«أسوأ ليالي الكابينت»... هكذا أحبط نتنياهو حلفاءه وتلاعب بـ«حماس»

عندما تباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه يعمل على أرض الواقع منذ ربع قرن على منع قيام الدولة الفلسطينية لم يصدقه المستوطنون

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس 13 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس 13 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
TT

«أسوأ ليالي الكابينت»... هكذا أحبط نتنياهو حلفاءه وتلاعب بـ«حماس»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس 13 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس 13 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

حتى الوزراء الموالون في حكومته لم يحتملوا المشهد وشعروا بالإهانة، وأدلوا بتصريحات تكشف عن إحباط وتذمر شديدين؛ لكنَّ هذا لم يمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من الظهور والتباهي بأنه القائد الأول الذي تفوَّه وعمل بشكل حقيقي على منع إقامة دولة فلسطينية بين رؤساء حكومات إسرائيل.

«رئيس الحكومة الوحيد، أجل الوحيد»، قالها مرتين، وراح قادة المستوطنين الحاضرين يتغامزون من وراء ظهره، إلى درجة جعلت أحد وزراء الكابينت يقول إن «هذه أسوأ ليلة مرت عليه في تاريخ حياته، وهي من المرات النادرة التي يتفوه بها وزير بهذا الشكل على (معبود اليمين)».

هكذا يدير نتنياهو الأمور

وقصة اجتماع الكابينت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة الإسرائيلية)، هي نموذج مصغر، يبين كيف تدار الأمور اليوم في الدولة العبرية، وكيف يدير نتنياهو دفة الأمور فيها. وهذه هي القصة:

في البداية تلقى أعضاء الكابينت دعوة لحضور جلسة تُعقد في السادسة من مساء الثلاثاء، وكالعادة، من دون تحديد زمني لطول الاجتماع.

نتنياهو يرأس اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)... (أرشيفية - د.ب.أ)

راح هؤلاء يستمعون إلى تسريبات النبأ من مكتب رئيس الوزراء، التي تقول إنه «سيقرر رفض مقترح اتفاق الصفقة الذي وافقت عليه (حماس) وإقرار خطة احتلال مدينة غزة.

ثم قيل في تسريب آخر، إنه سيقترح على الوزراء إصدار موقف موحد يؤيد الصفقة الشاملة ويهدد بالحرب إذا لم تستسلم «حماس»، وفي إفادة أخرى تم الإيحاء بأن الجلسة ستتحول إلى حلبة ملاكمة بينه وبين رئيس أركان الجيش، إيال زامير.

لكن بعض المتفائلين توقعوا أن يفاجئ نتنياهو ويجلب اقتراحاً لدمج خطة الصفقة الشاملة مع الصفقة المؤقتة، ولكن من دون التخلي عن مخطط احتلال غزة. وهكذا، زادت وطفحت التوقعات إزاء الاجتماع وانشغل فيه العالم برمته.

تغيير مفاجئ

وفجأة، في صبيحة الثلاثاء، تلقوا دعوة أخرى لاجتماع الكابينت نفسه، تم فيها تبكير الموعد من السادسة مساءً إلى الرابعة بعد الظهر، مع تحديد مدته رسمياً بساعتين ونصف الساعة. وتم محو بنود البحث.

وقد حضر 6 وزراء فقط (من مجموع 12)، وتبين أن ثلاثة من المتغيبين مسافرون إلى الخارج (إيتمار بن غفير في جورجيا، وجدعون ساعر وميري ريجف في الولايات المتحدة) والباقون لا يعرف سبب تغيبهم.

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

فوجئ الحضور بأن ديوان رئيس الوزراء فرش مائدة من مختلف تشكيلات الأطعمة، وحرص على تعديلها طيلة مدة الاجتماع، مما جعل الوزراء يُكثرون من مغادرة الغرفة ثم عادوا وهم يملأون أيديهم بالأطعمة ويمضغون بعضها بتلذذ.

وقد ألقى نتنياهو فيهم خطاباً نارياً عن رفضه التوجه إلى صفقة مؤقتة أو مرحلية وإصراره على صفقة شاملة.

انتقاد رمزي لترمب

وحسب القناتين 11 و12، فإن نتنياهو وجَّه «انتقادات رمزية» للرئيس الأميركي، «الصديق الشخصي والحليف الأكبر في التاريخ»، دونالد ترمب خلال كلمته، على خلفية تكراره التصريح بأن هناك أقل من 20 أسيراً إسرائيلياً على قيد الحياة في قطاع غزة، وقال نتنياهو: «هذا ليس ما نعرفه نحن؛ لا أعرف لماذا يقول ترمب ذلك».

متظاهر يرفع لافتة عليها صورة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مظاهرة في تل أبيب الثلاثاء (رويترز)

ثم انتقل للحديث عن خطة احتلال غزة «التي قمت بإعدادها»، مما أثار امتعاض رؤساء الأجهزة الأمنية، فهم الذين وضعوا هذه الخطة وما فعله نتنياهو هو المصادقة عليها. ثم فتح المجال للنقاش، وبدا أنه المتكلمين من الوزراء والعسكريين والموظفين الكبار لم يكونوا مسموعين، من كثرة الضجيج والملل. خرجوا عدة مرات وتناولوا الطعام والحلويات وشربوا القهوة.

استخدام في حرب نفسية

اختُتمت الجلسة بعد ساعتين ونصف الساعة، فخرج الوزراء بشعور أن هذا الاجتماع كان زائداً، استخدمهم فيه نتنياهو ضمن الحرب النفسية على «حماس»، لكنه تسبب في تمزيق أعصاب عائلات المحتجزين، الذين توقعوا البت في موضوع المفاوضات.

فقال أحد الوزراء، حسب القناة 11: «اجتماع تافه وسخيف»، وقال آخر: «اجتماع جاف»، وقال ثالث: «بتنا مسرحاً ساخراً».

متظاهرون يتجمعون رافعين لافتات خلال مظاهرة نظّمتها عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتبين أن تقصير الجلسة وتبكير موعدها، جاء بإيعاز من نتنياهو، ليتسنى له ولوزرائه المشاركة في حفل عشاء أقامه قادة المستوطنين في الضفة الغربية بمناسبة مرور 50 عاماً على إقامة مستوطنات بنيامين، التي أُقيمت في عدة مناطق شرقي رام الله بغرض عرقلة إمكانية إقامة دولة فلسطينية، واحتفاءً بمصادقة الحكومة في الشهور الأخيرة على منح الشرعية القانونية لـ17 بؤرة استيطانية عشوائية.

أُقيم الاحتفال في مطعم قريب من ديوان رئاسة الوزراء في القدس الغربية، كان عبارة عن بيت عربي قديم صادرته إسرائيل، وقامت بترميمه وتحديثه وتحويله إلى مطعم ومركز ثقافي. وهو يدعى «مشكنوت شأننيم»، التي تعني «المسكن الهادئ المريح الخالي من القلق».

عودة إلى التفاخر

وخلال العشاء الاحتفالي، عاد نتنياهو إلى التفاخر: «قلت إننا سنبني ونتمسك بأجزاء أرضنا، وطننا، ونحن نفعل ذلك. هذا ليس النهاية، بل مجرد البداية». وأضاف: «قبل 25 عاماً وعدت بأننا سنمنع إقامة دولة فلسطينية، ونحن نفي بذلك الوعد معاً»، مشدداً على أن «تعزيز الاستيطان يقوّي أمن إسرائيل».

وراح هو ووزير دفاعه، يسرائيل كاتس، يسخران من الوزير السابق بيني غانتس، الذي عبَّر عن رغبته في الانضمام إلى الحكومة.

وتزامن الاجتماع مع احتجاجات واسعة في إسرائيل انطلقت صباح الثلاثاء، في مناطق متفرقة لمطالبة الحكومة بإبرام صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب، وامتدت الاحتجاجات على مختلف أنحاء البلاد وبدأت بمظاهرة في الساعة 6:29 صباحاً أمام السفارة الأميركية في تل أبيب، وارتفعت فيها شعارات باللغة الإنجليزية تعبر عن خيبة الأمل من دعم ترمب لنتنياهو وامتناعه عن ممارسة ضغط عليه ليوقف الحرب ويعيد المخطوفين.

وعندما نما إلى علم المتظاهرين أن نتنياهو يتناول طعام العشاء الاحتفالي هرعوا إلى المطعم وتظاهروا أمامه. وردد المتظاهرون خلال احتجاجهم: «المخطوفون يتضورون جوعاً وأنتم تحتفلون وتبتلعون الطعام الفاخر».

تغامُز على نفاق المستوطنين

ورأى المعلقون هذا الحدث نموذجاً يعبّر عن واقع الحكومة، المنسلخة عن الجمهور وعن هموم المواطنين، والتي تخلت عن المخطوفين ولا همَّ عندها سوى نفاق المستوطنين. وأكدت «هآرتس» أن قادة المستوطنين كانوا يبتسمون ويتغامزون على كلمة نتنياهو، خصوصاً وهو يقول إنه يعمل على منع الدولة الفلسطينية منذ 25 عاماً، مع أنه كان قد صوَّت سنة 2005 على الانسحاب من غزة وإزالة مستوطناتها، وأعلن في سنة 2009 تأييده حل الدولتين. وراحوا يُحذرون من هذا النفاق للمستوطنين المتطرفين.

متظاهر إسرائيلي يشارك في احتجاج ضد حكومة نتنياهو بتل أبيب مساء السبت الماضي (أ.ب)

يُذكر أن رئيس المعارضة، يائير لبيد، شن هجوماً حاداً على الحكومة في أعقاب الجلسة، قائلاً: «هذا الكابينت اجتمع اليوم ولم يناقش الوزراء حتى صفقة الأسرى. إنها وصمة عار أخلاقية إضافية على حكومة السابع من أكتوبر (تشرين الأول). أقول بشكل قاطع للجمهور الإسرائيلي إن هناك صفقة مطروحة على الطاولة، يمكن أن تعيد الأسرى إلى بيوتهم وتنهي الحرب».

وقال أمنون أبرموفتش، المعلق في القناة 12: «كان اجتماع الكابينت والعشاء الاحتفالي الذي تلاه حفل خداع وأكاذيب ودواوين (قالها بالعربية)، ولولا أنها ستكلفنا ثمناً باهظاً بأرواح الجنود المحاربين والمخطوفين البائسين، لكنّا ضحكنا ساخرين. وعلينا الآن أن نبكي حظنا، فنحن الشعب صرنا خرقة غير محترمة، في نظر نتنياهو ووزرائه».


مقالات ذات صلة

استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمة أمام لجنة الحريات الدينية التابعة للبيت الأبيض في متحف الكتاب المقدس بالعاصمة واشنطن - 8 سبتمبر 2025 (رويترز)

استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترمب في استراتيجية جديدة، أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

لليوم الثالث على التوالي… ترمب يضع ضمادة على يده… ويبدو ناعساً

 سلط موقع «ديلي بيست» الأميركي الضوء على ظهور الرئيس دونالد ترمب الخميس وهو يضع ضمادة على يده اليمنى المُصابة بجروح لليوم الثالث على التوالي.

المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ضباط شرطة نيو أورلينز يحملون رجلاً خارج مبنى البلدية بعد مشاركته في احتجاج على نشر عملاء فيدراليين في المدينة (أ.ف.ب)

بعد إهانات ترمب.. اعتقال صوماليين في حملة ضد المهاجرين في مينيابوليس

قال مسؤولون اتحاديون أمس الخميس إن أفرادا من أصول صومالية كانوا من بين من جرى اعتقالهم في حملة ضد المهاجرين في مينيابوليس.

«الشرق الأوسط» (مينيابوليس)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (إ.ب.أ) play-circle

أميركا تخطط لزيادة عدد الدول على قائمة حظر السفر لأكثر من 30

قالت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم، الخميس، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تخطط لزيادة عدد الدول التي يشملها حظر سفر إلى أكثر من 30 دولة.


تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.


إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.