتبط بكبار السن إلا أن هذه الحالة لا تُميز بين الأعمار (رويترز)

الخرف المبكر... لماذا نتجاهله؟ وما أبرز الأعراض؟

يُعاني نحو 57 مليون شخص حول العالم من الخرف. وبينما تُشخَّص معظم حالات الخرف لدى كبار السن فإن نحو 7% من الحالات تحدث لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم مثل الموز تدعم صحة القلب بشكل عام (رويترز)

الموز والبروكلي والسبانخ... ما علاقتها بخفض ضغط الدم؟

كشفت دراسة حديثة أن زيادة تناول البوتاسيوم قد يكون لها تأثير أقوى في خفض ضغط الدم مقارنةً بتقليل مستويات الصوديوم وحده.

«الشرق الأوسط» (لندن)

احذر... التمارين قد تضر وضعية جسمك... فكيف تحمي نفسك؟

من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)
من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)
TT

احذر... التمارين قد تضر وضعية جسمك... فكيف تحمي نفسك؟

من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)
من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)

إذا كنتَ ترتاد صالة الألعاب الرياضية بانتظام وتشعر بقوة أكبر، ولكنك تشعر أيضاً بقدر من التيبس وبانحناء أكثر، فقد يعني ذلك أنك تغفل عن عناصر أساسية تُحقق التوازن في تمارينك.

وعلى الرغم من حُسن النية، يُعزز الكثيرون، دون قصد، وضعية الجسم السيئة من خلال تمارين القوة، مما يؤدي إلى تشنج العضلات وتقييد الحركة وحتى الألم المزمن، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

ويمكن لبعض التعديلات البسيطة أن تساعدك على التدرب بذكاء، بحيث تعزز تمارينك قوتك مع تحسين وضعيتك، مما يُتيح لك حركة أفضل داخل وخارج صالة الألعاب الرياضية.

كيف يمكن أن تؤثر التمارين الرياضية على وضعية الجسم؟

تعكس وضعية الجسم كيفية توازن الجسم ودعمه لنفسه في أثناء الحركة. ويتطلب هذا التوازن محاذاة سلسة للرأس والكتفين والعمود الفقري والحوض. وتنشأ سوء وضعية الجسم (انحناء الكتفين وتقوس الظهر وانحناء الرأس للأمام) من اختلال التوازن العضلي، حيث تكون بعض العضلات مُرهقة ومتوترة، بينما تكون عضلات أخرى ضعيفة وغير مُستخدمة بالشكل الكافي.

ولسوء الحظ، فإن العديد من الممارسات الشائعة في تمارين القوة قد تُعزز هذه الاختلالات. فتركيز خطة التدريب على تمارين عضلات الصدر والبطن وتمرين الضغط، قد يقوّي عضلات مقدمة الجسم، بما في ذلك عضلات الصدر والبطن وعضلات ثني الورك، دون التركيز على عضلات الجزء الخلفي التي تُساعد على دعم وضعية الوقوف المستقيم، مثل عضلات منتصف الظهر والأرداف وأوتار الركبة. ومع مرور الوقت، قد يُؤدي هذا الخلل إلى انحناء الجسم للأمام في «وضعية مُقوّسة ومنكمشة».

وحتى مع تمارينك المتوازنة، فإن رفع الأثقال بطريقة خاطئة، مثل ترك كتفيك تنحنيان في أثناء تمارين التجديف أو القرفصاء، قد يُسبب خللاً في وضعية الجسم. وتزداد هذه المشكلة وضوحاً عند تكرار التمارين تحت حمل الأثقال.

كيف تتدرب بذكاء؟

هناك ثلاث استراتيجيات للتمارين تمكّنك من مواصلة بناء القوة بطريقة تُحسّن أيضاً وضعيتك وحركتك:

موازنة تمارين الدفع والسحب

من أبسط وأكثر الطرق فاعلية لدعم وضعية جيدة لجسمك من خلال تمارين القوة هي تحقيق التوازن في تمارينك. لكل حركة دفع، مثل تمارين الضغط، أضف حركة سحب مثل تمارين التجديف.

تُنشّط حركات السحب عضلات الجزء العلوي والوسط من ظهرك، مما يُساعد على مُواجهة تأثير السحب الأمامي لعضلات الجزء الأمامي المسيطرة. إذا كانت حركات حياتك اليومية، مثل معظم الناس، تتضمن الكثير من مد الجسم والدفع والجلوس، فمن الأفضل أن تُدرج تمارين السحب أكثر من الدفع في تمارينك.

يجب عليك أيضاً الاهتمام بتدريبات الجزء السفلي من الجسم لضمان تقوية الجزء الأمامي والخلفي من ساقيك، مثل: تمارين القرفصاء والاندفاع والأرداف ودفع الورك.

أدرج تمارين الحركة في روتينك

لا تقتصر تمارين الحركة على الإحماء أو أيام التعافي فحسب، بل هي جزء أساسي من التدريب للحفاظ على وضعية صحية والحفاظ على حركة جيدة. يمكن أن يحدّ شد العضلات الناتج عن تمارين القوة من نطاق حركتك. ومن دون تمارين الحركة، قد تبدأ في التعويض بطرق تزيد من إجهاد المفاصل والوضعية.

أضف تمارين الحركة التي تستهدف المناطق المقيدة عادةً، وخاصة الظهر والوركين والكتفين. حتى خمس دقائق فقط من اليوغا أو أي تمارين حركة متعمدة أخرى قبل التمرين أو بعده يمكن أن تقلل من التيبس وتُحسّن أنماط الحركة.

ومن أبرز تمارين الحركة الموصى بها: تمارين الانزلاق على الحائط أو (wall slides)، وتحرير مفصل الورك أو (Three-way hip flexor release)، ولفّ طاحونة الهواء أو (Windmill twist).

استخدم الوضعية الصحيحة

الوضعية أثناء التمرين مهمة. ويجب الالتزام بمحاذاة صحيحة أثناء أداء التمارين، وهذا يعني الانتباه إلى:

• وضعية الرأس والرقبة: تجنب بروز ذقنك للأمام أو شد رقبتك.

• وضعية الكتفين: حافظ على كتفيك منخفضتين للخلف، وليس مرفوعتين نحو أذنيك.

• محاذاة العمود الفقري: حافظ على وضعية جيدة ومستقيمة للعمود الفقري وتجنب التقوس.

• التنفس: الزفير مهم أثناء المراحل المجهدة في التمارين لدعم عضلات الجذع والمساعدة في الحفاظ على وضعية ثابتة.

وفي النهاية، فإن إجراء هذه التغييرات البسيطة على تمارينك سيعود عليك بفوائد جمة. ومن خلال التدريب بذكاء، يمكنك بناء قوة تدعم وضعية جيدة لجسمك وحركة صحية خالية من الألم.