لماذا قررت فرنسا تأييد الخطة الأميركية في مجلس الأمن؟

القرار يتناسب مع جوهر «إعلان نيويورك»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه يوم 11 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه يوم 11 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)
TT

لماذا قررت فرنسا تأييد الخطة الأميركية في مجلس الأمن؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه يوم 11 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه يوم 11 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)

بعد حالة من التردد، قررت فرنسا التصويت لصالح مشروع القرار الذي طرحته الولايات المتحدة بشأن غزة، والذي حاز على 13 صوتاً، بينما امتنعت روسيا والصين عن التصويت.

وأفادت مصادر دبلوماسية فرنسية بأن ما دفع باريس إلى دعم مشروع القرار والتصويت لصالحه 4 عوامل رئيسية: الأول هو الدعم الذي وفرته مجموعة من الدول العربية والجانب الفلسطيني للنسخة الأخيرة لمشروع القرار الذي أعدته الولايات المتحدة، بحيث بدا صعباً على فرنسا أن تمتنع عن التصويت، خصوصاً أن الطرف الأول المَعْنِيَّ بالقرار وافق عليه.

والعامل الثاني، ولعله الرئيسي، أن باريس تؤكد أنها لعبت في الأسبوعين الأخيرين «دوراً بنّاءً من خلال تقديم مقترحات لإدخال تعديلات على النص الأميركي؛ ما يعكس حرصها على «تضمينه عناصر مهمّة بالنسبة إليها، لا سيما الإشارة إلى أفق قيام دولة فلسطينية؛ إذ ترى أن حل الدولتين هو وحده القادر على تلبية التطلعات المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين إلى السلام والأمن».

أما الثالث، بحسب المصادر، فهو أن القرار الأممي حوَّل خطة العشرين نقطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب من مشروع تدعمه مجموعة دول إلى قرار صادر عن مجلس الأمن، الأمر الذي يوفر مزيداً من الدعم والشرعية الدولية.

والعامل الرابع هو أن القرار يشدد على الأفق السياسي من خلال الإشارة إلى قيام الدولة الفلسطينية؛ ما يتناسب مع جوهر «إعلان نيويورك».

التمسك بالإطار السياسي

بيد أن فرنسا، رغم ما سبق، تشدد على ضرورة احترام عدد من النقاط انطلاقاً من مبدأ أن عملية تنفيذ هذا القرار يجب أن تتم في إطار سياسي وقانوني واضح، وفي اتساق مع القرارات السابقة التي اعتمدها مجلس الأمن، وأيضاً وفق «إعلان نيويورك» الذي قدّمته مع المملكة العربية السعودية.

مبانٍ مدمرة وصفوف من خيام النازحين بمدينة غزة يوم الثلاثاء (إ.ب.أ)

وكان الإعلان المذكور قد عُرض خلال مؤتمر «حلّ الدولتين» الذي انعقد في نيويورك، في يوليو (تموز) الماضي، ثم حظي لاحقاً بتأييد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول).

وشرح المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة، جيروم بونافون، في كلمته أمام مجلس الأمن الركائز الثلاث التي تتمسك بها باريس وأولاها «تنفيذ حل الدولتين الديمقراطيتين المتمتعتين بالسيادة، واللتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمان، ضمن حدود آمنة ومعترف بها، استناداً إلى خطوط عام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس».

والركيزة الثانية هي «العودة السريعة لسلطة فلسطينية متجددة ومُعزَّزة إلى غزة، بمواكبة من المجتمع الدولي، واستبعاد حركة (حماس) من أي دور في حكم القطاع». والثالثة هي «وحدة قطاع غزة والضفة الغربية، اللذين يشكلان معاً جزأين لا يتجزآن من أراضي دولة فلسطين».

وأضاف بونافون أن «أي تغيير ديموغرافي أو جغرافي في القطاع، وكذلك أي احتلال أو ضم لغزة، هو أمر مرفوض»، مشدداً على أن استمرار سياسة الاستيطان في الضفة الغربية «يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي ولمستقبل حل الدولتين».

تحقيق «الأهداف الرئيسية»

ترى باريس أن القرار «يحقق الأهداف الرئيسية» التي تسعى إليها في غزة، وهي تطمح في أن يسهم في «تعزيز الحراك السياسي» الذي يجب أن يفضي إلى قلب صفحة الحرب، وتوفير المساعدات الإنسانية بلا عوائق وبما يتناسب مع حاجات السكان، وبسط الأمن وتدعيم السلام بحيث «يشمل المنطقة بأسرها».

وقال وزير الخارجية جان نويل بارو في مقابلة، صباح الثلاثاء، مع القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي إن القرار الجديد سيتيح تنفيذ مجموعة من الأهداف المترابطة «على الصعيد الإنساني وإعادة الإعمار والحوكمة، وكذلك على صعيد الأمن، مع إنشاء «القوة الدولية لتحقيق الاستقرار» التي ستعمل على إعادة الأمن إلى غزة في الوقت الذي يجب فيه نزع سلاح (حماس)».

أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)

أما بشأن مشاركة فرنسا في القوة المذكورة، فإن الوزير بارو بدا متردداً، وإن أكد أن بلاده «ستسهم بشكل أو بآخر (في القوة المذكورة) كونها موجودة أساساً في إطار القوة الأوروبية» الحاضرة منذ سنوات على معبر رفح وفي الضفة الغربية لأهداف تدريب قوات الأمن الفلسطينية.

وأضاف أن فرنسا «بصدد تقييم المشاركة وتعزيزها، لا سيما من خلال مشاركة قوات الدرك أو الشرطة التي ستتمكن، في إطار المهمة الأوروبية، من تدريب الشرطة الفلسطينية المكلفة بتولي مسؤولية الأمن في غزة».

ويُفهم من حديثه أن باريس ليست متحمسة لإرسال قوة عسكرية ميدانية تنتشر في شوارع غزة، ولو في الوقت الحاضر على الأقل، بالنظر لما يمكن أن تجده من صعوبات في تنفيذ مهماتها، خصوصاً لجهة نزع سلاح حركة «حماس».

شروط وعقبات

رغم الدعم الواسع للقرار الأخير، فإن عقبات عديدة تبدو واضحة، كونه يحدد إطاراً دون الدخول في التفاصيل.

ويبدو نشر «قوة الاستقرار الدولية» من أبرز هذه العقبات لما له من علاقة بنزع سلاح «حماس» والجهة أو الجهات التي ستعود إليها هذه المهمة. كذلك، فإن تشكيل هذه القوة وزمن انتشارها في قطاع غزة يطرحان كثيراً من علامات الاستفهام.

فلسطينية تنشر ثياباً بين أنقاض مبنى بمدينة غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

ورغم هذه التحفظات، ترى باريس أن القرار الأخير، وفي الإطار القانوني الدولي لتشكيل القوة وانتشارها، هو ما كانت تنتظره العديد من الدول المستعدة للمشاركة فيها، كما أن القرار ينشئ «مجلس السلام»، ويمنحه «شخصية اعتبارية» وقانونية ستكون المشرف على عمل القوة وعلى عملية إعادة الإعمار والتنسيق بين الجهود الدولية، فضلاً عن المسائل اللوجيستية مثل التوظيف والتمويل وخلافهما.

كذلك، فإن توافر الإطار القانوني لقيام القوة المذكورة من شأنه تشجيع الأطراف الراغبة في المشاركة فيها أو توفير التمويل لها.

وحتى اليوم، ليست ثمة لائحة للدول الراغبة في المشاركة باستثناء ما صدر عن عدد قليل مثل إندونيسيا ومصر وأذربيجان والأردن وتركيا. وتأمل باريس أن يبدأ انتشار القوة «سريعاً».

لكن من الواضح أن فترة زمنية ليست قصيرة ستكون فاصلة بين صدور القرار وبين وصول القوة إلى غزة ومعها قوات الشرطة الفلسطينية التي يجري تدريبها لهذه الغاية. ودور هذه القوات أساسي لأن «حماس» ترفض تسليم سلاحها إلا لقوة فلسطينية.

وترى باريس أن «مركز التنسيق المدني والعسكري» الموجود جنوب إسرائيل، وفيه ضباط ودبلوماسيون سوف يشكل نواة القوة الدولية، وسيسهم في تحديد كيفية تنفيذ قرار نزع سلاح «حماس».

ويقول مصدر سياسي متابع لملف غزة إن «العديد من العقبات تنتظر تنفيذ القرار، وأولاها عدم وجود رغبة إسرائيلية في التعاون وتسهيل مهمة القوة الدولية والعمل لتنفيذ مضمونه».

ويتابع: «التخوف الأول أن تُراكم إسرائيل الشروط قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترمب، التي تتناول انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. والحال أن إسرائيل تربط ذلك باكتمال نزع سلاح (حماس)، وبذلك تمسك بورقة صالحة للاستخدام لتأجيل الانسحاب، أو التملص منه نهائياً».


مقالات ذات صلة

ترقب ليبي لـ«آلية أممية بديلة» تفك الجمود السياسي

شمال افريقيا  رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)

ترقب ليبي لـ«آلية أممية بديلة» تفك الجمود السياسي

تباينت التوقعات السياسية في ليبيا حول ملامح «الآليات البديلة» التي قد تقترحها مبعوثة الأمم المتحدة هانا تيتيه للتعامل مع الأجسام السياسية خصوصاً مجلسي النواب

علاء حموده (القاهرة)
أفريقيا مجلس الأمن (أ.ف.ب)

مجلس الأمن يمدد تفويض بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال حتى 2026

اعتمد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، قراراً يمدد تفويض القوة التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال حتى عام 2026.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:39

الحكومة السودانية تقدم مبادرة لإنهاء «حرب الألف يوم»

تقدمت الحكومة السودانية بمبادرة سلام شاملة لإنهاء الحرب المتواصلة في البلاد منذ نحو ألف يوم، وسط إصرار أميركي على هدنة إنسانية دون شروط مسبقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية أرشيفية لإحدى جلسات مجلس الأمن (المجلس)

فنزويلا تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن لبحث «العدوان الأميركي»

طلبت فنزويلا من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة عقد اجتماع لمناقشة «العدوان الأميركي المستمر» على البلاد، وذلك وفقاً لرسالة موجهة إلى المجلس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أفريقيا جنود من الكونغو الديمقراطية يصلون إلى قرية جاتومبا البوروندية (رويترز) play-circle

واشنطن تتهم رواندا بـ«جر المنطقة إلى حرب» على خلفية أحداث الكونغو الديمقراطية

هاجمت الولايات المتحدة، الجمعة، ضلوع رواندا في النزاع بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث تشن حركة «إم 23» المسلحة هجوماً جديداً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
TT

قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)

أعلنت مجموعة قرصنة إلكترونية مرتبطة بإيران، اليوم (الأحد)، أنها اخترقت هاتفاً جوالاً لأحد كبار مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أيام من إعلانها اختراق حساب رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت على تطبيق «تلغرام».

وأعلنت مجموعة «حنظلة» أنها اخترقت هاتف تساحي برافرمان، رئيس ديوان نتنياهو والسفير المُعيّن لدى بريطانيا. وفي بيان نُشر على الإنترنت، ادّعى المخترقون أنهم تمكنوا من الوصول إلى جهاز برافرمان وحذّروا الدائرة المقربة من نتنياهو من تسريب معلومات حساسة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الادعاء قيد التحقيق، وإنه لم يتم تأكيد أي اختراق حتى الآن، حسبما أورد موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت».

ووفقاً للصحيفة، أصدر المخترقون ادعاءات واسعة النطاق بامتلاكهم اتصالات مشفرة ومواد حساسة أخرى، لكنهم لم يقدموا أي دليل يدعم هذه الادعاءات. وأشاروا إلى أنه سيتم نشر معلومات إضافية لاحقاً. كما نشرت المجموعة صوراً لبرافرمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسلفه جو بايدن.

وأعلنت المجموعة نفسها مسؤوليتها عن اختراق هاتف بينيت الجوال قبل نحو أسبوع ونصف، فيما أطلقت عليه اسم «عملية الأخطبوط». وفي البداية، نفى مكتب بينيت اختراق الهاتف، لكن المخترقين نشروا لاحقاً صوراً ووثائق وآلاف أرقام الهواتف على صفحات متعددة، بما في ذلك أرقام زعموا أنها مرتبطة بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.

وأقرّ بينيت لاحقاً باختراق حسابه على تطبيق «تلغرام». ولم تؤكد السلطات الإسرائيلية علناً صحة ادعاءات المخترقين الأخيرة، وقالت إن التحقيقات لا تزال جارية.


تقرير: نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش و«الشاباك» بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

تقرير: نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش و«الشاباك» بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) بشأن سلسلة من التقارير الكاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة.

وبحسب صحيفة «إسرائيل هيوم»، فقد شملت هذه التقارير مزاعم بأنّ مصر تُشيِّد قواعد هجومية في سيناء، وهو ما ردّده السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، وأيضاً مزاعم بأنّ شخصيات بارزة في المخابرات المصرية كانت تتقاضى عمولات من تهريب الأسلحة إلى سيناء، وبأنّ مصر كانت متواطئة في خداع إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

واحتجّت مصر على حملة التشويه، وأثارت القضية في اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين، ولكن دون جدوى. وقد تسبب ذلك في تصاعد الخلاف بين مصر وإسرائيل.

وتتعدد ملفات الخلاف بين مصر وإسرائيل وتتعلق بالأوضاع في قطاع غزة وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والوجود الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية، ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وبين الحين والآخر يخرج الجيش الإسرائيلي ببيانات رسمية يشير فيها إلى أنه «أسقط طائرة مُسيَّرة كانت تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، وحدث ذلك أكثر مرة في أكتوبر الماضي قبل قرار تحويل الحدود إلى «منطقة عسكرية مغلقة».

وسبق أن عدَّ رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أن «اتهامات إسرائيل بتهريب السلاح من مصر خطاب مستهلك»، وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن القاهرة «سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقاً سياسياً أو عسكرياً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو «مخاوفه من حشد مصر لقواتها العسكرية في سيناء»، وردت «الهيئة العامة للاستعلامات» بتأكيدها على أن «انتشار القوات المسلحة جاء بموجب تنسيق كامل مع أطراف معاهدة السلام».

وأشارت «الهيئة» حينها إلى أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».


ما الذي ستجنيه إسرائيل من الاعتراف بـ«أرض الصومال»؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
TT

ما الذي ستجنيه إسرائيل من الاعتراف بـ«أرض الصومال»؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

سلطت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الضوء على إعلان إسرائيل اعترافها، الجمعة، بإقليم «أرض الصومال»، وقالت الصحيفة إن البعض قد يرى في ذلك بداية عهد جديد من التنافس الدولي في القرن الأفريقي، لكن القضية الحقيقية تكمن في أن الأمر قد يبدو أقرب إلى رقعة شطرنج استراتيجية مما هو عليه في الواقع.

ولفتت إلى أن إقليم «أرض الصومال» يقع في القرن الأفريقي، ويجاور دولاً مثل إثيوبيا وجيبوتي، ويثير هذا الاعتراف تساؤلات أكثر بشأن ما يحيط به عبر خليج عدن والبحر الأحمر، حيث يفصل بينهما مضيق باب المندب، الذي يُعدّ نقطة عبور اقتصادية حيوية للملاحة المتجهة من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى المحيط الهندي، وبالتالي يُنظر إليه بوصفه منطقةً تجاريةً بالغة الأهمية عالمياً، بالإضافة إلى وجود قوات بحرية متعددة.

ومع ذلك، تعاني العديد من دول هذه المنطقة من الضعف أو الصراعات الداخلية، فالسودان غارق في حرب أهلية منذ سنوات، أما دولة الصومال فقد تفككت إلى حد كبير في أوائل التسعينات، مما استدعى تدخلاً دولياً بلغ ذروته في معركة قُتل فيها جنود أميركيون، وتعاني إريتريا منذ زمن طويل من الفقر والصراعات الداخلية، كما شهدت إثيوبيا صراعات داخلية.

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

وذكرت الصحيفة أن منطقة القرن الأفريقي أشبه برقعة شطرنج استراتيجية، وصحيح أن وجود قوات بحرية أو أصول عسكرية في هذه المنطقة يبدو مهماً، إلا أن هجمات الحوثيين على السفن أظهرت أنه يمكن تهديد الملاحة البحرية باستخدام طائرات مسيَّرة وصواريخ بسيطة ورخيصة نسبياً، وكذلك اعتاد القراصنة الصوماليون على اختطاف القوارب باستخدام زوارق صغيرة وبنادق كلاشينكوف.

وأضافت أن منطقة القرن الأفريقي تفتقر إلى الموارد الطبيعية، ولذلك فإن العديد من دولها ضعيفة، لذا، قد يكون الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» أقل من مجموع مصالح دول المنطقة على مستوى الاستراتيجية الكبرى، وصحيح أن للعديد من الدول مصالح فيها، إلا أن هذه المصالح لم تُترجم حتى الآن إلا إلى مشاركة محدودة، وهناك أولويات أخرى أهم، ومعظم الدول تدرك ذلك.