مقتل فلسطيني حاول التسلل إلى القدس عبر ثغرة في الجدار الفاصل

الأمن الإسرائيلي تؤرقه «الثغرات» ويخشى أن تصبح «مصائد موت»

جثمان الفلسطيني سند حنتولي يصل إلى مستشفى رام الله بعد إطلاق النار عليه خلال محاولته عبور الجدار الفاصل لدخول القدس يوم الاثنين (أ.ف.ب)
جثمان الفلسطيني سند حنتولي يصل إلى مستشفى رام الله بعد إطلاق النار عليه خلال محاولته عبور الجدار الفاصل لدخول القدس يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

مقتل فلسطيني حاول التسلل إلى القدس عبر ثغرة في الجدار الفاصل

جثمان الفلسطيني سند حنتولي يصل إلى مستشفى رام الله بعد إطلاق النار عليه خلال محاولته عبور الجدار الفاصل لدخول القدس يوم الاثنين (أ.ف.ب)
جثمان الفلسطيني سند حنتولي يصل إلى مستشفى رام الله بعد إطلاق النار عليه خلال محاولته عبور الجدار الفاصل لدخول القدس يوم الاثنين (أ.ف.ب)

قتلتْ إسرائيل، يوم الاثنين، فلسطينياً حاول التسلل إلى القدس عبر ثغرة في الجدار الفاصل كان منفذو هجوم القدس الذي قُتل فيه 6 إسرائيليين، الأسبوع الماضي، قد استخدموها.

وحدثت واقعة الاثنين بعدما عززت قوات الأمن هذه الثغرة وغيرها في الجدار الطويل الذي يمتد نحو 700 كيلومتر حول الضفة الغربية.

وقُتل سند حنتولي (25 عاماً)، وهو من سيلة الظهر، جنوب جنين، برصاص القوات الإسرائيلية قرب جدار الفصل في بلدة الرام شمال مدينة القدس المحتلة.

وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بأن طواقمها تسلمت جثمان حنتولي من منطقة الضاحية داخل القدس، جراء تعرضه لإطلاق نار أثناء محاولته اجتياز الجدار.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إن قوةً من حرس الحدود «قتلت فلسطينياً حاول دخول القدس عبر الجدار في منطقة الرام... من الثغرة نفسها التي دخل منها منفذو العملية الدامية، الأسبوع الماضي، التي قُتل فيها ستة إسرائيليين.

وهذا هو الحادث الثاني من نوعه خلال أسبوع، إذ أطلق الجيش الإسرائيلي النار على فلسطينيين في المنطقة نفسها قرب عطروت شمال القدس.

وتسلط الحادثة الجديدة الضوء على الثغرات الأمنية في الجدار الفاصل التي حاولت إسرائيل التعامل معها عدة مرات دون جدوى.

وأظهرت لقطات فيديو الأسبوع الماضي فلسطينيين يواصلون عبور الجدار الفاصل في نقاط مختلفة.

مخاوف في موسم الأعياد

ويُؤرق تسلل الفلسطينيين عبر ثغرات في الجدار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ويُثير بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الخوف من حدوث موجة من الهجمات المُقلّدة التي قد يشنها مهاجمون فرادى.

مشيعون يحملون نعش شاب فلسطيني توفي متأثراً بجراحه خلال اشتباكات مع مستوطنين إسرائيليين بقرية دير جرير شمال شرقي رام الله بالضفة الغربية يوم الأحد (أ.ف.ب)

وقالت الصحيفة إنه رغم التوترات الأمنية، ظهرت في الأسابيع الأخيرة لقطات تُوثّق عدة حالات تسلل إلى إسرائيل، معظمها عبر تسلق الجدار الفاصل. وأشارت إلى حدوث ذلك على الرغم من تشديد أوامر إطلاق النار في هذه النقاط، بعد بدء الحرب، وتطبيق القوات إجراءات اعتقال للمشتبه بهم تنتهي بإطلاق النار حتى على من يعبثون بالجدار، ناهيك عمَّن يعبره.

وتخشى إسرائيل من هجمات محتملة مع اقتراب ذكرى السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الذي يأتي في ذروة الاحتفالات بالأعياد اليهودية.

وقالت «يديعوت أحرونوت» إنه رغم ذلك، ورغم أحداث الأسبوع الماضي، لا تزال بعض الثغرات مفتوحة على مصراعيها. ولم يرصد فريق «واي نت» التابع للصحيفة الذي أمضى نحو ساعة بالقرب من ثغرة في السياج سوى سيارة شرطة واحدة تمر على طول الطريق.

ويُستخدم الجدار المحيط بالقدس في الأساس من قِبل الباحثين عن عمل، لكن أحياناً من قِبل مهاجمين أيضاً.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت الشرطة اعتقال أكثر من 11 ألف مقيم غير شرعي منذ بداية العام، لكن لوحظ أنه على الرغم من التحذيرات بشأن حالة الثغرات في السياج، لم يتم فعل أي شيء منذ أكثر من عام.

أزمة منع دخول العمال الفلسطينيين

وفي عام 2022 كان الحديث يدور على نحو 270 ثغرة تم التعامل مع جزء كبير منها، بعدما اتخذ المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر (الكابينت) آنذاك قراراً بإغلاق كافة ثغرات الجدار، بعد عملية نفذها الفلسطيني ضياء حمارشة بمنطقة «بني براك» في تل أبيب وقتل فيها 5 إسرائيليين.

وأرجعت «يديعوت أحرونوت» ازدياد عدد المتسليين في جانب منه إلى مزيج من الوضع الاقتصادي المتردي لسكان الضفة الغربية، والقيود المفروضة على دخول الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر، إذ يبدي الباحثون عن العمل استعداداً أكبر للمخاطرة.

وصرح مصدر في المؤسسة الأمنية لموقع «واي نت» بأن حظر دخول العمال «يقود إلى ظاهرة المقيمين غير الشرعيين (المتسللين) ولا يوجد إشراف ومتابعة»، وأضاف: «إذا سمحوا بدخول العمال، فهذا سيساعد الجهاز على متابعتهم. ولا توجد أي رقابة أو مراقبة على المتسللين»، مؤكداً أن الموافقة على دخول العمال ستساعد النظام على تتبعهم.

وتؤيد المؤسسة الأمنية إعادة إدخال العمال الذين سحبت إسرائيل تصاريحهم مع السابع من أكتوبر، لكن الحكومة ترفض حتى الآن.

وفقد نحو 160 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية مصدر دخلهم الوحيد بعدما جمدت إسرائيل تصاريح دخولهم أسوة بنحو 20 ألف عامل من قطاع غزة ألغيت تصاريحهم بالكامل.

وإذا كان منع العمال من دخول إسرائيل قد قاد إلى تدهور الاقتصاد في الضفة الغربية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أجورهم كانت تصل إلى نحو مليار شيقل شهرياً، فإن التدهور طال إسرائيل بشكل أكبر. (الدولار يساوي 3.30 شيقل).

وقال المصدر الأمني: «من البديهي أنه لو أرادت إسرائيل سد جميع الثغرات بإحكام، لفعلت ذلك. لكنها لا تفعل، ويتدفق المقيمون غير الشرعيين عاماً بعد عام». وأضاف: «هذا مفيد للاقتصاد في إسرائيل والمدن الفلسطينية، لكنهم لا يستيقظون إلا عند وقوع هجوم إرهابي. لكن إذا أرادوا سدها، فعليهم سدها بإحكام... حتى النهاية».

الهدف... تهيئة المستوطنات

وبدأت إسرائيل ببناء الجدار الفاصل في شهر يونيو (حزيران) عام 2002، وهو جدار يفصل بين أراضي عام 1948 وأراضي عام 1967، وذلك من خلال إيجاد منطقة عازلة تمتد على طول الخط الأخضر من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها.

جنود إسرائيليون يقفون بالقرب من مستوطنة بساغوت الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة في 7 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتشير أبحاث إلى أن الجدار يبلغ طوله 771 كيلومتراً، أُنجز منه أكثر من 500 كيلومتر، ويعزل ما مساحته 705 كيلومترات مربعة من الأراضي الواقعة غربه، أي نحو 12.5 في المائة من المساحة الكلية للضفة الغربية.

وقالت منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية إن الهدف المعلن للجدار هو منع دخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى إسرائيل سوى بتصريح؛ ولكن خلافاً لما أُعلن، كانت الغاية من بنائه تحقيق أهداف إضافية تتمثل في «التهيئة» لمعظم المستوطنات ولضم مساحات واسعة من الأراضي المخصّصة للتوسع الاستيطاني مستقبلاً.

وبهذه الطريقة تَحوّل الجدار إلى أداة أساسيّة للضمّ السياسي تستخدمها إسرائيل للسيطرة على ما يقارب عُشر مساحة الضفة الغربية بغرض تقليل عدد السكان الفلسطينيين القاطنين في المساحة المحبوسة بين مسار الجدار والخط الأخضر، وإلحاق أضرار شاملة بالتجمّعات الفلسطينية الواقعة إلى الشرق من الجدار والتي فُصلت فعلياً عن أراضيها.

ويمر ما يقرب من 85 في المائة من مسار الجدار متلوّياً داخل الضفة الغربية، أي داخل الأراضي المحتلّة، فلا هو يطابق الخط الأخضر ولا يمرّ غربيّه داخل حدود إسرائيل. وكان ذلك جزءاً من سياسة طويلة الأمد اتّبعتها إسرائيل تستخدم من خلالها أراضي الضفة لاحتياجاتها، متجاهلة احتياجات السكّان الفلسطينيين وحقوقهم.

صورة لمستوطنة نيفي دانيال بالضفة الغربية 12 مارس 2024 (رويترز)

ومن أجل إقامة الجدار، قطعت إسرائيل التواصل الحضري والرّيفيّ الفلسطيني، وفكّكت الصلات بين التجمّعات السكّانية، التي كانت قد تشكّلت على امتداد أجيال طويلة، وفرضت بين ليلة وضحاها «نظاماً حيّزياً» متلائماً مع حدود المستوطنات ومريحاً لقوّات الأمن الإسرائيلية.

«سد» بين القدس والضفة

ووفقاً لمعطيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (OCHA) أتمّت إسرائيل في سبتمبر (أيلول) 2017 بناء نحو 65 في المائة من مسار الجدار، أي ما يقارب 500 كيلومتر. وهناك نحو 53 كيلومتراً أخرى من المسار قيد البناء، وهو ما يقارب 7.5 في المائة، وهناك 200 كيلومتر إضافية لم يبدأ بناؤها بعد.

وفي القدس أنشأ الجدار «سداً» بين المدينة وبقيّة مناطق الضفة الغربية، وسرع بذلك من عملية فصل القدس الشرقية عن أراضي الضفة التي لم تُضمّ إلى المدينة.

ويصل طوله في منطقة القدس إلى 202 كيلومتر.

ويتكون الجدار من الأسمنت ومقاطع مسيجة مزودة بكاميرات مراقبة وأجهزة استشعار أخرى، ومعزول بأسلاك شائكة ومنطقة حظر بعرض 60 متراً. وفي المناطق الأكثر حضرية، بما في ذلك حول القدس وبيت لحم، تم بناء الجدار من الأسمنت ويصل ارتفاعه إلى ما بين ثمانية وتسعة أمتار.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتأهب لتصعيد من الضفة... وتمدد عملياتها لأسبوعين

شؤون إقليمية آليات تابعة للاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس بالضفة الغربية يوم الثلاثاء (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تتأهب لتصعيد من الضفة... وتمدد عملياتها لأسبوعين

تستعد إسرائيل لتصعيد أكبر في الضفة الغربية يشمل هجمات فلسطينية محتملة على خلفية العملية العسكرية المتواصلة في شمال الضفة التي تم تمديدها لأسبوعين إضافيين

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي صورة لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية أثناء استئناف الدراسة خلال وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بمدينة غزة 2 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

مقتل شخصين في قصف إسرائيلي على حي التفاح شرق مدينة غزة

قالت المديرية العامة للدفاع المدني في قطاع غزة مساء اليوم الثلاثاء إن شخصين قُتلا وأصيب أكثر من 15 نتيجة قصف مدفعي إسرائيلي على منزل شرق مدينة غزة

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية لحظة تفجير منزل الفلسطيني المعتقل عبد الكريم صنوبر في نابلس بالضفة الغربية بعد أن فجّرته قوات إسرائيلية الثلاثاء (أ.ف.ب) play-circle

إسرائيل توسع اقتحامات الضفة... وفلسطينيون يردون بالدهس والطعن

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فلسطينيين نفذا هجومين ضد جنود إسرائيليين، في ذروة توسيع عمليتها في شمال الضفة، وسط مخاوف من انفجار أوسع.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية صورة من موقع الحادث اليوم (موقع واي نت)

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين مشتبه بهما في الضفة الغربية

قتلت القوات الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، بالرصاص فلسطينيين مشتبه بهما، مطلوبين في هجومين أسفرا عن إصابة ثلاثة إسرائيليين بالضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلال مداهمة في جنين بالضفة الغربية المحتلة خلال نوفمبر (رويترز)

قوات إسرائيلية تقحتم مدينة طوباس بالضفة وتفرض منع التجول

أعادت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي اقتحام مناطق واسعة من مدينة طوباس وبلدة عقابا شمال الضفة الغربية، فجر اليوم (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (رام الله)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».