تركيا ترفض تقريراً أميركياً حول أوضاع حقوق الإنسان

تضمن اتهامات لحكومتها بقمع المعارضة والأكراد وسوء معاملة اللاجئين

قوات الأمن التركية تعاملت بعنف مع المحتجين على اعتقال رؤساء بلديات المعارضة (أ.ب)
قوات الأمن التركية تعاملت بعنف مع المحتجين على اعتقال رؤساء بلديات المعارضة (أ.ب)
TT

تركيا ترفض تقريراً أميركياً حول أوضاع حقوق الإنسان

قوات الأمن التركية تعاملت بعنف مع المحتجين على اعتقال رؤساء بلديات المعارضة (أ.ب)
قوات الأمن التركية تعاملت بعنف مع المحتجين على اعتقال رؤساء بلديات المعارضة (أ.ب)

رفضت تركيا ما جاء في تقرير وزارة الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان لعام 2024 بشأن ما وصفه بالتضييق الممنهج على الحريات الأساسية، وقمع المعارضة، والرقابة على الإنترنت، وترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب. وقالت وزارة الخارجية التركية: «نرفض الادعاءات الواهية المتكررة ضد بلدنا في تقرير حقوق الإنسان لعام 2024 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية».

وأضافت، في بيان، السبت، أن «تركيا تكافح بنجاح جميع أشكال ومظاهر الإرهاب في إطار سيادة القانون والحقوق والحريات الأساسية، وأن الادعاءات الواردة في هذا السياق في التقرير بعيدة كل البعد عن الواقع».

وتابع البيان: «علاوة على ذلك، نأسف لأن التقرير يعكس ادعاءات لا أساس لها من الصحة أطلقتها (منظمة فتح الله غولن الإرهابية) (حركة الخدمة التابعة للداعية التركي الراحل فتح الله غولن التي تنسب إليها أنقرة محاولة انقلاب فاشلة وقعت في 2016) من خلال خطاب قائم على التلاعب».

قصف تركي على حقل الرميلان للنفط الواقع في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا في أكتوبر 2024 (رويترز)

وذكر البيان أن عمليات تركيا لـ«مكافحة الإرهاب في سوريا» (العمليات التي استهدفت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية والمدعومة أميركياً في إطار الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، «نُفذت انطلاقاً من حق الدفاع المشروع عن النفس، مع مراعاة أقصى درجات الحذر للمدنيين والبنية التحتية». وعد البيان أن «تصوير هذه العمليات خارج هذا الإطار العادل والشرعي أمر خاطئ تماماً».

ولفت إلى أن «تركيا، التي استضافت ملايين اللاجئين السوريين لسنوات ولبّت احتياجاتهم الأساسية، تُعد دولة نموذجية بسياستها الشاملة والمستدامة لإدارة الهجرة العالمية، القائمة على الكرامة الإنسانية».

ماذا جاء في التقرير الأميركي؟

اتهم تقرير وزارة الخارجية الأميركية الحكومة التركية بقمع المعارضة والأكراد وفرض رقابة واسعة النطاق على الإنترنت، والتضييق الممنهج على الحريات الأساسية، وتعميق ثقافة الإفلات من العقاب في البلاد.

وتضمن التقرير أنه رغم الانتخابات المحلية، التي شهدتها تركيا في 31 مارس (آذار) 2024 والتي أتاحت إمكانية التصويت لـ«بدائل سياسية حقيقية»، فإن انحياز وسائل الإعلام، والرقابة، والقيود على حرية التنظيم منحت الحكومة ميزة هيكلية.

اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في مارس الماضي فجر احتجاجات لا تزال مستمرة حتى الآن (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

وتصدرت المعارضة التركية نتائج الانتخابات المحلية، وفاز حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، بالانتخابات متفوقاً للمرة الأولى على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن الحزب، وبلدياته، يشهد حملات اعتقالات بتهم تتراوح بين الإرهاب والفساد، طالت رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي يشار إليه على أنه أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان، و9 رؤساء بلديات آخرين، فضلاً عن اعتقال أو عزل رؤساء بلديات من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، بتهم دعم الإرهاب.

ولفت إلى أن حرية الصحافة تتضرر بشكل خطير بسبب محاكمة الصحافيين بتهم غامضة مثل «إهانة رئيس الجمهورية»، أو «نشر معلومات مضللة»، فضلاً عن تعرضهم للاعتداءات الجسدية والاعتقالات والدعاوى القضائية.

وذكر التقرير أن القوانين والإجراءات الأمنية المشددة وأساليب تعامل قوات إنفاذ القانون المُسَيَّسة، والرقابة الواسعة على الإنترنت، تضغط على الصحافيين والنشطاء والمعارضين للحكومة، وبخاصة الأفراد المرتبطون بـ«حركة غولن»، وتضعفهم.

وأورد التقرير، كمثال، حالة لفتاة قيل إنها مرتبطة بـ«حركة غولن» حوكمت بتهم إرهابية «ملفقة»، وهُددت بأنها «ستتقيأ دماً» من شدة التعذيب، لافتاً إلى أن المقررين الخاصين للأمم المتحدة عرضوا هذه الحادثة بوصفها مثالاً صارخاً على المحاكمات ذات الدوافع السياسية.

وأضاف أن المحامين الذين يترافعون في قضايا «حركة غولن» يواجهون تحقيقات، وتهديدات، واعتداءات جسدية، وأن قوانين مكافحة الإرهاب ذات الصلاحيات الواسعة أصبحت أداة للعقاب، حيث تسمح بالاحتجاز لمدة تصل إلى 7 سنوات قبل المحاكمة.

مخيم للاجئين السوريين في شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)

وأشار التقرير إلى أن قمع الحكومة لمعارضيها يتجاوز حدود تركيا، حيث تنفذ عمليات اختطاف لأعضاء في «حركة غولن» في الخارج، وتمارس ضغوط على حكومات دول أجنبية لتسليمهم، ويتم إساءة استخدام نظام الإنتربول، مستشهداً بتسليم 4 أتراك يتمتعون بحق اللجوء في كينيا بناء على طلب من أنقرة.

ووثق التقرير مئات حالات القمع للمجتمع الكردي، ومنع الحقوق النقابية، وتراجع حقوق اللاجئين، ومنها فصل 400 عامل بسبب إضراب للمطالبة بحقوقهم في أحد المصانع في شانلي أورفا (جنوب شرقي تركيا)، ووفاة 878 عاملاً و66 طفلاً دون السن المسموح بها للتشغيل، بسبب سوء المعاملة وعمليات الاحتجاز والإعادة القسرية في مراكز اللاجئين.

وأولى التقرير اهتماماً خاصاً بالرقابة المفروضة على الإنترنت في تركيا، حيث تم حظر أكثر من 950 ألف نطاق، و260 ألف رابط، على شبكة الإنترنت، وأكثر من 67 ألف منشور على منصة «إكس» خلال عام 2024، كما تتمتع الحكومة بسلطة حذف المحتوى في غضون ساعات أو حظر المنصات بالكامل. كما يتم وتحظر شبكات «في بي إن» والخدمات السحابية، والمواقع التي تحتوي على محتوى انتقادي بشكل متكرر، وتُفرض المرشحات المعتمدة من هيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التركية، في مقاهي الإنترنت، والمدارس، والمؤسسات الحكومية.


مقالات ذات صلة

خبراء بالأمم المتحدة: الحصار البحري الأميركي على فنزويلا ينتهك القانون الدولي

الولايات المتحدة​ طائرة تابعة لسلاح مشاة البحرية الأميركية تحلق بعد إقلاعها من قاعدة روزفلت رودز البحرية السابقة في بورتوريكو (رويترز) play-circle

خبراء بالأمم المتحدة: الحصار البحري الأميركي على فنزويلا ينتهك القانون الدولي

ندد خبراء مكلّفون من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم الأربعاء بالحصار البحري الذي تفرضه الولايات المتحدة على فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (جنيف - واشنطن)
شؤون إقليمية لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

تستعد لجنة شكّلها البرلمان التركي لاقتراح الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته للمرحلة الثانية من عملية السلام وحل المشكلة الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة في صفاقس (رويترز)

تونس: «غضب حقوقي» بسبب استمرار حبس مدافعين عن المهاجرين

رفضت محكمة تونسية طلب الإفراج عن نشطاء من «جمعية تونس أرض اللجوء»، المدافعة عن قضايا الهجرة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا حشود غفيرة تشارك في المظاهرة التي نظمها اليوم السبت عدد من الحقوقيين للمطالبة بإطلاق سراح المعارضين (إ.ب.أ)

منظمات تتهم الرئيس التونسي بـ«تقويض التحول الديمقراطي»

يؤكد محللون ومنظمات غير حكومية أن الرئيس الحالي قيس سعيّد يُقوّض التحول الديمقراطي، بعد تزايد معدلات سجن معارضين بارزين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا الأفغانية سميرة أصغري المنتخَبة عضواً في اللجنة الأولمبية الدولية تتحدث إلى الصحافيين بالمنطقة الإعلامية المختلطة على هامش الجمعية العمومية الـ133 بوينوس أيرس في 9 أكتوبر 2018 (أ.ف.ب)

ممثلة أفغانستان في «الأولمبية الدولية» تأمل أن تُغيّر «طالبان» موقفها من حقوق النساء

رأت عضو اللجنة الأولمبية الدولية عن أفغانستان، سميرة أصغري، أن على «طالبان» إدراك أنه إذا أرادت يوماً أن تحظى بقبول دولي، فعليها احترام حق النساء في التعليم

«الشرق الأوسط» (باريس) «الشرق الأوسط» (باريس)

الجيش الإسرائيلي: استهدفنا قبل قليل مسلحاً بمنطقة الناصرية في لبنان

جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان في 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان في 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي: استهدفنا قبل قليل مسلحاً بمنطقة الناصرية في لبنان

جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان في 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان في 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الخميس) مقتل شخص بمنطقة الناصرية في لبنان.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»: «هاجم جيش الدفاع والشاباك قبل قليل عنصراً إرهابياً في منطقة الناصرية بلبنان».

وفي السياق، ذكرت الوكالة الوطنية للأنباء والإعلام، أن مسيَّرة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة جناتا قضاء صور مساء أمس، وأفادت البلدية اللبنانية في بيان أن الغارة تسببت في إصابة شخص صودف مروره في المكان، وتم نقله إلى المستشفى.


إسرائيل تخطط لاستثمار 110 مليارات دولار لتعزيز استقلال صناعتها العسكرية

جنود إسرائيليون يسيرون خلال جولة أسبوعية للمستوطنين في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون يسيرون خلال جولة أسبوعية للمستوطنين في الضفة الغربية (رويترز)
TT

إسرائيل تخطط لاستثمار 110 مليارات دولار لتعزيز استقلال صناعتها العسكرية

جنود إسرائيليون يسيرون خلال جولة أسبوعية للمستوطنين في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون يسيرون خلال جولة أسبوعية للمستوطنين في الضفة الغربية (رويترز)

تعتزم إسرائيل استثمار 350 مليار شيقل (نحو 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة لتعزيز استقلالية صناعتها العسكرية المحلية، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الأربعاء، وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية.

وخلال كلمة ألقاها في حفل تخرج طيارين جدد في سلاح الجو، قال نتنياهو إن البرنامج يهدف إلى تقليل اعتماد إسرائيل على الموردين الأجانب «بمَن فيهم الأصدقاء»، حسبما نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وأشار نتنياهو، في تصريحاته، إلى ألمانيا، قائلاً إنها مثل دول أخرى تسعى إلى شراء «المزيد والمزيد» من أنظمة الأسلحة من إسرائيل. وكانت ألمانيا قد علّقت مؤقتاً بعض صادرات الأسلحة إلى إسرائيل في أعقاب الحرب المدمرة في غزة، التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وهي خطوة أثّرت سلباً في العلاقات مع تل أبيب.

كما فرضت دول أوروبية أخرى والولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، قيوداً مختلفة، ما قوبل بانتقادات من نتنياهو. وقال رئيس الوزراء إن برنامج الاستثمار الدفاعي الجديد يهدف إلى ضمان الاستقلالية الاستراتيجية لإسرائيل في مجال إنتاج الأسلحة.

وفي الأسبوع الماضي، وقّعت ألمانيا وإسرائيل عقداً لتوسيع منظومة الدفاع الصاروخي «آرو 3» التي زودت بها القوات المسلحة الألمانية، والمصممة للحماية من هجمات صاروخية محتملة من روسيا.

وذكر مسؤولون إسرائيليون أن القيمة الإجمالية للصفقة، بما في ذلك النظام الأساسي، تبلغ نحو 5.7 مليار يورو (6.7 مليار دولار)، ما يجعلها أكبر صفقة تسليح في تاريخ إسرائيل.

وتزود ألمانيا إسرائيل بأنظمة تسليح رئيسية منذ عقود.


نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب


جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب


جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيقاً في انفجار رفح لمعرفة توقيت زرع العبوة؛ فإن نتنياهو اتهم «حماس» بأنها انتهكت اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفق خطة قدمها ترمب. لكن «حماس» أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

إلى ذلك، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، أمس، من المشاركة في قداس منتصف الليل الذي تقيمه كنيسة المهد ببيت لحم احتفالاً بعيد الميلاد، ومنعت موكبه من الوصول إلى الكنيسة.