ساعر ينتقد تصريحات فون دير لايين بشأن غزة

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (إ.ب.أ)
TT

ساعر ينتقد تصريحات فون دير لايين بشأن غزة

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (إ.ب.أ)

انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الأربعاء إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أنها ستدفع باتجاه فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين «متطرفين»، والحد من العلاقات التجارية مع الدولة العبرية جراء الوضع الكارثي في غزة.

وقال ساعر على منصة «إكس» إن «التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية هذا الصباح مؤسفة، وبعضها يردد دعاية (حماس) الكاذبة وشركائها». وأضاف: «مرة أخرى، تبعث أوروبا برسالة خاطئة، مما يقوي (حماس) والمحور المتطرف في الشرق الأوسط».

قالت فون دير لايين إنها ستعمل على فرض عقوبات على الوزراء الإسرائيليين «المتطرفين»، وتقييد العلاقات التجارية بسبب الأوضاع في غزة، معتبرة أن مجاعة من صنع البشر لا يمكن أن تستخدم سلاح حرب. وصرحت في كلمة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ: «ما يحدث في غزة هزّ ضمير العالم. أشخاص يقتلون وهم يتسوّلون الحصول على طعام. أمهات يحملن أطفالاً أمواتاً. هذه الصور كارثية». وأضافت: «من أجل الأطفال، من أجل الإنسانية، يجب أن يتوقف هذا». ومضت بالقول: «مجاعة من صنع البشر لا يمكن أن تستخدم سلاح حرب»، متحدّثة عن وضع «غير مقبول» في قطاع غزة. وتابعت فون دير لايين: «سنقترح فرض عقوبات على الوزراء المتطرفين والمستوطنين العنيفين. وسنقترح أيضاً تعليقاً جزئياً لاتفاق الشراكة فيما يتعلق بالقضايا التجارية». وأعلنت الأمم المتحدة في 22 أغسطس (آب) أن حالة مجاعة تسود بعض مناطق قطاع غزة، في حين نفت إسرائيل حصول مجاعة، متهمة حركة «حماس» بنهب المساعدات.

وأشارت المسؤولة الأوروبية إلى أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية -بما فيها مشاريع الاستيطان الأخيرة في الضفة الغربية المحتلة والتي ستؤدي إلى تقسيمها- «غير مقبولة» أيضاً. واعتبرت أن كل ذلك «دليل على محاولة واضحة لتقويض حل الدولتين. يجب ألا نسمح بحدوث ذلك».

لكنّ قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ما زالوا منقسمين بشأن الموقف الذي يجب اتخاذه تجاه إسرائيل منذ شنّت حربها على قطاع غزة عقب الهجوم غير المسبوق لحركة حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب الدولة العبرية. واقترحت المفوضية على سبيل المثال تعليق برنامج دعم للشركات الناشئة الإسرائيلية، لكن حتى هذا الإجراء «المتساهل»، وفق مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، لم يُعتمد بسبب عدم حصوله على الغالبية. وهذه المرة، تريد فون دير لايين الذهاب إلى أبعد من ذلك باقتراح تعليق الجزء التجاري من اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهو إجراء تطالب به منذ فترة طويلة الكثير من الدول الأعضاء في التكتل، بما فيها إسبانيا، وبلجيكا. والاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وتعليق جزء من الاتفاق لن يوقف المبادلات التجارية بين الجانبين، بل سيعلّق الرسوم الجمركية التفضيلية، أو الإعفاءات منها. لكنّ فون دير لايين أقرّت بأنه سيكون من الصعب الحصول على غالبية لاعتماد هذه الإجراءات. لذلك، قررت الكثير من الدول التحرك بشكل أحادي. فقررت بلجيكا الأسبوع الماضي فرض عقوبات (اقتصادية وقنصلية...) على إسرائيل، وبعض الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، وتعهدت بالانضمام إلى الدول التي ستعترف بدولة فلسطين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: حروب العالم تسببت في انعدام الأمن الغذائي في 14 من 16 بؤرة جوع

الولايات المتحدة​ لاجئون سودانيون فروا من دارفور ينتظرون عند نقطة لتوزيع المياه في مخيم أوري كاسوني بتشاد (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: حروب العالم تسببت في انعدام الأمن الغذائي في 14 من 16 بؤرة جوع

حذرت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد من تفاقم العلاقة بين الجوع والنزاعات المسلحة في العالم، مشيرة إلى أنها أصبحت تشكل «تهديدا استراتيجيا ووجوديا».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

تركيا تؤكد مجدداً استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة

أكدت تركيا مجدداً استعدادها لإرسال قوات عسكرية ضمن قوة الاستقرار الدولية الجاري العمل على تشكيلها في غزة، وقالت إنه تم تحديد أعضاء اللجنة التي ستدير القطاع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان أكد عقب مباحثات مع رئيس «جمهورية شمال قبرص التركية» طوفان إرهورمان بأنقرة في 13 نوفمبر تمسكه بحل الدولتين (الرئاسة التركية)

«حل الدولتين» يفجّر توتراً بين قبرص وتركيا... وألمانيا تسعى لوساطة

أثار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان غضب قبرص مرة أخرى بتمسُّكه بـ«حل الدولتين»؛ لحل مشكلة الجزيرة المقسّمة بين شطرين يوناني وتركي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ) play-circle 00:54

«الأمم المتحدة» لإرسال لجنة تحقيق في انتهاكات الفاشر

كلّف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، بعثة لتقصي الحقائق وتحديد هوية جميع المسؤولين عن الانتهاكات التي يُشتبه في ارتكابها في مدينة الفاشر…

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)

مجلس حقوق الإنسان يشكل بعثة لتقصي الحقائق في الفاشر

اعتمد أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال اجتماعهم في جنيف، بالإجماع قرارا بتشكيل بعثة مستقلة لتقصي الحقائق والتحقيق في الفظائع التي ارتكبت في الفاشر بالسودان.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

نتنياهو يندد بعنف «متطرفين» إسرائيليين بالضفة الغربية

خلال اشتباك قوات الأمن الإسرائيلية مع مستوطنين أثناء إخلاء وهدم بؤرة استيطانية غير قانونية بنيت بالقرب من مستوطنة ميتساد اليهودية شرق مدينة سعير الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة 17 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
خلال اشتباك قوات الأمن الإسرائيلية مع مستوطنين أثناء إخلاء وهدم بؤرة استيطانية غير قانونية بنيت بالقرب من مستوطنة ميتساد اليهودية شرق مدينة سعير الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة 17 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يندد بعنف «متطرفين» إسرائيليين بالضفة الغربية

خلال اشتباك قوات الأمن الإسرائيلية مع مستوطنين أثناء إخلاء وهدم بؤرة استيطانية غير قانونية بنيت بالقرب من مستوطنة ميتساد اليهودية شرق مدينة سعير الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة 17 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
خلال اشتباك قوات الأمن الإسرائيلية مع مستوطنين أثناء إخلاء وهدم بؤرة استيطانية غير قانونية بنيت بالقرب من مستوطنة ميتساد اليهودية شرق مدينة سعير الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة 17 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الاثنين، بأعمال عنف ارتكبها «متطرفون» قال إنهم لا يمثلون المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، وذلك في أعقاب هجوم آخر على قرية فلسطينية.

وقال نتنياهو في بيان: «آخذ على محمل الجد أعمال الشغب العنيفة التي أثارتها حفنة من متطرفين لا يمثلون المستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ويحاولون إحقاق العدالة بأنفسهم».

خلال إخلاء وتدمير موقع غير قانوني لمستوطنين تم بناؤه بالقرب من مستوطنة ميتساد اليهودية شرق مدينة سعير الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة 17 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

وأضاف رئيس الوزراء: «أعتزم معالجة هذه المسألة شخصياً وعقد اجتماع للوزراء المعنيين في أقرب وقت ممكن للرد على هذا الوضع الخطير»، في خضم تصاعد الهجمات وتعرّض قرية فلسطينية مساء قرب بيت لحم لهجوم بدا أنه رد فعل على تفكيك قوات الأمن الإسرائيلية بؤرة استيطانية يهودية قريبة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».


ميليشيات لكتم الأفواه تعمل في إسرائيل

النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)
النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)
TT

ميليشيات لكتم الأفواه تعمل في إسرائيل

النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)
النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)

بعد تكرار حوادث الاعتداءات على القادة السياسيين العرب ونشطاء سياسيين يهود من المعارضة وصحافيين ناقدين، بات واضحاً أن هناك ميليشيات لكتم الأفواه تعمل في إسرائيل بنشاط ومثابرة، بما يهدد حياة هؤلاء النشطاء بشكل حقيقي، مما جعل قسماً كبيراً منهم تحت الحراسة المشددة.

وقد بدأت هذه الميليشيا عملها ضد النواب العرب في الكنيست (البرلمان). وحاولت في الأسبوعين الماضيين تنفيذ اعتداء دموي على النائب أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير.

وهاجمت لقاء دُعي إليه عودة مع نشطاء سياسيين يساريين في بلدة برديس حنة، ولقاء آخر في مدينة نس تسيونة، وتم تحطيم زجاج سيارته وإلقاء الحجارة باتجاهه، وتبين أن الشرطة كانت على علم بالنية في الاعتداء في المرتين وأخبرته بذلك وحذرته من الوصول إلى هذين اللقاءين، لكنه أصر على الحضور قائلاً: «نحن لا نرضخ أمام الفاشيين الإرهابيين. ولن نُلغي اللقاءات مع الجمهور تحت أي ظرف كان، ونعلم أن هدفهم منع أي لقاء بين يهود وعرب».

النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أيمن عودة يتحدث أمام فعالية «قمة السلام الشعبية» في القدس 9 مايو الماضي (أ.ف.ب)

وتعرض نائب آخر من الكتلة نفسها، عوفر كسيف، لاعتداء شبيه في القدس بمشاركة بعض أفراد الشرطة.

كما واجه نائبان يهوديان من حزب شاس لليهود المتدينين الشرقيين اعتداءً دموياً أسفر عن إصابتهما بجراح، وذلك من عناصر يهودية دينية متزمتة أرادت الانتقام منهما لأنهما وافقا على إدارة مفاوضات مع الحكومة لسن قانون يبيح إعفاء الشباب المتدينين من الخدمة العسكرية جزئياً

حراسة مشددة

ونتيجة للتهديدات بالقتل التي تعرض لها صحافيون ناقدون، هم غاي بيلج ودانا فايس ويونيت ليفي ورينا متسلياح، تم وضع حراسة مشددة عليهم وكذلك على أبواب استوديوهات «القناة 12» للتلفزيون، التي يعملون فيها.

وتم إلغاء محاضرة للصحافي بيلج في حيفا كما أُلغيت محاضرة لإحدى قادة المظاهرات التي تقام في كل يوم سبت ضد سياسة الحكومة، المحاضرة الجامعية شيكما ترسلر في طبعون.

وقد اعتبرت «جمعية طهارة الحكم» هذه الأحداث نتيجة طبيعية للهجمة التي تديرها الحكومة ووزراؤها ضد كل من يعترض على سياستها وينتقد قراراتها وممارساتها.

وطالب مركز عدالة القانوني سلطات إنفاذ القانون في إسرائيل بفتح تحقيق شامل وفعّال في أحداث العنف هذه؛ إذ إنها باتت أعمال إرهاب واضحة وفق قانون مكافحة الإرهاب، وقدم للشرطة عشرات الفيديوهات والشهادات التي قال إنها تكشف هوية المعتدين والمحرضين.

وقالت إيفا إيلوز، الباحثة الفرنسية - الإسرائيلية في الاجتماعيات ومديرة بحوث في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس، إن ما يجري يدل على نمو هائل لبذور الفاشية اليهودية في إسرائيل، وأكدت أن هؤلاء الفاشيين هم «الشركاء الطبيعيون» لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحزبه وحلفائه.

صبي إسرائيلي يحمل لعبة على هيئة بندقية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة في مارس 2024 (أ.ف.ب)

وأضافت، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس»: «منذ عقدين ونتنياهو لا يكف عن التحريض على الكراهية بين اليهود والعرب، أو عن الطعن في مشروعية السلطة القضائية، وهو يرسي الهوية الوطنية على الدين».

وتذهب إيلوز إلى أن الإرهاب اليهودي كان ظاهرة هامشية في إسرائيل قبل عام 1980، ومنذ ذلك العقد، دبرت مجموعات يهودية، على شاكلة «همحتيرت هيهوديت»، و«كاخ»، و«تيرور نيجيد تيرور»، و«بت عايين» و«ليهافا»، هجمات إرهابية أحبطت الشرطة معظمها. وبعض هذه المجموعات كان يدين بقومية مفرطة. وبعض آخر كان يعلن مناهضته للصهيونية (ويريد تقويض دولة إسرائيل واستبدالها بمملكة يهودا).


إيران وروسيا توحدان المواقف بشأن اجتماع «الوكالة الذرية»

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
TT

إيران وروسيا توحدان المواقف بشأن اجتماع «الوكالة الذرية»

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)

شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على تجنب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأثر بـ«الضغوط والنفوذ السياسي» للولايات المتحدة والقوى الأوروبية، وذلك قبل يومين من مناقشة ملف طهران النووي، في الاجتماع الفصلي للوكالة التابعة للأمم المتحدة.

وتستعد القوى الغربية لطرح مشروع قرار متحمل، الأربعاء، يدين عدم تعاون طهران مع الوكالة الذرية، بناءً على أحدث تقرير المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي.

ودعت «الوكالة الذرية» إيران للسماح لها بالتحقق «في أقرب وقت ممكن» من مخزوناتها من اليورانيوم خصوصاً عالي التخصيب. وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان لدول الأعضاء، الأسبوع الماضي، إن هناك انقطاعاً لديها في المعلومات «المتعلقة بكميات المواد النووية المعلنة سابقاً في إيران داخل المنشآت المتضررة»، وذلك بعدما علقت طهران في يوليو (تموز) تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب حرب استمرت 12 يوماً في يونيو (حزيران).

وأجرى عراقجي مكالمة هاتفية، مساء الاثنين، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف تمحورت حول الملف النووي الإيراني، فضلاً عن العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية.

وأفادت «الخارجية الإيرانية» في بيان أن الجانبين اتفقا، مع اقتراب اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على تنسيق المواقف بشأن البرنامج النووي الإيراني، مجددين التأكيد على «طبيعته السلمية».

كما جدد وزير الخارجية الإيراني التأكيد على ضرورة أن تلتزم «الوكالة الذرية» بصلاحياتها الفنية «بعيداً عن التسييس، وألا تتأثر بالضغوط أو النفوذ السياسي الأميركي وبعض الأعضاء الأوروبيين»، في إشارة إلى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

بدورها، ذكرت «الخارجية الروسية» في بيان أن مكالمة لافروف ونظيره الإيراني تطرقت إلى التطورات الإقليمية، لا سيما مسار التسوية في الشرق الأوسط، وفقاً لبيان «الخارجية الروسية».

وذكرت الوزارة في بيان نُشر على موقعها أن الجانبين «قاما بمواءمة المواقف» بشأن ملف البرنامج النووي الإيراني، وذلك قبيل انعقاد دورة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقاً لوكالة «ريا نووستي» الروسية.

وفيما يتعلق بالتسوية بين إسرائيل وحركة «حماس»، أكدت «الخارجية الروسية» أن الوزيرين شدداً على أهمية تحقيق سلام مستدام يستند إلى إطار قانوني دولي معترف به، وعلى ضرورة أخذ القرارات المتعلقة بإنشاء الدولة الفلسطينية في الحسبان بشكل كامل ضمن عمل مجلس الأمن الدولي.

وذكر البيان الرسمي الإيراني أن لافروف رحّب بتشكيل إطار إقليمي للتشاور والتعاون، معلناً استعداد موسكو لمواصلة التنسيق مع طهران. وأشار عراقجي إلى المبادرات والمشاورات الدبلوماسية التي تجريها إيران مع دول المنطقة للحفاظ على السلام والاستقرار، مؤكداً أهمية تعزيز هذا المسار بمشاركة جميع الأطراف المعنية.

وجاء الاتصال بين الوزيرين بعد يومين من مكالمة هاتفية جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأفاد الكرملين، السبت، بأن بوتين ونتنياهو ناقشا الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني والتطورات في قطاع غزة وسوريا.

ملصق لمنشأة فوردو لتخصيب الوقود يُعرض عقب مؤتمر صحافي لوزير الدفاع الأميركي في واشنطن 26 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وكشفت روسيا، الشهر الماضي، عن قيامها بنقل رسائل بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والإيرانيين، بهدف خفض التوتر بين البلدين. وجاء الإعلان على لسان بوتين نفسه، خلال قمة «روسيا وآسيا الوسطى» التي أقيمت في طاجيكستان، قائلاً إن إسرائيل أبلغت موسكو بعدم رغبتها في الدخول في مواجهة مع إيران، مشدداً على ضرورة حل ملف طهران النووي عبر الدبلوماسية.

وأشار بوتين أن بلاده تتلقى إشارات من القيادة الإسرائيلية تطلب نقلها إلى طهران، وتؤكد تمسك تل أبيب بخيار التسوية، ورفضها لأي شكل من أشكال التصعيد أو المواجهة، حسبما أوردت وكالة «تاس» الروسية.

وفي وقت لاحق، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تلقي طهران رسالة من روسيا تفيد بأن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة جديدة مع طهران. وقال عراقجي: «قبل 3 أو 4 أيام على ما أعتقد، جرى اتصال هاتفي بين (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو و(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين». وأضاف: «قال نتنياهو إنه لا نية لديه لاستئناف الحرب مع إيران»، مشيراً إلى أن هذه الرسالة نُقلت في إحاطة مقدّمة للسفير الإيراني لدى روسيا.

وتتمتع موسكو بعلاقات وثيقة مع طهران، ونددت بالضربات الأميركية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في وقت سابق من هذا العام، والتي كان هدفها المعلن هو منع طهران من امتلاك قنبلة نووية، وتنفي إيران تصنيع سلاح نووي.

وقال عراقجي، الأحد، إنه ليس لدى بلاده أي منشأة غير معلنة لتخصيب اليورانيوم، وإن كل منشآتها تخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة. جاء تأكيد عراقجي بعد أن ذكرت وسائل إعلام أميركية، بينها صحيفتا «واشنطن بوست ونيويورك تايمز»، أن إيران سرّعت وتيرة البناء في موقع نووي سري تحت الأرض يسمى «جبل الفأس» أو «كوه كولانغ»، بالقرب من منشأة نطنز.

وقال عراقجي خلال منتدى في طهران: «ليست هناك منشأة تخصيب نووي غير معلنة في إيران. كل منشآتنا تخضع لحماية الوكالة ومراقبتها». وأضاف: «لا تخصيب» في الوقت الراهن؛ لأن المواقع المعنية تضررت في الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل. واندلعت الحرب في منتصف يونيو إثر غارات إسرائيلية مفاجئة استهدفت خصوصاً منشآت نووية إيرانية، وتخللتها ضربات أميركية ضد أهداف داخل إيران، ردّت عليها طهران بإطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل. وأدت الحرب إلى توقف محادثات نووية بين طهران وواشنطن بدأت في أبريل (نيسان). وخلال تلك المحادثات، اختلف الجانبان حول حق إيران في تخصيب اليورانيوم، الذي شدد عراقجي، الأحد، على أنه «لا يمكن إنكاره» و«غير قابل للتصرف». ورغم أن «الخارجية الإيرانية» تصر على أن منشآتها النووية تضررت بشدة جراء الهجمات، وأن مواد مخصبة لا تزال تحت الأنقاض، لكن المرشد الإيراني علي خامنئي وصف تأكيدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتدمير المنشآت النووية الإيرانية بـ«الوهم». وقال: «يقول الرئيس الأميركي بفخر إنهم قصفوا القطاع النووي الإيراني ودمّروه. حسناً، استمروا في أحلامكم!». وتأتي تصريحات عراقجي قبيل اجتماع مجلس لمحافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المقرر عقده، الأسبوع المقبل.

مراجعة جذرية

خلال منتدى الأحد في طهران، حذّر مسؤولون إيرانيون الهيئة الأممية من اعتماد قرار مناهض لإيران.

ودعا رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأحد، إلى «تحديد موقفها ومسؤوليتها في سياق أي هجوم عسكري وإلحاق أضرار بالمنشآت، حتى نتمكن من إجراء مفاوضات على هذا الأساس». وأضاف أن ظروف إيران بعد الحرب «تغيرت» وأن التهديد «لا يزال قائماً».

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي «في حال صدور قرار، ستنظر إيران في مراجعة علاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستجري مراجعة جذرية»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي. عقب الحرب، علّقت طهران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنعت مفتشيها من الوصول إلى المواقع المتضررة، بعد أن اتهمتها بالتحيز وعدم إدانة الهجمات.

ولاحقاً، قال غريب آبادي إن تأكيده على «مراجعة جذرية» لا يعني «تفاهم القاهرة» مشدداً على أن الاتفاق «لم يعد قائماً».

وقال لوكالة «إيسنا» الحكومية: «عندما أتحدث عن مراجعة التوجهات، لا أعني تفاهم القاهرة؛ فهذا التفاهم قد انتهى. نحن لا نقوم بأي عمل مع الوكالة في إطار تفاهم القاهرة، لكن التغييرات ستظهر في مجالات أخرى. فعندما يرسل الأطراف المقابلون رسالة مفادها أن تعاون إيران مع الوكالة لا يهمهم، فإن إيران تكون مضطرة أيضاً إلى إعادة النظر في سياساتها».

وتابع: «نحن على تواصل مع الوكالة. وبعد إعادة العقوبات الأممية (سناب باك)، تقرر أن تُدرس طلبات الوكالة في المجلس الأعلى للأمن القومي. لم يعد الأمر كما كان من قبل حيث تُقبل كل طلبات الوكالة. القضية ليست اتفاق القاهرة. السؤال الأساسي هو: إيران قدمت تعاوناً واسعاً مع الوكالة، ولدينا تفاهم القاهرة الذي أُبرم بعد الهجوم، ومنحنا بموجبه وصولاً إلى المنشآت غير المتضررة. فما موقع هذا التعاون سياسياً؟ وهل رحب الغرب به؟ الإجابة: لا. وهذا واضح أنهم لا يبحثون عن تعاون إيران مع الوكالة».

وأضاف: «لقد وضعوا أهدافاً سياسية، ويسعون إلى الضغط. تعاون إيران مع الوكالة أو صياغة مداليتي جديدة أو تنفيذ إجراءات الضمانات لا يهمهم. ومن ثم، فمن الطبيعي أن تعيد الجمهورية الإسلامية النظر في توجهاتها بعد صدور القرار».

وأشار غريب‌ آبادي إلى أنّ «هناك احتمالاً لصدور قرار؛ لأن تركيبة المجالس تمنح الغربيين أغلبية»، لكنه طرح سؤالاً: «أيّ مشكلة سيحل مثل هذا القرار؟ إيران كانت دائماً متفاعلة مع الوكالة. إصدار قرار سيزيد المشكلات، ويعقد الأوضاع. في الحقيقة، هذه الدول هي التي تجب مساءلتها، لا أن تمارس مزيداً من الضغط على إيران».

وفي سبتمبر (أيلول)، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة على إطار عمل جديد للتعاون، لكن بعد أسابيع، اعتبرته طهران باطلاً بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015. وانتهت مفاعيل هذا الاتفاق رسمياً في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه أُلغي فعلياً قبل سنوات بعد انسحاب واشنطن منه خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب. وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران في 24 يونيو، لكن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة هدد بشن ضربات جديدة إذا أعادت طهران إحياء برنامجها النووي.