أزمة متصاعدة بين الفاتيكان وإسرائيل

البابا ليو دعم تنديد الرجل الثاني في الكنيسة بـ«مجزرة» في غزة

البابا ليو الرابع عشر يحيي المنتظرين خلال عظته الأسبوعية في ساحة القديس بطرس في مدينة الفاتيكان يوم الأربعاء (أ.ب.أ)
البابا ليو الرابع عشر يحيي المنتظرين خلال عظته الأسبوعية في ساحة القديس بطرس في مدينة الفاتيكان يوم الأربعاء (أ.ب.أ)
TT

أزمة متصاعدة بين الفاتيكان وإسرائيل

البابا ليو الرابع عشر يحيي المنتظرين خلال عظته الأسبوعية في ساحة القديس بطرس في مدينة الفاتيكان يوم الأربعاء (أ.ب.أ)
البابا ليو الرابع عشر يحيي المنتظرين خلال عظته الأسبوعية في ساحة القديس بطرس في مدينة الفاتيكان يوم الأربعاء (أ.ب.أ)

تصاعدت أزمة بين الفاتيكان وإسرائيل، على خلفية تصريحات أدلى بها وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، وندد فيها بـ«المجزرة المستمرة» في غزة، وإدانته بأسلوب غير معهود في دبلوماسية الكرسي الرسولي «عجز المجتمع الدولي» إزاء الحرب الإسرائيلية ضد القطاع الفلسطيني.

لكن المفاجأة الكبرى جاءت بعد ساعات من انتقادات إسرائيلية لتصريحات الرجل الثاني في الفاتيكان؛ إذ تحدث البابا ليو الرابع عشر إلى الصحافيين عند خروجه من قداس في مقرّه الصيفي في كاستيلغاندولفو، وقال: «أفضّل عدم التعليق، لكن لا بد من القول إن الكاردينال بارولين عبّر بشكل جيد جداً عن رأي الفاتيكان».

ويستدل من هذا التصريح أن البابا بدأ يُظهر أوراقه السياسية التي كان حريصاً على عدم كشفها، واتجه إلى التركيز على الشؤون الروحية والإدارية، كما يتضّح أيضاً أن ليو الرابع عشر، قرر إعطاء بارولين، الذي كان منافسه على قيادة الكنيسة، الدور السياسي الذي كان يستأثر به سلفه البابا فرنسيس.

وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين في روما بعد وفاة البابا فرنسيس أبريل الماضي (رويترز)

وهاجمت السفارة الإسرائيلية لدى الفاتيكان بارولين، بسبب ما رأت أنه «مساواة بين (الهجوم الإرهابي) الذي شنته (حماس)، وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، كما جاء في بيان وزعته البعثة الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكان بارولين، المقرّب جداً من البابا ليو الرابع عشر كما من سلفه البابا فرنسيس، قد أدلى بتصريحات إلى صحيفة «أوسرفاتوري رومانو» الناطقة بلسان الفاتيكان طالب فيها بحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وانتقد العمليات العسكرية الإسرائيلية، وقال: «من غير المقبول وغير المبرر أن نحوّل البشر إلى مجرّد ضحايا جانبيين».

دعم للمظاهرات.. وانتقاد لميلوني

وجاء في تصريحات بارولين أن «الكنيسة تنظر بعين الرضى» إلى المظاهرات الشعبية ومبادرات المجتمع المدني المتعاطفة مع غزة، والمناهضة للحرب التي تشنّها إسرائيل في غزة، واصفاً إياها بـ«المجزرة».

وأضاف: «هذه التحركات دليل على أننا لسنا محكومين باللامبالاة، ومن واجبنا أن نأخذ على محمل الجد هذا التوق إلى السلام ليعمّ العالم. إن مستقبلنا يتوقف على ذلك».

ويمثل مستوى الانتقاد المفاجئ من الرجل الثاني في الفاتيكان «حدثاً نادراًَ»؛ إذ لم يسبق أن أدلى مسؤول بهذا المستوى انتقادات مباشرة وشديدة اللهجة ضد إسرائيل والولايات المتحدة، والأسرة الدولية، خصوصاً أنها جاءت بعد يومين على إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن خطة لإنهاء الحرب في غزة لقيت ترحيباً واسعاً في أوساط غربية وعربية.

وجاء في تصريحات بارولين: «لا شك عندي في أن الأسرة الدولية بوسعها أن تفعل أكثر بكثير مما تفعله الآن. لا يكفي القول إن ما يحصل ليس مقبولاً ثم تسمح بحصوله. ومن واجبنا التساؤل عما إذ كان ما يحصل قانونياً، وعن المضي في تصدير الأسلحة التي تستخدم ضد المدنيين... الأسرة الدولية عاجزة، والدول الوازنة القادرة على التأثير فعلاً، لم تفعل شيئاً لوقف هذه المجزرة». كما جاءت التصريحات في أعقاب مظاهرات حاشدة خرجت في مدن إيطالية وأوروبية.

أشخاص في ميناء سان جيوفاني بإيطاليا يتابعون قوارب أسطول «الصمود العالمي» المتّجه إلى غزة الشهر الماضي (إ.ب.أ)

وفي رد مباشر على انتقادات رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، لتلك المظاهرات وتركيزها على بعض أعمال العنف والشغب التي تخللتها، قال بارولين: «كانت تصرفات قامت بها مجموعات صغيرة، والكنيسة تقف بجانب المؤمنين الذين لا يمكن أن يبقوا مجرد متفرجين على ما يحصل».

وتابع بارولين في تصريحاته التي أثارت عاصفة في الأوساط السياسية الإيطالية: «مخطئ جداً من يعتقد أن دورنا كمسيحيين هو الانعزال للصلاة في الصوامع».

وعبَّر الكاردينال عن تأييد الكنيسة لـ«تعبئة الضمائر ومبادرات السلام، حتى وإن بدت خارج العالم»، ومنوهاً بأن «ثمّة جحافل من الشباب ترفض الاستسلام أمام اللاإنسانية».

لا تمييز ضد اليهود... وكذلك الفلسطينيين

ولم تخل تصريحات بارولين بمناسبة مرور عامين على هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 من إدانة لهجوم «حماس» الذي عده «بشعاً ولا إنسانياً» وطالب بالإفراج عن جميع الرهائن.

وبعدما قال إن «من تعرّض للهجوم له الحق في الدفاع عن نفسه»، شدد على أنه «حتى الحق في الدفاع عن الذات يجب أن يحترم مبدأ التناسب، أشعر بقلق عميق إزاء ما نراه من قتل يومي في فلسطين، خصوصاً ضد الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا هناك».

أطفال فلسطينيون عند مدخل خيمة تُستخدم فصلاً دراسياً تدعمه «اليونيسف» في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأدان بارولين معاداة السامية، مشدداً على أن «اليهود يجب ألا يتعرضوا للتمييز لمجرد أنهم يهود، ولا الفلسطينيين لمجرد أنهم فلسطينيون». وأضاف: «كثيرة هي الانتقادات الموجهة إلى الحكومة الإسرائيلية لما تقوم به في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، التي تستهدف استحالة تطبيق حل الدولتين».

وبدا لافتاً أن الرد الإسرائيلي على هذا الموقف المفاجئ والمتقدم للفاتيكان، ظل ضمن التخاطب الدبلوماسي، وذلك بعكس ردود فعل أخرى أشد وطأة أقدمت عليها تل أبيب رداً على حكومات أجنبية.

ويرجّح مراقبون أن هذا التريّث الإسرائيلي في الرد يعود من جهة لقسوة الانتقادات الفاتيكانية بينما تبذل إسرائيل جهوداً في الأشهر الأخيرة لترميم العلاقات التي تدهورت مع الفاتيكان خلال فترة البابا فرنسيس، ومن جهة أخرى لانتظار رد فعل الإدارة الأميركية عليها.


مقالات ذات صلة

البابا يحث أميركا على عدم محاولة الإطاحة برئيس فنزويلا بالقوة العسكرية

العالم البابا ليو الرابع عشر يتحدث إلى الصحافيين حول انتخابه والعلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا على متن رحلة متجهة إلى روما (رويترز)

البابا يحث أميركا على عدم محاولة الإطاحة برئيس فنزويلا بالقوة العسكرية

حث البابا ليو الثلاثاء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على عدم محاولة الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو باستخدام القوة العسكرية

«الشرق الأوسط» (روما - واشنطن)
المشرق العربي البابا ليو الرابع عشر يلقي كلمة أمام ضريح القديس شربل بدير مار مارون في عنايا اليوم (إ.ب.أ) play-circle

البابا لرؤساء الطوائف المسيحية والمسلمة في لبنان: تغلّبوا على العنف وارفضوا الإقصاء

في اليوم الثاني من زيارته إلى لبنان، يحمل البابا ليو الرابع عشر دعوة للوحدة بين اللبنانيين على اختلاف طوائفهم، ورسالة أمل إلى شباب ينتظرونه بحماسة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البايا وعون

البابا ليو يحث لبنان على السلام

حثّ البابا ليو الرابع عشر لبنان، أمس، على السلام، داعياً اللبنانيين، في مستهل زيارته إلى البلاد، إلى التحلي بـ«شجاعة» البقاء في بلدهم، ومشدداً على أهمية.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي البابا في صورة تذكارية مع رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة وزوجاتهم بقصر بعبدا (إ.ب.أ)

البابا يدعو اللبنانيين إلى السلام والمصالحة والبقاء

حثّ البابا ليو الرابع عشر اللبنانيين على المضي بطريق السلام مستهلاً زيارته لبيروت بعبارة «طوبى لفاعلي السلام» ودعا إلى التحلي بـ«شجاعة» البقاء

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقبال بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر في قصر بعبدا الرئاسي (رويترز)

عون خلال استقبال بابا الفاتيكان: لن نرحل أو نستسلم

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الأحد، إن «لبنان تكوّن بسبب الحرية ومن أجلها. لا من أجل أي دين أو طائفة أو جماعة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».


تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

قال نائب وزير الخارجية التركي بيريس إكينجي، الخميس، إن أنقرة استدعت سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها إزاء سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بروسيا داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود.

وقال إكينجي، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان: «شهدنا تصعيداً خطيراً للغاية في الأسابيع القليلة الماضية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث شهدنا هجمات متبادلة. وأخيراً، وقعت هجمات محددة في البحر الأسود داخل منطقتنا الاقتصادية الخالصة أيضاً».

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء: «استدعينا أمس واليوم القائم بالأعمال الروسي بالإنابة وسفير أوكرانيا للتعبير عن قلقنا».

كان مسؤول من جهاز الأمن الأوكراني قال، السبت الماضي، إن أوكرانيا استهدفت ناقلتين من «أسطول الظل» الروسي بطائرات مسيَّرة في البحر الأسود.

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن العملية المشتركة نفذها جهاز الأمن والبحرية الأوكرانية، وفق ما نقلته «رويترز».

وتابع: «تُظهِر لقطات الفيديو أن أضراراً جسيمة لحقت بالناقلتين بعد استهدافهما، وخرجتا من الخدمة فعلياً. وهذا سيوجه ضربة كبيرة لعمليات نقل النفط الروسي».

وذكر مسؤول تركي بارز، الأسبوع الماضي، أن ناقلتي نفط تردد أنهما جزء من «أسطول الظل»الروسي، اللتين اشتعلت فيهما النار، قبالة ساحل تركيا على البحر الأسود، ربما تعرضتا لهجوم بألغام أو طائرات مسيَّرة أو صواريخ.