إسرائيل تحرق أسطح المنازل عمداً لتهجير سكان شمال غزة

الجيش يسجل أدنى نسبة تجاوب من جنود الاحتياط

فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة مع أمتعتهم إلى مخيم للنازحين على طول شارع الرشيد غرب مدينة غزة يوم الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة مع أمتعتهم إلى مخيم للنازحين على طول شارع الرشيد غرب مدينة غزة يوم الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تحرق أسطح المنازل عمداً لتهجير سكان شمال غزة

فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة مع أمتعتهم إلى مخيم للنازحين على طول شارع الرشيد غرب مدينة غزة يوم الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة مع أمتعتهم إلى مخيم للنازحين على طول شارع الرشيد غرب مدينة غزة يوم الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)

كشف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، عن خطط تُبين أن قواته تنوي تسوية أسطح المباني بالأرض عن طريق تدميرها من الجو بواسطة طائرات مسيَّرة تحمل مواد متفجرة بكميات ضخمة. والغرض الأول هو ترحيل أهل غزة إلى الجنوب.

وتعمَّدت إسرائيل في الأيام الأخيرة، إلقاء قنابل حارقة على منازل ومركبات المواطنين على أطراف مدينة غزة بهدف إجبار السكان على النزوح.

وخلال ساعات ليل الثلاثاء - الأربعاء، كثفت القوات الإسرائيلية استخدامها تلك القنابل وتحديداً في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، الذي تتمركز قوات برية على أطرافه الشرقية في منطقة الزرقاء ومناطق أخرى من بلدة جباليا النزلة.

الدخان يتصاعد من شمال قطاع غزة بعد غارات إسرائيلية يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وتسببت طائرات مسيَّرة إسرائيلية «كواد كابتر» في إحداث أضرار متوسطة بمركبات إسعاف تتبع الخدمات الطبية كانت داخل عيادة الشيخ رضوان «المستوصف»، في حين تسببت بإحراق خيام وأمتعة على أسطح بعض المنازل في الحي، مما تسبب في اندلاع حرائق جزئية لكنها تسببت بأضرار مادية، وسط خوف وهلع شديدين تملكا المواطنين من سكان تلك المنطقة، الأمر الذي أجبر سكانها، صباح الأربعاء، على النزوح إلى مناطق في عمق غرب مدينة غزة.

استهداف المنازل المُخلاة

وكثفت القوات الإسرائيلية من استهدافها المنازل المخلاة، وكذلك التي يقطن فيها بعض السكان في منطقة حي الشيخ رضوان ومحيطه في إطار ما يبدو أنه توسيع العملية البرية في الأيام المقبلة، وسط استمرار عمليات تفجير العربات العسكرية المفخخة، وكذلك إلقاء الصناديق المتفجرة على أسطح المنازل بشكل أساسي بهدف تدمير أي وحدات للطاقة الشمسية، وخزانات المياه.

كما قصفت إسرائيل مجموعة من المواطنين في سوق الحي، مما أدى إلى مقتل 7 منهم على الأقل، الأمر الذي اضطر الباعة إلى إغلاق السوق، وهو ما تسعى إسرائيل إلى تنفيذه حالياً لإفراغ الحي ممن تبقى منه.

طفل فلسطيني عمره 3 سنوات هو الناجي الوحيد من عائلته مع جدته في مستشفى الشفاء بمدينة غزة يوم الأربعاء (إ.ب.أ)

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، الثلاثاء، إن إعلان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، لسكان غزة عن توفر الكثير من مقومات الحياة في منطقة مواصي خان يونس جنوب القطاع، هدفها تشجيع السكان على الإخلاء إليها بعد أن برزت في الأشهر الأخيرة ظاهرة مغادرة الفلسطينيين منازلهم مع اشتداد القتال، لكنهم يعودون إليها في وقت لاحق من دون أن ينزحوا من مدينة غزة إلى جنوب القطاع.

أدنى نسبة تجاوب من الاحتياط

في الوقت الذي قرر فيه الجيش الإسرائيلي عدم إرسال جنود الاحتياط إلى غزة، والتركيز بالأساس على جنود الجيش النظامي، كشفت مصادر أمنية، الأربعاء، عن أن نسبة التجاوب مع أوامر الاستدعاء الطارئ (المعروفة بالأمر 8)، التي بدأت الثلاثاء، كانت مخيبة للآمال، ولم تتعدَّ 50 في المائة وهي أدنى نسبة تجاوب في تاريخ الجيش الإسرائيلي.

وقالت هذه المصادر إنه على الرغم من المغريات الكبيرة التي تُعطَى لجنود الاحتياط وتبلغ في الحد الأدنى 5000 شيقل (1500 دولار أميركي تقريباً)، وقد تصل إلى 25 ألف شيقل (7500 دولار تقريباً) في الشهر؛ فإن عشرات ألوف الجنود يحاولون التملص من الخدمة في جيش الاحتياط، بذرائع كاذبة مختلفة مثل: المرض، والأزمة في مكان العمل أو العائلة والصحة النفسية.

جنود إسرائيليون يبكون زميلهم الذي قُتل في غزة (أ.ب)

لكنَّ ثمة أسباباً سياسية يقولها الرافضون للتجنيد الاحتياطي، فالمئات من جنود الاحتياط يجاهرون بالقول إنهم يرفضون الخدمة لأن «هذه الحرب غير قانونية، وغير أخلاقية ولا حاجة لها إلا لخدمة مصالح نتنياهو وحكومته الشخصية والحزبية».

دور مزدوج لرئيس الأركان

ويواصل رئيس أركان الجيش زامير أداء دور مزدوج؛ فمن جهة يعلن أن احتلال غزة غير ضروري من الناحية الأمنية الاستراتيجية بل يشكل خطراً على حياة جميع المحتجزين وأيضاً على المقاتلين الإسرائيليين، ويقدّر احتمالية قتل 100 جندي في المعركة، ويحذر أيضاً من تحول عملية الاحتلال إلى حرب استنزاف تطول لمدة سنة يغرق خلالها في وحل غزة... لكنه من جهة أخرى يواصل تنفيذ الخطة التي أقرها الكابينت (المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة) ويرفقها بتهديدات بمحو «حماس».

دروع بشرية من الفلسطينيين

وكشفت صحيفة «هآرتس»، الأربعاء، عن وجود انفلات بين صفوف الجيش فيما يتعلق بتدمير غزة، وأماطت اللثام عن «قوة أوريا»، المكلفة بهدم أنفاق «حماس» من خلال إدخال الجنود مواطنين فلسطينيين إلى الأنفاق والمباني التي يُحتمل أنه توجد فيها عبوات ناسفة أو مقاتلين لغرض تفجيرها، وهي تحوِّل الفلسطينيين إلى دروع بشرية.

وقد نشرت معلومات إضافية عن احتلال المدينة تقول إن القوات النظامية جُلبت من الضفة الغربية ومن الحدود الشمالية وبدأت تتدرب على عمليات الاحتلال في غزة، فيما يتم إرسال جنود الاحتياط إلى الضفة والشمال، كي يتجنبوا كشفهم حقائق عن القتال أو تشجيعهم على مخالفة أوامر الحرب.

وكشفت القناة 13 العبرية، نقلاً عن مصادر عسكرية مطلعة، عن أن التخطيط لاحتلال الـ25 في المائة المتبقية من قطاع غزة سيستغرق سنة كاملة.

ويقول الجيش إن تقديراته تشير إلى أن «حماس» تحتجز المخطوفين في أنفاق المنطقة الوسطى. ولكنه يأخذ بالاعتبار أن تكون قيادة «حماس» قد استعدت لمواجهة الخطط الإسرائيلية، و«بعثرت المخطوفين في عدة مواقع لجعلهم دروعاً بشرية يتنقلون مع خاطفيهم من مكان إلى مكان» ولذلك فهو مجبر على تنفيذ عملية الاحتلال بحذر شديد.

نازحون فلسطينيون يفرون من شمال قطاع غزة على طريق البحر يوم 30 أغسطس (أ.ب)

وفي حين تؤكد وسائل الإعلام أن غرض الجيش من إطالة الحرب هو تمني أن يزداد الضغط على نتنياهو فيقرر وقف الحرب في وقت قريب والتوجه إلى صفقة، فإن نتنياهو يستعد أيضاً لاحتمال كهذا، ولذلك يطالب أولاً بأن يقْصر الجيش مهمته ويحسم المعركة في غضون أسابيع قليلة، لكنه أيضاً بدأ يغير شيئاً في خطابه السياسي ويتحدث الآن ليس عن «نصر مطلق» بل عن «نصر جارف».

ضغوط اليمين

ويواجه نتنياهو معارضة شديدة من حلفائه في اليمين المتطرف الذين يريدون احتلالاً شاملاً وسريعاً وضم أراضٍ من غزة إلى إسرائيل، وإذا لم يوافق الأميركيون فسيطالب اليمين بالاعتراف بضم مناطق في الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهم يهاجمون زامير بكلمات قاسية.

رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير خلال جلسة تقييم مع قادة المنطقة الجنوبية (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)

وحسب القناة 12، فإنهم يتهمونه بالتخلي عن عقيدة القتال الصدامي والإقدام. وقد تمكنوا في الجلسة الأخيرة للكابينت، مساء الأحد، من إخراجه عن طوره. فصاح بهم: «أنتم تتحدثون عن إقدام. إنكم حكومة الإخفاق الهائل في 7 أكتوبر (تشرين الأول). شهوراً طويلة، قبل مجيئي إلى رئاسة الأركان كنتم تتهربون من الحسم ضد (حماس) وتدللونها وتمنحونها الامتيازات وتمنعون أجهزة الأمن من الإجهاز عليها. وبعدما تسلمت مهامي حسمت المعركة مع (حماس) على 75 في المائة من أراضي غزة».

وتابع: «أنا ماضٍ في عملية الاحتلال من دون أدنى شك، ودخلنا مناطق لم يكن ممكناً دخولها قبل وصولي إلى هنا. لكنني أنبهكم إلى أن عملية كهذه مكلفة. ثمنها باهظ. نحو 100 جندي يمكن أن يُقتلوا، وهذا عدا عن المخطوفين. والتكاليف المالية ستتعدى 25 مليار دولار فقط هذه السنة».


مقالات ذات صلة

مسؤول إسرائيلي: نتنياهو سيلتقي ترمب في الولايات المتحدة الاثنين

الولايات المتحدة​ ترمب يستقبل نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

مسؤول إسرائيلي: نتنياهو سيلتقي ترمب في الولايات المتحدة الاثنين

يتوجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، غداً الأحد، ويلتقي الرئيس دونالد ترمب في فلوريدا خلال اليوم التالي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دونالد ترمب يستقبل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

تقارير إسرائيلية تكشف عن موافقة 3 دول على المشاركة في «قوة غزة»

كشفت إحاطات قدمت في اجتماع المجلس الوزاري السياسي والأمني الإسرائيلي المصغر «الكابنيت»، خلال آخر اجتماع عقد مساء الخميس الماضي، قبيل مغادرة رئيس الوزراء…

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

خاص نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

يلتقي الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الـ5 منذ بدء ولايته الثانية، علماً بأن ترمب هو خامس الرؤساء الأميركيين ممن يلتقون نتنياهو.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

مستشفى العودة في غزة يعلّق معظم خدماته بسبب نقص الوقود

أعلن مستشفى العودة في النصيرات وسط قطاع غزة تعليق معظم خدماته «مؤقتاً» بسبب نقص الوقود، مع الإبقاء على الخدمات الأساسية فقط، مثل قسم الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )

قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
TT

قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

جاء ذلك في الوقت الذي تجدد فيه التصعيد بين «قسد»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعد ذراع حزب «العمال الكردستاني» في سوريا، عبر اشتباكات في حيي الشيخ مقصود والأشرفية التي تشهد توتراً في الأسابيع الأخيرة، وسط غياب بوادر على تنفيذ «قسد» الاتفاق الموقع مع دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي بشأن اندماجها في الجيش ومؤسسات الدولة السورية.

وقال القيادي البارز في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، إن «مقاربات الدولة التركية بشأن سوريا غير صحيحة، فتركيا تعارض الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، بمعنى أنها تعارض الحرب وتريد السلام، لكنها في الوقت ذاته تقول إنها ستتدخل في سوريا إذا لم تنفذ «قسد» اتفاق الاندماج... كيف يعقل هذا المنطق؟».

اتهامات وتحذيرات

وأضاف كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلتها صحف تركية، السبت، أن تركيا تقول إنها تريد السلام في كل المناطق، لكنها تريد الحرب ضد الأكراد، مؤكداً أن «بإمكان الأكراد وحكومة دمشق مناقشة وحل مشاكلهم بأنفسهم؛ لأن هذه مشكلة داخلية والأكراد لا يقولون دعونا نقسم سوريا، لا يوجد مثل هذا النهج».

القيادي في حزب «العمال الكردستاني» مصطفى كاراصو (إعلام تركي)

وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تغيير سياستها تجاه سوريا القائمة على محاولة فرض خطواتها من خلال الضغط والتهديد، مضيفاً: «الأمر في أيدي قوى متعددة، نعم، هناك قوى مختلفة متورطة، الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها؛ فقوى أخرى تُثير الفتن في سوريا، أفضل ما يُمكن فعله هو ضمان الاستقرار في سوريا، لكن الاستقرار لا يتحقق بإثارة الصراع وزرع الفتنة بين دمشق وإدارة شمال وشرق سوريا».

وحذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، من نفاد صبر تركيا والأطراف الأخرى المعنية باتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر على أنها تتخذ خطوات لتنفيذ الاتفاق.

الشرع خلال لقائه مع الوفد التركي في دمشق في 22 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كما اتهمت أنقرة ودمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في دمشق، الاثنين الماضي، «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائدها مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

وبينما كان وفد تركي يضم فيدان ووزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، يجري محادثات في دمشق شملت لقاء مع الشرع، أقدمت «قسد» على خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهدفت نقاطاً قرب دوارَي الشيحان والليرمون شمال حلب، فيما اعتبر رسالة موجهة إلى دمشق وأنقرة.

تصعيد في حلب

وتجددت الاشتباكات، ليل الجمعة - السبت، بين «قسد» وفصائل تابعة للقوات الحكومية السورية في شمال حلب.

مسلحون من «قسد» عند أحد الحواجز في حي الشيخ مقصود في حلب (إكس)

وقالت قوى الأمن الداخلي (الآشايس) التابعة لـ«قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة بدأت هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعدما استهدفت حاجزاً لها في محيط دوار الشيحان بحي الشيخ مقصود بقذيفتي «آر بي جي»، وإنها قامت بالرد على الهجوم.

ويشكل هذا التصعيد خطراً على مسار المفاوضات بين «قسد» ودمشق بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، الجمعة، إن التصريحات الصادرة عن قيادة «قسد» بشأن الاندماج ووحدة سوريا لم تترجم إلى خطوات عملية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأكد المصدر أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، وينسحب الأمر ذاته على السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض.

وكان وزير الدفاع التركي يشار غولر، طالب، في تصريحات الأسبوع الماضي، «قسد» بإعلان خريطة طريق واضحة بشأن تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن تركيا جاهزة لجميع الاحتمالات.

تدخلات تركية

وصرّح عضو الهيئة الرئاسية في حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الكردي) في سوريا، صالح مسلم، بأن الفصائل التابعة للحكومة التي تحاصر حيي الشيخ مقصود والأشرفية تتلقى الأوامر بشكل مباشر من تركيا وليس من دمشق.

صالح مسلم (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)

وزعم مسلم أن تركيا تهدف من وراء هذا التصعيد إلى إشعال الساحة السورية وإفشال اتفاق اندماج «قسد»، وأن السياسة التركية تسعى لكسر «الإرادة الكردية والديمقراطية في سوريا».

ولفت إلى أن اتفاق الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الحكومة السورية استهدف ترسيخ العيش المشترك وتعزيز السلم الأهلي في مدينة حلب، وأكد خصوصية الحيين، وأن تتولى قوى الأمن الداخلي (الآشايس) مع وزارة الداخلية في الحكومة السورية مسؤولية حماية الحيين، إلا أن المسلحين «المنفلتين» يعرضون هذه الاتفاقية للخطر.


تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
TT

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة، واستخدامهما المتزايد لأدوات مالية غير تقليدية للالتفاف على القيود المفروضة على أنظمتهما المصرفية.

وذكرت صحيفة «تشوسون إلبو» الكورية الجنوبية، في تقرير نشر يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025، أن مصادر متخصصة في تتبّع حركة العملات الرقمية عبر تقنية «البلوكتشين» كشفت عن شبكة معّدة لغسل الأموال، يديرها عنصر كوري شمالي، جرى من خلالها تحويل أموال رقمية إلى جهات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

محفظة عملات

وحسب التقرير، أظهرت تحقيقات أجرتها شركة «تي آر إم لابز» المتخصصة في تحليل الجرائم المالية المرتبطة بالعملات الرقمية، أنه خلال العام الحالي تم تحويل مبالغ بالدولار من محفظة عملات رقمية تعود إلى شخص يُدعى سيم هيون - سوب، وهو كوري شمالي متهم بغسل الأموال، إلى محفظة رقمية يعتقد أنها على صلة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

وتُشير الصحيفة إلى أن هذه المعطيات تعزز الشكوك حول لجوء طهران إلى العملات الرقمية بوصفها وسيلة للالتفاف على العقوبات الأميركية، سواء لتحويل الأموال إلى الدولار الأميركي، أو لتسوية مدفوعات مرتبطة بتجارة النفط، في ظل القيود المفروضة على القطاع المصرفي الإيراني.

وأكَّدت «تشوسون» أن إيران وكوريا الشمالية -وكلتاهما خاضعة لعقوبات أميركية صارمة بسبب برنامجيهما النووي والصاروخي- اتجهتا خلال السنوات الأخيرة بشكل متزايد إلى استخدام أدوات مالية غير شفافة، وفي مقدمتها العملات الرقمية، لتأمين مصادر تمويل بديلة.

ويرى محللون، وفق الصحيفة، أن اكتشاف هذه التحويلات الرقمية يُمثل دليلاً إضافياً على تداخل الشبكات المالية للبلدين في محاولات التحايل على نظام العقوبات الدولي.

غاسل أموال مطلوب دولياً

ويلعب سيم هيون - سوب، المطلوب من قبل «مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي» (FBI) بتهم غسل الأموال والالتفاف على العقوبات، دوراً محورياً في هذه الشبكة. وذكرت الصحيفة أن السلطات الأميركية رفعت مكافأة القبض عليه، في صيف العام الماضي، من 5 ملايين إلى 7 ملايين دولار.

وسيم هيون، المولود عام 1983 في بيونغ يانغ، تعاون لسنوات مع بنك «التجارة الخارجية» الكوري الشمالي، وهو بنك مدرج على قوائم العقوبات الأميركية. وتشير التحقيقات إلى أنه كان حلقة وصل رئيسية بين النظام الكوري الشمالي وشبكات مالية غير رسمية في الخارج.

ووفق «تشوسون»، نشط سيم بشكل أساسي في الكويت والإمارات، مستخدماً أسماء مستعارة مثل «سيم علي» و«سيم حاجيم»؛ حيث قدّم نفسه ممثلاً لبنك «كوانغسون»، وضمت شبكته عدداً من عمال تكنولوجيا المعلومات الكوريين الشماليين، الذين كانوا يحوّلون العملات الرقمية المتحصل عليها من عمليات اختراق إلكتروني أو من أجور عملهم، بعد تمويه مصدرها، إلى محافظ رقمية يسيطر عليها سيم.

لوحة إعلانية تحمل صوراً لقادة في «الحرس الثوري» قتلوا خلال القصف الإسرائيلي معلقة على جسر على طريق سريع في طهران 14 يونيو الماضي (إ.ب.أ)

مسارات غسل الأموال

وتوضح الصحيفة أن الأموال كانت تحول لاحقاً عبر وسطاء في دولة عربية أو الصين إلى الدولار الأميركي، وبعد المرور بسلسلة معقّدة من عمليات غسل الأموال، كانت تودع في حسابات شركات وهمية أُنشئت في هونغ كونغ.

كما أشارت إلى أن عائدات العمال الكوريين الشماليين العاملين في روسيا والصين ودول أفريقية كانت تدخل هي الأخرى إلى شبكة سيم عبر المسار ذاته.

وأضاف التقرير أن جزءاً من هذه الأموال لم يكن يُحوَّل مباشرة إلى كوريا الشمالية، بل كان يُستخدم لشراء سلع ومعدات، وحتى أسلحة، يحتاج إليها نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. ومن بين الأمثلة التي أوردتها الصحيفة، استخدام شركة في زيمبابوي لشراء مروحية من روسيا بقيمة 300 ألف دولار، وتسليمها لاحقاً إلى كوريا الشمالية.

كما كشف التقرير عن إنفاق نحو 800 ألف دولار لتأمين مواد أولية تُستخدم في إنتاج السجائر المقلدة، التي تُعد أحد مصادر الدخل الرئيسية للنظام الكوري الشمالي في السوق السوداء.

ثغرات في النظام المالي

في جزء آخر من التقرير، أشارت «تشوسون» إلى أن عدداً من البنوك الأميركية الكبرى، من بينها «سيتي بنك» و«جي بي مورغان» و«ويلز فارجو»، فشلت في رصد أنشطة غسل الأموال التي قام بها سيم وشبكته، حيث تم تمرير ما لا يقل عن 310 معاملات مالية عبر النظام المالي الأميركي، بقيمة إجمالية بلغت نحو 74 مليون دولار.

واستناداً إلى بيانات صادرة عن «مجموعة العمل المالي» (FATF) وشركة «تشيناليسيس» المتخصصة في تحليل العملات الرقمية، أفاد التقرير بأن عشرات ما يُعرفون بـ«مصرفيي الظل» الكوريين الشماليين ينشطون خارج البلاد، وقد تمكنوا على مدى سنوات من غسل أكثر من 6 مليارات دولار من العملات الرقمية المسروقة لصالح نظام بيونغ يانغ.

وأشارت الصحيفة إلى أنه، رغم صدور مذكرة توقيف بحق سيم هيون - سوب من محكمة فيدرالية أميركية في مارس (آذار) 2023، فإن اعتقاله لا يزال بالغ الصعوبة، بل يكاد يكون مستحيلاً، نظراً لتعقيدات ملاحقته عبر الحدود.


صحيفة: إيران جندت عشرات العملاء داخل إسرائيل

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
TT

صحيفة: إيران جندت عشرات العملاء داخل إسرائيل

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إنه في غضون عام واحد أو أكثر قليلاً ألقت إسرائيل القبض على العشرات من مواطنيها الذين جندتهم إيران بهدف التجسس لصالحها، بهدف تصوير أماكن حساسة، منها معلومات عن قواعد للجيش وغيرها، ومنها منازل وزراء وأعضاء كنيست وشخصيات سياسية بارزة سابقة وحالية.

وحسب الصحيفة، فإنه منذ سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، قدمت لوائح اتهام ضد 35 شخصاً جندتهم إيران لصالح أجهزتها الاستخباراتية، بعضهم كان يعمل بشكل منفرد، فيما عمل آخرون بشكل جماعي ومنظم، وكانت من المهام الموكلة للعديد منهم حرق مركبات، وإثارة الفوضى، وحتى ارتكاب عمليات اغتيال، وغيرها.

وبينت الصحيفة أن أصغر من جندتهم إيران كان يبلغ من العمر 13 عاماً، فيما تم تجنيد جنود يخدمون في القوات النظامية، وآخرين في الاحتياط، وسربوا معلومات ووثائق حساسة عن قواعد عسكرية وغيرها، وبعضهم أرسل معلومات عن أهداف استراتيجية.

وكان من بين أولئك موتي ميمان (72 عاماً) من بلدة عسقلان، الذي سافر إلى إيران مرتين، والتقى ضباط مخابرات إيرانيين، وتلقى تعليمات منهم، كما طلب منه البحث في إمكانية اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو وزير الدفاع آنذاك يؤاف غالانت، أو رئيس جهاز الشاباك السابق رونين بار، وحينما أوضح لهم صعوبة ذلك بسبب الإجراءات الأمنية اقترحوا عليه اغتيال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، أو شخصيات بلدية وغيرها لإحداث الفوضى، وذلك قبل أن يكشف أمره ويعتقل في سبتمبر (أيلول) 2024.

إيراني يمر بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)

وخلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024، تم اعتقال 4 خلايا أخرى، بعضها ثنائية وأخرى يكون عدد أفرادها أكثر من 5 ويصل في بعض الأحيان إلى 8، ومن بينهم عائلة يهودية كانت قادمة من أذربيجان، وبعضهم كان مكلفاً باغتيال علماء يعملون في الملف النووي الإسرائيلي، إلى جانب رؤساء بلديات وغيرهم، وتصوير قواعد عسكرية، ثم تلى ذلك اعتقال إما خلايا أخرى أو أشخاص عملوا بشكل منفرد وكان غالبيتهم من العرب في إسرائيل.

وفي مطلع العام الحالي، اعتقل إسرائيلي من بتاح تكفا، قرب تل أبيب، بعد أن صور منزل الوزير السابق بيني غانتس، ومحطة كهرباء تل أبيب، وقواعد عسكرية منها أماكن بطاريات القبة الحديدية الاعتراضية.

وخلال العام الحالي، تم توجيه أكثر من 9 لوائح اتهام لخلايا وعناصر اتهموا بالتجسس لصالح إيران، وكان غالبيتهم من اليهود، حيث تكشف التحقيقات أن غالبية هؤلاء تم تجنيدهم مقابل حصولهم على أموال طائلة.

ولم يسافر غالبية المجندين إلى إيران لإكمال عملية تجنيدهم، إلا أن التواصل معهم تم عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو في بلدان أخرى.