كواليس إسرائيلية في إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين

نتنياهو حاول تخفيف وطأة التبادل لئلا يظهر إنجازاً لـ«حماس»

فلسطينيون يرحّبون بأسرى محررين في خان يونس فبراير الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرحّبون بأسرى محررين في خان يونس فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

كواليس إسرائيلية في إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين

فلسطينيون يرحّبون بأسرى محررين في خان يونس فبراير الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرحّبون بأسرى محررين في خان يونس فبراير الماضي (أ.ف.ب)

قضية إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، التي تعدّ مكسباً لـ«حماس» وخسارة لإسرائيل، تكشف كثيراً من جوانب الصراع، وتسجل بوصفها حدثاً أظهر نقاط ضعف للطرفين، وهما يحاولان التخفيف من وطأتها.

وقد حاولا تأجيل البت النهائي بها طيلة المفاوضات. وعندما اضطرا إلى التعاطي معها حتى ينجح الاتفاق، خرجا منها مثقلين بالجروح.

في نهاية المطاف، تطلق إسرائيل سراح 1950 أسيراً فلسطينياً، بينهم 250 أسيراً من المحكومين بالسجن المؤبد عدة مرات، وهو عدد غير قليل؛ لكنه بالمقارنة مع صفقة شاليط، سنة 2011، التي تمت أيضاً بين «حماس» وحكومة بنيامين نتنياهو، يبدو قليلاً جداً.

ففي حينه حصلت «حماس» على 1027 أسيراً مقابل الجندي جلعاد شاليط. وفي صفقة شرم الشيخ، يطلق سراح الفلسطينيين مقابل 20 أسيراً حياً غالبيتهم جنود و28 أسيراً ميتاً، بينهم القائد العسكري للقوات الإسرائيلية المسؤولة عن قطاع غزة، وهو برتبة مقدم.

رجل وولد يمران قرب صور الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» في أحد شوارع تل أبيب - 21 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

والمعروف أن عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 5500 قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكنه اليوم يبلغ 11100 أسير. فإذا كان من أهداف هجوم «حماس» إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، فإن النتيجة جاءت عكسية. ومع ذلك، فإن خروج هذا العدد من الأسرى القدامى ليس بالشيء القليل.

ولأن إسرائيل تعرف أن موضوع الأسرى حساس للغاية لدى الفلسطينيين، ومن ينجح في تحرير ولو أسير واحد يكسب مجداً وتقديراً، ويرفع معنويات الأسرى في السجون ويعزز روح المقاومة لدى الشباب خارج السجون، فإنها تحاول تنغيص الفرحة وتخفيض قيمة الإنجاز. ولذلك، فقد دارت معركة خفية حامية الوطيس وراء الكواليس بين الطرفين.

فقد حاولت «حماس» الظهور كمن تتمتع بمسؤولية وطنية وتهتم ليس فقط برجالها، لذلك طلبت تحرير القائد في «فتح»، مروان البرغوثي، وقائد «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، أحمد سعدات، وعدد آخر من الذين يعدّون «قادة ثقيلين» في الحركة الأسيرة.

ولهذا السبب بالضبط، رفضت إسرائيل هذا المطلب بإصرار حتى تكون النتيجة: «أكثرية الأسرى المحررين هم من (حماس)». واليوم، وفي اللحظة الأخيرة تماماً، أخرجت إسرائيل 11 اسماً لرجال «فتح» من قائمة المحررين وأدخلت مكانهم 11 أسيراً من «حماس».

ومع أنها ادعت أن هذا التغيير مجرد إجراء فني، فإن رائحة دق أسافين حادة فاحت منه. وقد جعل هذا أحد قادة «فتح» يقول: «أي رسالة يوجهها لنا هؤلاء الأغبياء، إنهم يقولون لـ(فتح): إن كنتم تريدون الحرية لأسراكم، فعليكم أن تخطفوا إسرائيليين. فنحن في السلطة الفلسطينية نسلم لهم أي مواطن إسرائيلي يدخل أراضينا بالخطأ. ونحصل على عقاب بإبقاء أسرانا في الزنازين».

لافتة تحمل صورة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في القدس الجمعة (أ.ف.ب)

وضعت إسرائيل هذه المرة معياراً جديداً لإطلاق سراح الأسرى، فأولاً اتخذت لنفسها حق «الفيتو» في اختيار من يطلق سراحهم.

وثانياً، قررت تفضيل من تخطى الستين من العمر بشرط ألا يكون الأسير محكوماً بالسجن المؤبد أكثر من 13 مرة. ففي العادة تحكم المحكمة العسكرية الإسرائيلية بالمؤبد عن كل من يقتل مواطناً أو مستوطناً أو جندياً إسرائيلياً. فمن قتل أكثر من 13 شخصاً لا يطلق سراحه في هذه الصفقة. لذلك، لم توافق على إطلاق سراح الأسرى عبد الله البرغوثي (67 مؤبداً)، وإبراهيم حامد (54 مؤبداً) وحسن سلامة (46 مؤبداً) وعباس السيد (35 مؤبداً).

لكن هذا المعيار يسقط بالنسبة للبرغوثي وسعدات. فكلاهما تخطى الستين، والبرغوثي محكوم بخمسة مؤبدات وسعدات 30 سنة سجناً. إلا أنهما ينتميان إلى منظمة التحرير الفلسطينية، التي أبرمت اتفاقيات أوسلو مع إسرائيل، ويؤيدان السلام مع إسرائيل على أساس حل الدولتين. وفي نظر إسرائيل، فإن إطلاقهما سيؤدي إلى تعزيز مكانة منظمة التحرير في الشارع. فالبرغوثي كما هو معروف، يتمتع بشعبية واسعة في صفوف الفلسطينيين من كل الفصائل، ومعروف بقربه من كل فروع وتنظيمات «فتح»؛ أكانوا في القيادة أو المعارضة، واسمه مطروح كأقوى مرشح للرئاسة الفلسطينية، وخروجه سيسهم في إجبار إسرائيل على التفاوض حول حل الدولتين، لذلك وضعت «فيتو» الخط الأحمر عليه. وسعدات، إضافة إلى مكانته الشعبية العالية، فقد كانت المحكمة الإسرائيلية أدانته بتهمة قتل الوزير رحبعام زئيفي، وقررت أن قتل قائد برتبة وزير خط أحمر، مع أن إسرائيل تقتل القادة الفلسطينيين وغيرهم من الخصوم بالجملة.

إسرائيليون يحتفلون في «ساحة الرهائن» بتل أبيب عقب الإعلان عن وقف النار وإطلاق الرهائن الخميس (أ.ف.ب)

كشفت هذه القضية عن خلاف في الكواليس بين الجيش والمخابرات الإسرائيلية من جهة، وبين نتنياهو وحكومته من جهة أخرى. فأجهزة الأمن طلبت أن يتاح للأسرى المحررين أن يعيشوا في الضفة الغربية، وقالت إنهم في حالة كهذه، سيبقون تحت مراقبتها وتستطيع اعتقالهم أو اغتيالهم إذا عادوا إلى ممارسة نشاطهم العسكري. أما إذا تم إبعادهم إلى قطاع غزة، فسيكون بمقدور الأسرى المحررين، وبينهم قياديون في الفصائل، ترميم قوة «حماس» وأن يكونوا جزءاً من قيادتها، مثلما حصل مع يحيى السنوار، الذي أفرج عنه في صفقة شاليط عام 2011، وأصبح زعيم «حماس» في القطاع. لكن نتنياهو اعترض، وقال إنهم سيستقبلون كالأبطال في بلداتهم عند خروجهم من الأسر. وهو لا يحب هذا المشهد. ولذلك حسم أن يتم إبعادهم إلى غزة، أو إلى أي دولة مستعدة لقبولهم.


مقالات ذات صلة

خطة ترمب لغزة تصل إلى مجلس الأمن... وواشنطن تتوقع «نتائج ملموسة»

العالم العربي طفلة فلسطينية تلعب وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا بشمال قطاع غزة أمس (رويترز)

خطة ترمب لغزة تصل إلى مجلس الأمن... وواشنطن تتوقع «نتائج ملموسة»

قدّمت الولايات المتحدة لدول شريكة، مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يهدف إلى دعم خطة دونالد ترمب للسلام في قطاع غزة.

أوروبا جندي هولندي يقف قرب طائرة «إف - 35» تابعة لسلاح الجو الملكي الهولندي بقاعدة «غراف إغناتيفو» الجوية في بلغاريا (أرشيفية - رويترز)

محكمة هولندية ترد شكوى لحظر بيع المعدات العسكرية لإسرائيل

ردت محكمة هولندية، الخميس، شكوى قدمتها منظمات غير حكومية مؤيدة للفلسطينيين تطالب هولندا بوقف تجارتها مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في حي الشجاعية شرق مدينة غزة 5 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

وسطاء يقترحون اتفاقاً لإخراج مسلحي «حماس» من رفح

قال مصدران إن مسلحي «حماس» المتحصنين في منطقة رفح التي تسيطر عليها إسرائيل في غزة، سيسلّمون أسلحتهم مقابل السماح لهم بالمرور إلى مناطق أخرى من القطاع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

كاتس يوجّه الجيش الإسرائيلي لإعلان الحدود مع مصر منطقة عسكرية مغلقة

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الخميس)، إنه أصدر تعليماته للجيش الإسرائيلي بإعلان المنطقة الحدودية بين إسرائيل ومصر منطقة عسكرية مغلقة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ب)

مشروع القرار الأميركي يحدد صلاحيات «مجلس السلام» والقوة الدولية المقترحة لغزة

سيعمل «مجلس السلام» إلى حين استكمال السلطة الفلسطينية برنامجاً للإصلاح الشامل ورد فيما يسمى «الخطة الشاملة» للإدارة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تحقيق جديد ضد زعيم المعارضة التركية بتهمة «إهانة إردوغان»

مشاركون في تجمع لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول يرفعون صورة لإمام أوغلو ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)
مشاركون في تجمع لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول يرفعون صورة لإمام أوغلو ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)
TT

تحقيق جديد ضد زعيم المعارضة التركية بتهمة «إهانة إردوغان»

مشاركون في تجمع لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول يرفعون صورة لإمام أوغلو ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)
مشاركون في تجمع لحزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول يرفعون صورة لإمام أوغلو ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)

فتح مكتب المدعي العام في إسطنبول تحقيقاً ضد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بتهمتي «إهانة رئيس الجمهورية» و«إهانة مسؤول عام في أثناء أداء واجبه».

في الوقت ذاته، أطلقت السطات تحقيقاً مع 6 صحافيين معارضين بارزين، في إطار التحقيقات مع رئيس بلدية إسطنبول المحتجز منذ مارس (آذار) الماضي، بأمر من المدعي العام لاتهامهم بـ«نشر معلومات كاذبة علناً»، و«مساعدة منظمة إجرامية». وألقي القبض على 5 منهم، فجر الخميس.

اتهامات للمدعي العام بإسطنبول

فتح المدعي العام في إسطنبول، أكين غورليك، تحقيقاً فورياً ضد أوزيل عقب انتهاء خطاب ألقاه في تجمع جماهيري في منطقة عمرانية في إسطنبول، ليل الأربعاء إلى الخميس، بتهمتي «إهانة رئيس الجمهورية» رجب طيب إردوغان، و«إهانة موظف عام في أثناء تأدية واجبه».

وخلال الخطاب الذي ألقاه في التجمّع الـ66 في إطار التجمعات التي يُنظّمها حزب «الشعب الجمهوري»، والتي بدأت عقب اعتقال المرشح الرئاسي للحزب رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في إطار تحقيقات في شبهات فساد في البلدية في مارس الماضي، خاطب أوزيل إردوغان قائلاً: «أنظر في عينيك مباشرة وأقول لك: من الآن فصاعداً، أُحذّر من حولك (...) ومن يزعجوننا».

أوزيل خلال خطاب أمام تجمع من أنصار حزب «الشعب الجمهوري» في إسطنبول ليل 5 نوفمبر (حساب الحزب في إكس)

وكشف أوزيل خلال التجمع الذي شارك فيه المئات من أنصار «الشعب الجمهوري» وأحزاب أخرى، عن وثائق تزعم تقاضي المدعي العام لإسطنبول راتباً شهرياً بوصفه عضواً في مجلس إدارة في شركة للمناجم في لوكسمبورغ، على مدى 9 أشهر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 وحتى أغسطس (آب) 2025، فيما قال إنها مخالفة للقانون التركي الذي يمنع عمل القضاة ومدعي العموم في أي وظيفة أخرى.

وتوجه أوزيل بسؤال إلى إردوغان ووزير العدل والمجلس الأعلى للقضاة ومدعي العموم، عما إذا كان غورليك يتولى منصباً في الشركة بعلمهم أم أنهم لا يعلمون بذلك، قائلاً إنه يجب التحقيق معه أو عزله أو تقديم استقالته.

تحقيقات انتقامية

وتعليقاً على فتح التحقيق ضده، قال أوزيل في تصريحات، الخميس، إن «ما يجب فعله في دولة يسودها القانون رداً على هذه الفضيحة هو فتح تحقيق فوري وعزل الجاني، لكن بدلاً من ذلك ذهبوا وفتحوا تحقيقاً ضدي».

زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل يواجه تحقيقاً جديداً بتهمة إهانة رئيس الجمهورية (حساب الحزب في إكس)

وجدّد أوزيل اتّهامه بتسييس الحكومة للسلطات القضائية، قائلاً إن «هناك عصابة في القضاء»، تواصل «مطاردة» عائلة رئيس بلدية إسطنبول المحتجز، إلى حد التحقيق مع والده حسن إمام أوغلو، ونجله محمد سليم، اللذين استُدعيا للإدلاء بإفادتهما في مديرية أمن إسطنبول، الأربعاء، وسؤالهما عن مصادر أموالهما.

وتابع أن «هذه السلطة التي تمعن في الانتقام فرضت حظراً على حسابات والد إمام أوغلو في البنوك، وكذلك على راتبه التقاعدي. وتابع: «فمنعت ديليك، زوجة إمام أوغلو، من السفر إلى خارج البلاد، وصادرت جواز سفرها الدبلوماسي، الذي تحمله بوصفها فرداً من عائلة رئيس بلدية إسطنبول كما يقضي القانون بذلك».

في الوقت ذاته، أعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول، الخميس، توقيف مشتبه به، يُزعم أنه مسؤول تكنولوجيا المعلومات في حزب «الشعب الجمهوري»، لاتهامه بمشاركة البيانات الشخصية لملايين من مواطني إسطنبول مع وكالات استخبارات أجنبية. وسبق أن تم توجيه تهمة «التجسس» إلى إمام أوغلو وصحافيَّين ممن أداروا حملته الانتخابية في 2019.

اعتقال صحافيين معارضين

في السياق ذاته، أصدر المدعي العام في إسطنبول طلبات استدعاء إلى 6 صحافيين بارزين محسوبين على المعارضة في إطار التحقيقات مع إمام أوغلو، بتهمتي «نشر معلومات كاذبة علناً»، و«مساعدة منظمة إجرامية».

والصحافيون الستة هم: سونار يالتشين، وشعبان سيفينتش، وياووز أوغان (الذي عمل منسقاً للاتصالات في حزب «الشعب الجمهوري»)، وباطوهان تشولاك وروشان شاكر الذين تم القبض عليهم، فجر الخميس، واقتيادهم إلى مديرية أمن إسطنبول للتحقيق، بينما لم يُلق القبض على الصحافية المعروفة، أصلي أيدينطاش باش، لوجودها خارج تركيا.

الصحافية التركية أصلي أيدينطاش باش (إكس)

وانتقدت أحزاب المعارضة التركية القبض على الصحافيين، معتبرة أنها استمرار لممارسات قمع حرية الصحافة والتعبير، وتكريساً للهيمنة السياسية على القضاء في تركيا.

في غضون ذلك، أظهر متوسط 13 استطلاعاً للرأي، أجريت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي ونشرت نتائجها الخميس، استمرار تقدم حزب «الشعب الجمهوري» على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة إردوغان. واحتلّ «الشعب الجمهوري» المرتبة الأولى بنسبة 32.2 في المائة، بينما حلّ «العدالة والتنمية» ثانياً بنسبة 31.3 في المائة، وحزب «الديمقراطية المساواة للشعوب» المؤيد للأكراد ثالثاً بنسبة 9.1 في المائة.

وحصل حزب «الحركة القومية»، المتحالف مع «العدالة والتنمية» على 7.8 في المائة في المرتبة الخامسة، وحزب «الجيد»، القومي، على 5.7، وحزب «النصر» القومي على 4.5 في المائة.


عراقجي لا يرى ممر «زنغزور» تهديداً لإيران

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)
TT

عراقجي لا يرى ممر «زنغزور» تهديداً لإيران

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)

شدَّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على رفض حكومة بلاده «أي تغيير في الحدود أو في الجغرافية السياسية للمنطقة»، في إشارة إلى الممر البري المثير للجدل المعروف باسم ممر «زنغزور»، الذي يربط أذربيجان بمنطقة نخجوان عبر جنوب أرمينيا.

وأضاف عراقجي، في كلمة بمدينة همدان الإيرانية، الخميس، أن إيران على اتصال مباشر مع جميع الأطراف المعنية بممر زنغزور، وقد تم التأكيد لها «أن لا تهديد سيطول إيران»، مشيراً إلى أن طهران تواصل مراقبة الوضع بدقة.

ما مشروع «زنغزور»؟

يعدّ ممر زنغزور مشروعاً حيوياً لأذربيجان؛ إذ يهدف إلى إنشاء طريق وسكة حديد تربط أراضيها الرئيسية بمنطقة نخجوان مباشرة عبر أراضٍ أرمنية، من دون الحاجة إلى المرور بإيران.

وينظر إلى الممر من منظور اقتصادي وجيوسياسي واسع، حيث يوفر لأذربيجان فرصة لتعزيز صادرات الطاقة وربط خطوط الغاز والنفط بالموانئ التركية، بما يسهل وصولها إلى الأسواق الأوروبية والشرق أوسطية.

ويمثل المشروع جزءاً من رؤية موسعة لإعادة ربط العالم التركي الممتد من تركيا إلى آسيا الوسطى؛ ما يمنح أنقرة نفوذاً استراتيجياً إضافياً، ويتيح لها ما يُعرف لدى الأتراك بـ«خط توران».

وحسب خبراء إيرانيين، فإن المشروع قد يخلق تغييرات ملموسة في خرائط الطاقة العالمية. ولتخفيف المخاطر المحتملة على إيران، اقترحت طهران إنشاء الطريق بعيداً عن حدودها المباشرة، وضمان عدم تعطيل حركة الشحنات الإيرانية عبر أرمينيا، وبناء ثلاثة جسور منفصلة للطرق البرية، والسكك الحديدية، وأنابيب الطاقة والكابلات الكهربائية، مع إبقاء الاتصالات داخل الأراضي الأرمنية تحت الولاية القضائية لأرمينيا، وفق ما نشره موقع «إذاعة أرمنستان».

ووقَّع رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، في أغسطس (آب) 2025، اتفاق سلام برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي أعيد تسميته لاحقاً «الممر الترانزيتي لدونالد ترمب من أجل السلام والازدهار الدولي».

ومنح الاتفاق الولايات المتحدة حق إدارة واستغلال الممر لمدة 99 عاماً؛ ما أثار قلق طهران التي عدَّت المشروع تهديداً لأمنها القومي ومصالحها في جنوب القوقاز.

وعلق علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، على الاتفاق بالقول إن الممر «سيتحوّل مقبرةً لمرتزقة ترمب»، معبراً عن رفض إيران القاطع للخطوة التي تراها تجاوزاً مباشراً على مصالحها الجيوسياسية.

الرئيس الأميركي ورئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكون باشينيان خلال توقيع الاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا بالبيت ألأبيض (إ.ب.أ)

شراكات استراتيجية

إلى ذلك، أكد عراقجي أن إيران تسعى للحفاظ على شراكات استراتيجية قوية مع روسيا والصين في مواجهة محاولات بعض القوى لإضعاف هذه التحالفات.

وقال الوزير الإيراني إن «العدو يريد أن يُضعف اتحادنا وتماسكنا ويكسره»، مضيفاً أن القضايا الصغيرة يمكن أن تتحول انقسامات كبيرة إذا لم يتم التعامل معها بحذر.

وأكد أن إيران لا تثق بأي دولة، سواء في الشرق أو الغرب، لكنها تحافظ على علاقات استراتيجية مع بعض الدول، بما يشمل روسيا والصين، وستواصل سياساتها في هذا الإطار.

ويأتي موقف إيران في وقت يشهد جدلاً حول دور روسيا في المنطقة، خاصة بعد مفاوضات وقف إطلاق النار التي أعقبت حرب ناغورنو كاراباخ الثانية عام 2020، ودورها في تسهيل الاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا.

وأخفق الكرملين في التدخل لمنع إنشاء الممر، بينما بقيت طهران مراقبة من كثب؛ إذ ترى أن الممر قد يقلل من أهميتها الجغرافية ويزيد من نفوذ تركيا والولايات المتحدة في منطقة تعدّها جزءاً من عمقها الاستراتيجي.

ويشير محللون إلى أن الممر البالغ طوله نحو 40 كيلومتراً يمكن أن يعيد رسم خرائط النقل والطاقة في المنطقة، ويحوّل الدول المجاورة أطرافاً مركزية في التجارة الإقليمية والدولية؛ ما يفرض على إيران إعادة تقييم استراتيجياتها للتكيف مع واقع جيوسياسي جديد، وسط ضغوط متزايدة للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والأمنية.


عراقجي: «ممر زنغزور» لن يكون مدخلاً لتغييرات جيوسياسية

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (د.ب.أ)
TT

عراقجي: «ممر زنغزور» لن يكون مدخلاً لتغييرات جيوسياسية

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (د.ب.أ)

نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء عن وزير الخارجية عباس عراقجي قوله، اليوم (الخميس)، تعليقاً على قضية «ممر زنغزور»، إن طهران لن تقبل بأي تغيير في الحدود أو الجغرافيا السياسية للمنطقة.

وأكد وزير الخارجية أن بلاده «تتابع الملف بشكل مباشر، وقد تم التأكيد لنا أنه لا تهديد سيطول إيران، لكننا نواصل المراقبة».

ومشروع «ممر زنغزور» عنصر أساسي في اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان الذي وقّع في البيت الأبيض في وقت سابق هذا العام، وهو ممر بري عبر جنوب أرمينيا يصل أذربيجان بجيب نخجوان على حدود تركيا.

ولدى إيران مخاوف من المشروع بوصفه تهديداً مباشراً لمصالحها الجغرافية والاستراتيجية، لا سيما أنه يتحكم في مسار العبور لشبكة موارد تمر عبر جنوب القوقاز.

وفيما يتعلق بالمفاوضات النووية، أشار عراقجي إلى أن الحوار أداة أساسية لتحقيق المصالح الوطنية، وقال: «لا نخاف من التفاوض كما لا نخاف من القتال»، حسب وكالة «تسنيم».

كان وزير الخارجية الإيراني قد أكد، أمس، أن بلاده لن تتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها الصاروخي، قائلاً: «لطالما يتم التطرق لسياسة إيران في المنطقة وصواريخها، ولكننا لن نبحث سوى (الملف) النووي».

أعادت الأمم المتحدة فرض العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني في سبتمبر (أيلول) بعد أن فعَّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعروفة باسم مجموعة الترويكا الأوروبية، «آلية الزناد»، متهمةً طهران بانتهاك الاتفاق النووي المبرم عام 2015.