«رهانات خاطئة» سهلت طريق «سناب باك» نحو إيران

«الترويكا» عدّت مقترحات عراقجي غير كافية

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والإيراني مسعود بزشكيان يتصافحان الأربعاء في نيويورك قبل اجتماعهما على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والإيراني مسعود بزشكيان يتصافحان الأربعاء في نيويورك قبل اجتماعهما على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

«رهانات خاطئة» سهلت طريق «سناب باك» نحو إيران

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والإيراني مسعود بزشكيان يتصافحان الأربعاء في نيويورك قبل اجتماعهما على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والإيراني مسعود بزشكيان يتصافحان الأربعاء في نيويورك قبل اجتماعهما على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إذا سارت الأمور كما هو متوقع لها، وسقط مشروع القرار الروسي - الصيني في مجلس الأمن، الجمعة، فإن العقوبات الدولية بحق إيران، التي جمدت ما بين عام 2016 و2025، ستدخل حيز التنفيذ مجدداً منتصف ليل السبت – الأحد، بتوقيت غرينيتش عملاً بآلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، والتي تبناها مجلس الأمن في قراره رقم 2231.

ومع هذا التطور، في حال تحقق وأصبح واقعاً، تكون «الترويكا الأوروبية» فرنسا وبريطانيا وألمانيا، قد نجحت في حشر إيران في الزاوية وذهبت، حتى النهاية، في سعيها لإعادة فرض العقوبات الدولية، وتوفير ورقة ضغط قوية عليها، وتجاهل تحذيراتها من إعادة تفعيل آلية «سناب باك».

بالمقابل، لم تنجح آخر محاولات إيران لإيقاف اندفاع قطار العقوبات القادم إليها من خلال مشروع القرار الذي تقدمت به روسيا والصين إلى مجلس الأمن، والذي كان التصويت عليه مقرراً الجمعة. فالنتيجة كانت معروفة سلفاً احتذاءً بنتيجة التصويت، يوم 28 أغسطس (آب)، على مشروع القرار الداعي لمواصلة العمل برفع العقوبات الدولية التي فرضت على طهران بموجب ست قرارات دولية ما بين عامي 2006 و2010.

فهذا المشروع سقط في عملية التصويت، لا بل إن الدول الغربية لم تجد حاجة لاستخدام حق النقض للتخلص منه. ورغم أن المفاوضات تواصلت، الجمعة، حتى آخر دقيقة، فإن المعلومات الواردة من نيويورك غلب عليها التشاؤم.

أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مستقبلاً الخميس الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في نيويورك بمناسبة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة (د.ب.أ)

رهانات إيرانية خاطئة

الواضح أن رهان طهران على موسكو وبكين لإنقاذها من مجموعات العقوبات الست التي سيعمل بها، كما هو مرجح، مجدداً، منذ صباح الأحد لم يكن صائباً؛ لأن صياغة المشروع الروسي - الصيني واجهت معارضة غربية؛ إذ دعا إلى إرجاء تفعيل «سناب باك» لمدة ستة أشهر من أجل إتاحة المجال أمام العمل الدبلوماسي والتوصل لاتفاق نووي جديد. والفارق الرئيسي بين المقترحين الروسي - الصيني من جهة، ومقترح الترويكا الأوروبية من جهة أخرى أن الأول لا يفرض أي شروط ملزمة على طهران، بينما الثاني ربط مهلة السماح الجديدة من ستة أشهر بأن تلتزم إيران بثلاثة شروط: عودة مفتشي الأمم المتحدة النوويين لمواصلة عملهم وتمكينهم من الوصول إلى كافة المنشآت النووية الإيرانية، وكشف مصير كمية اليورانيوم عالي التخصيب، 60 في المائة، البالغة ما يزيد على 400 كلغ، وأخيراً الانخراط في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية.

ترى مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس أن إيران «أخفقت في مناوراتها» حينما اعتبرت أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في القاهرة بين وزير خارجيتها عباس عراقجي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول عودة المفتشين إلى إيران «سيكون كافياً» لقطع الطريق على الذهاب بآلية «سناب باك» حتى النهاية.

المشكلة التي عانت منها طهران أنه كان هناك تفسيران للاتفاق: رافاييل غروسي، مدير عام الوكالة الدولية، فهمه على أنه «كارت بلانش» أعطي للمفتشين الدوليين للتحرك بحريّة، بينما القراءة الإيرانية أخرجت منه المواقع الثلاثة الرئيسية التي قصفها الإسرائيليون والأميركيون، نطنز وفوردو وأصفهان، وربطت كل تحرك للمفتشين بالحصول على موافقة مسبقة من مجلس الأمن القومي الإيراني.

السبب الحقيقي للخلاف بين الوكالة الدولية وإيران مرده لوجود تيارين داخليين إيرانيين يتجاذبان الملف النووي: الأول، «مهادن» ويريد أن يلعب ورقة الدبلوماسية، آخذاً بالاعتبار ميزان القوى الحالي في المنطقة، وتخوفه من أن يفضي الفشل الدبلوماسي ليس فقط إلى إعادة فرض العقوبات بل إلى حرب جديدة مع تل أبيب وواشنطن. والثاني «متشدد» ويرى في التساهل الدبلوماسي «استسلاماً» مرفوضاً. وأصحاب هذا التيار يرون أنهم يحظون بدعم المرشد الأعلى الذي يدلي بتصريحات تذهب باتجاه الرفض والتشدد.

بيد أن صحيفة «غارديان» نقلت، الجمعة، عن دبلوماسيين أوروبيين انتقادهم لـ غروسي كونه أبرم اتفاقاً في القاهرة مع الإيرانيين «دون أي مضمون حقيقي، مما سمح لطهران بتأجيل الدخول في مفاوضات جدّية»، وأنه حاول إرضاء كافة الأطراف لرغبته في الوصول إلى منصب أمين عام الأمم المتحدة.

عباس عراقجي قدم مقترحات لتجنيب بلاده إعادة فرض العقوبات الدولية عليها لكن الأوروبيين عدّوها غير كافية )د.ب.أ)

مقترحات متأخرة ومجزوءة

بيد أن طهران ارتكبت خطأ ثانياً يدور حول كيفية استخدام ورقة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في اتفاق 2015 . وقالت مصادر دبلوماسية في باريس إن طهران راهنت على الاجتماعات المباشرة التي حصلت في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لإيجاد مخارج تبعد آلية «سناب باك». والحال أن العروض الإيرانية «الجديدة» شابها عاملان: الأول أنها جاءت متأخرة للغاية، والثاني أن الأوروبيين عدّوها «منقوصة»، وبالتالي «غير كافية، وكونها لا تتوافق مع شروطهم المعروفة». وكشفت مصادر عدة عن أن عراقجي قدم للأوروبيين عرضاً مزدوجاً: فقد اقترح، من جهة، السماح للمفتشين الدوليين بالوصول إلى موقع نووي واحد من بين مواقع تعرضت للقصف. ومن جهة ثانية، طلب مهلة إضافية من 45 يوماً، بدل مقترح سابق ينص على تسعين يوماً، للتعامل مع كمية اليورانيوم عالي التخصيب الذي قال عنه، أكثر من مرة، إنه «تحت أنقاض» المواقع النووية التي قصفها الإسرائيليون والأميركيون في حرب الـ12 يوماً.

وقالت مصادر مطلعة في باريس إن الترويكا رفضت المقترحين وتمسكت بوصول المفتشين إلى كافة المواقع والكشف عن مصير اليورانيوم بلا تأخير.

ونقلت صحيفة «غارديان» البريطانية، عن دبلوماسي أوروبي قوله: «ظنّت وزارة الخارجية الإيرانية أننا لن نمضي في هذا المسار، لكنهم لم يقدموا أي عرض جاد. لقد أساء عراقجي التقدير بشكل كبير».

وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية أخرى إن عراقجي «ضخّم قدرته على انتزاع موافقة أوروبية على مقترحه الأخير»، وإنه «كان عليه أن يرى الحقائق كما هي»، بناء على الاجتماع الذي ضمه مع وزراء «الترويكا» في نيويورك بحضور كايا كالاس.

كذلك سعت إيران لاستمالة فرنسا من خلال إعلامها بأنها ستفرج عن رهائنها الثلاثة المعتقلين في إيران، وبينهم سيسيل كوهلر ورفيق دربها جاك باريس المحتجزين منذ ثلاث سنوات، ما دفع باريس، الخميس، إلى سحب الشكوى التي تقدمت بها ضد إيران لدى محكمة العدل الدولية. والخلاصة نفسها أفضى إليها اجتماع الرئيس ماكرون مع نظيره الإيراني ليغرد بعدها أن «الفرصة تضيق بوجه إيران».

وخطأ إيران الآخر أنها لم تأخذ بعين الاعتبار، كفاية، أن «الترويكا الأوروبية» تعمل بتنسيق كبير مع واشنطن الملتزمة بخط متشدد إزاء طهران، والتي تضغط بقوة لإعادة فرض العقوبات، فضلاً عن الضغوط التي تمارسها إسرائيل، والتي برزت من خلال كلمة رئيس وزرائها نتنياهو في الجمعية العامة، الجمعة.

وكان وزير الطاقة الأميركي، کریس رایت، قد شدد في كلمته أمام المؤتمر السنوي للوکالة الدولیة للطاقة الذریة في فيينا، قبل أيام قليلة، على أن برنامج التخصیب الإیراني یجب أن یُلغى بالکامل، قائلاً: «إذا لم یکن هذا الأمر واضحاً بما فیه الکفایة من قبل، فأعید هنا التأکید على موقف الولایات المتحدة: مسار الأسلحة النوویة الإیرانیة، بما في ذلك تخصیب الیورانیوم وقدرات إعادة معالجة البلوتونیوم، یجب أن یُمحى تماماً».

اتهامات غربية لرافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب تساهله في توقيع اتفاق ركيك مع وزير خارجية إيران عباس عراقجي في القاهرة يوم 9 سبتمبر (د.ب.أ)

ما بعد «سناب باك»

كان لافتاً، خلال «أسبوع القادة» في نيويورك أن طهران قد تخلت عن خطاب التهديد والوعيد الذي دأبت عليه في الأسابيع الماضية رداً على تفعيل «سناب باك». إلا أنها عادت إليه من خلال تصريحات بزشكيان وعراقجي: الأول، قوله الخميس إن طهران مستعدة تماماً لمواجهة أي سيناريو، وستعدل سياساتها إذا أعيد فرض العقوبات الدولية عليها. والثاني، كتب، الجمعة، في تغريدة على منصة «تلغرام»، إن الاتفاق الذي تم توقيعه في مصر هذا الشهر «سيظل سارياً ما لم تُتخذ إجراءات عدائية ضد إيران، بما في ذلك إعادة تفعيل قرارات مجلس الأمن الدولي التي تم إلغاؤها»، مضيفاً: «خلاف ذلك، ستعتبر إيران أن التزاماتها العملية قد أُلغيت».

وقال عراقجي، في حديث لصحيفة «جاكرتا بوست» الإندونيسية، نشر الجمعة، ونقلته وكالة «إرنا»، إن «إيران لن تُساوم أبداً على سيادتها أو حقوقها أو أمنها»، محذراً الأوروبيين من «استبعادهم مستقبلاً من الاتصالات الدبلوماسية: ومنبهاً من عواقب وخيمة وواسعة النطاق على منطقة غرب آسيا والنظام الدولي؛ عواقب من شأنها تقويض سلامة ومصداقية الاتفاقيات الدولية، وتهزّ أسس الأمن الجماعي». وسبق لأصوات إيرانية أن دعت لطرد المفتشين الدوليين، وقطع أي علاقة مع الوكالة الدولية، لا بل إلى الانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وحتى تغيير العقيدة الإيرانية التي تمنع الحصول على السلاح النووي.

ما الذي سيحصل بدءاً من صباح الأحد؟ تقول مصادر فرنسية إن الأمور مرهونة بما ستقدم عليه طهران، وإن باب التفاوض ما زال مفتوحاً بعد فرض العقوبات كما قبلها، ما يعيد الأمور لما كانت عليه قبل عام 2015.

وحث وزير الخارجية الألماني، الخميس، على مواصلة التفاوض للتوصل إلى اتفاق جديد. لكن ذلك لن يكون هدفاً سهلاً بالنظر لفشل خمس جولات تفاوضية بين وفدي واشنطن وطهران وأربع جولات بين إيران والترويكا. صحيح أن تخصيب اليورانيوم يعد صعوبة كبرى. لكن طهران تتخوف من إثارة ملفين رديفين: برنامجها الباليستي من جهة، وسياستها الإقليمية من جهة ثانية.


مقالات ذات صلة

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

قدّمت الحكومة الإيرانية الثلاثاء مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

ما الذي ستجنيه إسرائيل من الاعتراف بـ«أرض الصومال»؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
TT

ما الذي ستجنيه إسرائيل من الاعتراف بـ«أرض الصومال»؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

سلطت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الضوء على إعلان إسرائيل اعترافها، الجمعة، بإقليم «أرض الصومال»، وقالت الصحيفة إن البعض قد يرى في ذلك بداية عهد جديد من التنافس الدولي في القرن الأفريقي، لكن القضية الحقيقية تكمن في أن الأمر قد يبدو أقرب إلى رقعة شطرنج استراتيجية مما هو عليه في الواقع.

ولفتت إلى أن إقليم «أرض الصومال» يقع في القرن الأفريقي، ويجاور دولاً مثل إثيوبيا وجيبوتي، ويثير هذا الاعتراف تساؤلات أكثر بشأن ما يحيط به عبر خليج عدن والبحر الأحمر، حيث يفصل بينهما مضيق باب المندب، الذي يُعدّ نقطة عبور اقتصادية حيوية للملاحة المتجهة من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى المحيط الهندي، وبالتالي يُنظر إليه بوصفه منطقةً تجاريةً بالغة الأهمية عالمياً، بالإضافة إلى وجود قوات بحرية متعددة.

ومع ذلك، تعاني العديد من دول هذه المنطقة من الضعف أو الصراعات الداخلية، فالسودان غارق في حرب أهلية منذ سنوات، أما دولة الصومال فقد تفككت إلى حد كبير في أوائل التسعينات، مما استدعى تدخلاً دولياً بلغ ذروته في معركة قُتل فيها جنود أميركيون، وتعاني إريتريا منذ زمن طويل من الفقر والصراعات الداخلية، كما شهدت إثيوبيا صراعات داخلية.

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

وذكرت الصحيفة أن منطقة القرن الأفريقي أشبه برقعة شطرنج استراتيجية، وصحيح أن وجود قوات بحرية أو أصول عسكرية في هذه المنطقة يبدو مهماً، إلا أن هجمات الحوثيين على السفن أظهرت أنه يمكن تهديد الملاحة البحرية باستخدام طائرات مسيَّرة وصواريخ بسيطة ورخيصة نسبياً، وكذلك اعتاد القراصنة الصوماليون على اختطاف القوارب باستخدام زوارق صغيرة وبنادق كلاشينكوف.

وأضافت أن منطقة القرن الأفريقي تفتقر إلى الموارد الطبيعية، ولذلك فإن العديد من دولها ضعيفة، لذا، قد يكون الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» أقل من مجموع مصالح دول المنطقة على مستوى الاستراتيجية الكبرى، وصحيح أن للعديد من الدول مصالح فيها، إلا أن هذه المصالح لم تُترجم حتى الآن إلا إلى مشاركة محدودة، وهناك أولويات أخرى أهم، ومعظم الدول تدرك ذلك.


تركيا: مسيرة ضد المفاوضات مع أوجلان في إطار «عملية السلام»

مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
TT

تركيا: مسيرة ضد المفاوضات مع أوجلان في إطار «عملية السلام»

مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)

فيما انتقد قيادي في حزب «العمال الكردستاني» خطوات الحكومة والبرلمان والأحزاب في تركيا بشأن «عملية السلام» وحل المشكلة الكردية، خرجت مسيرة حاشدة إلى ضريح مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة، رفضاً للمفاوضات مع زعيم الحزب السجين عبد الله أوجلان.

وتجمّع الآلاف من ممثلي الأحزاب والأكاديميين والصحافيين والعمال والشباب وممثلي الجمعيات العمالية ومختلف شرائح المجتمع التركي أمام ضريح أتاتورك (أنيتكابر)؛ للتعبير عن رفضهم للعملية التي تطلق عليها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب» ويسميها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

رفض الحوار مع أوجلان

أكد المشاركون في المسيرة رفضهم المفاوضات مع أوجلان؛ كونه زعيم «منظمة إرهابية»، في إشارة إلى حزب «العمال الكردستاني»، ولـ«تورط البرلمان، الذي أسسه أتاتورك، في هذه العملية وإرسال وفد للقاء أوجلان في سجن إيمرالي».

وردّد المشاركون في المسيرة، التي انطلقت من ميدان «تان دوغان» إلى ضريح أتاتورك، هتافات من مقولاته، مثل: «كم أنا سعيد لكوني تركياً»، و«الاستقلال أو الموت».

بالتوازي، تقدمت مجموعة من المحامين بطلب إلى ولاية ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، ووزارة الداخلية، ورئاسة الجمهورية، لحظر مسيرة تعتزم منصة «المجتمع الديمقراطي» تنظيمها في المدينة في 4 يناير (كانون الثاني) المقبل، للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان، الذي أمضى 26 عاماً في السجن من محكوميته بالسجن المؤبد المشدد.

ولفت المحامون، في بيان مشترك، السبت، إلى أنه على الرغم من وجود أوجلان في السجن، فإن «نفوذه على المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) لا يزال قائماً»، وأن «أي اجتماع يُعقد تحت قيادته يُعدّ (دعاية لمنظمة إرهابية) و(تمجيداً للجريمة والمجرمين)»، وأن التجمع المزمع يُشكّل «خطراً واضحاً ومباشراً على النظام العام والأمن». وذكروا أنهم إلى جانب طلب الحظر، قدّموا شكوى جنائية لدى مكتب المدعي العام في ديار بكر ضد منظمي التجمع.

انتقادات كردية

في غضون ذلك، انتقد القيادي في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، الحكومة التركية والبرلمان والأحزاب السياسية، قائلاً إن الخطوات التي اتخذوها حتى الآن بشأن عملية السلام ودعوة «القائد آبو» (أوجلان) لحل الحزب ونزع أسلحته وتحقيق السلام والمجتمع الديمقراطي، «لا يمكن وصفها بالإيجابية».

وقال كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلت في تركيا، السبت، إنه «إذا كانت هذه العملية بهذه الأهمية، وإذا كان عمر الجمهورية التركية هو 100 عام، وإذا كان من المقرر حلّ مسألةٍ تتعلق بـ50 عاماً، أي نصف تاريخها، وإذا كان الهدف هو ضمان الأخوة التركية - الكردية، فإن الاعتراف بـ(الزعيم آبو) بوصفه شريكاً في المفاوضات أمر ضروري».

وأضاف: «يجب تهيئة الظروف التي تُمكنه من لعب دور فعّال في هذه العملية، حيث يستطيع العيش والعمل بحرية، هذه مسألة قانونية، منصوص عليها في دستورهم، تتعلق بـ(الحق في الأمل)». وعدّ كاراصو أن السياسة والأحزاب التركية تواجه «اختباراً تاريخياً»، وأن عدم معالجة مشاكل تركيا الجوهرية لا يعني سوى خداع هذه الأحزاب والسياسيين للمجتمع التركي.

وانتقد كاراصو عدم إعداد اللوائح القانونية التي تضمن الإفراج عن السجناء الذين أمضوا 30 سنة في السجن، حتى الآن، رغم إعلان حزب «العمال الكردستاني» حل نفسه وإلقاء أسلحته.

أحد اجتماعات لجنة البرلمان التركي لوضع الأساس القانوني لحل «العمال الكردستاني» (البرلمان التركي - إكس)

وأشار إلى أن البرلمان شكّل لجنة لوضع الأساس القانوني للعملية، عقدت الكثير من الاجتماعات، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن، مضيفاً: «لقد أصبح البرلمان، إلى حدٍّ ما، مجرد إجراء شكلي، تُترك القضايا الجوهرية لغيره؛ كالاقتصاد والتعليم، وحتى هذه القضايا لها حدودها».


الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
TT

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم (السبت)، إن بلاده في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا، مشيراً إلى أن هذه البلدان لا تريد لإيران النهوض.

ونقل التلفزيون «الرسمي» الإيراني عن بزشكيان أن إسرائيل اعتقدت أن عدوانها على إيران سيؤدي إلى انهيار النظام، لكن ذلك لم يحدث، مؤكداً قدرة بلاده على تجاوز الضغوط والعقوبات.

وأفاد الرئيس الإيراني أن الجيش أكثر قوة الآن عما كان عليه قبل الحرب مع إسرائيل، وتعهد بتلقين إسرائيل والولايات المتحدة درساً «أشد قسوة» إذا تكررت الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال، يوم الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيُقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنّت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل خارقة للتحصينات.