عقد أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، اجتماعات أمنية مع كل من رئيس أركان الجيش الباكستاني المشير عاصم منير، ومستشار الأمن القومي الفريق عاصم مالك، داعياً إلى تفعيل التعاون الثنائي بشكل أكثر ديناميكية، خلال اليوم الثاني من زيارته لإسلام آباد.
وكان لاريجاني قد وصل إلى باكستان فجر الثلاثاء، والتقى الرئيس آصف علي زرداري، ورئيس الوزراء شهباز شريف، ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إسحاق دار، ورئيس الجمعية الوطنية أياز صادق. وكتب لاريجاني في منشور على منصة «إكس» أنه أبلغ المسؤولين الباكستانيين أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أصدر توجهيات مهمة لإزالة العقبات الاقتصادية بين البلدين، مشيراً إلى أن مجلس الأمن القومي الإيراني سيقوم برفع أي قيود في هذا الصدد. وقال لاريجاني: «نحن لا نفرض أي حدود على التعاون مع باكستان، غير أن الأمر يتطلب مزيداً من الحيوية والإجراءات العملية. وقد جرى الاتفاق على إنشاء آليات قوية لمتابعة هذه القضايا».
وكان لاريجاني قد دعا المسؤولين الباكستانيين إلى إزالة العقبات القائمة، وتسهيل مسار التبادلات الاقتصادية مع باكستان، مؤكداً أن رفع حجم التجارة الثنائية إلى 10 مليارات دولار «هدف واقعي يمكن تحقيقه».
وأجرى لاريجاني، الأربعاء، مشاورات مع رئيس أركان الجيش الباكستاني، في مقر القيادة العامة بمدينة روالبندي، حيث شدد الأخير على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، وفق بيان صادر عن دائرة العلاقات العامة بالقوات المسلحة الباكستانية. وركزت مباحثات الطرفين على مراجعة العلاقات الثنائية، ومتابعة الاتفاقيات العالقة، ومناقشة التطورات الإقليمية.
وقال البيان إن المشير عاصم منير، جدد التزام بلاده بالسلام والاستقرار الإقليميين، مشدداً على «الحاجة إلى تعاون أوثق مع إيران في مكافحة الإرهاب»، وأشار إلى «الأهمية الكبيرة للتعاون الاستراتيجي في ضوء التطورات الجيوسياسية المتسارعة».
وكانت إسلام آباد وطهران قد تعهدتا مطلع الشهر الحالي بتوسيع جهودهما المشتركة للقضاء على الإرهاب، خلال لقاء جمع رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف برئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف.
وركز اجتماع منير ولاريجاني على «التعاون الثنائي، وقضايا الأمن الإقليمي، وأهمية تعزيز العلاقات بين باكستان وإيران»، وناقش الجانبان «الديناميكيات الأمنية السائدة في المنطقة» وفقاً لبيان الجيش الباكستاني.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن لاريجاني سلط الضوء على «الدور الرئيسي لباكستان في ديناميكيات الأمن الإقليمي»، مؤكداً أن «التعاون الوثيق بين إيران وباكستان ضروري لمواجهة التهديدات المشتركة». وأضاف أن استمرار التنسيق بين البلدين «من شأنه أن يسهم بشكل كبير في الاستقرار الإقليمي والأمن الدائم».
من جانبه، أشاد لاريجاني بـ«الدور الحيوي لباكستان في ضمان السلام والأمن في المنطقة»، مؤكداً التزامه بتعزيز العلاقات مع إسلام آباد. كما شدد على أهمية الحوار والشراكة في مواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق الاستقرار طويل المدى. واتفق الجانبان على «مواصلة الحوارات المنتظمة وتعزيز التعاون الأمني».
وتشترك إيران وباكستان في حدود طويلة تشهد توتراً متكرراً، حيث تنفذ جماعات مسلحة هجمات على الطرفين، الأمر الذي دفعهما إلى تعزيز التنسيق الأمني. كما عرضت طهران التوسط بين إسلام آباد وكابل وسط تصاعد التوترات عبر الحدود.
وفي وقت لاحق، التقى لاريجاني مستشار الأمن القومي الفريق عاصم مالك، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب مدير جهاز الاستخبارات الباكستانية.
وعلى هامش زيارته إلى العاصمة الباكستانية، التقى لاريجاني مع مجموعة من «الباحثين والنخب والناشطين السياسيين الباكستانيين» في السفارة الإيرانية. وتطرق لاريجاني في كلمته إلى التطورات الإقليمية، بما في ذلك المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة. وقال إن طهران ستقبل بـ«المفاوضات الحقيقية لا المصطنعة».
ووجه لاريجاني انتقادات إلى سياسة البيت الأبيض، على هامش زيارته إلى إسلام آباد، قائلاً إن «الأميركيين يحاولون تصوير أنفسهم على أنهم نقطة التحول في كل تطور عالمي، غير أن ذلك لا يعدو كونه شكلاً من أشكال خداع الذات».
وأشار لاريجاني إلى انفتاح بلاده على المفاوضات، قائلاً إن طهران «تقبل بالمفاوضات الحقيقية، لا المصطنعة، ويجب ألا تكون نتائج أي تفاوض محددة مسبقاً، والجمهورية الإسلامية لا تصرّ على شيء».
وتطرق لاريجاني إلى حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل. وقال إن «الشعب الإيراني أظهر قوته وإرادته خلال الحرب، بينما يواجه الكيان الصهيوني اليوم اضطرابات داخلية وأزمة في وجوده غير الشرعي».
وقال لاريجاني: «إرادة الشعب الإيراني هي التي تجلت في هذه الحرب؛ فالكيان الإسرائيلي الذي اعتقد أنه قادر على هزيمة إيران أصيب باليأس تماماً». وتابع: «هذه الحرب كانت نتيجة مؤامرة أميركية - إسرائيلية جرى التخطيط لها منذ سنوات. وقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤخراً أنهم كانوا يتدربون منذ عام 2003 لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية بطائراتهم».
وأردف: «امتلكت إيران صواريخ قوية اجتاحت أمن إسرائيل الوهمي. صحيح أن هناك بعض أوجه القصور، لكن نعمل على معالجتها».
وحول العلاقات الثنائية مع إسلام آباد، قال لاريجاني: «نحن مستعدون لتوسيع التفاعل مع باكستان في جميع المجالات، ولا نفرض أي قيود من جانبنا على التعاون. آفاق التعاون المستقبلية جيدة، لكنها تتطلب مزيداً من الديناميكية. هناك مسارات متعددة لتطوير العلاقات الاقتصادية، ونأمل أن يصبح طريق التعاون أكثر سلاسة».






